8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

تحضيرات متتالية لخفض أسعار 1014 صنف دواء في 8 أيلول المقبل

يعاني لبنان من ارتفاع في أسعار الأدوية، ومن وجود سوق سوداء كبيرة، تؤثران في قدرة هذا القطاع الذي يقدر حجمه بنحو 550 مليون دولار سنوياً، تسهم بشكل كبير في تضخيم الفاتورة الصحية، وتبلغ نسبتها 25% من حجم الإنفاق الصحي في لبنان، وإلى ضرر في صحة المواطنين، مع وجود نحو 300 صنف دواء مزورة أو مهربة في سوق الدواء اللبنانية.
وينتظر أن يشهد 8 أيلول المقبل، اعادة تنظيم لهذا القطاع الحيوي والهام، مع البدء بخفض أسعار الأدوية، وهي التي بدأت مع القانون 530 في 21 تموز العام 2003، والذي يرمي إلى تحديد شروط تسجيل واستيراد وتسويق وتصنيف الأدوية، ليتابع مع القرار 301/1 الذي أصدره وزير الصحة الحالي محمد خليفة أول حزيران الماضي، وينص على اعادة تسعير الأدوية بناء على مقارنتها مع أسعار التصدير إلى السعودية والأردن، كما يطلب من المسؤولين في المؤسسات الصيدلانية المعنية بلوائح تسعير الأدوية المشمولة بهذا القرار BORDEREAUX من وزارة الصحة العامة خلال مهلة شهر من صدور هذا القرار، إلا أن القرار مدد حتى 30 تموز الماضي حيث تقدمت المؤسسات الصيدلانية بلوائحها للبدء بخفض سعرها في الموعد المقرر، وقد تبين من خلال البيانات التي قدمتها المؤسسات الصيدلانية، وجود نحو 3500 صنف دواء في السوق اللبنانية، منها نحو 1014 دواء بواقع سعري أعلى من مثيلاتها في الأردن والسعودية، وستكون نسبة الخفض فيها، على الشكل الآتي:
­135 دواء ستطالها نسبة الخفض بنسبة 40%.
­127 دواء ستخفض بنسبة تراوح بين 30 و40%.
­199 دواء ستخفض بنسبة تراوح بين 20و30%.
­278 دواء بين 10و20%، و275 دواء لغاية 10%.
فيما ستبدأ ورشة ثانية لخفض بقية الأدوية ويبلغ عددها 2486 دواء، بين 3و15% بموجب القرار 306/1، خلال مدة زمنية تمتد على ثلاث سنوات.
وفي هذا الاطار، لا بد من التذكير، أن محاولات خفض سعر الدواء وضبط سوقه، بدأت مع الوزير إميل بيطار، مروراً باستيراد الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في مراحله الأولى في السبعينات وصولاً إلى إنشاء المكتب الوطني للدواء في التسعينات، ولكن ما هي النتائج التي تمخّضت عنها هذه المحاولات:
أولاً: إن تجربة الوزير بيطار اضطرته إلى الاستقالة لتجرؤه على دخول ملكوت الدواء وكان يطمح لخفض سعره.
ثانياً: إن تجربة الصندوق الوطني للضمان، كانت تجربة رائدة جداً، واستطاعت خفض سعر الدواء بما نسبته 40 و50% للمضمونين، وبدلاً من الاستمرار، توقف الضمان عن الاستيراد بإرادة مجهول!
ثالثاً: إن المكتب الوطني للدواء، الذي شكل ورصدت له مبالغ وأجهزة بشرية وتقنية، واستؤجرت له المكاتب، تبخّر على الرغم من أن كل الدراسات التي أجراها، أشارت إلى امكان خفض سعر الدواء بنسبة 50%.
ولذلك، فإن المشكلة الأساسية في الدواء هي في جوهر السياسة الدوائية، التي اعتمدت السوق الحرة المفتوحة، التي أدت إلى الاحتكارات الحالية من قبل مجموعة صغيرة من التجار".
وتقول مصادر في وزارة الصحة "ان أي محاولة لتصحيح هذا الوضع، لن تجدي نفعاً في المستقبل، إلا إذا عالجنا مجمل مرتكزات السياسة الدوائية الحالية، ومنها:
ـ إن المنطلق الجوهري في تصحيح السياسة الدوائية، يكمن في إنشاء المكتب الوطني للدواء، ليشكل الأساس في مشتريات القطاع العام من الأدوية، ويلعب دور Central D'Achat، أو ما يعرف بمركزية المشتريات للأدوية واللوازم الطبية.
ولذلك، فإن المطلوب هو إعادة تركيب ملكية هذا المكتب، وجعله مؤسسة مساهمة تشارك فيه الدولة بجزء من رأسمالها ويفتح المجال لبقية القطاعات الطبية والقطاع الأهلي والتجار، للمشاركة في نسب تمنع الاحتكار، وتمنع سيطرة مجموعة من التجار على السياسة الوطنية للدواء من خلال اعتماد قوانين بهذا الشأن".
كما أنه من ضمن هذه المرتكزات لتصحيح الخلل في السياسة الدوائية، أن تحسم المؤسسات الضامنة خياراتها، وأن تعتمد الأدوية النظامية الـGenerique (وهو الدواء المستنسخ عن الدواء المرجع، الذي انتهت فترة امتيازه والمقدرة بـ20 سنة، أي الدواء الذي صنع من المصنع الأم صاحب الملكية الصناعية وبراءة الامتياز، ولكل اسم علمي، عشرات إن لم نقل مئات الأدوية الجنيسية المحتوية لنفس هذا الاسم العلمي) كأساس لتقدير تكلفة الدواء في الخدمات المقدمة إلى المرضى في الاستشفاء أو خارج الاستشفاء.
وهذا الأمر يتطلب تعزيز التعامل بالجنريك، وهي لا تشكل الآن أكثر من 3% من سوق الدواء، وهذا يعكس التوجه التجاري للسياسة الدوائية الحالية، وإن اعتماد هذا المبدأ يسهم في خفض الدواء، ويجب أن لا ننسى أن الدولة هي الضامن الأكبر في هذا الموضوع.
وفي المقابل، يشير رئيس نقابة مستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات في لبنان أرمان فارس، إلى أن المؤسسات المستوردة للأدوية ليس مطلوباً منها الانتماء إلى النقابة، فالمؤسسات تديرها نقابة الصيادلة من الناحية القانونية، فجميعنا بالتالي نخضع لنقابة الصيادلة.
ويضيف أن قطاع الدواء خاضع لقوانين وأنظمة تقنية، أقرها مجلس النواب ووزراء الصحة العامة الذين تعاقبوا على الوزارة، كما أن هناك لجاناً فنية مؤتمنة على تسجيل الدواء والتأكد من نوعيته، ولجنة لتسعير الدواء المستورد، والآن هناك لجنتان مندمجتان ومكونتان من 8 أعضاء (مدير عام الصحة ورئيس مصلحة الصيدلة ورئيس دائرة الاستيراد والتصدير ورئيس التفتيش الصيدلي، بالاضافة إلى عضوين يمثلان نقابة الصيادلة واثنين يمثلان نقابة الأطباء).
ويؤكد "نحن كمؤسسات صيدلانية لسنا تجاراً، فنحن مجاز لنا استيراد الدواء، الصيدلية هي المؤسسة التي تصرف الدواء إلى المريض، فلا بيع ولا شراء، نحن نركز على الاستيراد والتوزيع، وفي الأساس فإن المؤسسات الصيدلانية لا تخضع لقانون التجارة العادية، اذ أن الدواء ليست سلعة تخضع للعرض والطلب، فالمهنة منظمة من قبل وزارة الصحة وتخضع للقوانين المرعية الاجراء، ولذلك يجب تحديد من هم مافيا الدواء".
ويقول فارس "إن تعداد المؤسسات التي تملك اجازة لاستيراد وتوزيع الدواء، هو نحو مئة مؤسسة، وهي تملك اذناً من وزارة الصحة بذلك، إلا أن ثلثها متوقف أو غير موجود الآن في السوق، وثلث غير منضو في نقابتنا، التي تضم الثلث الأخير وهو عبارة عن 30 مؤسسة تمارس عملها في السوق، وهي توزع نحو 90% من حاجة سوق الأدوية اللبنانية، كما أنها تمثل نحو 500 مصنع أوروبي وعربي لتصنيع الأدوية".
ويشير إلى أن السوق اللبنانية للدواء تعتمد على الصناعة الأوروبية بالدرجة الأولى ومن ثم الولايات المتحدة الأميريكة وكندا واليابان وبعض البلدان العربية مثل الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن.
ويرجع فارس سبب ارتفاع أسعار الدواء في السوق اللبنانية باعتبارها محمية، ولكن السؤال هل أحد يملك فواتير من هذه الدول، نحن مع الخفض بالتوازن مع الحفاظ على النوعية، فالدواء ليس سلعة تجارية، بل هو مادة خطرة وغالباً مادة سامة، هدفها العلاج والشفاء، وهذه الخاصية للدواء تنفي عنه المسألة السعرية، وبالتالي فإن زيادة الضغط على الأسعار ربما يؤدي إلى زيادة الضغط على النوعية، ولذلك يجب ادخال الدواء إلى لبنان ليس على أساس السعر فقط وانما على أساس النوعية.
وحول ورشة العمل لخفض الأسعار، يقول فارس "قبل المباشرة باستيراد الدواء وبعد تسجيله لدى اللجنة الفنية لدى وزارة الصحة، تحدد لجنة التسعير سعر استيراد الدواء بالعملة الأجنبية على أساس FOB أو CIF مع التأكد من أن سعر الاستيراد في لبنان أدنى من أسعار الاستيراد الممنوحة لبلدان المنطقة، بعد ذلك، يسعر الدواء باعتماد مؤشرين حسابيين:
­الأول: ثابت وهو يحول سعر الاستيراد فوب أو سيف إلى مستوى السعر للعموم.
­الثاني: متحرك وهو يعتمد على معدل الأسبوعين لأسعار تحويل العملات الأجنبية إلى الليرة اللبنانية الصادرة يومياً عن مصرف لبنان، ويتم تنفيذ هذا المعدل المحتسب كلما ارتفع أو انخفض عن المعدل المعمول به بنسبة مئوية تفوق 3% صعوداً وانخفاضاً".
ويذكر أن أسعار الأدوية المستوردة باليورو، انخفضت بالليرة اللبنانية بنسبة 40% في ما بين الأعوام 1995 و2002 وارتفعت بين العامين 2002 و2003 بنسبة 30%، ثم عادت إلى التراجع منذ بداية العام 2004.
ويشير فارس إلى أن ورشة خفض الأسعار "لم تبدأ مع وزير الصحة العامة الحالي محمد خليفة، انما هو أسرع في اتمامها، وكما قلت فإن الموضوع ليس وليد الساعة، اذ بدأ بالقانون 530 والذي صدر في عهد وزير الصحة سليمان فرنجية العام 2003 لتنظيم سوق استيراد الدواء وتنظيمه، وكان بدء العمل باجراء المراسيم التطبيقية له لتجهيز عملية التسعير،إلا أن الوزارة تغيرت أثناءها، وكنا نتمنى لو أنه تم الانتهاء من هذه المراسيم قبل الدخول في عملية خفض الأسعار مباشرة".
لكن ما هي الأسباب التي أدت إلى تفاوت الأسعار بين لبنان والأردن والسعودية، وارتفاعها في لبنان؟، يشير فارس إلى أن ذلك مرده إلى مبدأ الاصطفاف، وهو موجود في القانون رقم 208/1 الصادر في العام 1983، والذي حدد أن يكون في لبنان أدنى سعر بالمقارنة مع الدول العربية، ولما سجلنا الدواء أعطت الشركات المصنعة افادة بأسعار المنطقة، إلا أنه منذ تسجيل الأدوية وحتى اليوم، حدثت تقلبات في كل بلد، إما على أسس التسعير أو في عملات التسعير، وخصوصاً بين العامين 2003 و2005، وهي تختلف 40% بين التسعير على أساس الدولار أو اليورو، ونحن نؤكد كمستوردين أنه لا توجد مؤامرة على لبنان، إلا أنه لم يكن هناك مادة تلحظ ضرورة تحديث الافادات التي تأتي من الدول العربية كل 5 سنوات، وآخر 3 سنوات أصبح هناك تقلبات عجيبة في صناعة الدواء رافقتها تقلبات اقتصادية في البلدان العربية وحقوق الامتياز لأدوية الجنريك، وتغيرت أسس التسعير، وهذه التطورات مجتمعة أدت إلى تفاوت في الأسعار.
ويوضح فارس، أنه في 30 تموز الماضي كان يجب البدء بتطبيق الأسعار الجديدة على الدواء، وتقديم جداول المقارنة لأكثر من ألف دواء عملاً بالقرار 301/1، وأشير هنا إلى أن خفض الأسعار ليس كبسة زر، وانما هو عملية اقتصادية حسابية، بمعنى أن السعر المسجل على الورق لا يعني أنه يباع، ولذلك المطلوب التحقق الميداني ما بين السعر على الورق وما اذا كان موجود فعلاً في السوق، ويؤكد أن الكلام عن خفض بنسبة 100% مغالطة حسابية، إذ أن هذا يعني أن الدواء أصبح يباع مجاناً.
ويضيف أن الاتجاه الآن هناك محاولة توسيع القدرة على استيراد الأدوية الجنريك، الذي بدأه لبنان منذ 5 سنوات، ليصار إلى المنافسة واتاحة الخيارات أمام المريض وبأسعار تنافسية ومتدنية.
ولبنان يتجه نحو البلدان العربية بشكل أكبر اليوم كونها تصنع الجنريك، على الرغم من أن الصناعة اللبنانية بامكانها أن تؤثر على تعديل الأسعار، إلا أنها لا تؤمن سوى 10% من حاجة السوق المحلية، اذ يتراوح عدد المصانع بين 6و8 مصانع.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00