بطلب من وزارء النقل في كل من لبنان وسوريا والأردن، أعدت "اسكوا" دراسة عن الجدوى الاقتصادية، لتسهيل انسياب التجارة وتبادل البضائع عبر موانئها وأراضيها وتحقيق اقليم نقل موحد لخدمة اقتصادات الدول الثلاث وأيضاً دول المنطقة، وتعد هذه الدراسة هي الأولى في المنطقة، وإحدى الدراسات القلائل المتعمقة على مستوى العالم، التي استطاعت التوصل الى تقدير مفصل للمنافع الاقتصادية المتوقعة، نتيجة تنفيذ التحسينات المقترحة لتسهيل التجارة على المستوى شبه الاقليمي، وكذلك تقدير مدى التباين في توزيع المنافع المتوقعة بين الدول التي تجري تلك التحسينات.
وتأتي هذه الدراسة في إطار التكامل الاقليمي في النقل والتجارة بين دول المشرق العربي، وقد شهد العام 2003 بداية التطبيق الفعلي لاتفاق الطرق الدولية في المشرق العربي.
ويشير رئيس فريق النقل وإدارة العولمة والتكامل الاقليمي في "اسكوا" نبيل صفوت، الى أن الحكومات الثلاث (سوريا، لبنان والأردن) قد توافقت على هذه الدراسة وتوصياتها، وقد أكد اجتماع للحكومتين اللبنانية والسورية عقد في دمشق في 14 كانون الثاني (يناير)، التوافق عليها، وشكلت لجنة خبراء من البلدين لدراسة آليات التنفيذ، كما أن هناك اللجنة اللبنانية ـ السورية المشتركة، قد أوصت بتنفيذ بنود هذه الاتفاقية.
ولفت الى أن "اسكوا" تستطيع إصدار توصيات لكنها لا تستطيع فرضها على أي من الأطراف، لأن الدراسة أتت نتيجة التوافق بين الدول الثلاث ولمصلحتها.
وأكد أن الدراسة لاحظت تأثير القرارات السيادية على حركة انسياب البضائع وتسهيل المرور، إلا أن المشكلة الراهنة على الحدود بين لبنان وسوريا، تحتاج الى تحليل ومعرفة أسباب الأزمة، وهي مشكلة من النوع الخارج عن المألوف.
وبالعودة الى الدراسة، فقد قدرت التكاليف والوقت على جميع المحاور والمسارات، وبينت أنه يمكن تحقيق وفر ملموس فيها، عن طريق تحويل حركة البضائع على بعض المسارات الحالية، لتمر عبر الدول الأخرى بدلاً من مرورها مباشرة عبر موانئ وأراضي الدولة المعنية حتى مع عدم إجراء أي تحسينات للوضع الراهن للتكاليف والوقت، وقد وجد فريق الدراسة صعوبة بالغة في التوصل الى تقديرات التكاليف غير الرسمية، وعموماً أياً كانت هذه التقديرات، فهي عادة ما تكون محل خلاف بين الأطراف المعنية الثلاث، لكن الدراسة استطلعت المعوقات الحالية في الدول الثلاث على مختلف المحاور والمسارات، وتم تقسيم المعوقات الى 5 مجموعات رئيسية حسب ارتباطها بالموانئ أو الجمارك أو المنافذ البرية أو النقل البري والشحن على الطرق أو لكونها قرارات وقيود سيادية، حددت بناء على ذلك الإجراءات المطلوب اتخاذها لإزالة تلك المعوقات أو التخفيف منها في هذا الصدد، وتم تقسيم تلك التحسينات الى 8 مجموعات حسب المرحلة التي تمر بها البضائع خلال رحلتها وهي: 1 ـ إجراءات ما قبل وصول البضائع الى الميناء، 2 ـ إجراءات الموانئ، 3 ـ إجراءات الجمارك، 4 ـ إجراءات مشتركة بين الموانئ والجمارك، 5 ـ إجراءات المنافذ البرية (تقترح تطبيق نظام آلي للمعاملات الجمركية مع إمكان التبادل الالكتروني للبيانات بين الميناء والمنافذ الحدودية المختلفة لمتابعة خط سير البضائع العابرة، تنفيذ إجراءات الدخول والخروج في موقع واحد في مركز حدودي مشترك للدولتين في حالة البضائع العابرة، تزويد المنافذ الحدودية بالمعامل والمعدات الحديثة المجهزة لاتمام عمليات الكشف في الموقع وفي أقل وقت ممكن، وإنهاء إجراءات التخليص الجمركي في المراكز الحدودية، إعادة تأهيل الموارد البشرية العاملة في المنافذ الحدودية لرفع كفاءتهم، توحيد عدد ونوع وشكل الإجراءات والمستندات في المنافذ البرية للدول الثلاث، توحيد ساعات العمل في المنافذ البرية للدول الثلاث ومدها فترات مسائية وليلية حتى يمكن تقليل ومنع تكدس الشاحنات في انتظار انتهاء الإجراءات)، 6 ـ إجراءات عبور البضائع (زيادة عدد دوريات الترفيق الى دورتين في اليوم، لتقليل متوسط زمن انتظار الشاحنات لقافلة الترفيق...)، 7 ـ إجراءات النقل البري على الطرق (توحيد التعامل مع شاحنات جنسيات الدول الثلاث من حيث الرسوم والبدلات وأولوية التحميل والتفريغ، عدم فرض غرامات على الشحنات التي تتأخر في داخل أراضي الدولة وخصوصاً في سوريا)، 8 ـ القيود والقرارات السيادية.
بناء على ما سبق تم توصيف 7 سيناريوات مستقبلية مقترحة، يتضمن كل منها عدداً من الإجراءات المطلوب تنفيذها في كل دولة، وتم تقدير الآثار الايجابية من حيث الوفر في التكاليف والزمن والإجراءات.
ففي حين اشتمل السيناريو الأول وهو الأكثر تفاؤلاً على تنفيذ جميع التحسينات المقترحة للدول الثلاث عكس السيناريو المرجعي الأكثر تشاؤماً حالة عدم تطبيق أي تحسينات مقترحة حتى العام 2007، وبينها سيناريوات عدة منطقية، حيث تضمن السيناريو الثاني تنفيذ التحسينات كافة بدون الغاء القرارات والقيود السيادية للدول الثلاث، والتي من أهمها منع الاستيراد من سوريا عبر الدول الأخرى ومنع استيراد الحاويات الى الأردن عبر الدول الأخرى، بينما اشتمل السيناريو الثالث على تنفيذ جميع التحسينات التي تؤدي الى الغاء التكاليف غير الرسمية، أما السيناريو الرابع فقد ركز على تنفيذ فكرة الحدود المشتركة مع اعتبار بديلين الأول يتضمن الإبقاء على القيود والقرارات السيادية أما الثاني فيقضي بإلغائها، أما السيناريو الخامس فقد تضمن تنفيذ جميع التحسينات المقترحة بدون تغيير الرسوم المقررة الآن، واشتمل السيناريو السادس على إلغاء القيود والقرارات السيادية مع توحيد رسوم العبور بين الدول الثلاث، بينما ركز السيناريو السابع على تنفيذ جميع التحسينات التي تتعلق بأتمتة الموانئ والجمارك والمنافذ البرية.
وتظهر الدراسة نتائج التنبؤات المستقبلية لتدفق البضائع عبر الدول الثلاث تحولات كبيرة في توزيع الحركة على المسارات، واختلفت التقديرات باختلاف التحسينات المقترحة لكل سيناريو.
وسيعود على الدول الثلاث قدر ملموس من المنافع الاقتصادية، من جراء تنفيذ السيناريوات المقترحة لتسهيل تبادل البضائع، وأن هذه المنافع ستزداد مع زيادة التحسينات وإزالة القيود غير الاقتصادية القائمة الآن، وتتمثل أهم هذه المنافع الاقتصادية في الوفر في اجمالي التكاليف والأوقات اللازمة لنقل واردات كل دولة، الذي يفوق بكثير الانخفاض البسيط المتوقع في الايرادات المالية لكل دولة من عائدات الرسوم وبدلات الخدمات في المنافذ البرية والموانئ، وتعتمد قيمة المنافع الاقتصادية على قوة التأثير الايجابي للتسهيلات وفقاً للسيناريوات المقترحة، حيث يتوقع أن يتراوح اجمالي صافي المنافع الاقتصادية، التي يمكن أن تتحقق للدول الثلاث عام 2007، ما بين 182 مليون دولار في السنة لخمسة محاور في حال تنفيذ جميع التحسينات المقترحة في الدول الثلاث و22 مليون دولار في حال تنفيذ الحد الأدنى منها، ومن حيث توزيع المنافع الاقتصادية فإن جميع الدول ستستفيد بقدر كبير في جميع السيناريوات، وسيكون توزيع المنافع في السيناريو الأول المتوقع عام 2007 (اجمالي المنافع 182 مليون دولار)، هو 52 مليون دولار في السنة للأردن (29% من اجمالي المنافع) و73 مليون دولار لسوريا (40%) و56 مليون دولار للبنان (31%)، أي أن توزيع المنافع بين الدول سيكون متقارباً الى حد كبير حيث ستتساوى المنافع تقريباً بين لبنان والأردن، وستكون مرتفعة بعض الشيء بالنسبة لسوريا (10%)، وهذا منطقي حيث أن التبادل للبضائع عبر الدول الثلاث يجب أن يمر عبر سوريا في جميع الحالات.
وتطالب الدراسة الدول الثلاث، بتطوير آلية لمتابعة تنفيذ اتفاق تسهيل تبادل البضائع، ووضع خطة لتنفيذ الاتفاق وتمويله.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.