8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

7.5% من اللبنانيين يعانون الفقر المدقع والجوع

"إن الفقر المدقع لا يشكل المعضلة الرئيسية في لبنان على الرغم من أن 7.5% من اللبنانيين يتأثرون بهذا البلاء، وبحسب مؤشر نوعية الحياة المعيشية (كيو، أل، آي) فإن هناك أكثر من 30% من اللبنانيين، غير قادرين على تأمين حاجاتهم الأساسية، بالإضافة الى أن المؤشر نفسه يظهر تباينات مناطقية هامة وبارزة"، لذك فإن موضوع القضاء على الفقر أصبح شأناً يستقطب حوله النقاش وبشكل واسع في لبنان، باعتبار "الحد من الفقر" واحداً من الأهداف الثمانية الألفية التي وضعتها المنظمة الدولية في العام 2000، والتي تطالب بخفض نسبة الفقر والجوع الى النصف بحلول العام 2015.
وعليه، فإن فريق عمل مشروع بناء القدرات للحد من الفقر (وزارة الشؤون الاجتماعية ـ برنامج الأمم المتحدة الانمائي)، كان قد أعد ورقة قدمها الى مؤتمر مكافحة الفقر في لبنان، الذي عقد على مدى اليومين الماضيين في بيروت، تناول فيها خطط العمل والمداخل الضرورية لخطة مكافحة الفقر.
وتميز الورقة المقدمة بين أنواع الفقر، وبين الفقر المدقع والجوع، فالفقر المدقع هو الذي يمكن أن يقاس بالدخل والانفاق، أو من خلال مؤشرات اقتصادية ـ اجتماعية، وهو أوسع من الجوع، فالذين يعانون من الجوع يمثلون الشريحة الأشد فقراً من الذين يعيشون في فقر مدقع، ولا يحتزلونهم جميعاً.
وتشير البيانات اللبنانية الى أن الذين يعانون الجوع (سوء التغذية) لا يشكلون سوى 2.5% الى 3% من السكان، وهم من دون شك جزء (ولكن جزء فقط) من الذين يعيشون في فقر مدقع حسب مؤشر الدخل وحسب أحوال المعيشة.
وتذكر الورقة أن المقصودين بتعبير الفقر المدقع والمعنيين مباشرة بالهدف الأول من أهداف الألفية هم من هذه الفئة من السكان، التي قدرت بحسب دليل أحوال المعيشة بـ6.8% من السكان و7.1% من الأسر في العام 1996، والذين صنفوا ضمن فئة أحوال المعيشة المنخفضة جداً حسب خارطة أحوال المعيشة في لبنان، وبالأعداد المطلقة، فإن هؤلاء الفقراء جداً يشكلون نحو 212 ألف فرد و47 ألف أسرة، وهذه الفئة من السكان، هي التي يجب رفع مستوى معيشتها، بحيث تنخفض نسبة معيشتهم الى عموم السكان الى النصف مع حلول العام 2015.
ويقترح الفريق، مداخل العمل، التي يمكن أن تحقق هدف الفقر المدقع والجوع الى النصف:
أولاً ـ المدخل الجغرافي ـ المناطقي: للفقر سمة مناطقية لأسباب تاريخية، وينتج عن ذلك أن تصميم برامج لمكافحة الفقر في هذه المناطق يعتبر مدخلاً مناسباً، ويمكن تحديد أولويات التدخل المناطقي وترتيبها وفق مؤشرين، الأول هو نسبة السكان الفقراء جداً من اجمالي السكان المقيمين في المنطقة المعينة، والثاني هو نسبة السكان الفقراء جداً في المنطقة المعنية من اجمالي الفقراء جداً في لبنان.
وتلخص الورقة وضع الفقر الشديد في الأقضية على النحو التالي:
ـ هناك 10 أقضية تزيد نسبة السكان الفقراء جداً فيها عن المعدل الوطني (6.8%)، وهي بالتتابع: الهرمل، عكار، بنت جبيل، المنية، المنية ـ الضنية، مرجعيون، بعلبك، صور، حاصبيا، زغرتا، طرابلس، وتبلغ نسبة الفقر أقصاها في قضاءي الهرمل وعكار (25.6% و25.4%)، ثم تنخفض الى 17.6% في بنت جبيل و13% في المنية ـ الضنية.
ـ هناك 10 أقضية يعيش فيها ثلاثة أرباع الفقراء جداً في لبنان، وهي بالتتابع: عكار، بعبدا، طرابلس، بعلبك، المنية ـ الضنية، صور، الهرمل، بنت جبيل، المتن، ويختلف الترتيب هنا عن الترتيب السابق بسبب حجم السكان في كل قضاء، ولكن ثمة تفاوت كبير بين الأقضية، اذ يضم قضاء عكار وحده 23.7% من اجمالي الفقراء جداً في لبنان، ويليه قضاء بعبدا (الضواحي الجنوبية لبيروت 10.4%)، وتعود المدن لتحتل موقعاً أساسياً.
وفي هذا الاطار، تقترح الورقة بالنسبة للمناطق الريفية:
1 ـ اعتبار عكار بكاملها منطقة فقر وتخصيصها ببرنامج تنمية محلية متكامل.
2 ـ اعتبار قضاءي بعلبك والهرمل منطقة فقر واحدة وتخصيصها ببرنامج تنمية محلية متكامل.
3 ـ اعتبار قضاءي بنت جبيل ومرجعيون منطقة فقر واحدة وتخصيصها ببرنامج تنمية محلية متكامل.
4 ـ اعتبار قضاءي المنية ـ الضنية منطقة فقر واحدة وتخصيصها ببرنامج تنمية محلية متكامل.
أما بالنسبة للمناطق المدينية:
1 ـ تحديد الأحياء الفقيرة في مدينة طرابلس وتصميم تدخلات مناسبة في الأحياء (التبانة، القبة، الأسواق القديمة، الأحياء الفقيرة في الميناء...).
2 ـ تحديد الأحياء الفقيرة في بيروت وضواحيها الجنوبية والشمالية وتصميم تدخلات فيها (طريق الجديدة، صبرا وشاتيلا، الأوزاعي، حي السلم، برج البراجنة، برج حمود..).
3 ـ تحديد الأحياء الفقيرة في كل من صيدا، صور وزحلة وتصميم تدخلات فيها.
ثانياً ـ المدخل السكاني ـ الاجتماعي: بينت خصائص السكان الفقراء، وجود تركز للفقر المدقع في بعض المناطق وفي بعض الفئات السكانية، وهي: النساء ربات الأسر، المسنون، الأطفال، الشباب والمعوقون.
فبالنسبة للنساء ربات الأسر، تشير خطة العمل الى أن برامج التمكين الاقتصادي والاقراض وتوليد فرص العمل غير مناسبة لهذه الفئة، وتشير الى أن الحاجة أكبر الى مساعدة اجتماعية من النوع المباشر، أو تمكين اقتصادي لأحد أفراد الأسرة الآخرين إن وجد وكان في سن العمل، أو اطلاق مشروع صغير خاص، أو تحسين في العمل إن كن يعملن.
أما في ما يتعلق ببرامج التدخل بالنسبة للمسنين الفقراء جداً، فتقترح الخطة: توفير نظام تقاعد فعال وتأمين شمولهم بنظام التغطية الصحية، وضع برنامج خاص للمساعدات الاجتماعية، تخصيص المناطق التي يسكنون فيها ببرامج تنمية محلية، تنظيم برامج توعية وارشاد صحي... .
أما بالنسبة للأطفال الفقراء جداً، فيمكن أن تشمل التالي: تطوير برامج دعم الأسر الفقيرة وبرامج دعم الطفل في أسرته، تخصيص برامج مناطقي للأطفال الفقراء، وخصوصاً في قضاء في الأقضية المشار فيها، معالجة التسرب المدرسي، القضاء على عمل الأطفال تحت السن القانوني المجاز وتصميم برامج لتحقيق ذلك.
وتقترح الخطة بالنسبة للمعوقين، التدخلات التالية: خفض التعرض للإعاقة بين السكان الفقراء جداً من خلال البعد الوقائي، تطوير نظام المساعدات الصحية والاجتماعية للمعوقين الفقراء جداً وزيادة الموارد المخصصة لهم، تطبيق مضمون قانون المعوقين وخصوصاً التغطية الصحية وتشغيل المعوقين ضمن الكوتا المحددة، برامج لمحو الأمية، التأهيل المهني، تنفيذ هذه البرامج ومتابعتها محلياً بسبب صعوبة انتقال المعوقين.
ثالثاً ـ من جهة تحقيق أهداف الألفية المباشرة، فتقترح الخطة مجموعة مداخل، تشمل: مدخل البرامج القطاعية والتدخلات المتخصصة: (1) محو الأمية ورفع المستوى التعليمي، (2) الرعاية الصحية الأولية، (3) برامج التغذية، (4) برامج ذات طابع اقتصادي، (5) برامج المساعدة الاجتماعية المباشرة.
وفي هذا الاطار، يؤكد الباحث زياد عبد الصمد (من شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية)، أنه بالنسبة لما تحقق على صعيد الأهداف الألفية في لبنان، فإن المؤشرات التي وضعت لقياس التقدم فيها، فإنها بالمقارنة مع المؤشرات الموضوعة للبلدان الأقل فقراً، تعطي نتائج ايجابية، ولفت الى أنه يجب تغير هذه المؤشرات باعتبار أن لبنان دولة متوسطة الدخل ولا تعتبر من الدول الفقيرة، ولذلك يجب تغيير هذه المؤشرات بما يتلاءم مع التحديات التي يواجهها لبنان، وتنسجم مع الواقع المعيشي فيه.
وأضاف في حديث لـ"المستقبل"، "ان ذلك، لم يؤدِ الى جهد لاعطاء صورة فعلية عن الواقع، فهناك مثلاً نقص في الأرقام الوطنية، على الرغم من الجهد المبذول والتنسيق من قبل دائرة الاحصاء المركزي ووزارة الشؤون الاجتماعية وبرنامج الأمم المتحدة لمسح 14 ألف وحدة سكنية في لبنان".
وأشار الى أنه لا يوجد تقدم ملموس على نسب الفقر المدقع في لبنان والذي يشكل 7% من السكان، حيث إن هؤلاء يعيشون بأقل من 1.3 دولار في اليوم، واذا أخذنا موضوع تأمين الحاجات فإن هذه النسبة ستصل الى 30% من السكان في لبنان".
ولفت الى أن هذه المحطات ستبحث ما تحقق على صعيد الأهداف الألفية، خلال السنوات الخمس الماضية، خصوصاً أن الأمين العام للمنظمة الدولية كوفي أنان، كان قد وجه نداء خلال انعقاد المؤتمر قبل 5 سنوات، بضرورة تحقيق هذه الأهداف بحلول العام 2015، لأن البشرية ذاهبة الى خطر شديد، بسبب النزاعات بالإضافة الى تدهور أوضاع الحرية والديموقراطية وحقوق الانسان، والتي تشكل مجموعة أسباب تؤدي الى الفقر.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00