"القطبة المخفية" هي الشعار الذي تحكم مشروع خط الغاز اللبناني ـ السوري GASYLE، منذ بداياته، مرة بحاجة التمويل وأخرى بسبب أحوال الطقس، ومرات عديدة لأسباب لا يفصح عنها المعنيون.
وإذا كان إنجاز مد الخط قد تم، فإن شركة "سيمنز" هي على طريق إنجاز تجهيز معمل دير عمار الكهربائي للعمل على الغاز الطبيعي بدلاً من الغاز أويل، الذي يستهلك سنوياً نحو 232.1 طن غاز أويل سنوياً، وينتج نحو 1.4 مليار كيلو واط ساعة، فإن السؤال هو من يشغل المعمل المذكور بعد انتهاء الأعمال والمتوقعة في بداياات أيار المقبل، خصوصاً أن دفتر شروط المناقصات ليس "في متناول اليد" ولم ينجز بعد.
وفي العودة الى حالة "المطمطة" في المشروع، منذ بدايات المشروع والتي تعود الى 2001 (توقيع اتفاق مبدئي بين لبنان وسوريا)، الى مرحلة التنفيذ مع توقيع العقد مع الشركة الحكومية الأوكرانية في 5 شباط 2003، بقيمة 12.9 مليون دولار، ومدة التنفيذ 12 شهراً، ومن ثم الانقلاب عليه لمصلحة شركة (حاوي اخوان)، حيث تم التوقيع معها في آخر آذار 2003، بقيمة 13.7 مليون دولار، ومدة التنفيذ 11 شهراً مع شهرين إضافيين، والتي تأخرت في تسليمه نحو السنة من الموعد المقرر للتسليم، الى تأخر موعد شركة سيمنز لعملية تأهيل وتشغيل معمل دير عمار بالغاز الطبيعي، التي وقعت معها مؤسسة كهرباء لبنان عقداً بالتراضي في هذا الخصوص في 9/9/2004، والتي كان من المنتظر أن تنهي أعمالها أوائل العام 2005، لتمدد عملية التسليم الى أوائل أيار المقبل، وإذا كان التأخير في هذا المشروع الذي تقول وزارة الطاقة والمياه إنه "يخفض تكلفة انتاج الكهرباء في هذا المعمل ويؤدي الى وفر يزيد على 100 مليون دولار في السنة"، وإذ اعترفت بالتأخير واعتبرته "شيئاً مؤسفاً جداً ولكن من الأفضل أنه أتى متأخراً من ألا يأتي أبداً"، إلا أنها لم تشر الى الزيادة بملايين الدولارات عن حجم المبلغ المقدر للمشروع، والذي انتهى الى ما يفوق الـ18 مليون دولار.
وإذا كان الرأي هو على المبدأ الفرنسي "أن تصل متأخراً خير من أن لا تصل أبداً"، يبقى السؤال هو ماذا بعد هذا التأخير، من يشغل الخط؟... خصوصاً وأن الوزارة المعنية، قد أعلنت الاثنين الماضي، إنجاز خط الغاز الذي سينقل الغاز الطبيعي السوري باتجاه معمل دير عمار والذي تم بدأ العمل به بتاريخ 17/3/2003.
يشير مصدر في مؤسسة كهرباء لبنان لـ"المستقبل"، الى "أن إنجاز الخط وتجهيز معمل دير عمار للعمل بالغاز الطبيعي، لم يعد هماً، ولكن السؤال هو من يشغل المعمل المذكور، وأي شركة ستتسلمه؟ في غياب دفتر الشروط الذي وعدت وزارة الطاقة بإنجازه منذ شهرين!!، الى الآن ليس هناك دفتر الشروط، والى حينه فإن إجراء مناقصة لتشغيل المعمل، سيأخذ وقتاً طويلاً جداً، ولا ندري متى يبدأ التشغيل فعلياً على الغاز الطبيعي"، ويلفت الى أن العمل جارٍ الآن، في تبديل التوربينات وأن ذلك يحتاج الى مدة لا تقل عن شهر.
وفي هذا الإطار، لا بد من التذكير بأن مجلس إدارة الكهرباء كان قد قرر عقد صفقة بالتراضي مع شركة "سيمنس" الألمانية في 9/9/2004، لتشغيل وتأهيل معمل دير عمار بالغاز الطبيعي، بقيمة 1.511 يورو، (لا يشمل الضريبة على القيمة المضافة) واعطاءها سلفة بقيمة 25 في المئة مقابل كفالة مصرفية، أي نحو 375 ألف يورو.
وكانت كل من شركة "انسالدو" الايطالية، و"سيمنس" قدمتا عرضين خلال آب الماضي، بناء لكتاب من مؤسسة كهرباء لبنان لهذه الغاية، وتبين من خلال هذين العرضين، أن العرض المقدم من "انسالدو" لا يستوفي ما جاء في قرار مجلس إدارة المؤسسة، لجهة أن يكون العرض كاملاً (Cl? en main) وشاملاً للدارة المركبة، وكما ورد في رسالتها SER/LIB/L-457 أنها بحاجة للقيام بكشف وإعداد دراسة على الدارة الحرارية والـDCS (على حساب المؤسسة)، لتكون مؤهلة لتقديم العرض، الذي يفي بالمطلوب، مع كل ما يستلزم هذا الأمر من وقت، بالإضافة الى أن العرض لا يشمل قطع الغيار المطلوبة كافة حسب تقرير سيمنس).
وفي المقابل، فإن عرض سيمنس مقدم على أساس (Cl? en main)، ويشمل التشغيل بالدارة المركبة كما جاء في قرار مجلس الإدارة.
من المعلوم أن الانتقال بمعامل انتاج الطاقة الكهربائية من العمل على الفيول والديزل أويل من شأنه تحقيق وفر كبير في فاتورة الكهرباء، بحيث أشار البنك الدولي في هذا الإطار الى "أن اعتماد الغاز الطبيعي في لبنان، سيكون جم الفوائد، إذ سيسهم في تحسين الوضع المالي لقطاع الكهرباء من خلال خفض توليد الكهرباء، بحيث تصبح ما بين 140 و300 مليون دولار أميركي في السنة، وتجنيب لبنان تكاليف الأضرار التي تلحق الأذى البيئة والصحة العامة والمقدرة بنحو 740 مليون دولار، على الأقل خلال 15 سنة، مع تحسين امدادات الطاقة نتيجة التنويع في استخدام الوقود". (أنظر الجدول)
يذكر أن سوريا بموجب الاتفاق المبرم مع لبنان في هذا الصدد، ستبدأ بضخ نحو 1.3 مليون متر مكعب يومياً من الغاز الطبيعي بأسعار مدروسة، لترتفع الى 3 ملايين متر مكعب في المرحلة الثانية، وفي المرحلة الثالثة 6 ملايين متر مكعب.
وإذا كانت وزارة الطاقة قد تمنت في بيانها حول إنجاز خط الغاز السوري ـ اللبناني، "أن لا يعرقل مجرى الأحداث برنامج الوزارة والمهل المتوقعة منها بإنجاز تحويل دير عمار كما الزهراني"، فالسؤال يبقى لماذا نجد الأعذار دائماً لتبرير التأخير؟، خصوصاً وأن التداعيات التي نجمت منذ جريمة اغتيال الشهيد الرئيس رفيق الحريري، ستكون مبرراً لهؤلاء للقول بأن التأخير مرده لأسباب سياسية، وقد استبقت الوزارة ذلك ببيانها حول إنجاز خط الغاز.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.