التحدث عن انجازات الرئيس الشهيد رفيق الحريري، خلال مسيرته السياسية، تحتاج الى صفحات كثيرة لتعدادها، لكنها قبل أي شيء تحتاج الى النوايا الطيبة لإظهار كم كان الشهيد غيوراً على هذا البلد، الذي أراده عاصمة للشرق، ويعلم القاصي والداني أن قيامة لبنان بعد الحرب اللبنانية، سياسياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً، تحمل للرئيس الشهيد البصمات البارزة واللماحة، والتي لا يمكن القفز من فوقها أو تجاهلها، وهي التي أصبحت من ضمن مداميك سياسة الإنماء والإعمار، التي أرساها، إنماءً متوازناً في كل المناطق اللبنانية، خلال كل الحكومات التي شكلها بعد الطائف، وهو الذي دفع الى استثمار الانسان قبل الطائف، والاستفادة من طاقاته علماً، ليكون بناء لبنان بأيدي أبنائه.
ويعتبر قطاع الكهرباء في لبنان، واحداً من القطاعات التي أجهدت فكر الرئيس الشهيد، لإعادة تكوينه والنهوض به، بالتكامل مع بناء القطاعات الأخرى، وهو الذي دعا اللبنانيين "الى وقفة تأمل وصلاة أمام العشرات من شهداء مؤسسة كهرباء لبنان، الذين وهبوا حياتهم بصمت على طريق الواجب الوطني وما بدلوا تبديلا"، وقال "عندما أفكر في الليالي الحالكات بهؤلاء الجنود الصامتين القائمين على الواجب الذي ألقيناه على عاتقهم وقبلوه راضين مرتضين، أشعر بالفخر وأحس بأمان المؤمن بربه وبوطنه وبناسه الطيبين ويحيا في قلبي الأمل الكبير في عودة الوطن الصغير الى أحضان العافية وحرارة الحياة على الرغم من آلام الولادة الموجعة".
لقد شهد قطاع الكهرباء في عهد الرئيس الشهيد، خلال العقدين الحالي والماضي، تطوراً رائداً تمثل في تنفيذ برنامج تجهيزي واسع يهدف الى تغطية الطلب، الذي كان يتزايد بمعدلات سنوية تراوح بين 10% و12، وشمل هذا البرنامج التجهيزي جميع الوحدات الحرارية والغازية الموجودة في معامل انتاج الطاقة الكهربائية، وكان الأهم تجهيز محطتي توليد بقدرة إجمالية تبلغ 870 ميغاوات بنظام الدارة المختلطة، واحدة منها في الزهراني والثانية في البداوي، إضافة الى تحسين وتوسعة شبكات النقل.
وسينصف التاريخ الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي قاد بنفسه، وقف الاعتداءات الإسرائيلية على محطات التحويل في بصاليم والجمهور في حزيران وشباط 1996 و2000، وإعادة بناء محطة التحويل في البداوي، التي دمّرت بالكامل في أيار عام 2000، مستفيداً من علاقاته الدولية، في سبيل الحفاظ على ما أنجز في هذا الإطار.
وقد كان للرئيس الشهيد ملاحظات على أداء الكهرباء، وهي التي دخلت "البازار السياسي"، وتحولت عن خطة الإعمار التي كان يريدها، كما زادت خسائرها وتفاقمت مشكلاتها المادية، إلا أن هذا لم يمنعه من ابتكار الحلول والرؤى الاستراتيجية التي حاول من خلالها، العبور بهذا القطاع الى بر الأمان، وإعادة إنتاج مؤسسة حيوية، ومن ضمن هذه الحلول كان اقرار القانون 462 في العام 2002، الذي يهدف الى خصخصة القطاع، مع إبقاء وظيفة النقل ضمن القطاع العام.
كثيرة هي الحلول التي طرحتها حكومات الرئيس الحريري، لوقف النزف في مؤسسة كهرباء لبنان، إلا أن استمرار النزف المادي والمعنوي لهذه المؤسسة، لا يمكن تصنيفه إلا في سياق المواجهة السياسية، لسياسات الرئيس الحريري، والتقليل من النجاحات التي حققها مشروع الإنماء والإعمار بقيادته في جميع الميادين، وهو ما أدى الى أن يصبح الانفاق على قطاع الكهرباء مثل "كرة الثلج"، يكبر مع كل أزمة كهرباء، ليتخطى الـ10 مليارات دولار.
لقد تم إعداد خطة لإعادة تأهيل وتحديث القطاع لتلبية الطلب حتى العام 2005 والذي من المقدّر أن يصل الى 2500 ميغاواط يومياً. وتقوم الخطة على زيادة طاقة معامل الإنتاج وعلى توسعة شبكات النقل إضافة الى تطبيق الإصلاحات الإدارية وتأمين المساعدة الفنية.
وتمثّل الهدف الفوري في عام 1992 باستعادة قدرة الإنتاج البالغة 1250 ميغاواط، الأمر الذي تحقق في نهاية العام 1996 حين تم تنفيذ أشغال إعادة تأهيل معامل الإنتاج الكهربائية الحرارية والمائية وتأهيل شبكات نقل الطاقة وشبكات التوزيع. وقد بلغت التكلفة الإجمالية للأشغال نحو 376 مليون دولار أميركي.
ومن أجل زيادة القدرة الإنتاجية، تم تركيب وحدتي إنتاج غازيتين جديدتين بقدرة إنتاجية تبلغ 70 ميغاواط، لكل منها، في كل من صور وبعلبك وذلك بتكلفة بلغت 61 مليون دولار. يجري تشغيل هاتين الوحدتين منذ نهاية العام 1996. كما جرى إنشاء معملين في البداوي قرب طرابلس، والزهراني بين صور وصيدا، لإنتاج الطاقة الكهربائية بنظام الدارة المختلطة بقدرة إنتاج 435 ميغاواط لكل منهما، بتكلفة بلغت 575 مليون دولار أميركي. يضم كل معمل وحدتي إنتاج غازيتين ووحدة تعمل بالبخار وقد جرى تنفيذ هذين المعملين على مراحل استمرت من عام 1998 حتى عام 2000. إضافة الى ذلك، أُعيد تأهيل وحدتي إنتاج غازيتين في معمل إنتاج الطاقة المائية والكهربائية في مركبا بقدرة إنتاج قدرها 17 ميغاواط لكل منهما بتكلفة بلغت 5.3 ملايين دولار أميركي.
ولتأمين زيادة الطاقة الكهربائية المتوفرة، تم إنشاء شبكة خطوط نقل جديدة بطاقة 220 كيلوفولت تكلفتها 359 مليون دولار أميركي. شملت الشبكة تمديد 339 كيلومتراً من الخطوط الهوائية و61 كيلومتراً من الكابلات المطمورة وتركيب إحدى عشرة محطة تحويل. وقد اكتمل تمديد الخط الهوائي من دير نبوح الى كسارة، وخط آخر من كسارة الى عرمون، وآخر من عرمون الى الزهراني وصور، إضافة الى تمديد الكابلات المطمورة كافة وإنشاء ثماني محطات تحويل. كما نفذت شركة سوليدير إنشاء محطة تحويل إضافية وقامت بتمديد كابلات مطمورة لخدمة منطقة وسط بيروت التجاري. وبذلك قارب مشروع توسعة شبكة النقل 220 كيلوفولت على الاكتمال. أما الأشغال المتبقية والتي تتعلق بالخطوط الهوائية بين البحصاص وبصاليم وبين صوفر وعرمون، فمن المقرر أن يكتمل تنفيذ أشغالها خلال عام 2003.
وتم أيضاً توقيع عدد من عقود المساعدة الفنية شملت: إدخال نظام جديد لإدارة شؤون المشتركين في شبكة التوتر المتوسط (1100 وصلة)، وتحسين جباية فواتير الكهرباء مما ضاعف المبالغ المحصلة من المشتركين في المناطق المعنية. كذلك تم توقيع عقود تتعلق بتدريب موظفي مؤسسة كهرباء لبنان وبتقديم مساعدات إدارية وبتزويد مؤسسة كهرباء لبنان بخبراء للمساعدة في تلبية المواصفات القياسية الدولية.
أما الإنجازات الرئيسية خلال العام 2002: وقع مجلس الإنماء والإعمار عقدين بخصوص مشروع الربط السداسي الذي يضم مصر والعراق والأردن ولبنان وسوريا وتركيا. العقد الأول يتعلق بتمديد خطوط الوصل المشتركة بقدرة 400 كيلوفولت مع شبكة الربط السداسي بين كسارة والحدود السورية تكلفتها 5.9 ملايين دولار أميركي. وأما العقد الثاني، فهو يتعلق بتنفيذ محطة التحويل في كسارة 400 ك.ف./220 ك.ف. لربطها بالشبكة الوطنية 220 ك.ف. بتكلفة تبلغ 7.3 ملايين دولار أميركي. ويسمح هذا المشروع بتبادل طاقة كهربائية تبلغ 300 ميغاواط على المدى القصير و600 ميغاواط على المديين المتوسط والبعيد بتمويل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي.
كما تم الإنتهاء من أعمال إصلاح محطتي التحويل في بصاليم والجمهور بعد تعرضهما لأضرار جسيمة خلال العدوان الإسرائيلي الجوي في حزيران (يونيو) 1999 وشباط (فبراير) 2000. وأنهت مؤسسة كهرباء لبنان العمل على إعادة بناء محطة التحويل في البداوي التي دمرت بالكامل خلال العدوان الإسرائيلي الجوي في أيار (مايو) 2000.
ويقوم مجلس الإنماء والإعمار بالتنسيق مع مؤسسة كهرباء لبنان بالتحضير لتنفيذ المشاريع الآتية:
ـ تأهيل وتوسعة شبكة النقل 66 كيلوفولت توتر عال وشبكات التوزيع توتر متوسط 20 و15 كيلوفولت في المناطق المحررة وتقدر تكلفة المشروع نحو 20 مليون دولار بتمويل من البروتوكول الإيراني.
ـ إنشاء محطتي تحويل كهرباء رئيسيتين في بعلبك وصيدا بكلفة مقدرة بنحو 12 مليون دولار أميركي.
ـ تأهيل وتوسعة شبكة النقل والتوزيع في منطقة العيون وفنيدق في عكار بنحو 2.3 مليوني دولار أميركي.
ـ شراء قطع غيار لمحطات الإنتاج بنحو 6 ملايين دولار أميركي بتمويل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي.
وتجدر الإشارة الى أن هناك مشاريع أخرى ذات تكاليف كبيرة تقوم مؤسسة كهرباء لبنان بتحضيرها، إلا أن تنفيذها مؤجل الى حين بتّ موضوع خصخصة قطاع الكهرباء. وتشمل هذه المشاريع ما يلي:
ـ إعادة تأهيل شبكة التوزيع للتوتر المنخفض والمتوسط. أكملت مؤسسة كهرباء لبنان الدراسة الأولية للمشروع الذي تقدّر تكلفته بنحو 270 مليون دولار أميركي.
ـ تمديد أنابيب الغاز الطبيعي من سوريا شمالاً الى الجنوب مروراً بالساحل لتغذية معامل إنتاج الطاقة الكهربائية في لبنان. تقدّر التكلفة الإجمالية للمشروع بنحو 150 مليون دولار أميركي.
ـ تقوية شبكة نقل الطاقة الكهربائية قدرة 66 كيلوفولت توتر عال. تقدّر تكلفة المشروع بنحو 50 مليون دولار أميركي.
وفي العام 2003، حدثت ملفات التلزيم التقنية، لمشروع المركز الوطني للتحكم، كما لزمت دراسة لتحديد التعرفة الكهربائية، تعتمد على معطيات عدة: تغطية التكاليف وتحقيق التوازن المالي لمؤسسة كهرباء لبنان.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.