لا يزال موضوع عدم اكمال شبكة الـ220 ك.ف، مثيراً للجدل، اذ في الوقت الذي يؤكد فيه وزير الطاقة والمياه موريس صحناوي، أنه يحظى بالدعم لتنفيذ خطة انقاذ الكهرباء، فهو يعترف "أن المشكلة الأساسية في الشبكة هي سياسية، يقولون بأن مد الخطوط سيسبب آثاراً ضارة للصحة على الرغم من دراسة شركة الكهرباء الفرنسية FDE أنها غير مضرة، وسياسياً من غير الضروري أن يقتنعوا".
وما يدعو الى الاستغراب، ان تطرح، خطة لانقاذ القطاع المهترئ "مدعومة سياسياً"، وفي ذات الوقت يقال أن عدم اكمال الشبكة مرده لأسباب سياسية. والسؤال من هي قوى الأمر الواقع التي تمنع اكمال الشبكة في منطقة المتن وشمال كسروان؟.
في 16/6/2004، طلب مجلس الوزراء، من مؤسسة كهرباء لبنان، انجاز دراسة خطوط النقل على الأعمدة الكهربائية وتأثيرها في السلامة العامة، وخصوصاً في ما يتعلق بشبكتي الـ220 و400 ك.ف.، وقد ردت المؤسسة في 2/8/2004، على طلب المجلس، بدراسة أعدها الاستشاري كهرباء فرنسا، "تبين أن القياسات الميدانية والحسابات الفنية والهندسية التي أجريت على الخطوط 220 ك.ف و400 ك.ف، في لبنان ورغم اعتماد القيم القصوى المحتسبة للحقول الكهرومغناطيسية في الحالات الأسوأ نظرياً، أي في النقطة الأقرب من الخط وللتيار الأقصى المسموح به على الخط، تبقى نتائج التأثير أقل بكثير من تلك المحددة من قبل الهيئة الأوروبية لحماية الانسان، والتي تعتبر حداً يضمن حماية عالية للصحة العامة".
ومع ذلك يصر الوزير صحناوي "أن السياسيين ليس من الضروري أن يقتنعوا بصوابية الدراسة التي تؤكد عدم تأثير مد خطوط هذه الشبكة في الصحة والسلامة العامة"، ويؤكد أن الخط المستقيم من الشبكة ينتهي خلال 3 أشهر".
والملفت أكثر في حديث وزير الوصاية "أن شبكة الـ220 ك.ف. لم تكتمل وهي الأساسية، إن شبكة الـ220 غير المكتملة لن تساعدنا في اكمال دورة الكهرباء في كل المناطق، ويحتاج اكمال الخط في الشبكة لانجازه بين3و4 أشهر، أما شبكة الـ400 ك.ف. فتنجز خلال شهر، إلا أن المشكلة هو أننا أنجزنا الربط مع سوريا لكن المشكلة في محطة التحويل في كسارة، فهي لم تنتهي والعائق ما زال بداخلها، وهي اذا حلت اليوم تحتاج الى 4 أشهر لتجهيزها، كما أننا لن نستفيد من الربط مع سوريا اذا لم تنجز شبكة الـ220 ك.ف.، التي تعاني مشكلات في الاستملاكات، إلا أنها لم تعد مشكلة مع رفع وزير المال الياس سابا موضوع دفع المتأخرات الى مجلس النواب ومن ضمنها الدفع لأصحاب الأراضي، والمتعهد توقف ثلاث سنوات لأسباب مادية بعد خلافه مع الشركة السعودية وهو صاحب حق، وقد حلينا المشكلة مع مجلس الانماء والاعمار، المتعهد بامكانه أن يبدأ العمل خلال أسبوع، إلا أن المشكلة الأساسية في الشبكة هي سياسية، يقولون ان مد الخطوط سيسبب آثاراً ضارة للصحة على الرغم من دراسة شركة الكهرباء الفرنسية FDE أنها غير مضرة، وسياسياً من غير الضروري أن يقتنعوا".
والسؤال الأكثر الحاحاً في هذا الاطار، هو ما الذي يجعل خطة الانقاذ المطروحة ناجحة، ما دام الاعتراف بفشل اكمال الشبكة وراءه متنفذون سياسيون، وهل يمكن التغاضي عن شبكة الـ220 في وقت كان لبنان فيه بأشد الحاجة الى مثل هذه الشبكة، بعد أن ثبت أن لا قدرة للجنوب الافادة من مما ينتجه معمل دير عمار، كما ثبت أن لا افادة من الربط الكهربائي مع سوريا في وقت ما زالت محطة كسارة هي الأخرى دون تقدم، وأي خطة ستنقذ القطاع ما دامت البدايات لا يمكن تجاوزها، والخطة الى الآن ما زالت مجرد صورة مستنسخة عن الخطط القديمة لوزراء الكهرباء، الذين تعاقبوا على الوزارة، وعرضوا مشكلات الكهرباء، ولا يزال القطاع في حالة تدهور سريعة، وقد أعطى الأسبوعان الماضيان، صورة دقيقة لما يمكن أن يكون عليه الوضع في المرحلة المقبلة، اذا استمر التهويل بالخطط دون الشروع في التنفيذ، وما هو المبرر لاضفاء السرية على خطة للنجاة، في وقت ما زالت فيه مناطق لبنانية غارقة في دياجير الظلمة والعتمة.
وفي هذا السياق، يقول النائب محمد الحجار، " ان الحكومة حوّلت الأموال المخصصة لشراء الزيت من مزارعي الزيتون بدلاً من الهيئة العليا للاغاثة، الى الكهرباء، والله يعيننا، حولت الأموال الى الكهرباء، قرى الاقليم والشوف الأعلى لا تزال تعاني حالة شبه تعتيم ويكاد الانقطاع يكون 24/24، لولا أنها تأتي ساعتين في اليوم، والمواطن عليه أن يتحمل كل هذه القسوة".
ولفت في اتصال مع "المستقبل"، الى أن عدم تنفيذ واكمال شبكة الـ220 ك.ف.، يعود لأسباب سياسية بحتة، وقال في اتصال مع "المستقبل" إن عدم اكمال هذه الشبكة وخصوصاً في منطقة المتن الشمالي وشمال كسروان، "مردها الى خضوع المنطقة لاصحاب القرار السياسي، والذي يجعل من المستحيل تنفيذ هذه الشبكة في بلاد تتجه الى الانتخابات النيابية، ولذلك فإن من المستحيل عدم ارضاء الناخبين في هذه المنطقة، وهو ما يجعل شبكة الـ220، في اطار التجاذب السياسي والانتخابي".
وأكد الحجار "أن مشكلة شبكة الـ220، لا يمكن فصلها عما يدور في مؤسسة كهرباء لبنان، وهي من ضمن المشكلات التي تعانيها المؤسسة، وقد أعلنا من خلال المؤتمرات الصحافية أو اجتماعات لجنة الأشغال والطاقة والنيابية أو من خلال الاجتماعات مع ادارة المؤسسة، أن المؤسسة تعاني مشكلات كبيرة، على صعيد اكمال شبكة الـ220 أو 400 ك.ف والربط السداسي، أو لجهة المحروقات والصيانة وغير ذلك، وما يحصل اليوم على مستوى الكهرباء ترقيع للمشكلات التي تعانيها هذه المؤسسة لا حل شافياً وكاملاً لها. وما يعلن بصدد عدم اكمال شبكة الـ220، هو أن هناك 30 عموداً لم تتمكن المؤسسة من تركيبها، والحجة أن الأهالي يعترضون، أو لعدم قرارات بالاستملاك، والحقيقة أن هذا الكلام هو لذر الرماد في العيون".
وأضاف "لقد أصدرنا قانوناً في مجلس النواب، يسمح للقوى الأمنية بمؤازرة المؤسسة في خطواتها جميعاً، سواء على مستوى مد شبكات النقل أو الجباية، كما أننا أعلنا كنواب أننا مستعدون لمواكبة عمال الكهرباء أو مجلس الانماء والاعمار في عملية اكمال شبكة الـ220 وسواها، لكن للأسف كل ذلك كمن يصرخ في بئر عميقة.
ويؤكد الحجار ان "هناك مافيات تتحكم في عمل مؤسسة الكهرباء، ولها مصلحة في ابقاء وضع الكهرباء كما هو، لحساب الصفقات والأرباح والمصالح، وكل ذلك على حساب لقمة عيش المواطن".
وتابع "اذا كان الشغل الشاغل الآن، هو تركيب الأعمدة، فلنسلم جدلاً أن هذه الأعمدة ركبت، فالسؤال كيف سنعطي هذه الكهرباء الى شبكة التوزيع، ونحن نعلم تماماً أن محطات التحويل لم تركب حتى الآن، ولم يبت أمرها، اذ فشلت جميع المناقصات ولا متابعة من مؤسسة الكهرباء في هذا الموضوع، أما في ما يتعلق بشبكة الـ400 ك.ف. والربط السداسي، كيف سنربط وهناك مشكلة في محطة التحويل الأساسية في كسارة، المحول الأساسي في هذه المحطة ما زال مرمياً في مرفأ بيروت، وإضافة الى ذلك الأشغال المدنية التي نفذت في كسارة لا تصلح لاستقبال المحول وهذه كارثة بحد ذاتها، أن يذهب كل هذا العمل سدى".
وفي موضوع الصيانة، قال الحجار "الى الآن هناك مصالح متحكمة بالقرار على المستوى العالي، تمنع اجراء مناقصات للتشغيل أو صيانة المعامل، فمثلاً هل يعقل أن ترسل شركة M.S.P، تقريرها مباشرة الى وزير الطاقة دون المرور بمجلس ادارة الكهرباء، وكأن هذه الشركة تعمل لدى الوزير وكأن لا علاقة لها بالمؤسسة، ونحن نسأل لماذا يلغى دفتر شروط المناقصات ولمصلحة من؟، ولماذا المناقصات لا تنفذ؟ وهناك قرارات من مجلس الوزراء بذلك، M.S.P ليست في مستوى الصيانة المطلوبة لمعامل الانتاج الكهربائي، نعم نحن سائرون الى التعتيم الكامل اذا لم تكن هناك الصيانات المطلوبة، واذا لم تجر عمليات الـLLAH REVO ROJAM، وأنا أحذر من التعتيم الكامل، لماذا فشلت مؤسسة الكهرباء المناقصة التي فازت بها الشركة الممثلة لشركةB.B.A ، لصيانة معمل الجيّة، تقول المؤسسة إن عدم أهلية هذه الشركة للصيانة العالية، ونحن نسأل المؤسسة لماذا تتعامل معها الكهرباء منذ أمدٍ طويل، الحقيقة أن هناك مشكلة في ادارة المؤسسة في اتخاذ القرار، والمدير العام يخاف من اتخاذ القرار خوفاً من الملاحقة القضائية في وقت لاحق، هناك مشكلة على مستوى الادارة، هناك قرارات يتخذها المدير العام للمؤسسة، ولا يعلم بها أعضاء مجلس الادارة، ونحن نسأل من يتحمل المسؤولية في ذلك؟".
وأضاف "أنا أصر على التحذير من التعتيم الشامل، اليوم يجب معالجة موضوع الكهرباء، لأن الأمر لم يعد يحتمل، والمفروض أن يكون هناك حل جذري، هل من المعقول أن يعرض وزير خطة لانقاذ قطاع الكهرباء، مباشرة الى مجلس الوزراء، دون أن يعرضها على مجلس ادارة الكهرباء، وبين هذه المشكلات على المواطن أن يئن تحت وطأة الكهرباء ويتحمل".
وفي المقابل، قال مصدر في وزارة الطاقة لـ"المستقبل"، مشروع شبكة الـ220 ك.ف. ممول من البنك الدولي بقيمة 100 مليون دولار بشكل كفالة، والخرائط جاهزة لاكمال ما لم ينجز في الشبكة، وربط بعض النقاط ببعضها البعض، هناك مشكلة فالمتعهد لا يستطيع الربط لمشكلات يجري حلها بالتعاون مع المعنيين.
وأضاف "عملنا على حل شبكة الـ400 ك.ف.، وقد قام الرئيس كرامي يرافقه مدير عام المؤسسة بحملة من أجل ذلك، وقد زارا موقع تمديد هذه الشبكة، أما في ما يتعلق بمشكلات الـ220 فهناك اعتراض من الأهالي في الأماكن التي ستمر بها الشبكة سواء، بين صوفر وعرمون، أو بين عرمون والبحصاص، وفي هذه المنطقة هناك مشكلة استملاكات واعتراضات من الأهالي وهي الأصعب، وبين هاتين المنطقتين هناك بعض المحلات مدت فيها الشبكة".
ولفت الى أن اكمال شبكة الـ220 من شأنه تأمين الربط بين معملي دير عمار والزهراني، لا توجد حالة ربط اليوم بين الجنوب والشمال، يجب ربط الشبكة على شكل "بوكل" لتأمين الكهرباء في جميع المناطق من الساحل الى الجبل، فمثلاً منطقة الجنوب لا تستطيع اليوم الافادة من الكهرباء من سوريا سواء أتت الكهرباء من منطقة كسارة أو من محطة التحويل في دير نبوح".
وأشار الى أن الوزارة تحاول بالتنسيق مع مجلس الانماء والاعمار والشركة الاستشارية كهرباء فرنسا تذليل العقبات، ونحن تقدمنا خلال الاجتماعات التي عقدناها معهم، لاجراء حملة لاستكمال المواقع التي لم تنجز بعد.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.