توصف "رأسمسقا" البلدة الكورانية في الشمال، بـ"رئة طرابلس" السياحية والسكنية والتجارية والتربوية والزراعية، كونها المتنفس العقاري الأكبر والأقرب الى العاصمة الثانية، والمجال الحيوي لها، وقد استفادت من هذه الميزة، لتصبح قبلة استثمارية في المجال العقاري المتنوع الأهداف والمآرب بدءاً من أواخر الثمانينات، فنشأت على ضفاف البلدة القديمة أهم المنتجعات السياحية، وفي وسطها المشاريع السكنية، وفي أطرافها المترامية المصانع والمؤسسات التجارية، وقد أدى ذلك وبشكل لافت الى حركة عرض وطلب في أسعار الأراضي بجملتها، وتباعاً أسعار الشقق، ولن يقف الصعود في الأسعار وخصوصاً لجهة بيع وايجار الشقق مستقبلاً، مع افتتاح البناء الجامعي الموحد في هذه البلدة، الذي يتوقع أن يستقطب الآلاف من الطلاب، وهو ما سيعزز وضع القطاع العمراني والشقق الجاهزة، ايجاراً وبيعاً.
إلا أن "رأسمسقا" الممتدة على مساحة عقارية تتجاوز 7.5 ملايين متر مربع (رأسمسقا الجنوبية، رأسمسقا الشمالية، ضهر العين، البحصاص، بكمرا والمطل الأزرق)، وبكل ايجابيتها الاستثمارية، تصارع اليوم من أجل البقاء والتطوير، بعد الهضم العقاري والاستثماري، الذي تسبب به المخطط التوجيهي والحزام الأخضر لمنطقة طرابلس ومشروع الأوتوستراد العربي الذي يخترق البلدة نحو 15 كيلومتراً، وهو ما جمد سوق بيع الأراضي بعد خفض نسب الاستثمار الى نحو النصف، ويكاد هذا المأزق الذي تواجهه البلدية الحالية، وهو يستهلك مجهودها التنموي والتطويري، ويستنزف وقتها في المفاوضات التي تجريها مع المديرية العامة للتنظيم المدني لتصحيح خلل، أطاح بضربة واحدة بتلة مار يعقوب (مساحتها نحو 900 ألف متر مربع) وهي من أهم المواقع الاستثمارية في البلدة، إضافة الى خفض نسب الاستثمار في باقي الأراضي.
ويؤكد رئيس المجلس البلدي جورج القاري، أن البلدية على الرغم مما تواجهه، ماضية في التحسين والتجميل، وتوفير البنى التحتية والانارة وتعبيد الطرق وتوفير المياه الصالحة والتخلص من المياه المبتذلة بطرق علمية صحيحة، إضافة الى حملات التشجير ومركز البيئة في الكورة.
ويشير الى أن التطور العمراني والسكني الذي شهدته البلدية، يؤكد وحدة التعايش بين الأديان والطوائف، والذي تحرص البلدية على تكريسه مبدأ ونموذجاً مصغراً للبنان الموحد بكل أطيافه السياسية والدينية، وهو العامل الأهم لتنمية الاستثمارات.
ويلفت الى أن "رأسمسقا" تواجه اليوم جموداً عقارياً مع المخطط التوجيهي الذي وضع في العام 1999، وكذلك الحزام الأخضر الممتد من نبع أبو حلقة وصولاً الى منطقة البحصاص، والذي يقضي الابتعاد نحو 30 متراً، في حال البناء، وهو ما يعني عملياً قضم للأراضي وتقليص مساحتها لصالح هذا الخط.
أما مشروع الأوتوستراد العربي، فهو يأخذ الكثير من أراضي البلدة، كما أن العقارات المحاذية، لا يمكن عملياً الاستفادة منها، نظراً للقانون الذي يطلب الابتعاد عن مكان الأتوستراد بين 40و60 متراً.
ويقول: "رأسمسقا فعلياً هي البوابة الرئيسية لقضاء الكورة، والمتنفس الحيوي لمدينة طرابلس، وتعايشنا مع الطرابلسيين ساهم في الصحوة العقارية، فهم يستثمرون في بلدتنا، لميزات على رأسها التعايش وتقبل الآخر، للقرب الجغرافي والموقع المميز سياحياً، إضافة الى أهم تجمع للمدارس الخاصة في الشمال (الليسيه الفرنسية، اليسوعية، الفرير وغيرها)".
ويلفت الى أنه نتيجة العمران، يبلغ تعداد سكان البلدة اليوم أكثر من 54 ألف شخص، ألفان منهم من رأسمسقا، كما أن عدد الزائرين الى هذه المنطقة يفوق المئة ألف سنوياً بغرض السياحة والتمتع بشمس رأسمسقا على شاطئها المتداخل مع شاطىء طرابلس، ومن أهم المشاريع السكنية: جعارة وايعالي (130 وحدة سكنية)، حربا (130 وحدة سكنية)، الحلاب (90 وحدة سكنية)، الثمار (130 وحدة سكنية)، كاليفورنيا (60 وحدة سكنية)، والمطل الأزرق الذي يضم مئات الوحدات السكنية، وتتراوح أسعار الشقق في هذه المشاريع بين 35 و55 ألف دولار.
أما المنتجعات السياحية وهي على البحر، فتبلغ ثمانية وهي تضم مئات الشالهيات، وفيها سكن شبه دائم، ومن أهمها في رأسمسقا: بالما بيتش، نورث مارينا، لاس برلاس، هوليداي بيتش، ناجي بيتش، كناريا، اللوزي، والدبوسي، وتبدأ أسعار الشاليهات من 35 ألف دولار، أما الكبائن فيبدأ سعرها من 10آلاف دولار، أما الايجار للشاليه، فيبدأ من 5آلاف دولار.
ويقول القاري "أن البلدية نجحت استثمارياً وسياحياً، بفضل سلوك الطريق الاقتصادي والتنموي، بعيداً عن التجاذبات السياسية، وهي على مسافة واحدة من الجميع، إلا أن الأمور التي طرأت على الشأن العقاري، استطاعت الحد من قدرتنا على التطوير، وقد أدى ذلك الى خفض الأسعار، فمثلاً المناطق السكنية تم الابقاء على نفس نسب الاستثمار فيها أي 40% معدل الاستثمار السطحي*80 عامل الاستثمار الأقصى، فيما المناطق الزراعية تحولت من 40*80 الى 20*20، أما المناطق الصناعية التجارية فأصبحت 60*1.8 والمناطق 40*0.6 ونحن نفاوض المعنيين، لاستكمال عملية البناء والنهوض الاقتصادي في البلدة".
وطالب القاري بفك الارتباط بين المخطط التوجيهي بين رأسمسقا وطرابلس، ولفت الى أن البلدة التي تحولت بفعل اتساع العقار الى شبه مدينة، تكافح للمحافظة على عدم الذوبان، وهي من أجل ذلك في حالة مفاوضات دائمة مع المعنيين.
أما مختار البلدة عبد القادر عبدو، فيؤكد أن "رئة طرابلس" اليوم تتآكل عقارياً، وهو ما يدعو الى اعادة النظر بالمشكلات المسببة، اذ أن ذلك سيحرم العاصمة الثانية من مداها الحيوي.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.