يدق تجار البناء والعقار في طرابلس، ناقوس الخطر، مع أزمة الركود والكساد، التي يشهدها القطاع، مع وجود نحو 25 ألف وحدة سكنية وتجارية، أطلالاً مسمّرة، بانتظار إشغالها.
ويقولون إن ملء هذه الوحدات يحتاج على الأقل الى 10 سنوات، مع استمرار الركود الاقتصادي وسوء الأحوال المعيشية والاجتماعية في طرابلس، ومع بقاء الذهنية السياسية في المدينة، في موقع التقوقع وعدم فتح أبواب المدينة نحو العالم والعصر.
ويعدد أحد تجار البناء أسباب التدهور الحاصلة، بالآتي:
ـ عدم توافر المال اللازم في طرابلس، لمواكبة التطور العمراني، وهذا ناتج من الوضع الاجتماعي "الخانق" الذي يلف معظم أبناء المدينة، إضافة الى انعدام فرص العمل للشباب، الذين يشكلون الرأسمال المتحرك لهذا القطاع.
ـ الحالة العمرانية التي شهدتها المدينة بعد الحرب الأهلية في لبنان، فبات العرض أكثر من الطلب، يضاف الى ذلك عامل الفقر.
ـ دخول قطاع البناء والعقار، تجار لا يملكون الخبرة، وهو ما أدى الى منافسة عشوائية، من دون تدخل البلدية أو نقابة المهندسين في الشمال، للإشراف على عمليات البناء، لفصل الغث من السمين.
ـ انعدام التسهيلات المصرفية، بالنسبة الى التاجر، لدخوله شريكاً رابحاً، فمثلاً المصرف يعطي تاجر البناء قرضاً بقيمة ثلث الأرض فقط، وهو الأمر الذي يؤدي الى تعثر عملية البناء.
كما أن مصارف الإسكان والمصارف الخاصة تمنح الشاري 40% فقط من ثمن الشقة، وهو ما يؤدي الى التباطؤ في عملية بيع الشقق للموظفين.
ـ هناك نوع من المقايضة البدائية في طرابلس، في عملية شراء الشقق، فمثلاً يمكن أن يدفع أحدهم سيارة دفعة أولى من ثمن الشقة، وهو ما يؤدي عملياً الى تورط الشاري والزبون.
ـ على الرغم من موقع طرابلس الطبيعي الجميل واختزانها تراثاً كبيراً، فإنها تفتقد مشاريع سياحية جاذبة، لسببين جوهريين:
أ ـ العقلية السياسية السائدة، التي تعتبر أي تطور أو انفتاح على العالم من شأنه "الأكل من رصيدها".
ب ـ العقلية المحافظة التي تقترب من التزمت، وترفض أي جديد، بحجة اختراق القيم الأخلاقية.
ج ـ افتقار المدينة الى مؤسسات سياحية ضخمة، تعمل على الترويج لاجتذاب الاستثمارات بشتى أنواعها نحو طرابلس، وهو ما يؤدي الى اختصار طرابلس بـ"ضيعة كبيرة".
وإزاء هذا الواقع، يشكو أحد تجار البناء الفوضى في القطاع، والتي أدت الى تقهقهر منطقة طرابلس الجديدة، أو ما يعرف بمنطقة الضم والفرز، التي تقع في المدخل الجنوبي للمدينة، ويوجد فيها نحو 1700 رقم مقسم الى منطقتين أ وب، إذ تنشط حركة البناء، إذ يوجد نحو 200 مشروع، فمن أصل 2500 وحدة سكنية وتجارية جاهزة، لا يوجد أكثر من 300 زبون.
ويشير الى أن الاستثمار الأجنبي أو الخليجي في المدينة لا يتجاوز الـ1%، لانعدام الفرص التجارية والاقتصادية للمستثمرين، كما أنه أدى الى هجرة نحو 80% من تجار البناء من السوق، لأن السوق لم يعد يلبي طلباتهم وطموحاتهم.
ويضيف أنه بالمقارنة مع بيروت ومنطقة جبل لبنان تكاد تكون المقارنة "هزلية"، على الرغم من من فورة أسعار الأراضي في طرابلس، إلا أنها تبقى الأرخص، فهناك شراء أراضي ليس بغرض البناء أو الاستثمار، وإنما لتجميدها ككتلة نقدية للمستقبل، وهو ما يمكن اعتباره معوقاً جديداً في سوق العقار والبناء، فمثلاً المتر في منطقة الضم والفرز يتراوح بين 250 و750 دولاراً، وهو الى تطور، على الرغم من ثبات أسعار الشقق نتيجة للأوضاع الاقتصادية المتدهورة، وهو ما يعني اتجاه سوق العقارات الى التوقف بعد 5 سنوات على أبعد تقدير، إلا إذا استدركت الدولة الوضع، وعملت على إحياء الإنماء المتوازن في جميع المناطق اللبنانية.
ويلفت الى غياب مؤسسات عقارية في الشمال، وإنما هناك تجار بناء، أغلبهم تحول الى هذا القطاع بسبب وراثته أرضاً في المدينة، في حين أن عدد تجار البناء من غير الورثة لا يتجاوزون الـ20 تاجراً.
ويقول إن قطاع البناء والعقار في طرابلس، مهدد في أساسه، مع تنامي البناء التجاري و"البزاري"، خصوصاً في الأحياء الشعبية بثمن لا يتجاوز الـ25 ألف دولار للشقة الواحدة، في حين أن الشقة في طرابلس الجديدة هي بحدود 70 ألف دولار.
ويضيف أن ارتفاع مواد البناء، زاد من تكاليف البناء بنسبة تراوح بين 15 و20%، إلا أنه لم يؤثر في أسعار الشقق.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.