يجري البنك الدولي ووزارة الصحة العامة، مفاوضات الآن حول مشروع جديد يحضره البنك للعام 2006، في إطار مشروع تأهيل القطاع الصحي في لبنان، يموله البنك، وقالت مصادر في وزارة الصحة لـ"المستقبل"، إن موضوع المفاوضات يركز الآن على 7 نقاط أساسية، لمعالجة الملف الصحي، والإحاطة به من كل جوانبه، وهي:
ـ موضوع الخريطة الصحية.
ـ موضوع بناء نظام المعلومات.
ـ نظام الجودة (التصنيف والاعتماد).
ـ تطوير المؤسسات التابعة لوزارة الصحة في المناطق.
ـ إعادة هيكلية وزارة الصحة، وتحديد دورها.
ـ سياسة التأمينات الصحية مثل البطاقة الصحية.
ـ الرعاية الاستشفائية.
وأكدت هذه المصادر، أن هذه المفاوضات ستستغرق نحو السنة من الآن، وأن البنك لن يعتمد سياسة تقديم مساعدات مادية، وإنما سيقدم تكاليف دراسات حول هذه المواضيع المذكورة.
ولفتت الى أن المفاوضات ايجابية، خصوصاً وأن البنك قد نجح استثنائياً في المشاريع التي أقامها بالتعاون مع وزارة الصحة، كان آخرها المساهمة في مشروع إعادة تأهيل القطاع الصحي العام في لبنان بتكلفة تناهز 35 مليون دولار، وينتظر الانتهاء منه خلال العام 2006، حيث قدم البنك الدولي نحو 22 مليون دولار، لتأهيل وتوسعة وإعادة إعمار 4 مستشفيات حكومية.
ـ مستشفى طرابلس الحكومي 220 سريراً، وقد تم إنشاء مجلس إدارة، وهو الآن في مرحلة التوظيف الإداري عبر مجلس الخدمة المدنية، وينتظر بدء العمل فيه مطلع العام المقبل.
ـ مستشفى ضهر الباشق 118 سريراً، بدأ العمل فيه بشكل طبيعي.
ـ مستشفى بعلبك 114 سريراً، وحتى الآن لم يشكل مجلس إدارته.
ـ مستشفى الشحار الغربي 70 سريراً، لم يشكل مجلس إدارته بعد. وينتظر تحويل المستشفى الى مؤسسة عامة.
ويعدد مدير وحدة التخطيط الفني في وزارة الصحة بهيج عربيد، الأسباب التي تقف وراء هذه المفاوضات وكذلك الأهداف المرجوة منها، وهي:
ـ ان لبنان مقبل على العولمة وفتح الأسواق، ويعتقد الخبراء الدوليون أن عملية فتح الأسواق وتحرير الخدمات واستثمار الرساميل في القطع الصحي، تتطلب وجود معلومات حول الخارطة الصحية في البلد، والحاجات الخدماتية المطلوبة في هذا المجال، من خلال القياس بين الحاجات والمتوافرة، وهنا تصبح الخريطة هامة جداً، لتحديد السوق وتنفيذ الاستثمار، إذ بإمكان الخريطة ضبط السوق وترشيد الانفاق وحماية الاستثمارات الوطنية من هجوم المؤسسات الدولية على لبنان وإقامة المؤسسات الاستشفائية الضخمة في لبنان، وبهذا المعنى تصبح أداة لتحرير الخدمات، وضبط السوق الصحية.
2 ـ على المستوي العربي، تجري الآن مفاوضات مع عشر دول عربية لتحرير الخدمات فيما بينها بمعنى إنشاء (غات) عربية، والخبراء ينصحون بإقامة خريطة صحية على مستوى المنطقة العربية، حتى تستطيع كل دولة عربية معرفة ما لديها من خدمات صحية وما لدى الدول الاخرى من خدمات ايضاً، ويمكن للخريطة الصحية في هذه الحال أن تلعب دوراً في إقامة التعاون الصحي بين الدول العربية بعد قرار سياسي بذلك، لأن أخطر ما سيواجه المنطقة العربية، هو ان تتوجه كل دولة منفردة الى إقامة مؤسسات صحية عملاقة، أو ما يعرف بالمدن الصحية، والتي سيكلف إنشاؤها مليارات الدولارات، وذلك بهدف تأمين الخدمات الصحية المتنوعة واستقطاب المرضى من دول لا تتوافر فيها الخدمات الصحية المتطورة بشكل كافٍ، مثل السودان، اليمن، دول شمال افريقيا، وسوق الاستشفاء في المنطقة (حركة المرضى) تقدر بمليارات الدولارات.
ولبنان يقترح في هذا المجال الأخذ بتوجيه المنظمات الدولية ومنها منظمة الأمم المتحدة، لإقامة خريطة صحية على مستوى الدول العربية، والآن تقوم دول الاتحاد الأوروبي بتنفيذ الخريطة الصحية في ما بينها.
3 ـ ان السبب الأساسي للبنانيين في الدخول الى هذه المفاوضات، هو أن الخريطة الصحية تعتبر أهم وسيلة ممكنة لوضع حد لفوضى المضاربة في السوق الاستشفائية في لبنان، وفوضى التكنولوجيا الطبية المتطورة، والتي تصل تكاليفها الى ملايين الدولارات وهو الأمر الذي يرفع من تكلفة الاستشفاء في لبنان، حيث أصبح لديه من الأدوات الطبية المتطورة ما يفوق حاجة السوق.
ويضيف عربيد "الكل يعلم أن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر الى ما لا نهاية، بمعنى انه بإمكاناتنا المادية وصلنا الى الخطوط الحمراء، وبدأت بشكل واضح تأثيرات السياسة العشوائية في السوق الاستشفائية والتكنولوجيا الطبية، وذلك في العلاقات بين منتجي الخدمات وبين الصناديق الضامنة من جهة، وبين المستشفيات والجسم الطبي من جهة اخرى، وكذلك بين الجسم الطبي والمؤسسات الضامنة".
ويرى أن هذا النمو العشوائي للمستشفيات وللتكنولوجيا الطبية المتطورة، "أدى الى الاستعمال غير المبرر للخدمات الطبية، وبالتالي الى الارتفاع المستمر في الانفاق الصحي، فمثلاً ألمانيا المصنفة من الدول المتقدمة وهي دولة مصنعة لآلة الرنين المغناطيسي، تعتمد آلة لكل مئة ألف نسمة، أما فرنسا فهي تعتمد آلة لكل 300 ألف نسمة، أما في لبنان فإن السوق الصحية مفتوحة، ونحن نتقيد بالمبادرة الفردية ضمن نظام مطلق الحرية".
ويلفت عربي، الى أن لبنان على الرغم من كل الفوضى التي تلف السوق الصحية فيه، "إلا انه يواكب في مخططاته الصحية التطورات العلمية الحاصلة في مجال تكنولوجيا التشخيص الطبي والعلاجي، إنما المفروض وضع حد وشروط للتعامل مع تطورات الطب العالمية، كما تفعل كل الأنظمة المتطورة في العالم".
ويرى عربيد أن من أهم هذه الشروط دراسة التكلفة والفعالية خصوصاً في مجال استيراد الأدوات الطبية المتطورة، فمثلاً في فرنسا أنشئت لجنة وزارية علمية لدراسة صمام اصطناعي للقلب، وبعد دراسة دامت 3 سنوات، توصلت اللجنة الى نتيجة مفادها أن تكلفة هذا الصمام هو 3 أضعاف ما يستعمل الآن، وفي وقت لن يكون التحسن أكثر من 10 في المئة، وقد صرف النظر عن هذه الآلة، لانعدام التوازن بين التكلفة والنتيجة، ونحن نتمنى أن تتوصل وزارة الصحة العامة الى مستوى من التنظيم والإمكانات يسمح لها بإدارة التكنولوجيا الطبية ضمن هذه المقاييس".
ويشير عربيد الى ان وزارة الصحة "تعمل منذ التسعينات على تنفيذ مشروع تطوير مؤسسات القطاع العام، والذي تتعدى تكلفته 350 مليون دولار، حتى لا تنزلق الدولة في استثمارات غير مجدية، ويفترض إقرار الخريطة الصحية، لتأسيس تكامل بين المؤسسات الصحية في القطاعين العام والخاص، في مجال الخدمات الاستشفائية والرعائية وخصوصاً في المناطق".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.