لأكثرَ من أربع ساعات، ناقشت لجنة الطاقة النيابية أزمة قطاع الكهرباء أمس، ولم تأت النتائج بمستوى الاهتراء الحاصل في مؤسسة كهرباء لبنان، وبمستوى التباين بين المدير العام للمؤسسة كمال حايك وأعضاء مجلس الإدارة، الذين وجهوا إليه بصورة غير مباشرة تهمة إخفاء المعلومات عنهم، والتفرّد في اتخاذ القرارات، فيما اقتصرت مداخلات نواب اللجنة على توصيف مشكلة كهرباء لبنان ومفاصلها، وبعض مظاهرها، وبذلك خرجت إدارة المؤسسة من الجلسة كما دخلت، بريئة من عتمة التقنين، وظل الفاعل مجهولاً، والأزمة مرشحة للتجدّد.
وقد حاول الحايك خلال الجلسة الاستثنائية للجنة الطاقة النيابية، التي عقدت بطلب من رئيس مجلس النواب نبيه بري مع مجلس ادارة الكهرباء، إلقاء اللوم في ما حصل على ارتفاع أسعار النفط العالمية، إلا أن النواب سألوه عن التدابير التي كانت تمكن من عدم الوقوع في الأزمة، ومنها ابرام عقدي استيراد النفط من دولتي الجزائر والكويت، وانجاز خط الغاز السوري ـ اللبناني، للاستفادة من الغاز الطبيعي في توليد الطاقة الكهربائية، واتخاذ تدابير احتياطية، وتخزين كميات كافية من المحروقات، وعدم التجاوب مع وزارة المال في مسألة تثبيت السعر منذ العام 2003، وعدم استكمال شبكتي 220 و400 ك.ف، وهو ما يعني تأخر لبنان عن الربط الكهربائي مع سوريا والربط السباعي، والسعي الى انشاء معامل انتاج جديدة للكهرباء.
وكان واضحاً أن الحايك في مداخلاته، حاول تحريف وقائع عدة، منها، طلبه تثبيت السعر على 25 دولاراً، منذ آذار الماضي، وأن وزارة المال تأخرت في إعطاء أجوبة، وهو الأمر الذي استهجنه المدقق المالي لدى المؤسسة أمين صالح، الذي كشف أن وزارة المال تلقت كتابين في هذا الاطار، "الأول في 14/9/2004 والثاني في 29/9/2004، وهما قد وصلا الى مستشار الوزير فؤاد السنيورة جهاد أزعور بهذين التاريخين لا قبل.."، كما استغرب أعضاء مجلس الادارة الذين حضروا الجلسة، عدم اطلاع الحايك لهم على هذا الموضوع قبل الجلسة التي عقدها المجلس في 4 الجاري.
ولدى سؤال الحايك عن مصير عرضي الجزائر والكويت والمفاوضات بشأنهما، استغرب عدد من أعضاء مجلس الادارة، وقال أحدهم "لم نعلم شيئاً عن هذه المفاوضات"، وتبين أن الحايك الذي أتى بطرحين الأول ويتعلق بتحرير التعرفة وتماشيها مع أسعارالنفط، والثاني تثبيت سعر برميل النفط على 25 دولاراً، تتحمل الدولة الفارق فوق هذا السعر، أن الأعضاء لا يتبنَون هذين الطرحين، وقال العضو في مجلس الادارة رياض شديد "لا إجماع في مجلس الادارة على هذه الاقتراحات التي قدمها الحايك، هل استنفدنا كل الخيارات لتثبيت سعر النفط، لماذا لم نعلم عن المفاوضات مع الكويت والجزائر وموضوع الهَىيلفب.."، وهو ما دعا نواب لجنة الطاقة، الى رفض كلا الطرحين، لكونهما يهدفان الى تحميل الدولة والمواطنين، تبعات فشل ادارة المؤسسة في تدارك الأزمة وعدم وضعها خطة استراتيجية تنهض بالمؤسسة مالياً وتمنع وقوعها في مآزق تقلبات أسعار النفط العالمية.
بدوره، أعرب وزير الطاقة أيوب حميد الذي حضر الاجتماع، عن أسفه لما حصل، وأكد عدم تحمله مسؤوليته ومسؤولية مجلس الادارة عما حصل، وقال "لست أنا المسؤول ولا مجلس الادارة الحالي، ومعامل الكهرباء أنشئت بين العامين 96 و97 لتعمل على الغاز، تأخر خط الغاز، ونحن نحاول استدراك الخلل، لا أستطيع ادخال باخرة غير مطابقة للمواصفات، نحن نرفض بواخر غير مستوفية للشروط، اذا أدخلنا باخرة غير مستوفية الشروط لن يرحمنا الناس، اجتماع الحكومة ليس مسؤوليتي ولا مسؤولية مجلس الادارة، وأنا أتبنى طلب تغذية التيار بالتساوي بين المناطق، وأتمنى على المؤسسة ذلك، وآسف لهذا الواقع المرير....".
وإذ اعتبر حميد، أن ارتفاع أسعار النفط هو الذي سبب المشكلة، وهي غير سياسية، إلا أن بعض النواب أكدوا "أن المسألة أخذت منحىً سياسياً في الصراع بين الكبار"، وأشاروا الى التمييز المناطقي في التغذية الكهربائية وخصوصاً في محافظة جبل لبنان ومنطقة بعلبك، والذي يشكل مادة لـ"الشحن المناطقي"، وأعلنوا رفضهم تحرير التعرفة وتثبيت سعر البرميل.
اجتماع لجنة الطاقة الاستثنائي والطارئ، الذي وصّف المشكلات التي يمر بها قطاع الكهرباء، لم تصدر عنه توصيات ولا ادانات واضحة، على الرغم من تحميله بشكل غير مباشر ادارة الكهرباء بشخص الحايك مسؤولية الأزمة، قال "إن الحل الجذري يحتاج الى سنوات للمعالجة".
وعلى صعيد التغذية الكهربائية، لم تزد الطاقة المتوافرة حتى مساء أمس على 970 ميغاوات، على الرغم من وصول باخرة محملة بـ27 ألف طن فيول أويل الى معمل الزوق وتأخرها عن التفريغ مدة 48 ساعة، وقالت مصادر مطلعة لـ"المستقبل"، أن ادارة المعمل أبلغت ادارة الكهرباء بامكان التفريغ، إلا أن المؤسسة رفضت ذلك، بحجة ضرورة فحص نسبة اللزوجة، وهو ما أدى الى تمديد الأزمة في محافظة جبل لبنان، مع التوقع في حال ملاءمتها للمواصفات بتفريغ 17 ألف طن في الزوق و10 آلاف طن في معمل الجية اليوم.
واستمرت أمس ردود الفعل المطالبة بمحاسبة المسؤولين عن أزمة الكهرباء، وأجمع عدد من النواب والأحزاب والهيئات النقابية، على رفض زيادة تعرفة الكهرباء.
فيما دعا النائب عبدالله قصير، في مؤتمر صحافي عقده عقب جلسة لجنة الطاقة، الى مناقشة جدية لتخصيص جزء من القطاع.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.