بشائر العودة التدريجية للتغذية الطبيعية بالتيار الكهربائي بدءاً من مساء أمس، لا تلغي حالة القلق التي يعيشها المواطنون، فذيول التقنين، تبقى هاجساً وكابوساً مع الحديث عن الزمن الذي سيستغرقه استهلاك هذه الكميات، إذ لن يتجاوز الأسبوعين وفي أبعد تقدير 25 يوماً، وهو ما يعني العودة الى نقطة الصفر بعد نفاد الكميات الحالية (60 ألف طن ديزل أويل)، وهم يسألون عمن يعوضهم عن الخسائر الفادحة التي سببتها "الكارثة الوطنية" على مدى 3 أيام حسوماً، ويبدو أن الضخ المالي للمؤسسة، هو السبيل الوحيد الذي تراه ادارة المؤسسة، لتخطي أزماتها المتعاقبة منذ العام 2002، والسؤال هو أين أصبحت خطة التطوير والانقاذ الموضوعة منذ ذلك العام، ولماذا واقع الكهرباء هو التراجع والغرق في الظلام، وطلب السلفات التي لا تنتهي عند حد ولا يعرف لها أفق؟.
تفاعل أزمة الكهرباء بشقها التقني والمالي، وانعكاسها الاقتصادي والاجتماعي، انعكست على اجتماع مجلس ادارة المؤسسة مساء أمس، حيث عاود فيه الأعضاء الطلب من رئيسه كمال الحايك، بيانات مالية حول حجم المؤسسة، إلا أن الخلاف كان هو السائد عند كل مسعى من أعضاء المجلس لدى الحايك، لإعطائهم كشوفاً مالية.
وكشفت مصادر المجتمعين أن الاجتماع سبقه اجتماع بين وزير الطاقة أيوب حميد والحايك، ولفتت الى أن البحث تركز على ايجاد حل، إلا أن الحايك تقدم بـ4 نقاط للحل، ومن ضمنها تحميل وزير المال فؤاد السنيورة مسؤولية الأزمة وهو سيحمله الى اجتماع لجنة الأشغال النيابية اليوم، إلا أن أعضاء المجلس اعترضوا على هذا الاتهام، وحمّله بعضهم المسؤولية كونه يمنع عنهم الكشوف المالية للمؤسسة وتبيان وضعها المالي.
واعتبرت هذه المصادر، أن الحايك مسؤول عن افشال ابرام عقد اتفاق مع دولة الكويت في آب الماضي، لتوريد غاز أويل مدة 3 سنوات، بأسعار دون فائدة، تدفع بعد 6 أشهر من وصول الشحنة.
يذكر أن هذا الاتفاق كان سعى إليه رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري مع نظيره الكويتي الشيخ صباح الأحمد الصباح، لمساعدة لبنان، وأن يكون الاتفاق بين دولة ودولة.
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري طلب أمس من رئيس لجنة الاشغال العامة والطاقة والنقل والمياه النيابية النائب محمد قباني، عقد جلسة استثنائية طارئة للجنة، مع المسؤولين في مؤسسة الكهرباء لبحث المشكلة القائمة.
ومن المقرر أن تعقد اللجنة جلستها، عند العاشرة والنصف صباح اليوم، في حضور وزيري الطاقة والمال، أيوب حميد وفؤاد السنيورة. وقالت مصادر اللجنة في اتصال مع "المستقبل"، إن اللجنة تريد توضيح المسؤوليات في أزمة الكهرباء الحاصلة اليوم والمستمرة منذ سنوات، وهي تريد كلاماً واضحاً من المسؤولين في ادارة الكهرباء حول ما يحصل.
وأضافت أن اللجنة ستواجه المسؤولين، بأنه كان يمكن تفادي هذه الأزمة، من خلال استعمال الغاز الطبيعي، في ما لو تم انجاز مشروع الغاز، وكذلك من خلال انجاز شبكات الربط الكهربائي، وغيرها من الأمور التي من شأنها تطوير المؤسسة مالياً وتخفيف الهدر.
وكان مجلس ادارة الكهرباء عقد مساء أمس اجتماعاً، استكمالاً للاجتماع الذي عقده أول من أمس وطلب فيه وبدت ليل أمس علامات التحسن في التغذية في بعض المناطق، وخصوصاً في العاصمة، إلا أن مناطق أخرى ظل التقنين فيها سيد الموقف، مع اعلان مؤسسة كهرباء لبنان، عن عودة التيار الكهربائي، الى الشمال والبقاع والجنوب بمعدل 21 ساعة، بدءاً من مساء أمس، على أن تنتظر منطقة جبل لبنان، وصول باخرتي الفيول أويل اليوم وغداً، وتوقع تحسن التغذية فيها بدءاً من صباح غد ووصولها الى 21 ساعة، وقدرت الطاقة المنتجة من 3 معامل (الزهراني، الحريشة ودير عمار) مع الطاقة المستجرة من سوريا بـ970 ميغاوات، وهذا يعني أن النقص في الكميات الكهربائية المنتجة يعادل نحو 890 ميغاوات من أصل الطاقة الفعلية التي تعادل نحو 1860 ميغاوات، مع توقف معملي الزوق والجية وبعلبك وصور، وتبلغ الطاقة الاسمية للمعامل بأكملها بما فيها المعامل المائية نحو 2150 ميغاوات.
واستمرت أمس ردود الفعل، على أزمة الكهرباء التي رفعت منسوب التقنين الى شبه الانقطاع التام لليوم الثالث على التوالي، وطالبت باستقالة المسؤولين عن الكهرباء، وأعلن بعضها نية التحرك والنزول الى الشارع لمواجهة الأزمة، ووضع بعضها الأزمة الحاصلة في خانة سياسية تهدف الى تعطيل مشاريع التخصيص. (ص10)
ونفى وزير الطاقة والمياه أيوب حميد، أن يكون موضوع الأزمة "مرتبطاً بالتجاذبات السياسية، انما هو محصور بفتح الاعتمادات وبارتفاع اسعار المشتقات النفطية"، وأوضح "أن المؤسسة استهلكت السلف المعتمدة في ميزانيتها على اساس سعر برميل النفط 25 دولارا، انما عندما تضاعفت قيمة المشتقات عالميا اصبح لدى المؤسسة عجز، بالرغم من تحسن الجباية".
ولفت الى أن الاجواء غير ملائمة في ما يخص موضوع زيادة التعرفة، وقال "إن تكلفة الانتاج هي عالمية وهي الاعلى على مستوى المنطقة، انما هذا القرار هو سياسي وليس حسابياً".
واعتصم أمس أمام مؤسسة كهرباء لبنان على طريق النهر، عدد من النقابات العمالية، وطالب الحكومة بالكشف عن الاهمال الحاصل في مؤسسة كهرباء لبنان.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.