يبدو أن الليل الطويل، الذي استولدته مؤسسة كهرباء لبنان، سيكون أطول من ليل النابغة، قليلة هي المناطق المحظوظة بساعتي تغذية متواصلة، وبعد كل ما أنفق على الكهرباء، يعود مسلسل "داينستي الكهربائي" المالي الى الواجهة كحل لأي أزمة تواجهها المؤسسة منذ أمد طويل، وبهذا لن تنفع فيه جرعة مازوت الباخرة المالطية "غريول" في معمل الزهراني أمس، والمقدرة بنحو 25 ألف طن، ولن تحمل الباخرة الأخرى "أجيليكي" من جزر المارشال الى معمل دير عمار المن والسلوى.
وعلى الرغم من التطمينات الموزعة من أن تحسن التغذية آتٍ، ولا ريب، خلال الساعات المقبلة، فإن الكميات لن تكفي لأيام تزيد على عدد أصابع اليد، ثم تعود حليمة الى عادتها القديمة، إلا إذا اجترحت "كهرباء لبنان" المعجزة.
ومحاولة ايجاد حل ناقشه مجلس ادارة المؤسسة، خلال اجتماع عقده مساء أمس، لم يسفر عن حلٍ لأزمة الكهرباء، وأجل البحث فيه الى اليوم، وكشفت مصادر المجتمعين، أن التوتر كان هو الطاغي على الاجتماع، بعد مطالبة رئيس المجلس كمال الحايك بتقديم تقرير مالي يبين حجم المؤسسة من الناحية المالية.
وكشفت أن الحايك ترك الاجتماع بعد أن أثار الأعضاء موضوع التعتيم المالي عليهم والمعلومات المطلوبة، وقالت "كان هناك تفاوت كبير في وجهات النظر، وتباين في الرأي ازاء أي طرح مالي، لأن الحاجة ماسة لدراسة التدفق النقدي للمؤسسة، لتبيان حقيقة الوضع المالي للمؤسسة قبل اتخاذ أي حل، ومدى قبول الأطراف التي تغذي المؤسسة مادياً به".
ولفتت هذه المصادر، الى أن عدم التوصل الى حل للأزمة الحاصلة، سيستكمل في اجتماع يعقده مجلس الادارة اليوم مجدداً، وسألت هذه المصادر ما اذا كانت الدولة قادرة على دعم مشتريات المشتقات النفطية بطريقة غير مباشرة.
وكان الحايك حدد في حديث الى "المؤسسة اللبنانية للإرسال"، حلول المؤسسة لمواجهة أزمة تقلبات الأسعار، من خلال تحرير التعرفة وتماشيها مع أسعار النفط، أو من خلال تثبيت سعر النفط على أساس 25 دولاراً للبرميل، على أن تتحمل الدولة فارق السعر.
وأكد أن حل الأزمة لن تحلها السلفات، ولفت الى أن المؤسسة عاجزة عن وضع موازنة العام 2005 في ظل هذه الأسعار المرتفعة، واعتبر أنه بهذه الأسعار لا تستطيع تخزين مخزون احتياطي، وحول عدم لجوء الكهرباء لتثبيت الأسعار، بشكل يؤمن المخزون، لفت الحايك الى "أن تثبيت الأسعار، الذي يتم عبر سواب أو غيرها من الأمور طرح في مجلس النواب من شهرين ورفع تقرير الى وزارة المال في تموز الماضي، إلا أن الوزارة بعد شهرين لم تعط أي جواب، لكننا تخطيناه، لأن هذا يوضع عندما تكون الأسعار منخفضة".
وقالت مصادر مطلعة على شؤون الكهرباء لـ"المستقبل"، إن الأزمة النفطية هي سبب الأزمة التي تعصف بكهرباء لبنان، إلا أن قرار شراء المشتقات النفطية هو قرار سياسي بامتياز.
ولفتت الى أن حلّ أزمة الكهرباء، هو بتحرير المؤسسة من الدائرة السياسية التي تطبق عليها، فهي لا تستطيع التوظيف ولا التعديل وخصوصاً في أنظمتها التشريعية والتنظيمية.
ودعت هذه المصادر، الى اعادة دراسة التعرفة، من خلال تحمل الدولة للفارق في السعر بين 25 و40 دولاراً للبرميل، على أن يحمل الفارق في السعر فوق الأربعين دولاراً مستهلكي الطاقة بحسب استهلاك كميات الكيلوات.
واستبعدت امكان خصخصة المؤسسة بوضعها الراهن قبل سنتين على الأقل، وبعد أن يتم اصلاح هيكليتها، وقالت "إن وضعها الراهن مثل الدجاجة المنتوفة"، وعليه فإن الخصخصة يجب أن تكون ضمن الدولة.
وعاش لبنان أمس انطلاقاً من عاصمته، والى سائر المناطق حالة تعتيم ليلي وتقنين نهاري، بلغ سيله الزبى، مع ارتفاع أسعار الاشتراك في المولدات الخاصة، وهو ما دعا النائب محمد قباني الى الاتصال برئيس مصلحة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد "لمعالجة موضوع العشوائية في أسعار اشتراكات المواطنين في مولدات الكهرباء، في ظل أزمة التقنين القاسية"، وأعلن ان المصلحة ستسير بدءاً من اليوم دوريات، للاطلاع على الاسعار المعتمدة، تمهيداً لوضع تعرفة موحدة تمنع استغلال المواطنين في أزمتهم المعيشية. (ص7)
وكانت وصلت صباح أمس باخرة ديزل أويل محملة بـ33 ألف طن، وأفرغت نحو 25 الف طن في معمل الزهراني، بعد التأكد من مطابقتها للمواصفات، على أن تكمل تفريغ 8 أطنان في معمل دير عمار ليلاً، كما توقعت مصادر في مؤسسة الكهرباء أن تكون وصلت الى دير عمار باخرة محملة بـ28 ألف طن ديزل أويل، يبدأ تفريغ جزء منها صباح اليوم، ومن ثم تفرغ المتبقي في الزهراني، كذلك توقعت وصول باخرة محملة بـ27 ألف فيول أويل الى معملي الجية والزوق، على أن تتبعها باخرة أخرى اليوم.
وازاء هذا الوضع، ارتفعت أمس نبرة ردود الفعل على أزمة الكهرباء، وطالبت في جملتها بفتح ملف الكهرباء وباجراء تحقيق لما يحصل، واتهم بعضها "أن مليارات الكهرباء ذهبت الى جيوب اللصوص والمتحاصصين". (ص 10)
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.