8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

90% من مشروع تطوير القطاع العام الاستشفائي تنجز في 2005

يلحظ مشروع تطوير القطاع العام الاستشفائي تأهيل وإعادة بناء أو بناء 32 مستشفى حكومي، موزعة على مختلف الاقضية، وتبلغ تكلفة المشروع 334.5 مليون دولار، وتؤمن هذه المستشفيات 2703 أسرة، ما يعني أنها تلبي 22% من حاجات سوق الاستشفاء، ومن المقرر أن يكون 90% من المشروع قد أنجز في عام 2005.
يعبر مشروع تطوير القطاع العام الاستشفائي في لبنان، عن رغبة الدولة الحقيقية في خفض الفاتورة الصحية وفي تحسين نوعية الخدمات الاستشفائية المقدمة الى المواطنين، والاتجاه بالقطاع الصحي نحو إعادة الهيكلة وانتشاله من الفوضى، فمن جهة كان للحرب الأهلية إسهاماتها في نشر "اللامركزية الصحية الفوضوية"، ومن جهة ثانية كثرت الاقتراحات لتنظيم هذا القطاع الحيوي والمؤثر، إلا أن عوائق "سياسية" وأخرى "تجارية" ما زالت تشكل الثغرة الأساس لتطوير هذا القطاع وتنظيمه.
إن موازنة وزارة الصحة البالغة نحو 230 مليار ليرة في السنة، يذهب منها نحو 190 ملياراً الى القطاع الصحي، لقاء التعاقد معه على 2000 سرير، ويكلف السرير في المستشفيات الخاصة 210 دولارات.
ويرمي المشروع الذي سينجز منه نحو 90% بحلول العام 2005، الى خفض الفاتورة الصحية التي تشكل نحو 12.3% من حجم الدخل القومي، فلبنان يحتل المرتبة الثانية في العالم في الإنفاق الصحي نسبة الى الدخل القومي، كما يرمي المشروع الى التخفيف عن كاهل المواطنين الذين يتحملون 70% من التكلفة الصحية، في حين تتحمل الدولة 18% منها.
وفي أي حال من الأحوال، فإن خفض الفاتورة الصحية من خلال هذا المشروع، سيعني تلقائياً، أن تستغني الدولة والوزارة المعنية تلقائياً، عن جزء لا يستهان به من "أسرة المستشفيات الخاصة"، ذلك أن الحوافز التي يقدمها المشروع متعددة الجوانب، منها أن المواطن سيدفع ما نسبته 5% فقط من اجمالي الخدمات المقدمة إليه، في وقت كان يمكن أن يدفع 15% نظرياً وعملياً من 20 الى 30%، عندما يعالج المريض على نفقة الوزارة في المستشفيات الخاصة.
وهذا يعني أن المواطن سيتجه نحو الأوفر، ويفرض المشروع نظام الاعتماد، وهو المراقبة على السلامة العامة وتقديم أجود الخدمات الصحية، كما أن الدولة سترفع رصيدها الى 14450سريراً من 12 ألف سرير موجودة الآن ، ذلك أن 40% من المواطنين المضمونين لا يستطيعون دفع 15% من قيمة الفاتورة المتوجبة عليهم.
إن المشروع على الرغم من الأهمية التي سيفضي إليها، هو بدون أدنى شك، سيعني مشكلة تنتظرنا عند "الانطلاقة"، ذلك أن "كارتل المستشفيات الخاصة"، سيكون عليه التخلص من جزء هام من أسطول أسرته البالغ 11500 سرير.
ولإلقاء مزيد من الضوء على المشروع، يقول رئيس وحدة التخطيط والدراسات في وزارة الصحة الدكتور بهيج عربيد، "في العام 1995، بدأ تنفيذ مشروع تطوير القطاع العام الاستشفائي، بتكلفة اجمالية تبلغ نحو 350 مليون دولار، لبناء 18 مستشفى جديداً يبلغ عدد أسرتها 1791 سريراً، ولتأهيل 12 مستشفى يبلغ عدد أسرتها 800 سرير0
ويشمل المشروع "مستشفى بيروت الجامعي" في منطقة بئر حسن، والذي يعتبر الأكبر في لبنان، بتكلفة تتعدى الـ120 مليون دولار، وهو مستشفى يحتوي على جميع الخدمات والتقنيات المتطورة جداً".
ويضيف: "ان المشروع يوفر مجموعة شروط تسمح للقطاع الصحي بلعب دور أساسي في السوق الاستشفائية اللبنانية، من أهمها خفض الإنفاق الصحي، كما أن المستشفيات الجديدة أو التي جرى تأهيلها، اعتمد لها أفضل المقاييس العالمية كبناء وتجهيزات، كما اعتمد لها نظام إداري وطبي مرن على غرار المستشفيات الخاصة، خصوصاً في رواتب الإداريين فيها، كما سيطبق قانون الاستقلالية الإدارية والمالية لهذه المستشفيات الحكومية".
ويتابع: "إن نسبة مساهمة المريض المعالج في المستشفى الحكومي ستكون نحو 5% من اجمالي الخدمات المقدمة إليه، كما سيكون هناك وجود إدارات توفر وجود رقابة على مكافحة الحرائق والأوبئة، وتوفر الجودة وشروط السلامة العامة، وقد استطاعت بعض المستشفيات الحكومية الحديثة احتلال المراتب الأولى أثناء عمليات الاعتماد التي نفذها الخبراء الأستراليون، وتوجه وزارة الصحة أن تتعاقد مع هذه المستشفيات على عدد كبير من أسرتها يصل الى نحو النصف، وكذلك توجه المستشفى للتعاقد مع الصناديق الضامنة والخاصة، حيث يتعدى تشغيل الأسرة فيها الـ90%، في حين أن المعدل الوسطي في المستشفيات الخاصة، هو من 51 الى55%".
واعتبر عربيد "أن توافر هذه الشروط مجتمعة تجعلنا نؤمن، أن القطاع العام مقبل على لعب دور صحي كبير، خصوصاً في ظل نظام الاستقلالية المعتمد لهذه المستشفيات (القانون 544/96 المعدل بالقانون 602/98) يسمح لإدارة المستشفيات ومجالس إدارتها بمساحة وافرة من الحركة".
ويشير الى أن وزارة الصحة العامة ستبقى متمتعة بسلطة الوصاية، وتبقى مسؤولة عن تنظيم علاقات المستشفيات الحكومية والخاصة بعضها ببعض وفي مشاريع التوأمة، والاتفاق مع وزارة المال على الموازنة التشغيلية السنوية للمستشفى وموازنة التطوير، وتعرفة الأعمال الطبية والخدمات ونسبية مساهمة المريض بالنسبة لتكلفة الخدمات المقدمة إليه، وطلب السلف وغيرها من الأمور المالية.
ويقول عربيد: "أن تكلفة الاستشفاء توازي 40% من اجمالي الإنفاق الصحي في البلد، يتكفل المواطن بدفع 35% منها من جيبه الخاص، و40% من اللبنانيين بمن فيهم المشمولون بالضمان وخدمات الوزارة، لا يستطيعون الدخول الى المستشفيات بسبب الضيق المادي، كما أن 90% من اجمالي الخدمات الاستشفائية و100% من التكنولوجيا الطبية المتطورة والاستشفاء الطويل الأمد تعود للقطاع الخاص".
ويرى أن القطاع العام الاستشفائي وبحلول العام 2005، سيشكل ما نسبته 18% من السوق الاستشفائية في لبنان، كما أنه سيلبي 22% من حاجات المواطنين الاستشفائية، اذ اعتمد مقياس 3 أسرة لكل ألف مواطن بإقامة قصيرة ( 3.8 أيام).
وفي ما إذا كان المشروع سيؤدي الى خفض التكلفة الصحية في البلد أم العكس، يشير عربيد الى أن ذلك يتوقف على كيفية التعاطي مع المشروع ونتائجه، ويضيف أن هدف المشروع في الأساس خفض التكلفة الصحية، وهو سيؤدي الى ذلك للأسباب التالية:
ـ التعامل مع الخدمات ضمن سعر التكلفة، ويعود ذلك الى أن موازنة تشغيل المستشفيات الحكومية لا تحتسب إلا بنسب بسيطة (تكاليف الصيانة والتجهيز والتطوير)، وقد وضعت شروط لخفض هذه التكلفة، من أهمها:
ـ تأمين الشراكة بين المستشفيات الحكومية ضمن المحافظة للخدمات العامة، وبنوع خاص المشتريات من الأدوية واللوازم والمعدات الطبية.
ـ التوجه لاعتماد نظام الأدوية النظامية والمعلبة خصيصاً للمستشفيات، والتي بإمكانها خفض التكلفة 40%، فالدواء يشكل 35% من الفاتورة الاستشفائية.
ـ التأهيل المستمر للأطباء والقطاع التمريضي في هذه المستشفيات، إذ أن الطب الجيد هو دائماً الأقل تكلفة.
ـ التأكيد على الرقابة في انتاج الخدمات في المستشفيات الحكومية، فالاستعمال غير المبرر للتكنولوجيا الطبية، يسهم في نفخ الفاتورة الاستشفائية.
ـ التوجه نحو المعالجة الموحدة للنفايات العضوية في المستشفيات، إذ أن المعالجة الجماعية لهذا الموضوع تسهم في خفض التكلفة.
­التوجه الإلزامي في المستشفيات الحكومية نحو بدائل الاستشفاء، من استشفاء نهاري واستشفاء منزلي، لما لها من تأثير كبير في خفض التكلفة بحدود 30%.
ويقول عربيد إن هذه التوجهات هي من صلاحيات الوزارة كوزارة وصاية، إلا أنها تتطلب الموافقة السياسية من مجلس الوزراء، لأن المعمول به الآن هو المعالجة الفردية، فالمستشفى الحكومي المستقل يتبع مرجعيته السياسية أكثر مما يتقيد بصلاحيات الوزارة، وخفض التكلفة ممكن إذا وافق السياسيون على تعديل حجم العقود مع المستشفيات الخاصة.
ويرى أن المشروع قد يؤدي الى رفع الفاتورة الصحية، في حال استمرت الدولة بالتعاقد مع المستشفيات الخاصة على أساس (2000 سرير)، بالتزامن مع وضع 2500 سرير حكومي بموجب مشروع التطوير، الأمر الذي سيؤدي الى رفع التكلفة.
ويختم عربيد أن تحديث السياسة الاستشفائية لن تعطي نتائجها، إلا إذا وضعت ضمن سياسة صحية مستقبلية، تشمل كل عناصر التغيير والترشيد والتطوير.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00