تطلق الأمم المتحدة بالتعاون مع مجلس الإنماء والإعمار، في الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم في مبنى الأمم المتحدة في بيروت (الاسكوا) "تقرير لبنان عن الأهداف الإنمائية للألفية". ويعدّ التقرير الذي استغرق العمل فيه نحو السنة، إنجازاً على صعيد إنشاء قاعدة معلومات أساسية، تتعلق بالأهداف الثمانية التي وضعتها القمة الألفية في العام 2000 والمتمثلة: بالقضاء على الفقر وتحقيق التعليم الابتدائي، وتعزيز مساواة الجنسين وتمكين النساء، وخفض وفيات الأطفال، وخفض وفيات الأمهات، ومكافحة الايدز، والاستدامة البيئية وتطوير شراكة عالمية من أجل التمنية.
ويشير التقرير الذي أعد بمساندة مجموعة وزارات ومنظمات دولية، إلى ان الاحصاءات الواردة فيه صادرة عن الوزارات الرسمية، وهي قياساً إلى المؤشرات التي وضعتها الأمم المتحدة جيدة نسبياً.
واللافت في هذا التقرير ان 6.3 في المئة من اللبنانيين يعيشون في الفقر المدقع بأقل من 1.33 دولاراً في اليوم، في حين ان ما نسبته 98.3 في المئة هو صافي الالتحاق بالتعليم الابتدائي في العام 2000.
ويلقي التقرير الضوء على الأهداف الألفية، وما يمكن ان تحققه الوزارات المعنية، للحد من الفقر والوصول إلى التنمية.
"المستقبل" التقت معد التقرير المدير التنفيذي للشبكة العربية للمنظمات الأهلية غير الحكومية للتنمية زياد عبدالصمد، ومديرة المشاريع في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي )PDNU( عضو اللجنة التقنية للتقرير، زينة علي أحمد، للحديث عن هذا التقرير.
وتشير علي أحمد إلى ان إعداد التقرير بدأ في صيف العام 2002، لأن كل البلدان الموقعة على مؤتمر قمة الألفية في العام 2000، ويبلغ عددها 189 بلداً، ولبنان واحد منها، التزمت بالأهداف الثمانية التي وضعتها القمة وغاياتها، إذ تقرر على كل دولة ان تصدر تقريرها الوطني الخاص بالأهداف الإنمائية قبل العام 2004.
وتقول "ان التقرير تم إعداده عبر إنشاء لجنتين، الأولى استشارية والثانية تقنية، لقد كانت عملية تشاركية، ففريق الأمم المتحدة في البلاد، وفي طليعته برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بوصفه مدير الحملة، قاد دعم الحكومة في إعداد الأهداف المذكورة، ولقد مثل مجلس الإنماء والإعمار الرديف الحكومي الرئيسي لهذا التقرير".
وتلفت الى ان التقرير هو الاول للبنان عن اهداف التنمية الألفية، وأن مراجعته هي لقياس التقدم نحو التحقيق هذه الاهداف، كما ان لبنان سيعمد الى اعداده في العام 2015، يسبق ذلك اصدار تقرير متابعة في العام 2007.
وتشير الى ان التقرير اعتمد على مسوحات اجرتها وزارة الشؤون الاجتماعية في العام 1996 بالتعاون مع البرنامج، وكذلك على الاحصاءات التي اجرتها المديرية العامة للاحصاء المركزي في العام 1997، وتؤكد ان وضعية لبنان في اكثرية الاهداف الالفية ايجابية، وان التقرير وضع توصية لتحقيق كل هدف وصولاً الى العام 2015.
ويشير عبد الصمد الى ان الهدف من التقرير هو وضع قاعدة معلومات اساسية لتقويم الوضع الراهن، وإلى أين نحن ذاهبون، وإذا ما كنا نستطيع تحقيق الأهداف في العام 2015.
ويؤكد انه عشية القمة الالفية زاد عدد الفقراء واتسعت الهوة بين الأغنياء والفقراء، كما تراجعت الخدمات الانمائية، الامر الذي دعا الامين العام للأمم المتحدة كوفي عنان لدق ناقوس الخطر والطلب من الدول وقف هذا الخلل، اذ ان خمس سكان العالم يعيشون تحت خط الفقر الموقع، وهناك اكثر من ملياري شخص يعيشون بأقل من دولارين في اليوم، ولفت الى ان هدف هذه القمة هو تقليص الفقراء الى النصف بحلول العام 2015.
وقال ان التقرير اللبناني، يهدف الى تحويل الاهداف الأساسية الى سياسات وطنية تتبناها الحكومة، فالتقرير صادر عن جهات وطنية (وزارات)، كما ان التقرير اعد بمشاركة الجهتين الرسمية والخاصة، للمشاركة في توجيه السياسات الوطنية للحد من الفقر.
ماذا جاء في التقرير؟
يشير كل من عبد الصمد وعلي أحمد، الى أن التقرير يورد عدداً من المؤشرات الايجابية والسلبية، من أهمها:
ـ 6.3 في المئة من اللبنانيين يعيشون في الفقر المدقع، أي بأقل من 1.33 دولاراً في اليوم، وعلى سبيل المثال تقدّر نسبة الأسر التي تتسم بدرجة إشباع متدنية جداً، موزعة على المناطق بالنسب التالية:
67.2 في المئة في بنت جبيل، 65.9 في المئة في الهرمل، و63.3 في عكار مقارنة بمعدل وطني يبلغ 7.2 في المئة.
كما تبين معطيات العام 1999 التفاوت المناطقي من حيث المستويات والمتعلقة بفقر الدخل، فنسبة أولئك الذين يعيشون فقراً مدقعاً تبلغ 22.2 في المئة في الهرمل، 21.8 في المئة في بعلبك، 19.4 في عكار، 14 في المئة في كسروان وعاليه، 7 في المئة في بيروت و1.3 في المئة في الشوف وبعبدا.
ـ98.3 في المئة صافي الالتحاق بالتعليم الابتدائي في العام 2000، وعلى الرغم من كونه مؤشراً ايجابياً، يقابله تدهور أساسي في نوعية التعليم، فمن الملاحظ أن الدولة تنفق نسبة 7 في المئة من موازنتها على التعليم، وهو أمر جيد، إلا أن النتيجة غير جيدة، فالمؤشر الذي يعرف بـ"شبكة المهارات الأساسية" يظهر أن 63 في المئة فقط يتلقون تعليماً بالمستوى المطلوب، في مرحلة التعليم الابتدائي على أساس هذه الشبكة.
وهناك نقص في خبرة الكادر التعليمي، والمدارس وتجهيزاتها، إذ أن 85 في المئة من موازنة التعليم تذهب الى الإدارة والرواتب، ويبقى 15 في المئة فقط لأغراض التعليم.
ـ هناك مساواة في التعليم بين الجنسين، إلا أن هناك تفاوتاً في مستوى التمثيل السياسي.
ـ على صعيد البيئة هناك مؤشرات غير ايجابية، فالأراضي المكسوة بالغابات لا تتعدى 13 في المئة ونسبة استخدام الطاقة المتجددة تمثل 1.6 في المئة، ونسبة المنازل الموصولة بشبكات المياه الآمنة لا تتعدى 79 في المئة، أما المنازل الموصولة بشبكات الصرف الصحي فهي لا تتعدى 37 في المئة، أما بالنسبة الى النفايات الصلبة فـ83 في المئة منها تطمر، و5 في المئة منها تدوّر و5 في المئة منها تحوّل.
ـ المؤشرات المتعلقة بالصحة ايجابية، فمعدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة هو 35 مقابل كل ألف حالة مرضية، أما نسبة الأطفال المحصنين فتبلغ 93 في المئة.
ـ المؤشرات المتعلقة بوفيات الأمهات، تدل على نسبة متدنية بهذه الوفيات.
ـ الحالات المصرح عنها بالنسبة لمرضى الإيدز لا تزال متدنية.
ـ أما في ما يتعلّق بالهدف الثامن، وهو تطوير الشراكة العالمية من أجل التنمية، وهذا الهدف يتعلق بالدول الغنية (24 دولة)، وينص على مساعدة هذه الدول للدول الفقيرة لمساعدتها في تحقيق الأهداف السبعة الآنفة الذكر، وتتلخص المساعدة بنوعين:
أ ـ مساعدة البلدان النامية للانخراط في منظمة التجارة العالمية عبر تسهيل شروط الانضمام، وكذلك دخولها الى اتفاقية التجارة الحرة، وتحفيز الاستثمارات، إلا أن هذه المساعدة تصطدم في منطقتنا العربية بجدار النزاع العربي ـ الاسرائيلي.
ب ـ معالجة ديون الدول النامية،اذ تعهدت الدول الغنية بتخصيص 0.7% من ناتجها القومي لمساعدة الدول في هذا الاطار، الا انه مع الأسف فإن شيئاً من هذا القبيل لم يتحقق.
أما توصيات التقرير، فيمكن ايجازها بثلاث:
1 ـ ان الهدف من التقرير انشاء قاعدة معلومات متكاملة وشاملة لتنفيذ الأهداف.
2 ـ تشكل آلية لمتابعة التوصيات، بمعنى أن تصبح هذه الأهداف في صلب سياسة الوزارات.
3 ـ وضع رؤية وطنية شاملة تشمل اطاراً لتحقيق الأهداف.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.