في 10 أيلول الماضي وافق مجلس الوزراء على الخطة العشرية لانشاء سدود وبحيرات جبلية (نحو 63 سداً وبحيرة)، وكان المجلس سبق له أن وافق عليها في العام 1999، إلا أن تعديلات عدة طرأت في الشقين المالي والتقني، الأمر الذي فرض اعادة طرحها لأخذ الموافقة على هذه التعديلات.
وقد وضعت هذه الخطة لمعالجة الهدر والعجز المائي اللذين يعانيهما لبنان، على الرغم مما حباه الله من نعم مائية، إلا أن السياسات المائية منذ الأربعينات، حولت هذه النعم الى نقم، واليوم وبعد موافقة الحكومة على الخطة ينتظر استغلال هذه الفرصة والحفاظ على هذه الثروة التي لا تقدر بثمن.
وفي هذا الاطار، يقول المدير العام للموارد المائية والكهربائية الدكتور فادي قمير "أن الخطة العشرية هي عملية جمع مشاريع عدة، لتطوير الاداء المائي في لبنان، والجميع يعرف أن الافكار المائية بدأت في الاربعينات من القرن الماضي على أيام المرحوم ابراهيم عبد العال وموريس الجميل، وهذه الأفكار كانت تتكلم عن مشاريع مستقبلية، ولكن لسوء الحظ لم تترجم على الارض، ولذلك اللبناني يشكو العطش في الوقت الذي أعطى الله فيه لبنان خيرات مائية تذهب هدراً الى البحر".
ويرى قمير "أن الخطة هذه لن "تتفشكل" كما حصل في خطة العام 1999، لأنها بمعظمها كان يتكل على التمويل الداخلي، وكان رصد في الموازانات الماضية مبالغ لمشاريع المياه، انما لسوء الحظ لم تستعمل كما يجب، ونحن قلنا أعطونا نفس الموازانات التي كانت معطاة في السابق، لانشاء سدود وبحيرات".
وأشار قمير في حديث الى "المستقبل"، أن الخطة التي عرضت على مجلس الوزراء، قسمت مالياً الى ثلاثة أقسام:
ـ مشاريع تستطيع المديرية أن تأخذها على عاتقها، وحجم تمويلها لا يتعدى الـ240 مليون دولار على عشر سنوات.
ـ مشاريع (سدود وبحيرات) يمكن وضعها على لائحة القروض، وذلك بمساعدة مجلس الانماء والاعمار، لايجاد مصادر تمويل لها ضمن خانة القروض، وهناك صناديق عربية تقدمت لمساعدتنا في هذا الموضوع.
ـ مشاريع متعلقة بتوليد الكهرباء ومياه شفة، ويمكن استقطاب شركات عالمية، لتنفيذها على طريقة الـ(B.O.T)، والدولة لن تتكفل فيها قرشاً واحداً، وقيمة هذه المشاريع تراوح بين 350 لى 400 مليون دولار.
وتبلغ القيمة الاجمالية للخطة نحو 800 مليون دولار، هناك كما قلت شق يساعدنا به مجلس الانماء والاعمار، وهو المتعلق بمشاريع مياه الصرف الصحي، وكما أسلفت وسيساعدنا أيضاً في عملية تمويل السدود، وهناك قرار قد صدر عن مجلس الوزراء للتحضير لمشروع قانون لتنفيذ مشاريع على طريقة الـ(B.OT)، لأن الشركات لا تأتي دون هذا القانون.
وأكد أن العمل بالخطة بدأ منذ العام 2000، وذلك بعدما أصدر مجلس النواب قانون برنامج ودمج الموازنات الخاصة بالمياه على عشر سنوات، ومع بعض السدود: شبروح (بوشر العمل به)، والقيسماني (سيلزم قريباً)، واليمونة (لزم وسيبدأ التنفيذ به قريباً)، وسنبدأ قريباً بالعاصي، ونحن أعدنا طرح الخطة على مجلس الوزراء من أجل عمليات التمويل.
وقال قمير "أن هذه الخطة يمكنها تخزين نحو 800 مليون متر مكعب من المياه خلال عشر سنوات وبذلك نسد العجز المائي لدينا، ولكن في المستقبل، سيكون لدينا عجز مع ازدياد النمو السكاني والحاجات، ومن هنا سندخل الى الادارة المتكاملة للمياه".
وأوضح أن الخطة أوجدت الآن مفهوماً عصرياً يتعلق بالادارة المتكاملة للمياه، وفي كل البلدان العالمية يعتمد هذا النظام وقد أقرته الجمعية العمومية الاوروبية تحت شعار "القانون الاوروبي الجديد للمياه"، ومفهوم الادارة المتكاملة يعني اتباع المياه من المصدر الى المصب، وإذا كان هناك من استعمال للمياه خلال هذه الدورة فعلينا اعادة تكرير هذه المياه واستعمالها مرات عديدة لنوفي بالحاجات المستقبلية والتي ستكون بعد 50 أو 60 سنة بحالة ضاغطة".
وعرض للواقع المائي في لبنان، فأشار الى أنه في لبنان الهيدرولوجيا محصورة بنحو 4 أشهر، انما هناك ماء، وبعدها نمر في فترة جفاف خلال فصل الصيف، وفي حال هذه المتساقطات لم تنحصر ببحيرات وسدود، فنحن لا نستطيع استعمالها خلال فترة الربيع والصيف للايفاء بحاجات المواطنين من مياه شفة وري وغير ذلك.
وأكد أن هناك عجزا مائيا في لبنان يقدر بنحو 800 مليون متر مكعب، والسؤال الذي يطرح هو في كيفية التخلص من هذا العجز، لذلك الخطة العشرية اقترحت اقامة السدود والبحيرات على جميع الاراضي اللبنانية في المواقع التي نستطيع اقامة مثل هذه المشاريع عليها، وهناك هذه السدود تستطيع توليد الطاقة الكهربائية، وبحسب الخطة فهناك قدرة على انتاج نحو 400 ميغاوات، بتكلفة صفر، اضافة الى كونها طاقة نظيفة لا تلوث البيئة، والسياسة المائية التي كانت معتمدة على الآبار منذ الستينات الى اليوم، كلفت مصالح المياه فاتورة كهربائية عالية لا تسطيع تسديدها، فهناك مثلاً احدى هذه المصالح يتوجب عليها نحو 15 مليار ليرة ثمن فواتير كهرباء، واذا وضعنا هذا على السعر الفعلي للمتر المكعب للمواطن، يصبح للمتر نحو 600 دولار سنوياً.
ورأى أن التخطيط الخاطئ للمياه والقائم على سياسة حفر الآبار، كلف خزينة الدولة فواتير كهربائية عالية، كما كلفها شحاً في فصول الصيف، مع التكاثر السكاني، وزيادة كميات الضخ من المياه، ومرحلة الجفاف التي أتت، حتى أصبح هناك هبوط في الآبار، إضافة الى دخول بعضها نسبة ملوحة، ولم تعد تستعمل كميات كبيرة من هذه الابار للايفاء بحاجتنا، ومن هنا كانت الخطة العشرية، وهي مؤلفة من 6 بنود:
ـ الباب الاول: تأمين مصادر مائية اضافية: وذلك من خلال تجميع المياه في السدود والبحيرات، وتكرير المياه المبتذلة لاستعمالها في أغراض الري، أما الذي لا يستعمل منها فسيضخ في باطن الارض لتغذية طبقة المياه الجوفية، كما هو الاتجاه في العالم الآن.
ـ البند الثاني: هو تأمين قساطل جر للسدود والبحيرات المزمع اقامتها، لتوزيع المياه بواسطة الخزانات الاقليمية، اضافة لاقامة الشبكات في المناطق التي لا توجد فيها مثل هذه الشبكات، إضافة لاستكمال مشاريع مياه الشفة.
ـ البند الثالث: يتضمن اقامة مشاريع الري للمشاريع الزارعية.
ـ البند الرابع: بناء محطات تكرير للمياه المبتذلة بالتعاون مع مجلس الانماء والاعمار، وهي ستكرر تكريراً أولياً لاعادة استعمالها في أغراض الزراعة وتغذية المياه الجوفية.
ـ البند الخامس: تنظيم مجاري الأنهر (تقويمها)، وقد بدأنا بهذا المشروع، وللأسف لقد تحولت الأنهر اللبنانية الى مكبات للنفايات، وهناك أيضا تعدٍ على الاملاك النهرية، وقد رأينا ما فعلته الطبيعة الشتاء الماضي من جراء هذا التعدي.
ـ البند السادس: يتعلق بعملية التجهيز الكهربائي، فالمديرية تساعد مؤسسة كهرباء لبنان في القرى النائية، في أعمال تجهيز المحطات والخطوط.
وهذه الخطة لأول مرة نستطيع القول، إنها خطة متكاملة، ونحن نسير في الطربق الصحيح لوضع ادارة متكاملة للمياه، والخطة تنسجم مع القانون الذي صدر عن مجلس النواب لتنظيم مصالح المياه وجعلها مؤسسات لادارة المياه بطريقة متكاملة (الشرب، الري والصرف الصحي)، ويمكننا القول إن لبنان أصبح على السكة الصحيحة بالنسبة الى موارده المائية.
وبشأن التحضيرات التي تقوم بها المديرية تحسباً للشتاء، قال قمير "في العالم كله هناك كوارث مائية، وقد قمنا باتخاذ بعض الخطوات الاحترازية تحسباً، وعلى الجميع التعاون لازالة التعديات عن مجاري الأنهر، نحن نستطيع التخفيف قدر المستطاع، والباقي على الله".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.