لا يبدو أن الأجواء مؤاتية لاقتراح الزيادات، ولا يبدو كذلك أن ثمة اقتراحات بديلة لخروج مؤسسة كهرباء لبنان من أزمتها المالية، سوى إعادة دراسة المواضيع التي اقترحها مجلس الوزراء في آذار الماضي، والتي بلغت نحو 26 بنداً، ويأتي في مقدمتها تفعيل الجباية وإزالة التعديات ومنع السرقات ودراسة ملف شركات الامتياز واستكمال شبكات الخطوط الداخلية وشبكة الـ220 فولت، إضافة إلى إعادة النظر في موضوع التعرفات.
كما أنه من ضمن الحلول على المدى الاستراتيجي الخطوات التي تقوم بها اليوم وزارة الطاقة على صعيد التحول في معامل إنتاج الطاقة الكهربائية من الفيول والديزل أويل إلى الغاز الطبيعي الأقل تكلفة وتوفيراً.
وفي هذا الإطار يمكن الحديث عن دراسة شركة "نيرا" البريطانية حول هيكلية التعرفة بطلب من مؤسسة كهرباء لبنان، والتي يمكن القول عنها إنها "شبه مرفوضة" من جانب وزارة الطاقة كونها مرتفعة ولا تأخذ في الاعتبار الأوضاع المعيشية والمادية لنسبة كبيرة من الشعب اللبناني، فإن ذلك لم يمنع مناقشة ملخص عنها. ويرى مصدر في مجلس إدارة الكهرباء "أن دراسة التعرفة والهيكلية التي وضعتها "نيرا" هي دراسة استراتيجية، سواء أخذ بها أم لم يؤخذ، وعلى المجلس أن يدرسها".
وتدرس "نيرا" الخطوات المطلوبة لاستنتاج هيكلية التعرفات، وهي تأخذ في الاعتبار تحليلها من العام 2002 وتوقعاتها تصل للعام 2010، وتعتمد في ذلك على افتراضات أساسية لدراسة مكونات التعرفة التي يمكن وضعها، ومنها أسعار النفط وزيادة معدلات الاستهلاك والوضع الحالي لمؤسسة الكهرباء والديون المترتبة عليها، وتفترض حالة التخصيص، وقد وضعت لأجل ذلك 4 سيناريوات محتملة للتعرفة.
وتنشر"المستقبل" الخلاصة التنفيذية لدراسة التعرفة الكهربائية، التي وضعتها "نيرا " لمصلحة مؤسسة الكهرباء وناقشها مجلس إدارتها أمس، وفي ما يلي نص الخلاصة:
دراسة التعرفة الكهربائية
خلاصة تنفيذية
هناك خطوتان لاستنتاج هيكلية تعرفات جديدة:
1 ـ تحديد متطلبات الدخل ـ قيمة الواردات التي ستجنيها الشركة (المؤسسة) عبر التعرفات الجديدة. وذلك يحدّد المستوى العام للتعرفات.
2 ـ تصميم هيكلية التعرفات، على أساس فئات مختلفة للزبائن الذين يستمدون الكهرباء. تحديد التعرفات التي ستسمح للشركة بتأمين الواردات المطلوبة، على أساس الطلب المتوقع على الكهرباء.
سنناقش كل خطوة تباعاً.
1 ـ الواردات المطلوبة:
لقد قمنا بتحليل الواردات المطلوبة لكهرباء لبنان في عدة سيناريوات موصفة في ما يلي:
السنة الأساسية المعتمدة في تحليلنا هي العام 2002، وتوقعاتنا تصل إلى العام 2010. أما الافتراضات الأساسية في تحليلنا فهي:
ـ تزايد الاستهلاك بمعدل 1.75 في المئة من العام 2002 للعام 2010.
ـ الخسارات الفنية (كنسبة مئوية على شبكة المؤسسة) ستنخفض من 14 في المئة في العام 2002 إلى 8 في المئة في العام 2010.
ـ الخسارات غير الفنية (كنسبة مئوية على شبكة المؤسسة) ستنخفض من 28 في المئة في العام 2003 إلى 10 في المئة في العام 2010.
ـ القدرة الاجمالية المركبة سترتفع من 2120 في العام 2002 إلى 2480 في العام 2010.
ـ سعر الفيول (البترول) هو 30 د.أ. للبرميل في العام 2003 و25 د.أ. للبرميل في الفترة الباقية.
ـ سعر صرف الدولار الأميركي خلال الفترة هو 1513 ل.ل./د.أ.
ـ نسبة تكلفة التشغيل (كنسبة مئوية من الطاقة المستهلكة) هي 2 في المئة في السنة في الفترة 2002 ـ 2010.
ـ القيمة الدفترية للموجودات في العام المعتمد هي 2908943 مليون ل.ل. أي 1920 مليون د.أ.
ـ قيمة الإنفاق الاستثماري الحالية لغاية 2010 هي 700 مليون د.أ.
ـ كمؤسسة عامة، تطلب كهرباء لبنان عائداً فعلياً 8 في المئة من القيمة الدفترية للموجودات.
ـ على كهرباء لبنان ارتباطات بديون تبلغ نحو 2000 مليار ل.ل. (1.3 مليار د.أ.).
إن مقارنة الواردات المطلوبة في الحالة الأساسية (سيناريو رقم 1) مع الواردات المحققة إذا لم يتم تعديل التعرفات، تظهر وفقاً لاحتسابنا أن هناك فارقاً واضحاً بين المبالغ التي تحققها كهرباء لبنان بالتعرفات الحالية، والمبالغ التي تحتاج إليها لتغطية مصاريف التشغيل وتحقيق عائد بنسبة 8 في المئة على الموجودات البالغة 2908943 مليون ل.ل.
هناك عدة طرق لتقريب أو إلغاء الفارق:
ـ زيادة التعرفات بشكل حاد في العام 2003 ثم تخفيضها لاحقاً، تبعاً للواردات المطلوبة.
ـ زيادة التعرفات بشكل تدريجي، على أن تبقى القيمة الحالية للواردات الاجمالية نفسها في الفترة مع حاجة لزيادة عامة أكبر في التعرفات.
ـ افتراض تخفيض الخسارات غير الفنية بشكل أسرع، بحيث أن الواردات المحققة بالتعرفات الحالية تكون أعلى.
ـ تخفيض قيمة الموجودات الحالية التي تخفض من الواردات المطلوبة.
تعرض السيناريوات الأربعة الآتية التزاوج بين هذه الاحتمالات.
101 ـ سيناريو رقم 1: الحالة الأساسية
لحالتنا الأساسية هذه، نقدر مبلغ الواردات التي تحتاج اليها كهرباء لبنان لتغطية مصاريف التشغيل (على أساس نسبة تكلفة التشغيل المحددة أعلاه) واستهلاك الموجودات، والعائد الفعلي البالغ 8 في المئة من القيمة الدفترية للموجودات.
يبين الجدول 101 ما هي الواردات المطلوبة لتغطية المصاريف في كل عام، ومعدل مستوى التعرفات اللازمة لانتاج هذه الواردات، والزيادات المطلوبة على التعرفات للوصول الى هذا المعدل، وكخيار آخر، من الممكن تدريج الزيادات على التعرفات بصورة أبطأ لفترة بحيث تبقى القيمة الاجمالية الحالية الصافية للواردات هي نفسها. المثال على ذلك مبين في أسفل الجدول رقم (101).
وحتى مع هذه الواردات، سيكون لكهرباء لبنان نتيجة دخل ايجابية ابتداء من العام 2005، لكن بدون مداخيل كافية لتلبية المدفوعات المطلوبة في الفترة 2003 ـ 2007.
خلال الفترة لغاية 2010 سيزيد معدل الدين على الموجودات (equity) بنسبة 200 في المئة ومع الدين الحالي لن تكون كهرباء لبنان قادرة بالمعنى التجاري على الاستدانة، وستكون الحكومة بحاجة لتمويل كهرباء لبنان خلال هذه الفترة.
201 ـ سيناريو رقم 2: ملائم ـ زيادات التعرفات
في هذا السيناريو، قمنا بتحديد التعرفات على مستويات ملائمة واحتسبنا الواردات الناتجة من ذلك على أساس الطلب المتوقع. نأخذ مستويين اثنين لزيادة التعرفات. يبين تحليلنا أن سداد الدين والفوائد للدين الحالي هما عاملان محددان للحاجة في زيادة التعرفات في الحالة الأساسية. وفي كلا الحالتين، نستبعد الدين الحالي.
10201 ـ الحالة 1
في هذه الحالة، إن معدل الزيادة على التعرفات هو 10 في المئة في العام 2003 مع غياب الزيادة في ما بعد. مع هذه الزيادة على التعرفات، ستستمر كهرباء لبنان بالخسارة في التشغيل لغاية 2008. لكن معدل الدين/ الموجودات (equity) سيكون معقولاً (أقل من 65 في المئة خلال الفترة) لن تنتج كهرباء لبنان سيولة كافية لدفع الفوائد على الديون الجديدة المطلوبة لتمويل النفقات الرأسمالية. في هذه الظروف من الملائم أن تكون الحكومة هي المقرض الوحيد المحتمل، وستحتاج الى تمويل لغاية 1384318 مليون ل.ل. (900 مليون دولار أميركي) حتى العام 2008.
20201 ـ الحالة 2
في هذه الحالة، إن معدل الزيادة على التعرفات هذه 2 في المئة في العام 2003 و10 في المئة في العام 2004 بدون زيادات في ما بعد.
مع هذه الزيادات على التعرفات، ستخسر كهرباء لبنان في التشغيل فقط في أول عامين. خلال هذه الفترة لن تنتج كهرباء لبنان سيولة كافية لدفع فوائد الديون الجديدة، وأيضاً من الملائم أن تكون الحكومة هي المقرض لتمويل كهرباء لبنان خلال هذه العامين، وستحتاج الحكومة حينذاك الى تمويل لا يقل عن/400/ مليار ل.ل. (أي 270 مليون د.أ).
مع الأخذ بالاعتبار الحاجة لاعتمادات لتغطية الزيادة في مصاريف المحروقات في السنين الأولى من الفترة، فإن زيادة التعرفة الأعلى في السنة الأولى تقابلها حاجة أقل لاعتمادات من الحكومة.
301 ـ سيناريو 3 ـ الخصخصة
في هذا السيناريو نعتمد خصخصة كهرباء لبنان. ستستمح الخصخصة بتأمين مردود أكبر للتشغيل في المدى الطويل.
إن مستثمراً من القطاع الخاص سيطلب عائداً أعلى من التوظيفات، والسؤال هو لمستوى معين من التعرفات ماذا ستكون عليه قيمة الأصول الأساسية لمستثمر من القطاع الخاص؟
الافتراضات لهذا السيناريو هي:
ستباع كهرباء لبنان من دون الدين الحالي.
ستحتفظ الحكومة بملكية موجودات النقل، لكنها ستتلقى رسم امتياز بقيمة/10/ مليارات ل.ل. في السنة.
سينجز المستثمر الخاص تخفيض 30 في المئة من الأجور ومصاريفها الملحقة منذ البداية، عبر تخفيض مستويات الكادرات.
سيطلب المستثمر الخاص 14 في المئة كعائد عن استثماراته في كهرباء لبنان.
التعرفات في السيناريو رقم 2 الحالة 2 أعلاه: 25 في المئة زيادة في العام 2003 و10 في المئة زيادة في العام 2004.
على هذا الاساس فإن قيمة الموجودات هي 1935200 مليون ل.ل. أي 1.3 مليار د.أ. وهي تمثل 94 في المئة من القيمة الدفترية للموجودات الأساسية باستثناء شبكة النقل.
ستتأثر ايرادات الخصخصة في الواقع باستراتيجية المستثمر والعائد المطلوب من استثماره، وربما يكون أعلى مما نتوقع.
في إطار هذا السيناريو، سيكون لكهرباء لبنان خسارة في التشغيل في العام الأول، لكنها ستكون قادرة على تمويل التوظيفات الرأسمالية بقروض خاصة (تعطي عائداً أعلى). سيبقى الدين/ الرأسمال أقل من 20 في المئة وفائدة التغطية ستكون أكثر من 2 في المئة.
إن زيادة تعرفات ملائمة هي ممكنة الإنجاز مع الخصخصة من دون تعريض الوضع المالي للمؤسسة، شرط أن تتحضر الحكومة للتضحية بإجراءات الخصخصة.
401 سينارو رقم 4 ـ تخفيض الخسارات غير الفنية
مثل ما كان عليه الأمر في الحالة الأساسية، حددنا الواردات المطلوبة لإعطاء عائد 8 في المئة على أساس موجودات أساسية 2908943 مليون ل.ل. هذه الحالة تختلف عن الحالة الأساسية لأننا افترضنا أن الخسارات غير الفنية هي فقط 10 في المئة من الطاقة المسلمة الى الشبكة الكهربائية منذ العام 2003.
إن الخسارات غير الفنية الأقل ظاهرة في المبيعات المرتفعة وفي الواردات بدون زيادة في التكلفة.
لم يتغير اجمالي الواردات المطلوبة عن الحالة الأساسية (نظر الجدول 101) على كل حال فمع الخسارات الأدنى وبالتالي المستوى الأعلى لمبيعات الطاقة، فإن الواردات ممكنة التحقيق بتعرفات أدنى. ويظهر الجدول (201) معدل التعرفات الضرورية لانتاج الواردات آخذاً بخسارات غير فنية وفي أسفل الجدول برنامج ممكن لزيادات التعرفة، التي تؤمن التوازن في العائدات خلال الفترة على أساس القيمة الحالية.
إذا كانت التعرفات ستتغير في العام الأول فقط، فإن زيادة 25 في المئة ستكون مطلوبة في العام 2003.
بما فيه الدين الحالي، فإن النتائج الحالية ستكون مشابهة لما كانت عليه في الحالة الأساسية (سيناريو رقم 1) وستطلب كهرباء لبنان بصورة مستمرة التمويل من الحكومة.
وإذا تم استبعاد الدين الحالي، وإذا زادت التعرفات 25 في المئة في العام 2003 فإن كهرباء لبنان ستنتج سيولة كافية لتمويل برنامج التجهيز، باستثناء العام الأول. خلال العام 2003 ستحتاج كهرباء لبنان 228 مليار ل.ل. بقروض جديدة، يمكن الحصول عليها من القطاع الخاص. أما إذا تمت زيادة التعرفات بأقل من 25 في المئة في العام 2003، فإن كهرباء لبنان ستطلب تمويلاً من الحكومة.
الخلاصة
التعرفات الواقعية ملائمة فقط إذا:
ـ تم الإعفاء من الدين الحالي لكهرباء لبنان، ودفع الفوائد وسداد الدين يتطلب زيادة في التعرفات بحدود 100 في المئة في السنين القليلة القادمة.
ـ تحققت الواردات المطلوبة في فترة 5 سنوات على الأقل وليس في العام الأول.
ـ استمرت الحكومة في تمويل كهرباء لبنان، في العامين القادمين (أو أكثر إذا كانت الزيادة الأساسية للتعرفة أقل مما ورد في سيناريو رقم 2 حالة 2 أعلاه).
ـ خصخصت كهرباء لبنان واستجابة الحكومة للقبول بأقل من 100 في المئة من القيمة الدفترية للموجودات.
في غياب الخصخصة، ومع الأخذ بالاعتبار لمستوى واقعي من الخسارات غير الفنية (تخفيض تدريجي الى 10 في المئة في العام 2010)، نوصي بزيادة التعرفات كما ورد في السيناريو رقم 2 الحالية 2: 25 في المئة في العام الأول، و10 في المئة إضافية في العام الثاني.
3 ـ التعرفات
102 ـ هيكلية التعرفات
نقترح الهيكلية التالية للتعرفات لكبار المستهلكين في لبنان:
رسم على الطلب (بالكيلووات) لتغطية مصاريف التكلفة الهامشية لقدرة الانتاج والنقل والتوزيع.
تعرفة للكيلووات ساعة الذروة ليعكس مصاريف التكلفة الهامشية للانتاج في فترات الذروة، مع تعرفة أو تعرفتين للكيلووات ساعة لتعكس التكلفة الهامشية للانتاج في الوقت الباقي من اليوم.
زيادة أو تخفيض تغطية التغيرات في أسعار المحروقات.
رسم للكيلوفار ساعة الذي يستهلك زيادة مقابل استهلاك كمية الكيلووات ساعة خلال الشهر، كحافز للحفاظ على عامل قدرة يفوق 0.9.
تعاني هيكلة التعرفات لصغار المستهلكين من أجهزة التعداد المجهزة حالياً، والتي تسمح فقط بتعرفات بسيطة. نوصي بتعرفات مزدوجة كالتالي:
رسم على الطلب (بالكيلووات) لتغطية مصاريف التكلفة الهامشية لقدرة الانتاج والنقل والتوزيع.
تعرفة شطر أو شطرين من كميات الكيلووات ساعة لتعكس التكلفة الهامشية للطاقة بالاستناد للاستهلاك الأقصى للزبون.
ستطبق تعرفات منفصلة وأسعار مختلفة، لكن بنفس الهيكلية، على فئات مختلفة من المستهلكين (فنادق ـ زراعة ـ مراكز إلخ...) وسيتم تجسيد التعرفات لتعكس نماذج مختلفة من الاستعمالات لكل فئة من المستهلكين.
2 ـ 2 التعرفات
أظهرنا مجموعة من التعرفات مبنية على أساس زيادة بمعدل 25 في المئة في العام 2003 و10 في المئة في العام 2004 (سيناريو 2 حالة 2)، تجدونها في ملحق تقريرنا.
اقتراحنا لمجموعة التعرفات تتضمن إعادة توازن لبعضها، بحيث يطال بعضها زيادة تفوق 25 في المئة في العام 2003 وبعضها أقل عن ذلك. إن التعرفة الأدنى حالياً هي التعرفة المنزلية (تعرفة الشطور) لأقل من 10 كيلوفولت امبير، وإننا نوصي بأن تطالها الزيادة تدريجياً على مراحل. باستثناء التعرفة الاجتماعية، ليس هناك تعرفة مدعومة في أسعار التعرفات المقترحة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.