هل يغرق لبنان في الظلام بعد 15 يوماً؟
هذا ليس سؤالاً، وإنما تكهن لمعني بشؤون الكهرباء ومؤسستها، إذ يقول: "إن التقنين سائر نحو الظلمة التامة، التي قد نواجهها بعد 15 يوماً، بعد نفاد كميات المحروقات الموجودة في مخازن منشأتي الزهراني والبداوي في طرابلس، حتى مع الكميات التي ستصل خلال هذين اليومين".
ومن المعلوم أن كميات الفيول أويل والغاز والديزل أويل التي من المقرر وصولها خلال هذا الشهر تقدر بنحو 121 ألف طن، يضاف اليها الكميات الموجودة في المخازن، والتي بمجموعها لن تكفي الـ15 يوماً المقبلة.
وعلى هذا يبقى التقنين الحاد في جميع المناطق اللبنانية باستثناء بيروت الإدارية ومناطق الاصطياف، الهم اليومي للمواطن وسيد المطالعات السياسية حتى موعد الجلسة الخاصة بملف الكهرباء والتي سيعقدها مجلس الوزراء الاربعاء المقبل.
ويبدو أن ملف الكهرباء المحمول الى الجلسة تحت وطأة التقنين، ستكون الخيارات أمامه محسومة، للهروب من الأزمة الراهنة، وهي أزمة تأمين الفيول والديزل والغاز أويل، ولن ينسحب على أزمة مؤسسة الكهرباء المزمنة بمشكلاتها المادية والإدارية والتقنية.
وتطرح الأزمة الراهنة حلين لا ثالث لهما الآن، وهما:
ـ فتح اعتماد من خلال سلفة خزينة بـ200 مليون دولار، لمواجهة ارتفاع الأسعار، وهذا بات غير وارد على الاطلاق، وفق ما أعلنه وزير المال قبل يومين من أنه غير موافق على أي سلف خزينة للكهرباء لأن ذلك يعد معالجة مجتزأة لمشكلة مزمنة، وأن المطلوب النظر في كفاءة الانتاج والتوزيع والفوترة والجباية ودراسة علمية للتسعير، وأن المؤسسة قد حصلت خلال العقدين الماضيين على سلف تخطت 3.4 مليارات دولار، وكلفت الدولة فوائد تزيد على 6 مليارات دولار، بمعنى أن ثلث الدين العام تفسره هذه السلف.
وفي ذات المنحى، يتجه مجلس إدارة "كهرباء لبنان" بحسب مصادرها، الى اعتبار السلف تزيد من عجز المؤسسة المالي، فضلاً عن أنها مسكن لمرحلة موقتة، فماذا لو طال ارتفاع أسعار النفط عالمياً؟
ـ الخيارالثاني زيادة الاشتراك الثابت، وهو الخيار المفضل لجميع المعنيين بوضع الكهرباء، وفي هذا الإطار تبدي جهة معنية بشأن الكهرباء، استياءها من تجميد قرارها وقالت: "إن ما ينفقه المواطن على الاشتراك 5 أمبير في المولدات الكهربائية الخاصة نحو (30 دولاراً)، يفوق فاتورته الكاملة مع الزيادة المقترحة في مؤسسة الكهرباء"، وتضيف أن الزيادة المقترحة هي الحل الأمثل للخروج من هذه الأزمة، ومن المعلوم أن هذه الزيادة تستطيع مع زيادة تفعيل الجباية، تعويض الفرق الناتج من ارتفاع أسعار المحروقات.
ورأت مصادر مقربة من وزارة الطاقة أن مجلس الوزراء الذي سيطلع على ملف الكهرباء الاسبوع المقبل، لن يحسم معالجة الأزمة المزمنة للكهرباء، وأن ذلك مرتبط بتشغيل خط الغاز مع سوريا، للانتقال الى المرحلة الانتاج على الغاز بدلاً من الفيول والديزل أويل، كما يرتبط ذلك بأنشاء خط الغاز من البداوي الى الزهراني، والذي أجريت مناقصة الاستشاري عليه، وسلسلة المشاريع المقدمة من وزارة الطاقة في تجهيز وتأهيل المنشآت، ويضاف الى ذلك تفعيل أداء مؤسسة الكهرباء على مستوى معالجة كافة المشكلات التي تعانيها (جباية، عدادات، واستكمال الشبكات، والامتيازات وغيرها من المشكلات).
وتضيف هذه المصادر أن من المؤكد خلال هذه الجلسة إنهاء أزمة تأمين الفيول التي باتت تهدد كل المرافق الحياتية في البلد، وأن عدم حلها سيهدد البلد بكارثة.
الى ذلك قالت مصادر في وزارة الطاقة لـ"المستقبل" إن موضوع دراسات تعرفات الكهرباء لم ينجز بعد، وأن دراسة الشركة البريطانية "نيرا" لا تزال مجرد اقتراحات لم تسلم رسمياً الى الوزارة، وإن فريقاً من الشركة سيعقد خلال الأسبوع المقبل اجتماعاً مع الوزير أيوب حميد لاطلاعه على الدراسة.
وتضيف أن "نيرا" متعاقدة مع المجلس الأعلى للخصخصة وبطلب من مؤسسة كهرباء لبنان، لإجراء دراسة حول تركيبة التعرفة وليس التعرفة بحد ذاتها.
وتشير هذه المصادر الى أنه من ضمن المقترحات حول التعرفة، هناك اقتراحان:
ـ الأول يأخذ في الاعتبار مسألة تخصيص مؤسسة الكهرباء. وبما أن المجلس الأعلى للخصخصة سيعفي الشركة المخصصة من الديون المترتبة على مؤسسة الكهرباء، لذلك فإن الدراسة ستركز في هذه النقطة على وضع تعرفة لا تأخذ في الاعتبار مسألة الديون المتراكمة على المؤسسة الكهرباء، والتي تزيد من أعباء الفاتورة على المواطن، وبالتالي قد تخفض الفاتورة الى النصف.
ـ الثاني وضع تعرفة لا تأخذ في الاعتبار وجوب تخصيص المؤسسة، وهي بالطبع ستأخذ في الاعتبار مسألة الأمور المالية والديون، والتي على أساسها يمكن صوغ تعرفة تتناسب والوضع الحالي للمؤسسة.
وتؤكد هذه المصادر أن هذه المقترحات لا تزال غير رسمية، ولم تتقدم بها بعد الشركة البريطانية، وأن دراسة "نيرا" وغيرها غير ملزمة بأي حال من الأحوال، وأن ذلك يحتاج الى موافقة وزارة الوصاية أولاً ووزارة المال ومجلس إدارة "كهرباء لبنان"، وربما مجلس الوزراء كما حصل في موضوع الزيادة المقترحة على رسم الاشتراك الثابت.
وترى مصادر أخرى معنية بالشأن الكهربائي أن التعرفة التي تقدمها "نيرا" مرتفعة على المواطن، وهي ربما لن تجد طريقها الى التنفيذ.
وفي هذا الإطار لا بد من الإشارة الى دراسات استشارية، حول وضع الكهرباء في لبنان، ومنها دراسة "ارنست أند يونغ" في كانون الثاني العام 1996، والذي أوصى بخصخصة القطاع على المدى الطويل وبطرق مختلفة.
كما كان هناك دراسة للبنك الدولي في تشرين الثاني العام 1996، أوصت أيضاً بخصخصة القطاع على المدى الطويل.
وفي أيلول 1999، قدمت كهرباء فرنسا دراسات للتعرفة مستندة الى فرضيات تشتمل على تجهيزات إضافية في حقول الانتاج والتوزيع والنقل.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.