8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

أحد السيناريوات: شراء جميع اللوحات العمومية وإعادة تأجيرها لقاء رسم سنوي التكلفة 115 مليون دولار وأرباح السائق ترتفع 75 في المئة

وضعت وزارة النقل أخيراً دراسة حول تنظيم قطاع النقل العام، وخطة مقترحة لتنفيذها على 3 مراحل في لبنان عموماً ومدينة بيروت الكبرى خصوصاً، قصيرة الأمد، متوسطة الأمد وطويلة الأمد، كما تتضمن تفصيلياً آلية تطبيق هذه الخطة في بيروت الكبرى، وتعاونت في وضعها مع جهات محلية معنية بشؤون القطاع، وكذلك مع جهات دولية للاستفادة من خبراتها في هذا المجال.
والدراسة التي ستوضع موضع التنفيذ في وقت قريب، ناقشت كل المشكلات التي يواجهها النقل العام في لبنان، وذلك بالاستناد الى دراسات وقوانين سابقة، بالإضافة الى احصاءات ودراسة جديدة لواقع القطاع، تمهيداً للبدء بالتنفيذ.
وفي ما يتعلق بتنظيم النقل العام بين المدن تقول الخطة "إن رحلات النقل العام بين المدن يجب أن تبدأ وتنتهي عند محطات محددة واقعة على المداخل الاساسية للمدن، وأن تتبع خطوطاً معينة. لذلك وبالاضافة الى محطة شارل الحلو الموجودة عند مدخل بيروت الشمالي، يجب بناء محطتين جديدتين على الشكل التالي:
ـ محطة (NBT) عند المدخل الشرقي: يتم تسيير المركبات من والى هذه المحطة عبر وصلة قصر العدل ـ الحازمية مروراً بطريق بيروت ـ دمشق الدولي.
ـ محطة بئر حسن عند المدخل الجنوبي: ويتم تسيير المركبات العمومية من والى هذه المحطة عبر طريق ماريوت ـ الأوزاعي ـ خلدة".
وعاينت الدراسة حالتي الطلب والعرض بالنسبة للنقل العام، ففي حالة العرض، أظهر التحليل أنه توجد أعداد زائدة جداً عن المطلوب من مركبات السرفيس، بينما أعداد الفانات هي ضمن المعقول وتتناسب مع حركة الطلب.
أما بالنسبة لادارة السوق: فقد تمت دراسة سيناريوات حكومية عدة لادارة سوق النقل العام في بيروت الكبرى وجعلها سوقاً متوازنة تكون فيها حركة الطلب مساوية لحركة العرض، واستكملت هذه الدراسات، بدراسة الأثر المالي لكل من هذه السيناريوات، وبناء على نتائج التحليل المالي، وأخذاً بالاعتبار واقعية السيناريوات (أي مواضيع المساواة الاجتماعية وملكية اللوحة)، تبين أن السيناريو المفضل لدى الدولة، هو الذي "ينص على شراء الدولة جميع اللوحات الموجودة في السوق، وتأجير اللوحات المطلوبة كل سنة لقاء رسم سنوي محدد، وفرض حد على عدد الفانات في بيروت الكبرى (2000 لوحة)"، وهذا السيناريو سيدفع الحكومة لدفع نحو 115 مليون دولار لاسترداد اللوحات، الا أن الأرباح التي يمكن تحقيقها هي أكثر بكثير (373 مليون دولار خلال 20 سنة)، بالاضافة الى أن هذا السيناريو يؤمن للحكومة مصدراً مهماً للأرباح الصافية بعد استرداد التكاليف الأساسية، كما أن ذلك سيؤدي الى زيادة أرباح سائقي السيارات العمومية بمعدل 75 في المئة.
يذكر أن الدراسة والخطة المقترحة تتكون من نحو 400 صفحة، وتشتمل على مقدمة تتضمن أهداف الدراسة ومراجعة للدراسات السابقة وتكويناً لهذه الدراسة، كما تشمل مراجعة الخبرات الدولية في هذا المجال في عدد من البلدان المتقدمة، والأهم هو شمول هذه الدراسة على الخطة المقترحة لتنظيم النقل العام في لبنان بمراحله الثلاث. بالاضافة الى ملاحق حول هذا الموضوع.
ويشار في هذا الاطار الى أن الدراسات والخطط السابقة، كانت عرضة للفشل فيما لو وضعت موضع التنفيذ لغياب التنسيق في وضعها من قبل الوزارات والادارات المعنية بموضوع النقل العام في لبنان.
وتتناول "المستقبل" اليوم الملخص التنفيذي للدراسات المقترحة لتنظيم النقل العام في حلقة أولى، تليها حلقات أخرى تتناول تفاصيل خطة تنظيم النقل في لبنان ومدينة بيروت الكبرى.
أرباح الدولة المتوقعة "373 مليون دولار خلال 20 سنة"

ملخص تنفيذي
1 ـ عام
إن النقل العام في لبنان عموماً، وبيروت الكبرى خصوصاً، يعاني غياباً شبه كلي للدولة بما يتعلق بالتخطيط، التنظيم، المراقبة والتنفيذ. على سبيل المثال، فإن العدد المسموح به من السيارات العمومية والحافلات لم يخطط بطريقة علمية تربط حركة العرض بحركة الطلب. فضلاً عن ان القوانين المرتبطة بسلامة المركبات، وحالتها وتشغيلها فهي غير موجودة أو غير مطبقة.
إن غياب الدول هذا قد أدى الى فوضى في قطاع النقل العام وبروز عدة مشاكل فيه. بالتالي، فمن الضروري جداً أن تتدخل الدولة اللبنانية (ممثلة بوزارة الأشغال العامة والنقل) لفرض سيطرتها وهيمنتها على هذا القطاع وإعادة تنظيمه. والهدف من هذه الدراسة تطوير خطة فعالة وعملية لضمان التنظيم الجيد لقطاع النقل العام وذلك عبر:
ـ مراجعة الخبرة الدولية في تنظيم النقل العام.
ـ تعريف النواحي المهمة في القطاع التي يجب فرض سيطرة الدولة عليها.
ـ تطوير خطة لتنظيم النقل العام في لبنان، أخذاً بالاعتبار خصائص ومميزات هذا القطاع.
ـ تطبيق الخطة في منطقة بيروت الكبرى.
ـ رسم خلاصة واضحة حول الأفعال الواجب اتخاذها.
2 ـ الخبرة الدولية
تقوم عدة مدن في العالم الآن بمراجعة وتعديل أطرها التنظيمية للنقل العام، من أجل ملاءمة متطلبات السوق الجديدة وحركات الطلب المتغيرة. وقامت هذه الدراسة بمراجعة الخبرات الدولية المتعلقة بهذا المجال وبالتحديد:
ـ الخبرة الأميركية (San Diego, Seattle)
ـ الخبرة الكندية (awattO)
ـ الخبرة الاسترالية (Western Australia, Tasmania, New South Wales)
وأوضحت مراجعة الخبرة الدولية أن النواحي التنظيمية الأساسية التي يجب على الدولة أن تسيطر عليها هي:
ـ إدارة السوق: يجب على الدولة أن تتحكم بعملية الدخول الى سوق النقل العام وبعدد ونوع اللوحات العمومية الموجودة فيه. وأظهرت مراجعة الخبرة الأميركية في المدن التي جرى فيها التغاضي عن هذه الناحية (أي دخول حر الى السوق وعدم وجود حد لعدد اللوحات) وجود أثر سلبي، يتمثل بأعداد إضافية من المركبات (أو اللوحات) وبأرباح قليلة بين السائقين ومستويات خدمة أقل.
ـ توزيع المركبات: يجب أن تتحكم الدولة بتوزيع المركبات العمومية واللوحات في السوق، بمعنى آخر، يجب تحديد خطوط أو مناطق خدمة معينة لكل مركبة حسب نوعها.
ـ ملكية اللوحات: يجب أن تكون ملكية اللوحات العمومية بيد الدولة دائماً وأن يتم تأجيرها الى السائقين لقاء مبلغ سنوي معين عوضاً من بيعها لهم. إذا لم تكن هذه هي الحالة، فسوف يكون صعباً على الدولة أن تدخل تعديلات على الإطار التنظيمي للنقل العام عند الحاجة. وتقوم البلاد التي يمتلك فيها السائقون اللوحات بتصحيح هذه الظاهرة الآن بإعادة شراء جميع اللوحات وإعادة ملكيتها الى الدولة.
ـ انتقالية اللوحات: يجب أن تقوم الدولة بالتحكم بعمليات إنتقال اللوحات العمومية في السوق بين السائقين. أوضحت مراجعة الخبرة الدولية أنه عندما يتم وضع حد لعدد اللوحات الموجودة في السوق، تصبح هذه عملة نادرة وتكتسب قيمة عالية. إثر ذلك، تبرز سوق ثانوية يؤجر فيها حاملو اللوحة (الذين هم المستأجرون الأساسيون للوحات من الدولة) لوحاتهم الى سائقين آخرين لقاء مبالغ باهظة، مما ينعكس سلباً على الأرباح التي يمكن للسائقين تحقيقها وبالتالي على مستويات الخدمة التي يتم تقديمها. من أجل تلافي هذه الظاهرة ولشل الأسواق الثانوية، تقوم الدولة عادة بجعل اللوحات غير قابلة للانتقال بين السائقين. بمعنى آخر، تلزم الدول حامل اللوحة أن يكون هو نفسه سائق ومالك المركبة (وذلك لأنماط معينة طبعاً مثل التاكسي).
ـ الترخيص: تقوم معظم المدن في العالم الآن بزيادة متطلباتها لترخيص شركات، سائقي ومركبات النقل العام، وذلك بهدف تحسين نوعية وجودة القطاع كما ترغب الدولة.
ـ السلامة: تشكل السلامة هدفاً أساسياً في عملية تنظيم النقل العام في مختلف دول العالم. ويجري تحقيق هذه السلامة عبر الكشف على المركبات العمومية والتحقق من حالتها الميكانيكية، وحالة الإطارات، ووجود تأمين جيد ..الخ.
ـ الراحة: تسعى كل الدول الى جعل النقل العام مريحاً قدر الإمكان، ويتم تحقيق هذا بوضع مقاييس معيّنة تتعلق بعمر المركبات، وحجمها ووجود تكييف للهواء.. إلخ. وبالتأكيد توجد مقاييس راحة مختلفة لكل نمط من أنماط النقل العام.
ـ تدريب السائقين: تشدد كل الدول المتحضّرة على ضرورة تدريب السائقين تدريباً شاملاً وعلى ضرورة امتحانهم. والهدف من هذا هو جعل السائقين أكثر خبرة، وخلقاً ومعرفة بكيفية خدمة الزبائن.
ـ خدمة المقعدين: يجب تأمين مركبات عمومية قادرة على استيعاب الكراسي الخاصة التي يستعملها المقعدون بالأعداد والأنواع اللازمة، بالإضافة الى تدريب السائقين على كيفية خدمة المقعدين.
ـ زيادة المراقبة: تتفق كل الدول على ان المراقبة جزء لا يتجزأ من الأنظمة وبأنها تشكل حجر الأساس لإنجاح أي خطة تنظيمية.
3 ـ الخطة المقترحة لتنظيم النقل العام في لبنان
لقد تمّ تطوير الخطة التنظيمية لقطاع النقل العام في لبنان آخذاً في الاعتبار النقاط الآتية:
ـ الخبرة الدولية في تنظيم النقل العام.
ـ الخصائص المميزة للنقل العام في لبنان.
ـ أهداف وحاجات الأطراف المعنية بالنقل العام (الدولة، المالك، السائق والراكب) بالإضافة الى أعلاه، تمّ التشديد على ان الخطة يجب ان تتميّز بالمرونة. بمعنى آخر، يجب ان تتكوّن الخطة من سلسلة من المراحل (بالتحديد مرحلة قصيرة الأمد، مرحلة متوسطة الأمد ومرحلة طويلة الأمد) لتؤمن انتقالاً سهلاً وعملياً من الوضع الفوضوي الراهن الى الوضع المنظم المنشود.
المرحلة قصيرة الأمد: تقتصر هذه المرحلة مبدئياً على أفعال تنظيمية قليلة التكاليف، ولكن بمقدورها ان تحقق تحسيناً فورياً لصورة النقل العام (مركبات أحسن، سائقون أحسن، الخ...) بالإضافة الى تمكين الدولة من فرض سيطرتها على النواحي الأساسية للقطاع (عبر عمليات الترخيص). والأفعال التنظيمية المقترحة في هذه المرحلة تشمل:
ـ تنظيم حركة النقل العام بين المدن: ان رحلات النقل العام بين المدن يجب ان تتبع خطوطاً محددة وان تبدأ وتنتهي عند محطات معيّنة موجودة على مداخل المدن. ويجب تكملة هذه الرحلات من المحطات الى المقاصد المنشودة داخل المدن عبر استعمال مركبات النقل المديني.
ـ سلامة وتأمين المركبات: يتم فرض مقاييس صارمة بما يتعلق بسلامة المركبات العمومية (الحالة الميكانيكية، حالة الإطارات، الخ) ووجود بوالص تأمين صالحة ومناسبة. ويتم تحديد هذه المقاييس عبر التنسيق الفعال بين وزارتي الأشغال العامة والنقل ووزارة الداخلية والبلديات.
ـ حالة وراحة المركبات: يتم فرض مقاييس صارمة بما يتعلق بنظافة المركبات العمومية، حالتها الداخلية (المقاعد) ومظهرها الخارجي (اللون، الحدادة). هذا بالإضافة الى مقاييس معيّنة متعلقة بالراحة تختلف باختلاف نوع المركبات (مثلاً وجود تكييف هواء لمركبات التاكسي). ويتم تحديد هذه المقاييس عبر التنسيق الفعّال بين وزارتي الأشغال العامة والنقل ووزارة الداخلية والبلديات.
ـ الدعم والمساعدة الحكومية: ان تصليح المركبات العمومية لتتقيّد بمقاييس السلامة، والحالة والراحة الجديدة سوف يشكل عبئاً مالياً على المالكين. سوف تحاول وزارة الأشغال العامة والنقل ان تخفّف هذا العبء بالتنسيق مع شركات خاصة كبيرة (التأمين، التبغ، الخ) التي بمقدورها ان ترعى عملية التصليح جزئياً أو كلياً. وفي المقابل، تسمح الوزارة لهذه الشركات بوضع إعلاناتها على المركبات بطريقة منظمة وموحدة.
ـ حد أدنى من تدريب السائقين: يطلب من جميع السائقين العموميين الحاليين ان يخضعوا لبرامج تدريبية قصيرة ومبسطة تهدف الى تعزيز قدراتهم، تنمية آفاقهم والتشديد على النواحي المهمة (مثلاً قوانين القيادة، خدمة الزبائن، أصول التصرف، الخ). وتختلف البرامج التدريبية باختلاف أنواع السائقين.
ـ ترخيص الشركات: يجب على أي شركة باصات أو تاكسي ان تمتلك ترخيصاً من وزارة الأشغال العامة والنقل يسمح لها بنقل الركاب. وسوف تحدّد الوزارة ما إذا كانت الشركة مؤهلة لحمل التصريح بناء على مراجعة للوضع الحالي، خطة العمل، نوع وصلاحية التأمين، الخ...
ـ ترخيص السائقين: يجب على أي سائق عمومي ان يحمل ترخيصاً من وزارة الأشغال العامة والنقل يسمح له بمزاولة المهنة. وسوف تقوم الوزارة بتحديد ما إذا كان السائق مؤهلاً لهذه الرخصة عبر مراجعة نتائج فحص طبي حديث والسجل العدلي، بالإضافة الى رؤية شهادة عن إكمال البرامج التدريبية الجديدة.
ـ ترخيص المركبات: يجب على مالك أي مركبة عمومية ان يمتلك ترخيصاً من وزارة الأشغال العامة والنقل يسمح له بوضعها في الخدمة. وسوف تقوم الوزارة بتحديد ما إذا كانت المركبة جديرة بالترخيص عبر مراجعة نتائج فحص تقني حديث للمركبة للتأكد من أنها تستوفي شروط السلامة، الحالة والتأمين المطلوبة (يتم إصدار شهادات الكشوفات من قبل وزارة الداخلية عند قدرتها على القيام بهذا العمل). وبموجب الترخيص، سيُسمح للمركبة بالعمل ضمن قطاع خدمة معين يتم اختياره من قبل مالك المركبة، ولن يسمح لمركبة مرخصة للعمل ضمن قطاع معيّن بالعمل ضمن قطاع آخر. وسوف تقوم الوزارة بتقسيم لبنان الى قطاعات للخدمة بالشكل المناسب بحيث تتكوّن القطاعات في بادئ الأمر من محافظات أو مجموعة أقضية. ويجب ان تترك القطاعات واسعة بعض الشيء لكي لا يحصل حصر فوري وجذري لطريقة تشغيل المركبات وبالتالي ضمان قبولها من السائقين.
ـ تأجير اللوحات: يجب أن تتم كل عمليات تأجير اللُوح العمومية بين السائقين بموجب عقود واضحة تحدد فترة التأجير وثمن التأجير ومسؤوليات التأمين وصيانة المركبة، الخ...
ـ تأمين خدمة للمقعدين: سوف تطلب الوزارة من كل شركة تاكسي ان يكون عندها على الأقل مركبة واحدة مجهزة ومناسبة لخدمة المقعدين وقادرة على استيعاب كراسيهم الخاصة. وسيوضع ذلك كشرط مسبق للحصول على ترخيص العمل للشركة.
ـ إنشاء لجنة استشارية: ستقوم الوزارة بإنشاء لجنة استشارية مؤلفة من ممثلين للشعب والأطراف كافة المعنية بالنقل العام (شركات الباصات، شركات التاكسي، نقابة سائقي السرفيس، الخ). وتنحصر مهمة هذه اللجنة بتقديم المعطيات للوزارة عن حالة السوق المتغيّرة، مما يسمح للوزارة بأن تعدل سياستها وأنظمتها على النقل العام بالشكل المناسب. وتكون اللجنة استشارية فقط من دون أي نفوذ بما يتعلق باتخاذ القرارات.
ـ إنشاء قاعدة معلومات: سوف يتم بناء قاعدة معلومات ممكنة لكل ما يتعلق بالنقل العام. وسوف يتم بناء هذه القاعدة استناداً على المعلومات والوثائق التي سوف تقدمها الشركات، السائقين ومالكي المركبات خلال عمليات الترخيص. هذه القاعدة سوف تجعل الوزارة على علم كلّي بجميع خصائص النقل العام في لبنان، وسيتم تحديث هذه القاعدة على نحو مستمر.
ـ تأليف كتيّب للقواعد والقوانين: سوف تقوم الوزارة بتأليف كتيّب يحتوي كل القوانين والقواعد المتعلقة بالنقل العام، وعلى تعريف واضح لحقوق وواجبات الأطراف المعنيين كافة، بالإضافة الى تحديد متطلبات عمليات التقدم للتراخيص وكيفية تجديدها.
ـ التوعية: سوف تقوم الوزارة بإطلاق حملة توعية يتم فيها شرح الخطة المقترحة لتنظيم النقل العام بكل عناصرها وأهدافها، وشرح الحاجة الماسة الى هذه الخطة والتشديد على أنها ستشكل تحسيناً كبيراً للوضع الراهن. وسوف يتم الاستعانة بكل وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمقروءة في هذه الحملة.
ـ المراقبة والتطبيق: من أجل إنجاح المرحلة الأولى من الخطة، يجب القيام بمراقبة مكثفة وتطبيق صحيح. وهذا يشمل الكشوفات التقنية للمركبات بشكل دوري، بالإضافة الى كشوفات فجائية على جانب الطريق، بالإضافة الى تحديد نظام واضح للعقوبات وتطبيقه على المخالفين.
المرحلة متوسطة الأمد: تشمل هذه المرحلة الأفعال التنظيمية الآتية:
ـ الإدارة الروتينية: يجب القيام بالإدارة المستمرة للقوانين التي تم فرضها خلال المرحلة قصيرة الأمد (مثلاً القوانين المتعلقة بالنقل العام بين المدن، سلامة وفحص المركبات، تجديد التراخيص، الخ). وهذا الأمر ضروري جداً لنجاح الخطة المستمر.
ـ توزيع حركة العرض الموجودة (بكاملها): تقوم الوزارة في هذا الفعل التنظيمي بإدارة أحسن لكامل أعداد وأنواع المركبات الموجودة ضمن قطاعات الخدمة التي تم تعريفها سابقاً. بالتحديد، تقوم الوزارة ضمن كل قطاع خدمة بتحديد خطوط عمل معيّنة للباصات وتحديد مناطق عمل معيّنة للسرفيس والفانات. وعلى الرغم من ان كل المركبات الموجودة سوف توزع (حتى الزائد منها)، وهذا التقسيم يحسن حالة المرور ويخفف المنافسة القوية بين السائقين.
ـ تعيين حركة العرض الموجودة (بكاملها): يهدف هذا الفعل التنظيمي الى تحديد أي مركبة سيتمّ تعيينها الى أي خط أو منطقة خدمة. بالنسبة للباصات. إن هذا الموضوع مرتبط كثيراً بموضوع الخصخصة الذي تتابعه الحكومة بجدية. وبالتحديد، يجب تقسيم شبكة خطوط الخدمة للباصات في لبنان الى أجزاء عدة وطرحها للمناقصة. وتكون الوزارة مسؤولة كلياً عن تعريف حجم ومدة كل عقد بالإضافة الى اختيار الشركة المشغلة. أما بالنسبة للسرفيسات والفانات، فإنه من المقترح ان تستعمل الوزارة نظام المداورة بحيث يتم تبديل مناطق الخدمة للسائقين خلال فترة زمنية معيّنة، وذلك لضمان حصول منافسة عادلة بين السائقين وكسب أرباح متساوية.
ـ متابعة المراقبة: يجب القيام بمتابعة المراقبة ومتابعة تطبيق كل النواحي التي تم تنظيمها خلال المرحلة قصيرة الأمد (سلامة المركبات، التراخيص، الخ). هذا بالإضافة الى مراقبة المركبات للتأكد من تقيّدها بخطوط ومناطق الخدمة المحددة لها. وسوف يتم تحقيق ذلك عبر استعمال ملصقات خاصة توضع على أبواب المركبات وتشير بوضوح وعن بعد الى الخطوط/ المناطق المسموحة لها.
المرحلة طويلة الأمد: تهدف هذه المرحلة الى التنظيم الكامل والمتكامل لجميع نواحي النقل العام. ويتم تحقيق هذا خلال الأفعال الآتية:
ـ إدارة السوق: تقوم الوزارة بتأمين سوق متوازنة تكون فيه حركة الطلب مساوية لحركة العرض. ويمكن القيام بذلك عبر طريقتين:
* الطريقة الأولى: شراء جزئي للوحات وإعادة بيعها: تقوم الحكومة بشراء جميع اللوحات العمومية الزائدة من السوق، ثم إعادة بيعها بعدد معيّن كل سنة بطريقة تضمن موازنة الطلب والعرض. وعلى الرغم من ان هذه الوسيلة هي أقل تكلفة (لأنه يتم شراء اللوحات الزائدة فقط وليس جميعها)، إلا أنها غير مفضلة لأنها تحتوي على مشكلة ملكية (تبقى اللوحات ملكاً للسائقين) وعلى معضلة اجتماعية (أي لوحات سيتم تصنيفها كزائدة ويتم شراؤها وأي لوحات يتم إبقاؤها في السوق).
* الطريقة الثانية: شراء كامل اللوحات وتأجيرها: تقوم الحكومة بشراء جميع اللوحات العمومية الموجودة في السوق، ومن ثم تأجيرها بالأعداد المطلوبة كل سنة لقاء رسم سنوي معين. هذه الطريقة هي المفضلة لأنها تنقل ملكية اللوحات من السائقين الى الدولة، بالإضافة الى تجنب المعضلة الاجتماعية. وعلى الرغم من ان هذه الطريقة هي أكثر تكلفة، إلاّ ان الرسوم التأجيرية السنوية من شأنها ان ترد كل المبالغ المدفوعة من قبل الدولة، بالإضافة الى الفوائد ضمن فترة زمنية معقولة، وان تضمن ربحاً صافياً متتابعاً بعد ذلك.
ـ توزيع حركة العرض (المتوازنة): يتم تحديد التوزيع الأمثل لحركة العرض المتوازنة بعد ان تم استرداد اللوحات الزائدة من السوق وإخراج المركبات الزائدة من الخدمة. بالتحديد، يتم تعيين خطوط خدمة معيّنة للباصات ويتم أيضاً تعيين خطوط خدمة معيّنة للسرفيسات والفانات (عوضاً من مناطق للخدمة). ولن يسمح بأي تبديل أو مداورة لخطوط الخدمة، بل بالعكس إن كل مركبة أو لوحة سوف تلزم نهائياً بخطة خدمة معين، ويتم تحديد القيمة التأجيرية السنوية للوحة بناء على "ربحية" الخط.
ـ تنظيم عمليات إصعاد وإنزال الركاب: يتم بناء ساحات للانتظار عند نهاية كل خط خدمة بالإضافة الى تحديد أماكن توقف معينة على طول الخط. وسوف يسمح بإنزال وإصعاد الركاب عند هذه الأماكن فقط.
ـ زيادة المقاييس المتعلقة بحالة وراحة المركبات: عند هذه المرحلة، تكون الدولة هي المالكة للوحات وتقدر عندئذٍ أن "تختار" لمن تؤجر هذه اللوحات. بناء على ذلك، تفرض الدولة كشرط مسبق على كل راغب باستئجار لوحة أن تكون مركبته مراعية لمقاييس محددة متعلقة بحالة وراحة المركبة (مثلاً عمر محدد، مواصفات محددة، وجود تكييف للهواء، إلخ...). وبهذه الطريقة تقدر الدولة أن تجدد الأسطول المترهل للنقل العام وتحسنه تحسيناً كاملاً.
ـ زيادة تدريب وامتحان السائقين: كما ذكر أعلاه، تكون الدولة عند هذه المرحلة هي المالكة للوحات وتقدر أن "تختار" لمن تؤجر هذه اللوحات. بناء على ذلك تفرض الدولة كشرط مسبق على كل راغب باستئجار لوحة عمومية أن يخضع لبرنامج تدريبي صارم وأن ينجح فيه. بهذه الطريقة، تقدر الدولة أن تحسن من نوعية السائقين العموميين في السوق.
ـ انتقالية اللوحات: تقوم الدولة بجعل اللوحات العمومية للسرفيسات (وربما الفانات) غير قابلة للانتقال بين السائقين. بمعنى آخر، يجب أن يكون مستأجر اللوحة هو نفسه السائق ومالك المركبة. وبذلك تقضي الدولة على الأسواق الثانوية التي تبرز عادة في قطاع النقل العام.
ـ متابعة المراقبة والتطبيق: يجب متابعة المراقبة الصارمة والتطبيق الجدي لإعطاء الخطة النجاح المستمر.
4 ـ تطبيق الخطة في بيروت الكبرى
تم في هذه الدراسة تطبيق الخطة المقترحة في منطقة بيروت الكبرى وبالتحديد بما يتعلق بمواضيع تنظيم النقل العام بين المدن، إدارة السوق وتوزيع المركبات. وقد ركزت الدراسة بالتحديد على أنماط السرفيس والفانات وأظهرت النتائج التالية:
تنظيم النقل العام بين المدن: إن رحلات النقل العام بين المدن يجب أن تبدأ وتنتهي عند محطات محددة واقعة على المداخل الأساسية للمدن، وأن تتبع خطوطاً معينة لذلك. بالإضافة الى محطة شارل حلو الموجودة عند مدخل بيروت الشمالي، يجب بناء محطتين جديدتين على الشكل التالي:
ـ محطة خش عند المدخل الشرقي: ويتم تسيير المركبات العمومية من والى هذه المحطة عبر وصلة قصر العدل ـ الحازمية مروراً بطريق بيروت ـ دمشق الدولي.
ـ محطة بئر حسن عند المدخل الجنوبي: ويتم تسيير المركبات العمومية من والى هذه المحطة عبر طريق ماريوت ـ الأوزاعي ـ خلدة.
حركة الطلب: تم تقدير حركة الطلب على النقل العام وذلك عبر حساب عدد الرحلات المعمولة خلال ساعة الذروة الصباحية. والنتائج مبينة في الجدول رقم (1).
حركة العرض: تم تقدير عدد المركبات العمومية المطلوب في السوق، وبالتالي تقدير عدد المركبات الزائد عن الحد المطلوب. وبالتحديد، تمت دراسة عدة سياسات حكومية لها تأثير في حركة العرض كما يلي:
ـ سياسة عرض رقم 1: وضع حد على عدد الفانات في بيروت الكبرى (2000 لوحة).
ـ سياسة عرض رقم 2: إرغام جميع سائقي الفانات على العمل خارج بيروت الكبرى.
ـ سياسة عرض رقم 3: إصدار لوحات إضافية للفانات حسب حاجة السوق.
أظهر التحليل أنه توجد أعداد زائدة جداً عن المطلوب عن مركبات السرفيس، بينما أعداد الفانات هي ضمن المعقول وتتناسب مع حركة الطلب. وهذا واضح في الجدول رقم (2).
إدارة السوق: تمت دراسة عدة سيناريوات حكومية لإدارة سوق النقل العام في بيروت الكبرى وجعلها سوقاً متوازنة تكون فيها حركة الطلب مساوية لحركة العرض.
ـ السيناريو الإداري 1: شراء الدولة اللوحات الزائدة فقط/ إعادة بيع اللوحات المستردة بالأعداد المطلوبة كل سنة/ فرض حد على عدد الفانات في بيروت (2000 لوحة).
ـ السيناريو الإداري 2: شراء الدولة اللوحات الزائدة فقط/ إعادة بيع اللوحات المستردة بالأعداد المطلوبة كل سنة/ إرغام الفانات على العمل خارج بيروت الكبرى من دون تعويض.
ـ السيناريو الإداري 3: شراء الدولة اللوحات الزائدة فقط/ إعادة بيع اللوحات المستردة بالأعداد المطلوبة كل سنة/ شراء لوحات الفانات المعترضة على قرار الحكومة بإلزامها العمل خارج بيروت (1000 لوحة).
ـ السيناريو الإداري 4: شراء الدولة جميع اللوحات الموجودة في السوق/ تأجير اللوحات بالأعداد المطلوبة كل سنة لقاء رسم سنوي محدد/ فرض حد على عدد الفانات في بيروت (2000 لوحة).
وتم دراسة الأثر المالي لكل من السيناريوات كما مبين في الجدول رقم (3)
بناء على نتائج التحليل المالي، وأخذاً بالإعتبار واقعية السيناريوات (أي مواضيع المساواة الاجتماعية وملكية اللوحة)، يكون السيناريو الإداري المفضل هو رقم 4. بالرغم من أن الحكومة سوف تدفع مبلغاً قدره 115 مليون دولار لاسترداد اللوحات، إلا إن الأرباح التي يمكن تحقيقها هي أكثر بكثير (373 مليون دولار خلال 20 سنة). بالإضافة الى ذلك، إن هذا السيناريو يؤمن للحكومة مصدراً مهماً للأرباح الصافية بعد استرداد التكاليف الأساسية. وقد تم دراسة اثر هذا السيناريو على أرباح السائقين أيضاً وكانت النتائج كما يلي:
ـ إن إخراج الأعداد الزائدة من المركبات العمومية من الخدمة سوف يزيد الأرباح الإجمالية لسائقي السرفيسات بمعدل 57 في المئة تقريباً خلال 20 سنة.
ـ إن القيمة التأجيرية المقترحة للوحات السرفيس (650¤ في السنة) تشكل 7 في المئة فقط من الأرباح السنوية، وبالتالي يمكن للسائقين أن يحققوا ربحاً صافياً نحو 50 في المئة تقريباً.
بالإضافة، إن هذه القيمة هي نحو نصف القيمة الحالية المتداولة بين السائقين في السوق (100 دولار/الشهر).
توزيع المركبات: تمت دراسة عدة بدائل لتقسيم بيروت الكبرى الى مناطق منفصلة للخدمة (شرق/غرب وشمال/جنوب). وتمت مقارنة البدائل بناءً على المعايير التالية:
ـ مستوى التحسين للوضع الراهن.
ـ إمكانية فصل بيروت المدينية الى منطقة خدمة منفصلة.
ـ نسبة الرحلات داخل مناطق الخدمة.
ـ نسبة الرحلات بين مناطق الخدمة.
ـ الأثر في أرباح السائقين.
ـ سعة الطرق الحدودية بين مناطق الخدمة.
ـ مستوى المراقبة المطلوب.
بناءً على نتائج المقارنة، إن التقسيم المقترح لبيروت الكبرى هو منطقتي خدمة متساويتين تقريباً في المساحة شرقاً/غرباً. تتم مداورة هذه المناطق بين السائقين كل 6 أشهر، وتكون حدود هذه المناطق على الأرض كالتالي:
ـ من الساحل الى البربير (طريق بشارة الخوري).
ـ من البربير الى قصر العدل (جادة صائب سلام).
ـ من قصر العدل الى الحازمية (وصلة قصر العدل ـ الحازمية).
ـ من الحازمية الى حدود بيروت (طريق بيروت ـ دمشق الدولي).
إن جميع هذه الطرق تمتلك السعة المرورية اللازمة والمناسبة لتسيير مركبات النقل العام من كلا منطقتي الخدمة.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00