خلال الملتقى الاول لاتحاد المستشفيات العربية الذي عقد في بيروت في حزيران الماضي، دعا الاتحاد كل المستشفيات العربية الى تعزيز التعاون بينها في المجالات العلمية والتقنية، وتنمية تبادل الخدمات الصحية والإدارية والمعلوماتية والتعليمية، وتعزيز السياحة الصحية في العالم العربي.
وفي هذا الإطار، حاورت "المستقبل" الأمين العام لاتحاد المستشفيات العربية عادل سعيد الشامسي الذي يتولى الآن مسؤولية المدير التنفيذي لمدينة دبي الطبية إحدى أكبر المؤسسات الطبية المنتسبة للاتحاد، فأكد عدة أمور أساسية: "ان اتحاد المستشفيات العربية قد قام على أسس متطوّرة وحديثة، ولا يقبل بأن يكون عادياً، أو أن تكون مؤتمراته تقليدية، إذ أن هدفه الأساسي هو تمكين المواطن من الحصول على أفضل خدمات الرعاية الصحية والسياحة الصحية بإشراف أفضل الخبرات". وقال: "إن الاتحاد قرر أن ينطلق بمشاريع يعمل على تنفيذها بحيث لا تكون مجرد حبر على ورق تستهدف الدعاية الإعلامية فقط، إنما لخدمة الإنسان العربي، كما سيعمل على إنشاء آلية تتحرك بسرعة بين المؤسسات الصحية العربية لمتابعة كل ما يجري على مساحة الوطن العربي صحياً والتحرك لمواجهته معاً".
وفي سياق حديثه تكلم أيضاً عن الخبرات التي تؤسس لها مدينة دبي الطبية والتي تسعى للتكامل مع الاتحاد بحيث توضع في خدمة الإنسان العربي والتكامل مع المؤسسات الصحية العربية.
بداية، لماذا أنشئ اتحاد المستشفيات العربية وما هي أهدافه؟
ـ على مساحة العالم العربي هناك الكثير من المعاهد والمستشفيات والأكاديميات الصحية المشتتة، والتي لا تملك آلية تجمعها، وهي تعاني نقصاً في جوانب العمل المشترك، بحيث يصعب عليها تنظيم الاستثمار الذي وظف فيها. بالإضافة الى عدم وجود آلية مشتركة للدراسات حول ما تتعرض له المنطقة من أمراض وما شابه. وقد أنشئ الاتحاد لهذا الغرض وأهدافه توحيد إمكانيات المؤسسات الطبية في العالم العربي، وخلق آلة تفاعل وتعاون في ما بينها، وتطوير قطاع البحوث والدراسات، وإيجاد منهجية جديدة في الاستثمار في قطاع السياحة الصحية.
ما هي الإنجازات التي حققها الاتحاد؟
ـ إن الاتحاد حديث السن، ولكن على الرغم من ذلك، وخلال هذه الفترة الزمنية القصيرة استطاع تحقيق إنجازات كثيرة تشهد لقوته، وتؤكد مصداقية الهدف المشترك ما بين المؤسسات الطبية. فقد تمت عملية انتساب 141 مؤسسة صحية على مساحة الجغرافيا العربية، التقت على هدف أساسي هو تطوير القطاع الصحي، خصوصاً أن بنود الاتحاد ليست سياسية إنما تخدم الإنسان العربي وتصبو الى النمو والارتقاء في نوعية التعاون العربي المشترك.
من الإنجازات التي قام بها الاتحاد أيضاً المؤتمر والمعرض للرعاية الصحية، الذي أقيم في حزيران 2003 في بيروت، وقد شارك فيه الكثير من المؤسسات الطبية، وشاركنا نحن كمدينة دبي الطبية، واتيحت لنا فرصة من خلاله للتعرف الى مؤسسات صحية عربية، وتوحيد لغة المخاطبة في ما بيننا. أضف الى ذلك الاجتماعات الداخلية للاتحاد التي بدأت بالتحضيرات للملتقى الثاني للاتحاد الذي سيقام في دولة الإمارات المتحدة ـ مدينة دبي.
ما هي الخطط والمشاريع المرتقبة للاتحاد؟
ـ روزنامة الاتحاد متنوعة ومتعددة وتتركز على عدة محاور منها: ملتقى دبي الذي سيصادف في شهر نيسان 2004 والذي سنعمل على أن لا يقل عدد المشاركين فيه عن 500 مؤسسة طبية. إضافة الى عرض بعض الدراسات التي سوف تتحول الى مرحلة التنفيذ ومنها مشروع "المساهمة في إيجاد بنك الأعضاء" على مستوى الرقعة العربية، وهذا الإنجاز جديد على العالم العربي وسوف يتمّ بالتعاون مع مدينة دبي الطبية التي تعمل عليه.
إن كل المنتسبين يلتقون معي في وجهة النظر أن قوة الاتحاد تأتي من تنفيذ المشاريع وليس من الأساليب التقليدية التي تعودت عليها الاتحادات، وقد ابتدأت روزنامته من هذه النقطة، وترجمتها كانت في أول ملتقى لأنها انطلقت من وجود المؤسسات الطبية والمستشفيات العربية المتميزة، وطرحت خلاله بعض الأوراق العملية لتتحول الى واقع يطبق في الملتقى الثاني.
ومن أهم المشاريع التي يدرسها الاتحاد أيضاً والتي سوف تتبلور في الملتقى القادم مشروع "إدارة الأزمات للرعاية الطبية (MCMC) Medical Crisis Management Council ومن خلاله سوف تشكل آلية ما بين عدد من المستشفيات المنتسبة للاتحاد لإنشاء فريق عمل يتحرك حسب الأزمات في العالم العربي للمساعدة الطبية، والمساهمة في تخفيف الآلام لدى من يتعرضون لها، وكل هذه المشاريع تتطلب أن يكون هناك جهاز مبرمج مسبقاً يعمل بآلية فعّالة، ويملك المقدرة للحركة السريعة.
دعنا نتكلم أكثر عن الملتقى القادم، متى حدّد وماذا سيتضمن؟
ـ لقد حدّد تاريخ 20 ـ 21 نيسان 2004 موعداً لعقد الملتقى، وسننتقل فيه الى الخطوات العملية بصورة أسرع، وهدفنا طرح توصية واحدة قابلة للتنفيذ بدلاً من ملء الصفحات بعشرات التوصيات التي لن تنفذ، إن عالمنا العربي اليوم يواجه أجيالاً جديدة لها أسلوب تفكير جديد، وهذه فعلاً إحدى الهواجس التي أحملها شخصياً كمدير تنفيذي لمدينة دبي الطبية، من خلال مشاركتي في الاتحاد، لذا فعندما بنيت خطتي التنفيذية عملت على أن الاتحاد يجب أن يأتي بشيء جديد يشكل تجربة ناجحة في مجال العمل المشترك، ولتنفيذ مشاريعنا التي طرحت يجب تحضير آلية يتواجد ضمنها فرق تخصصية مؤهلة ومبرمجة وعملية، وأنا أؤكد أن من في اتحاد المستشفيات العربية هدفهم واضح وهم مستعدون للعمل والإنجاز، وسيبرز ذلك في ملتقى دبي 2004.
هل تتوقع أن يشكل الاتحاد في المرحلة المقبلة قوة ضاغطة على الحكومات لتخصيص القطاع الاستشفائي؟
ـ إن اتحاد المستشفيات العربية هو مزيج من القطاعين الخاص والعام، والحصة الأكبر فيه هي للمستشفيات الخاصة، وما نحاول أن نقدمه أن نكون قطاعاً رائداً يشكل المثال الجيد للآخرين، وبدلاً من أن نطالب الحكومات بتغيير سياستها نعمل على إيجاد الآلية السليمة، ونقدم النموذج الأفضل، وذلك سيرقى بالجميع الى هذا المستوى. إن عملية الضغط على الأجهزة الحكومية ليس من اختصاصنا، فالاتحاد لن يتوجه الى جوانب سياسية لأن ذلك لن يحقق النجاح، إنما النجاح سيأتي من العمل الواضح والدقيق في مجال الرعاية الصحية، حيث أرى الاتحاد كأدة رافعة لمستوى الخدمة والجودة في القطاعين الخاص والحكومي.
من موقعك كأمين عام لاتحاد المستشفيات العربية هل تحبذ تخصيص القطاعات الحكومية في البلدان العربية؟
ـ إن القطاع الصحي الخاص على مستوى العالم أثبت نجاحه لأنه يضع معيار التوازن بين التكلفة والجودة، ويحافظ على هذا التوازن لينجح ويتقدم. أحياناً يعجز القطاع الحكومي عن توفير الجودة، ويعمل بدون وجود معيار للتكلفة، وبهذه الحال يختل التوازن، إضافة الى أن المنافسة هي من معايير النجاح والتطور، فالخدمة التي نقدمها للمريض غداً يجب أن تكون أفضل من خدمة اليوم، لأن العالم أصبح قرية صغيرة والمريض يقصد المؤسسة التي يحصل فيها على الخدمة الأفضل والأقل تكلفة. أعتقد أن إتاحة الفرصة للقطاع الخاص ليتولى الريادة في هذا المجال يرتقي بالعمل الصحي، ويتيح المزيد من فرص الاستثمار في هذا القطاع، ويبني نوعية مميزة من الكوادر التي تعمل بناء على الانتاجية وليس على ساعات زمنية، إنما من الضرورة أن يكون هناك مصداقية توضع من خلال المؤسسات الحكومية وفق معايير محددة لا تسمح بالتواجد إلا للمستوى الأرقى، بحيث تفتح مجالات التنافس بين المؤسسات الطبية لتقديم الخدمة الأفضل.
ماذا عن المدينة الطبية في دبي؟
ـ مدينة دبي الطبية تأتي في سياق المشاريع المتطورة لمدينة دبي، التي عودت العالم على أن تكون الأكثر تطوراً ومتابعة لكل جديد وحديث، في مختلف المجالات تلبية لروح العصر حيث التطور متواصل على مدار الساعة. ولعل من أهم وأكثر الأعباء ثقلاً على أي قيادة، هو تحديد سرعة مواكبة التطورات الحاصلة في العالم، بحيث لا يترجع موقع مدننا العربية ودورها عالمياً من جهة ودون الانزلاق الى ما يتعارض مع واقعنا العربي.
وانطلاقاً من هذه الرؤية يمكننا القول إن دولة الإمارات العربية المتحدة بصورة عامة ومدينة دبي خاصة قد اتخذت قرارها بأن تكون الرائدة في تطور المدن، مما ساعدنا في مدينة دبي الطبية على أن ننطلق تحت سقف هذا المفهوم الواعي والمتقدم في رؤيته لما يجري في العالم، وهذا الانطلاق لم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتاجاً لجهود مدروسة وإرادة مصممة وكوادر تعرف ما تريد وإدارة تفسح بالمجال أمامها لتطبيق أحلامها وطموحاتها المستندة الى أسس صحيحة وواقع ملموس. ومدينة دبي الطبية التي أنشئت في تشرين الثاني العام الماضي صورة نموذجية متكاملة بمشاريع تهتم بالإنسان وراحته، وتسعى الى تقديم الأفضل له، فقد بني المشروع على مساحة 14 مليون قدم مربع بتكلفة مقدارها 1.8 مليار دولار انطلاقاً من مفهوم يرى أن تطوير أي مدينة لتكون حديثة بكل ما تعنيه الكلمة يفترض تكامل كل الحلقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والخدماتية والصحية، ولعل الجانب الصحي هو الأساس هنا لأنه يدل على مدى تقدم شعبنا وتطوره. لقد سعت المدينة الطبية منذ قامت من أجل أن تكون الإطار الجامع لأفضل الكوادر الطبية العربية والعالمية، ولأن تكون مؤسسة بحثية متطورة تؤسس لخدمة الأجيال المقبلة، من خلال متابعة أبحاثها بصورة متواصلة، وإعداد وتدريب وتأهيل الكوادر الطبية اللازمة لحمل الرسالة في الوطن العربي كله، ومن هنا كانت علاقتنا استراتيجية مع المؤسسات التخصصية العالمية التعليمية، ولعل أرقاها في هذا المجال هارفرد ميديكال سكول التي تعتبر رائدة في هذا المجال، وهي لم تتواجد خارج إطار أميركا الشمالية منذ قيامها قبل 370 سنة، وقد استطعنا التوافق معها على وضع خبراتها في تصرف المنطقة من خلال مدينة دبي الطبية، وهذا بحد ذاته إنجاز آلية تساهم في تطور ورفاهية شعوب المنطقة.
وتضم المدينة الطبية أيضاً معاهد متخصصة لطلاب الطب والتمريض، وكل ذلك ضمن نظام متكامل يساند بعضه بعضاً، وقد ابتدأت عملية إنجاز المباني ليكون شهر آب 2004 المنطلق لتقديم الخدمات العلاجية.
ومن هنا ينقسم مشروع مدينة دبي الطبية الى مرحلتين، المرحلة الأولى البناء والإعداد ووضع النظام واستقدام الخبرات اللازمة، والمرحلة الثانية الانطلاق في خدمة الإنسان وصحته على مستوى العالم العربي كله من خلال مشروع رائد قادر على تقديم الخدمة العلاجية الأفضل، ويشمل المشروع تقديم خدمات النقاهة للمرضى وتخفيف الوزن والرعاية الصحية العلاجية في جو صحي. وتعتبر مدينة دبي الطبية فرصة استثمارية جيدة للمستثمرين العرب بما فيه من المردود الاقتصادي والاجتماعي وما يوفر من سلامة الاستثمار والملكية التامة للمستثمر.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.