أي آثار ستترتب على الحرب في العراق؟
كم سيصبح سعر صفيحة البنزين والمازوت والكاز وغيرها من المشتقات النفطية؟
هل لدينا مخزون استراتيجي في لبنان يكفي لمواجهة آثار الحرب على دولة نفطية، بجوارها دول نفطية أخرى، تعتبر من أهم مصدري النفط في العالم؟
ما مصير الاتفاقات النفطية التي أبرمتها الدولة مع العراق؟
مجموعة هواجس "نفطية" بدأ المواطن اللبناني يفكر فيها قبل بدء الحرب على العراق ومع اندلاعها. مع العلم ان معظم القطاعات المعنية بتأمين السوق النفطية المحلية، شددت منذ بداية الأزمة العراقية الأخيرة، على تأمين احتياط يكفي لمدة شهر من أنواع المشتقات النفطية السائلة كافة.
وفي هذا السياق، أكد رئيس نقابة الشركات المستوردة للنفط بهيج أبو حمزة، أن أي انعكاس سلبي للأزمة العراقية الراهنة على أسواق النفط العالمية سيتأثر بها لبنان، كونه بلداً مستورداً للنفط، وان أول انعكاسات الأزمة على الشركات ارتفاع تكلفة الفاتورة النفطية، يضاف اليها زيادة فاتورة التأمين على المخاطر والتأمين على النقل.
وقال أبو حمزة في حديث الى "المستقبل" إن الحرب على العراق تشكل لدينا خوفاً، وهذا الخوف مبرر ومنطقي، لأن أحداً لا يستطيع التكهّن بنتائجها سواء على العراق أو دول الخليج والتي تعتبر برمتها من أهم الدول المصدّرة للنفط في العالم.
وأضاف ان لبنان أمن احتياطه لمواجهة الأزمة لمدة تكفي لأكثر من شهر، مشيراً الى ان لبنان يستهلك شهرياً نحو مئة ألف طن بنزيناً، و50 ألف طن مازوتاً، و12 ألف طن غازاً سائلاً.
ورأى انه مهما تكن النتائج فإن لبنان يستورد معظم حاجاته النفطية من دول حوض البحر المتوسط (روسيا، اليونان وتركيا) و50 في المئة من حاجاته لمادة البنزين من سوريا، وان الوضع مطمئن لجهة تأمين المادة النفطية، لكنه غير مضمون في ثبات الأسعار، لأن ذلك يتعلق بمدة الحرب، وبإمكان استمرار مدّ النفط الى الأسواق.
وفي ما يلي نص الحوار:
الأسعار ستتأثر هبوطاً أو ارتفاعاً تبعاً لمدة الحرب
ما هو وضع القطاع النفطي اليوم في لبنان؟
ـ في السنوات الأخيرة طرأ الكثير من التغيير على القطاع النفطي في لبنان، خصوصاً ان لبنان كان من الدول المصنّعة للمشتقات النفطية، عبر مصفاتي الزهراني وطرابلس، وبعد الأحداث التي ألمت بالمصفاتين وتضررهما، توقف ضخ النفط إليهما من السعودية والعراق، وقد أصبح لبنان بعدها مستورداً، وأصبحت الشركات المستوردة للنفط تلعب دورها في بناء الخزانات الخاصة وفي الاستيراد من دول حوض البحر الأبيض المتوسط ومن البلدان المجاورة وخلال الفترة الماضية كانت المشتقات النفطية مدعومة من الدولة. لكن في الفترة اللاحقة نزع هذا الدعم، وأصبحت مهمة الاستيراد من مهام الشركات، وقد أخذت الدولة دور المراقب على نوعية وأسعار المشتقات النفطية، وفي ظروف الأحداث أنشئت بعض الشركات الجديدة لتلبية حاجة الأسواق وتغذيتها، خصوصاً ان لبنان شهد خلال تلك الفترة انقطاعات في المشتقات النفطية. وقد استقرت هذه الأمور في التسعينات، وتحوّلت بعض ملكيات الشركات المحلية الى ملكيات أجنبية، وعادت الشركات الأجنبية مجدداً الى سوق النفط المحلية.
وقد شهدت حقبة التسعينات استقراراً في هذه السوق، من حيث تأمين هذه المشتقات ومن دون إحداث أزمات انقطاع في السوق، وما نشهده اليوم فيها من استقرار يعود الى تحمل القطاع الخاص مسؤولياته في تأمين السوق وتلبية حاجاتها.
ماذا عن الأزمة العراقية وتأثيراتها في القطاع النفطي في لبنان؟
ـ لقد سبق وعايشنا الأزمة العراقية في بداية التسعينات وهي مشابهة للأزمة الحالية، ولا شك ان أي انعكاس على الأسواق العالمية للنفط ستتأثر بها السوق المحلية في لبنان وفي غير لبنان، وهذا الأمر طبيعي لأن لبنان يعدّ بلداً مستورداً. ولا شك في ان الأزمة الراهنة في العراق والخليج، تشكل لدينا تخوفاً، وهذا التخوف منطقي، لأن لا أحد يستطيع التكهّن بنتائج الحرب على العراق والدول المجاورة له، خصوصاً دول الخليج، التي تعتبر من أهم الدول المصدّرة للنفط في العالم، والسؤال الذي يطرح في هذه المرحلة هو المدى الزمني لهذه الحرب قصيرة أم طويلة؟
ومنذ بداية الأزمة العراقية انعكست هذه الأمور سلباً على وضع الأسعار في لبنان بزيادات طفيفة، ولكن الأهم اننا استطعنا تأمين هذه المادة وعدم انقطاعها.
ومهما تكن النتائج فإن لبنان يستورد كما قلت من دول حوض المتوسط ومن سوريا نستورد البنزين بحدود 50 في المئة من حاجة السوق المحلية. وتحتاج هذه السوق الى نحو 100 ألف طن من البنزين، و50 ألف طن من المازوت، و12 ألفاً من الغاز، وهذا البرنامج نتمنى ان لا يدخل عليه أي تأثيرات، خصوصاً لجهة النقل البحري، إذ ستزيد تكاليف الأخطار والتأمين للنقل في البحر الأبيض المتوسط، ولكن لن يكون هناك خوف من انقطاع الامداد، وهذا يجعلنا نطمئن الى ان المادة ستبقى مؤمنة، أما الأسعار فهي تخضع لظروف الحرب العراقية، وما سينتج عنها من أعمال تدمير في العراق.
هل لدينا احتياط كافٍ لمواجهة الأزمة الراهنة؟
ـ لدينا احتياط كافٍ لمدة شهر، والمخازن الموجودة إذا امتلأت تكفي وتفيض عن حاجة لبنان، وهذه الطاقة التخزينية تكفي إذا وجدت لمدة خمسة أشهر، والأهم هو ما يتعلق ببرنامج الاستيراد من الخارج، الذي هو برنامج مستمر، والخزانات كما هو موجود فيها اليوم تحتوي على ما يؤمن حاجة أسواقنا، وأكثر.
ما هو وضع السوق المحلية بعد انتهاء الحرب على العراق؟
ـ الأمر يتعلق بمدة الأزمة، فإذا كانت الحرب الأميركية على العراق خاطفة، سنشهد انخفاضاً كبيراً في سوق النفط، أما اذا كانت طويلة، فذلك يخيف وسيؤثر حكماً في أسعار النفط لجهة الارتفاع.
يشهد لبنان منذ فترة ارتفاعاً في أسعار المشتقات النفطية، إلام تعزو هذا السبب؟
ـ نتيجة ضبابية الأمور في أسواق النفط العالمية، والوضع في العراق، الأمر الذي يؤدي الى ارتباك في أسعار الأسواق العالمية، ولن تستقر الأوضاع حتى يتبين بوضوح وضع العراق وزمن الحرب، وهل سيكون ثمة نقص في امدادات النفط، وما هي أوضاع آبار البترول في العراق والدول الخليجية كلها. الأجوبة عن كل هذا ستنعكس حتماً على أسواق النفط العالمية. ومما لا شك فيه ان الشركات ستتأثر بشكل أو بآخر بظروف الحرب، وأول تأثير سلبي سيكون من جهة الأسعار، وقد تأثرنا به، وقد بدأ ذلك ان الشركة التي كانت تموّل أو تشتري 25 ألف طن بمبلغ لا يتجاوز 5 مليون دولار، أصبحت الكمية نفسها بحدود 7 ملايين دولار الى 8، وأضف لذلك عنصر المخاطرة، إذ نستورد في ظروف غير طبيعية، فالاستيراد الآن يتم على أساس الأسعار العالية، وأي انخفاض حاد فيها، سيؤدي الى نتائج سلبية على الشركات، وهذه في النهاية تجارة وهي تخضع للسلبيات والإيجابيات.
هناك ظروف حادة وقبل الهجوم على العراق هناك انخفاض في أسعار المشتقات النفطية.
ما مصير الاتفاقات النفطية التي عقدها لبنان مع العراق؟
ـ الاتفاقات النفطية التي أبرمتها الدولة مع العراق، لم تستفد منها الشركات نهائياً، والكلام عن إفادتنا من هذه الاتفاقات كان يجب ان يحصل منذ سنوات. هناك تجارة ضخمة وعقود هامة بين لبنان والعراق، وقد استفاد منها لبنان، على الصعيدين التجاري والصناعي، إلا اننا لم نستفد منها في المجال النفطي.
هناك عقود نفطية مع العراق لم تنجز وبالتالي الدولة لم تستفد منها، وهي عبارة عن مساعدات عينيّة بعشرة ملايين دولار منذ خمس سنوات، إلا انها لغاية اليوم لم تنفذ، ولو نفذت لكنا أنجزنا عشرات المشاريع في هذا القطاع.
لمن تحمّلون المسؤولية في ذلك؟
ـ لا أريد ان أحمّل أحداً المسؤولية، ولكن بالنتيجة الدولة اللبنانية هي التي خسرت، وهي تستطيع تحديد المسؤوليات عن هذه الخسارة. قد تكون الظروف السياسية أو علاقات لبنان الخارجية هي المسؤولة عن ذلك، ولكن للأسف، فإن الشركات لم تدعَ يوماً للمشاركة في أي اجتماع عقدته الدولة مع الدول التي أبرمت معها اتفاقات نفطية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.