أقل من ساعة واحدة هي المسافة التي تفصل ما بين مطار رفيق الحريري الدولي ومطار مدينة بافوس، عاصمة الساحل الغربي لجزيرة قبرص، التي تملك تاريخًا حافلاً...وسياحة مميزة... فـ35 دقيقة كافية لنقلك على متن الطائرات العارضة تشارتر التي خصصتها شركة نخّال للسياحة والسفر بالتعاون مع أجنحة الأرز، من الأمن السياحي المفقود في لبنان وضجيجه السياسي الذي أفسد موسم الصيف السياحي، الى رحاب مدينة تفتح ذراعيها لاستقبال السياح من كل حدب وصوب، وهي بذلك تفرض نفسها على خارطة السياحة العالمية، كوجهة للاستجمام والراحة.
وخصصت شركة نخال للسياحة والسفر 3 أيام مجانية، لأصحاب مكاتب السفر وممثلي وسائل الاعلام، للتعرف الى بافوس، حيث بدأت الشركة رحلات مباشرة تستمر حتى منتصف أيلول (المقبل)، بمعدل رحلتين أسبوعياً.
في الرحلة التي اجتمع فيها نحو 103 أشخاص، يدهشك حسن التنظيم الذي يبدأ من مطار بافوس، مروراً بشوارع المدينة وصولاً الى كورنيشها، ولا يقتصر اعجاب السائح على هذا الأمر فحسب، بل يتعداه الى أمور أخرى يجدر التوقف عندها وهو القيمة التاريخية لبافوس، التي تضم المدينة مقابر الملوك الضخمة التي تعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد والواقعة على منحدر صخري شاهق فوق صفحة البحر المتلألئة، بالإضافة إلى قلعة رائعة تعود إلى العهد البيزنطي والجداريات الفسيفسائية الجميلة، وجدير بالذكر أيضًا أنها معروفة بكونها مكان ميلاد الآلهة أفروديت في الأساطير اليونانية. وتتضاعف الكثافة السكانية في المدينة البالغ عدد سكانها نحو 35 ألف شخص بحلول فصل الصيف، حيث يتدفق الزوار الإنجليز والألمان والإسكندنافيون إلى الشاطئ.
أما الأمر الآخر، الذي أجمع عليه زملاؤنا في الرحلة وشاهدناه بأمِّ العين، فهو فخامة المنتجعات والفنادق السياحية، وخلال الجولات داخلها تحدثّك الخدمات والنظافة والراحة عن نفسها، وهي أعدّت خصيصاً لتتناسب مع زائرين لا يخطبون إلا ود الراحة والرفاهية، وبالإضافة الى هذا لا يمكنك إلا وأن تتنعم بليل المدينة التي تتحول نهاراً موسيقياً في شطر كبير منه يونانياً.....براعة الرقص القبرصي تجعلك متواطئاً بالمشاركة وهم يعلمونك رقصة زوربا....وأمّا النهار فلك سبحاً وسباحة على شواطئ بافوس..كل شيء مغري حتى الرمال الدافئة، هذه المنتجعات والفنادق تطل بأجمعها على مياه المتوسط، والشمس اللاذعة التي تشرق من البحر وتغيب في البحر، دافعة بذلك كل من يأتي الى بافوس للسباحة تحت شمسها، ليكتمل المشهد اللازوردي لبافوس.
لا تأخذ الرحلة منك وقتاً طويلاً لتطوف حول بافوس، التي تلفتك مبانيها الجميلة كنجوم سقطت الى الأرض، منثورة على روابي المدينة الخضراء، طبقات ثلاث هي عمارات المدينة، حتى لا تحجب السماء الصيفية الزرقاء عن العين، وحينها يأخذك الهدوء وشاعرية الأمكنة التي زرناها، وتحثّك على التفكير كيف يصنع ألأمن والنظافة والرقي الشعبي على تحويل مدينتك الى قبلةٍ تود التوجه إليها كلما حان الوقت، في بافوس يلفتك أيضاً كرم الضيافة والاغداق على من يزور المدينة، ليعودها كما جاءها أول مرّة.
يخلق من الشبه أربعين، ليست محصورة للتشبيه بين بني البشر، بل يمكن للأمكنة أن تتشابه وتتماهى، الى حدٍ يجعلك للوهلة الأولى لا تفرق بين بافوس والمناطق الساحلية في لبنان، لا سيما المنطقة الممتدة من جونية الى البترون، حيث يخيم الصمت والهدوء والشمس على المدينة، وكأنها مستغرقة في فلسفتها الاغريقية التي أورثتنا كماً هائلاً من الفكر الانساني.
وكل هذا في كفة أما الكفة الأخرى، فهو شهرة الجزيرة ككل وبافوس خصيصاً بالألعاب الرياضية والمائية بشكل خاص ومنها صيد الأسماك والغولف وركوب الدراجات والإبحار وسباق اليخوت ورالي السيارات.
وبافوس هي مدينة عريقة تقع في الطرف الجنوبي الغربي من قبرص وتحظى بمكانة كبيرة لدى السياح من مختلف الأعمار، من المعروف أن لبافوس دوراً خلال العهد الروماني، وهي غنية بمواقعها الأثرية التي يعود بعضها الى القرن الرابع قبل الميلاد وتم إدراجها بجدارة ضمن لائحة اليونسكو للتراث العالمي.
ولأن بافوس، موطن أفروديت وأدونيس آلهة الحب والجمال اليونانية، والتي يقال عنها إنها نهضت من الأمواج التي تحطمت على شواطئها. يستقبلك فندق أماتيوس باعادة التاريخ بمسرحية جميلة تحكي الرواية، بين بافوس وليماسول لا يمكنك إلا ان تعرج بيتر تورميو أو صخرة أفروديت وهي كتلة صخرية ضخمة تميز المكان.. على أنه مكان ميلاد أفروديت. تشبه الوردة الجورية المتفتحة، الجميع يأخذ الصورة فالحب لا ينكره إلا الموتى.
ليماسول معروفة أنها ثاني أكبر مدينة في الجزيرة. منتجع سياحي فريد ومركز للنشاط والحركة. هكذا تعرف وهكذا هي ليماسول. تقام فيها المهرجانات على مدار السنة ولا سيما الكرنفال الربيعي المميّز في الجزيرة، أمام فندق أماتيوس في المدينة محلات التذكارات تشدك الى التسوق وحمل الخفيف، بشرط الدفع باليورو، فالقبرصي، لا يتقن إلا الأمانة، وهو يحب ألا تتداخل الأمور ويقع الخطأ.....
ثلاثة أيام كفيلة بأن تعود محملاً بالحكمة وبالحكايات وبالحب للعودة الى بافوس، وأن تقول إن شركة نخّال جديرة بالمكانة التي وصلت إليها ليس في لبنان فحسب بل في منطقة الشرق الأوسط....3 أيام تسأل لماذا السياحة اللبنانية وئدت وبأي ذنب قتلت؟.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.