8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

ارتباك في تحليل انتخابات المهندسين شمالاً والحقيقة واحدة: تيار المستقبل فاجأنا


اكتسبت انتخابات نقابة المهندسين في الشمال، أهمية قصوى في تحليلات الرأي العام الشمالي، بعد الفوز الواضح لمرشح تيار المستقبل النقيب الشاب بسام زيادة، ذلك بعد تغلب الانتماء السياسي المشفوع بمناقبية النقيب الجديد وصدقيته ومهنيته، والتي يشهد له بها الخصوم قبل الحلفاء وابناء التيار، على الانتهازية السياسية. القرقعة الاعلامية السابقة للانتخابات وأثنائها وبعدها، كان هدفها التحريض الميؤوس منه، وراحت تجترح الكذب العمد لاغتيال الانجاز النوعي، خصوصا أننا امام نقابة نوعية وعريقة، اثبتت قدرتها على المساهمة في عملية التنمية شمالا.
عمليات اغتيال الربح، بالتحليلات المسطحة، أمر طبيعي جدا، ومن غير الطبيعي ألا يكون هناك استهداف لتبهيت الربح. فالانتخابات على الرغم من كونها قسمت المهندسين الى فريقين وبينهما مستقلون، فإن هذا المشهد أكثر من طبيعي ويحصل في أي انتخابات سواء نقابية أو سياسية، علماً أن البعض يحاول أن يظهر أن المعركة بين تحالف سياسي وخصم مستقل. ولكن من المضحك فعلاً أن تجمع الحالات السياسية المتنافرة والمتناقضة مع الخصم، كان ظاهراً، ومبدياً أنيابه للانقضاض.
وفعلياً، أثبتت نقابة المهندسين شمالاً، أنها عرين المهن الحرة، وقد أوصلت ادارتها الى مستحقيها وبجدارة، وأنَ الكفاءة المهنية كانت الناخب الأول بغض النظر عن البروباغندا السياسية، وهي شهادة من الخصوم قبل الحلفاء والأنصار، وأنَ من قاد التحالف فعليا، كفاءة أعضاء لائحة النقابة للجميع، قبل السياسة وتحالفاتها، وعلى الرغم من ذلك فقد انطلقت الهجمات قبل الانتخابات وبعدها لاستهداف النقيب بسام زيادة، وبرزت تحليلات بأن بفوزه تم على يد الطرف المسيحي، وهذا أمرٌ أقل ما يقال فيه إنه معيب. فالحقيقة أن نسبة المسيحيين المنتسبين الى نقابة المهندسين في طرابلس، تشكل أصلاً 60 في المئة مقابل 40 في المئة للمسلمين، ما يجعل نسبة المقترعين من الطوائف شبيهة بعدد المنتسبين، كما أن تيار المستقبل يضم في صفوفه مهندسين من كل الطوائف إن في طرابلس أو في عكار أو غيرهما من المناطق. وبالتالي إن صبّت، كما يسوّقون، فإن أصوات كل المسيحيين المنتسبين الى تيار المستقبل الى المرشح الرسمي، هو اتهام يدين المرشحين الآخرين بالتطرف، لعدم قدرتهم على استقطاب أصوات زملائهم من الطوائف الأخرى. كما أن طرابلس هي عاصمة العيش المشترك، وعاصمة قبول الآخر، واذا كان هذا الكلام صحيحا فهذا يؤكد قدرة المستقبل على المشاركة، وأنه فعليا يسعى الى بناء وطن لجميع ابنائه، وما يسري على الوطن سيسري في كل شيء.
وتشرح قيادات رفيعة من تيار المستقبل، النتائج الكلية للعملية الانتخابية:
- الفوز المحقق لا غبار عليه، وهو انتصار للانتماء السياسي على الانتهازية السياسية، وأنَّ حالات التمرد على رأي القيادة التي أجمعت بكل مكوناتها على شخصية النقيب الجديد، لن يأخذ من طريق المستقبل شيئاً، بل أجمعت أنّ تيار المستقبل قضَّ مضاجع الذين سوّلت لهم أنفسهم سوءاً بالقرار الحكيم للقيادة في خياراتها، والذي جاء من خلفية شعبية مبنية على تقديم أصحاب الكفاءات والمهارات والقدرات، كما أن هذا الفوز أعطى صدمة ايجابية لأنصار تيار المستقبل وحلفائه، وأن سياسة التواصل مع الشارع التي تنبع من أدبيات التيار أعطت مفعولها، وهي بالطبع ستعيد تقويم كل الحسابات التي مرت، وهذا امر جيد لكل التيارات السياسية ان تعيد تموضعها في الشارع، وان يبقى التواصل مع الناس هو الفائز دائما.
- النصر في انتخابات المهندسين يؤسس لانتصارات في انتخابات لاحقة، بغض النظر عن التحالفات مع من ومتى؟، ولكن كادارة ماكينة انتخابية، والقدرة على التحليل العلمي قبل وبعد الانتخابات، اي التعاطي بواقعية، بعيدا من اثارة النعرات الطائفية والمناطقية، وهو المبدأ الميكافيلي الذي يسعى إليه البعض، مهما كانت الوسيلة، علماً أن تيار المستقبل يقوم نهجه على فلسفة التوعية والتنمية والنهوض الشامل، لا فرق لمنطقة على أخرى وتجميع المجزّأ واعادة ربط المقسم، منذ متى كانت الغيرة المناطقية، هي المبدأ الذي لجأ اليه البعض، فالاهتمام بالأطراف انمائياً كان من صلب فلسفة المستقبل.
- أن الانتخابات في نقابة المهندسين شمالاً أعادت خلط الأوراق السياسية، وأثبتت أن تيار المستقبل يشكل ضمانة ورافعة لا يمكن تجاهلها، خصوصاً تجاه المحور الذي اندفع الى تأييد الجبهة المناوئة لمرشح التيار، وهي أطراف تتحين الفرص للانقضاض على أي مكتسبات يحققها التيار منفرداً أو متحالفاً.
- ترسم الانتخابات لوحة عن المزاج السياسي في الشارع، وليس من الضرورة أن يشكل ثابتة ولكنه مؤثر، أن تيار المستقبل ما يزال يستحوذ على الثلثين سواء في الشارع أو النقابات، وأن تيار المستقبل لديه من المقومات ما يجعله دائماً متصدراً في الطليعة شمالاً. وبكل أسف، هناك من هم محسوبون على التيار وقد فاتتهم العملية الاصلاحية التي يقودها بنفسه الرئيس سعد الحريري، والتي تبدت في الانتخابات التنظيمية لتيار المستقبل، هذا التغير النوعي والاصلاحي والديموقراطي فات قطاره هذا البعض، رغم أن البعض استدرك لاحقاً كالمرشح محمود فوال الذي فضَّل العودة الى صفوف التيار، حفاظاً على وحدة الصف.
- المعركة كانت بين ثلاثة مرشحين، هناك مرشح رسمي لتيار المستقبل، على أن منافسه حظي بدعم سياسي معارض للتيار، في حين أن مرشح التيار النقيب بسام زيادة استطاع حصد أصوات التحالف فضلاً عن أصوات المستقلين. إن امتناع الأحزاب المنافسة عن ترشيح أحد منتسبيها الى مركز النقيب، رغم الفرصة التي كانت متاحة من خلال توزيع أصوات المستقلين من مناصري تيار المستقبل بين المرشحين الثلاثة، فهو اعتراف بعجز المنافسة، لكنها استعملت المرشح الخصم حصان طروادة، علما أن المرشح عمار الأيوبي نال نحو مئة صوت من المستقلين.
- بالمقابل تحاول الأحزاب المناهضة لسياسة تيار المستقبل تضليل الرأي العام في طرابلس من خلال إبراز أن فوز النقيب بسام زيادة كان بدعم أكبر من أصوات المسيحيين وهي محاولة ضعيفة لإظهار تراجع شعبية تيار المستقبل في الصف السنّي. ففي الانتخابات السابقة نجح ماريوس بعيني بفارق لا يزيد على مئة الى 120 صوتاً، في حين أن النقيب زيادة فاز بفارق نحو 450 صوتاً، رغم كل الهوبرات واستعراض العضلات. كما أن المرشح الذي نال آنذاك أعلى أصوات كان المهندس محمد نور الدين الأيوبي الذي نال نحو 966 صوتاً، أي بفارق أصوات الاسلاميين، وهذا ما يؤكد أن تيار المستقبل هو من يستقطب.
- صّبت كل أصوات الأحزاب المنافسة لتيار المستقبل لصالح المرشح مرسي المصري، وبالتالي فإن الأصوات التي حصل عليها المرشح عمار الأيوبي هي حكماً لمناصرين لتيار المستقبل ممن وجدوا أن المعركة هي ضمن الصف الواحد. وبالتالي فإن الرقم الذي حصل عليه المرشح عمار الأيوبي يجب أن يُحتسب سياسياً مع الرقم الذي حصل عليه المرشح الرسمي الفائز. كما أن نتائج الانتخابات، أظهرت أن الحضور الأقوى هو لتيار المستقبل.
يبقى أن على نقابة المهندسين شمالاً، وهي التي تدرك دقة الأوضاع الاقتصادية، أن تقوم بالبرنامج الذي التزمت به، وهو برنامج طموح. ويكفي أن يقول النقيب الجديد: الخلافات الانتخابية وراءنا، وأن السياسة تتوقف عند أبواب النقابة ولا تدخلها.. فقد حان وقت العمل.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00