يتوقع أن تترجم الثقة الدولية بلبنان وبحكومة الرئيس سعد الحريري، الى تدفقات استثمارية عالية تصب على لبنان خلال العام الجاري، بالتزامن مع أجواء المصالحات العربية-العربية، والتي كان لبنان جزءاً منها، ولا سيما ما يتعلق بالعلاقات اللبنانية - السورية، في أعقاب زيارة الرئيس الحريري الى العاصمة السورية ولقائه الرئيس بشار الأسد، بعد سنوات من القطيعة، ومن المتوقع أن تؤتي ثمارها الايجابية في المرحلة المقبلة.
وتوقع خبير عقاري، أن ينعكس الاستقرار السياسي والأمني، الذي يطبع المرحلة الراهنة في لبنان، تدفقاً استثمارياً عالياً الى لبنان، وقدر ذلك بما لا يقل عن 10 مليارات دولار، خصوصاً وأن العقار اللبناني أثبت تمايزه عن أمثاله في دول المنطقة، ففي حين سارت الأسعار هبوطاً في تلك الدول، متأثرة بأزمة المال العالمية والناتجة في الأصل من أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأميركية، إلا أن لبنان كانت لديه خطى ثابتة، إن على صعيد الأسعار التي استمرت في التحليق، أو لجهة مشاريع البناء والإعمار التي لم تتوقف إطلاقاً، وهو ما منح المستثمرين المحليين والخليجيين حافزاً وتشجيعاً لزيادة استثماراتهم في لبنان.
وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قد أشار بداية العام الجاري الى وجود أكثر من ألف صندوق استثماري تسوّق في لبنان إلى جانب استثمارات خارجية في الداخل، ولبنانية في الخارج.
وبلغ حجم عمليات البيع العقارية المسجلة في أمانة السجل العقاري والمحاكم العقارية في كانون الأول الماضي 12 ألفاً و207 عقارات مقابل 7 آلاف و271 عقارا ًقبل شهر، أي بزيادة مقدارها 4 آلاف و936 عقاراً ونسبتها 67,8 في المئة.
واستوجبت عمليات البيع في الشهر الأخير من عام 2009 رسوماً مستوفاة عن عمليات البيع( للمقيمين والأجانب) بقيمة 89 ملياراً و685 مليوناً و773 ألف ليرة مقابل 58 ملياراً و992 مليوناً و225 ألفاً في تشرين الثاني الماضي، أي بزيادة قيمتها 30 ملياراً و693 مليوناً ونسبتها 52 في المئة.
ومن سنة الى سنة، بلغت عمليات البيع نهاية 2009 نحو 83 ألفاً و622 عقاراً مقابل 81 ألفاً و665 عقاراً لعام 2008، أي بزيادة ألف و957 عقاراً ونسبتها 2,39 في المئة. أما بالنسبة الى القيمة المستوفاة من عمليات البيع، فبلغت 562 ملياراً و994 مليون ليرة مقابل 524 ملياراً و877 مليوناً، أي بزيادة 38 ملياراً و117 مليوناً ونسبتها 7,26 في المئة.
أما بشأن الأسعار، فتشير التوقعات الى استقرارها على ارتفاعها الحالي لفترة وجيزة أي حتى أيار (مايو)، ثم تعاود الصعود، نظراً الى الخلل الموجود بين العرض والطلب، ونتيجة صغر مساحة البناء المتبقية في بيروت والمناطق وجوارها، وتزايد الطلب القوي نسبياً من المغتربين اللبنانيين.
وفي العام 2009، سجل لبنان تراجعاً في عدد الأمتار المسجلة بالمقارنة مع 2008 بنسبة 19,4%. أما عدد المعاملات المسجلة فتقدم بنسبة بسيطة، فقد سجلت خلال 2009 نحو 12,917 معاملة، وفي 2008 سجلت نحو 12,326 معاملة.
وقال رئيس جمعية منشئي الأبنية في لبنان ايلي صوما، إن العقار حالياً، هو من أهم الاستثمارات التي يريدها المواطن اللبناني وخصوصاً في 2010، في ظل الثقة الكبيرة الممنوحة لحكومة الرئيس سعد الحريري.
وأعلن صوما أن جمعية تجار الأبنية طلبت من حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الإبقاء على سياسة دعم القروض المخصصة بالسكن حتى العام 2011. ويستفيد اللبنانيون من قروض توفرها المصارف اللبنانية سنوياً عبر 3 مؤسسات هي مؤسسة الإسكان ومصرف الإسكان ومؤسسة الإسكان التابعة للجيش اللبناني، وذلك بفائدة نسبتها 4،9% على الليرة اللبنانية 4،5% على الدولار.
وأعلن عن وضع الجمعية برتوكول مع البنك العربي وبالتفاهم مع مصرف لبنان المركزي، لإعطاء قروض سكنية للمغتربين في القارة الأسترالية، لشراء مساكن في لبنان، وقال إن من شأن ذلك أن يدعم قطاع العقار في لبنان، والذي يمثل ثلثي الاقتصاد اللبناني.
وأشار الى أن مجموعة الحكير السعودية ستبدأ بضخ نحو مليار دولار، لإنشاء مشاريع عقارية سياحية، من فنادق ومنتجعات وغيرها. وقال إن مجمل هذه الاستثمارات تعبر عن المصداقية التي تحظى بها حكومة الحريري.
وأعلن صوما عن سلسلة لقاءات للجمعية مع الرئيس الحريري، لبحث موضوع إنشاء شقق صغيرة دو ليكس تتراوح مساحاتها بين 60 و120 متراً مربعاً، أسوة بتلك الموجودة في أوروبا وأميركا الشمالية، وهذا المشروع سيكون في جميع المناطق اللبنانية، وذلك لمساعدة الذين لا يتمكنون من شراء الشقق الكبيرة والتي ارتفعت أسعارها خلال السنتين المنصرميتن. وقال إن ذلك يتطلب من وزارة المال والبلديات إعطاء حوافز لتجار الأبنية، مثل إعفاء المستثمر من ضريبة الدخل، والإعفاء أيضاً من رسوم الرخصة، وقد أخذنا ضوءاً أخضر من الرئيس الحريري للإسراع بهذا المشروع، وعقدنا سلسلة اجتماعات لتجار البناء لتدارس الموضوع، وبداية الغيث لهذا المشروع ألف شقة قريباً، وهنا لا بد من التنويه بمشروع البناء الذي بدأه الوزير محمد الصفدي المماثل لمشروعنا.
وحول الأسعار، أشار صوما الى أن أول 6 أشهر ستكون فيها الأسعار مستقرة في بيروت، وبعدها ستمضي ارتفاعاً أما في المناطق فإن الأمر متعلق بعملية العرض والطلب.
أما في ما يخص مشكلة المقترضين لأغراض السكن، والذين لم يسددوا بالرغم من الانذارات التي وجهت إليهم، فأكد صوما أن أي استثمارات معرضة لانتكاسات بسيطة، ورأى أن ذلك لا يمكن تسميته بالأزمة. وقال إن الذين لم يسددوا نسبتهم نحو 7%، يتم التفاوض معهم من خلال إعادة التقسيط.
وحول مدى انعكاس أزمة دبي على الوضع العقاري في لبنان، قال صوما إن لبنان لا ينتظر أزمات الغير للاستفادة، لكن ما من شك أن استقرار الأوضاع في لبنان سياسياً واقتصادياً من شأنه خلق جاذب للاستثمارات العربية، وقال إن الفارق بين لبنان ودبي، هو أن لبنان ليس فيه مضاربات عقارية، فالمصارف لديها قيود على التسليفات، كما أن مصرف لبنان يمارس دوره الرقابي على المصارف بحيث يتمكن من منع الأزمة قبل حدوثها.
وإذ طالب بإعادة النظر بعامل الاستثمار في البناء وفي كل الأراضي اللبنانية من دون استثناء، لأنه لم يرتكز على أسس سليمة، رأى صوما أن تنفيس الأسعار يمكن أن ينخفض بمجرد البدء بمشروع أليسار المجمد، مطالباً الحكومة بالإسراع فيه.
لكن رئيس رابطة المهندسين الإنشائيين في نقابة المهندسين في بيروت راشد سركيس، لفت الى أن الوضع السعري للعقار لا يسير وفقاً لقاعدة محددة في لبنان، وأن البائع يعتبر سوق العقار سوقاً حرة.
وتوقع ارتفاعاً للأسعار بدءاً من آذار (مارس) المقبل، بعد أن كبت الحركة العقارية خلال الشهرين الأخيرين من العام 2010، وأشار الى زيادة مشهودة سيختتم بها العام الحالي بالنسبة للأمتار المسجلة، وقال إن البلد سيشهد ورشة بعد التحديثات التي طرأت في هذا المضمار، إذ أن الذي يحصل على رخصة سرعان ما يأتي بأمر المباشرة. وعزا استمرار ارتفاع الأسعار ولا سيما في بيروت التي تقلصت فيها حدود البناء الى مستوى قياسي، الى تمسك الناس بأراضيهم خشية أي ارتفاعات في المستقبل وهو الأمر الذي يدفع الأسعار صعوداً.
ومن جهته، أكد صاحب مكتب الفيحاء العقاري حسن عثمان، وجود أزمة سكنية في العاصمة الثانية بسبب الارتفاعات الحاصلة في الايجارات.
وأشار الى ارتفاع أسعار العقارات، إلا أنه أكد أن ذلك غير مرتبط بعمليات البيع الضعيفة، وإنما بسبب تمسك أصحاب الأراضي المخصصة للبناء بعدم البيع، بعد انخفاض المساحات المخصصة للبناء بشكل لافت في طرابلس، وعدم اكتمال الفرز في بساتين طرابلس ومنطقة أبي سمراء. وتوقع ارتفاع الأسعار بنسبة تصل الى 30% خلال الأشهر الـ6 المقبلة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.