23 نيسان 2020 | 23:55

منوعات

سياسة مناعة القطيع.. "مثيرة للجدل" وسط تحذير من العواقب!‏

لجأت أغلب دول العالم إلى فرض إجراءات "التباعد الاجتماعي" على مواطنيها، لأجل كبح ‏انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) الذي ظهر في الصين أواخر العام الماضي، ‏وأصاب أكثر من مليوني ونصف المليون حتى الآن.‏

لكن دولا أخرى محدودة في العالم، راهنت على المناعة الجماعية أو ما يعرف بـ"مناعة القطيع"، ‏لأجل التصدي للوباء، رغم أن هذه الاستراتيجية تثيرُ جدلا كبيرا في الأوساط الطبية والسياسية.‏

وتقومُ سياسة القطيع على مبدأ السماح للناس بارتياد الأماكن العامة والتفاعل فيما بينهم، من دون ‏إغلاق المحلات التجارية أو المتنزهات والشواطئ، أي أن السلطات تسمحُ بانتشار العدوى على ‏نطاق معين.‏

والهدف من هذه الاستراتيجية هو أن يصاب الناس ويتعافوا حتى يكتسبوا مناعة ذاتية، على نحو ‏تلقائي، لاسيما أن الفيروس ليس فتاكا بشكل كبير، لأن نسبة كبيرة من المصابين لا يشعرون بأي ‏أعراض.‏

وموازاة مع ذلك، تقوم السلطات باتخاذ إجراءات لحماية الفئات الأكثر عرضة للإصابة بفيروس ‏كورونا ومضاعفاته مثل كبار السن ومن يعانون الأمراض المزمنة.‏

وحثت منظمة الصحة العالمية على إجراء التباعد الاجتماعي، نظرا إلى عدم وجود لقاح، فيما ‏تعكف هيئات علمية في عدة دول على تطوير المصل، وسط توقعات بأن يكون جاهزا في أواخر ‏العام الجاري أو مطلع العام المقبل.‏

لكن المدافعين عن "مناعة القطيع" يقولون إن إجراءات التباعد الاجتماعي ليست حلا عمليا ‏لمكافحة الوباء حتى وإن أدت إلى انحسار الفيروس، والسبب هو أن هذا الإغلاق يؤدي إلى شل ‏حركة الاقتصاد، أي أن أناسا كثيرين يجدون أنفسهم بدون أي موارد للعيش.‏

أما في حال نجاح إجراءات التباعد الاجتماعي، في كبح انتشار الوباء، فإن الفيروس قد يعود ‏مرة أخرى، إذا جرى تخفيف القيود، وذاك ما حصل في سنغافورة حيث سجلت موجة تفش ‏ثانية، بعد تطويق الأولى.‏

النموذج السويدي

تقدّم السويد نفسها بمثابة نموذج ناجح لتطبيق "مناعة القطيع"، و قال كبير علماء الأوبئة في ‏الوكالة السويدية العامة للصحة، أنديرس تيغنيل، إن هذه الخطة أظهرت فعاليتها، مؤكدا أن بلوغ ‏‏"مناعة القطيع" في العاصمة ستوكهولم سيكون في غضون أسابيع.‏

وأضاف الأكاديمي السويدي أن ما يقارب 20 في المئة من سكان العاصمة اكتسبوا مناعة ضد ‏فيروس كورونا، أي أنهم أصيبوا به ثم تعافوا، فيما يقال عادة إن شعبا ما اكتسب مناعة ضد ‏عدوى معينة في حال تحققت المناعة لدى 60 في المئة منهم.‏

وتوصلت السويد إلى هذه القناعة تجاه مناعة القطيع، بعدما استقر عدد المصابين الجدد بكورونا، ‏مؤخرا، رغم زيادة عدد الاختبارات في البلاد، لكن كبار السن كانوا أكثر تأثرا بالوباء.‏

ووصل العدد الإجمالي للمصابين بفيروس كورونا المستجد في السويد إلى 16 ألفا، توفي 1937 ‏منهم؛ وأغلبهم من كبار السن.‏

وإذا كانت السويد تتحدث عن نجاح تجربة مناعة القطيع، فإن بريطانيا لم تفلح في ذلك، لأن ‏رئيس الوزراء، بوريسون جونسون، الذي كان من المدافعين عنا، أصيب بفيروس كورونا ‏وقضى عدة ليال في قسم العناية المركزة بعد تدهور حالته الصحية.‏

واضطرت بريطانيا إلى إغلاق البلاد، ووصل العدد الإجمالي للمصابين حتى اليوم إلى أكثر من ‏‏133 ألفا، فيما قفز عدد الوفيات، يوم الخميس، إلى أزيد من 18 ألفا.‏

أخف الأضرار

يقول المدافعون عن "مناعة القطيع"، إنها تشكل الخيار الأقل سوءًا، لأن حالة الإغلاق التي ‏تفرضها بعض الحكومات، لاسيما في الدول النامية، تؤدي إلى تبعات اقتصادية كارثية، لأن ‏نسبة كبيرة من الناس يعملون بشكل يومي ويكسبون قوتهم من الخروج إلى الأسواق والأماكن ‏العامة، ولا يستطيعون المكوث في البيوت، رغم وجود مبادرات دعم حكومية وخيرية ‏لمساعدتهم.‏

وفي وقت سابق، قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إن العلاج لا يمكن أن يكون أسوأ من ‏المرض نفسه، في إشارة إلى ما ينجم عن حالة الإغلاق من تبعات اقتصادية، ففي غضون شهر ‏واحد فقط، التحق أكثر من 24 مليون أميركي بركب العاطلين عن العمل.‏

عواقب محتملة

لكن مناعة القطيع ليست آمنة العواقب أيضا، فإذا كانت قد آتت ثمارها في دولة متقدمة مثل ‏السويد، فإنه من شأنها أن تسفر عن وضع كارثي في دول أخرى ذات أنظمة ضعيفة للرعاية ‏الصحية، وربما تجد المستشفيات نفسها عاجزة أمام عدد هائل من المرضى، في حال أزيلت ‏القيود المفروضة على التنقل.‏

وبما أن "مناعة القطيع" تسمح للفئات الأقل عرضة بأن يخرجوا، أي شريحة الشباب، فإن منظمة ‏الصحة العالمية نبهت في وقت سابق إلى أن صغار السن ليسوا في مأمن من المرض، حتى وإن ‏كان المسنون أكثر ضحايا المرض.‏

وتفترض مناعة القطيع أن الأشخاص الذين يصابون بفيروس كورونا ثم يتعافون منه يصبحون ‏محصنين ضد المرض، لكن هذا الأمر ما يزال محل تشكيك من قبل بعض الباحثين، لأن عددا ‏ممن تماثلوا للشفاء شخصت لديهم الإصابة مجددا.‏

وقالت مديرة المراكز الكورية لمراقبة الأمراض والوقاية منها، جونغ أون كيونغ، ليست ثمة ‏معلومات كثيرة حول المناعة التي تحصل لدى المتعافين، في إشارة إلى أن الأشخاص الذين ‏تماثلوا للشفاء ليسوا في مأمن تام من المرض.‏

وتبعا لذلك، فإن المعركة ضد الوباء قد تستغرق وقتا أطول مما نعتقد "وربما تكون هذه المدة ‏سنة كاملة أو عدة سنوات"، ويعابُ أيضا على هذه الاستراتيجية أنها "تضحي" بكبار السن مقابل ‏حفظ مصالح الاقتصاد، وهو "أمر غير سليم" من الناحية الإنسانية.‏

سكاي نيوز عربية ‏

‏ ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

23 نيسان 2020 23:55