15 نيسان 2020 | 07:45

صحافة بيروت

جنبلاط: دياب حقود وموظف عند باسيل وأحد الضباط!‏

كتب وليد شقير  في "نداء الوطن": هل باتت القوى السياسية التي ظلّت خارج حكومة الرئيس ‏حسان دياب في مرحلة التحضير لإطلاق معارضتها لها، بعدما كانت أعلنت عن إعطائها فرصة ‏من أجل محاولة الإنجاز والتصدي للأزمة الاقتصادية الخانقة، التي أضيف إليها الانعكاس ‏الاقتصادي الاجتماعي لوباء "كورونا"؟

الاعتراضات التي صدرت عن كل من رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ورئيس "الحزب ‏التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع على اقتراح ‏الاقتطاع من أموال المودعين، بدت أبعد من الموقف حيال الـ"هيركات" كإجراء مالي تقني، ‏وتتعداه إلى مقاربة عناوين خلاف سياسية. فالحريري حذّر من أن "فترة السماح للحكومة ومن ‏يقف خلفها لا تعني تغيير طبيعة نظامنا الاقتصادي المصان بالدستور"، وجنبلاط ربط خطوة ‏كهذه بـ"خط سياسي هدفه إلغاء أي اعتراض ومحاولة تطويع طائفي ومذهبي باتجاه للإطاحة ‏باتفاق الطائف"، فيما رأى جعجع أن الـ"هيركات شرير"، مشيراً إلى "الثلاثي المرح" بأنه يحول ‏دون الإصلاح، قاصداً بذلك فريق الرئيس ميشال عون والثنائي الشيعي.‏

لكن ماذا قصد جنبلاط من وراء تغريدته التي هاجم فيها اقتراح برنامج الحكومة الإصلاحي ‏الاقتطاع من الودائع المصرفية، وربط الأمر بـ"الإطاحة بالطائف والسيطرة المطلقة على مقدرات ‏البلد"؟

رداً على سؤال لـ"نداء الوطن" يقول جنبلاط: "أنا أحكي بالسياسة. فمنذ جاءت الحكومة التي ‏رأسها الرئيس سعد الحريري مع بداية العهد جاء الوزراء الناجحون العظماء، راح الطائف بعدما ‏أخذوا يخلقون أعرافاً جديدة حول الصلاحيات وتعديلها بالممارسة. هذا فضلاً عن أنهم يواصلون ‏سياسة تركيب تحالف الأقليات وطموحهم تغيير التوازنات في البلد".‏

وحين يسأل: أليس لحكومة الرئيس حسان دياب التي تضم تكنوقراطاًَ ومستقلين، نهج آخر؟ ‏يجيب: "إنه موظف عند أحد الضباط السابقين في المخابرات وعند جبران باسيل، وهو حقود".‏

ويستريب جنبلاط من برنامج الحكومة الإصلاحي، وإعادة هيكلة الدين وكذلك إعادة هيكلة ‏المصارف والمصرف المركزي... ويرى أنهم "يريدون السيطرة على المصرف المركزي ‏والمصارف ويتهمون الآخرين بالأموال المنهوبة، متناسين أنهم جاءوا إلى البلد منذ العام 2005 ‏وبدأوا يمارسون دورهم في السلطة، ويوجهون الاتهام إلى فريقنا. وإذا كنا نحن في الحكومة منذ ‏‏30 سنة، فهناك 15 سنة كانوا خلالها شركاء في المجلس النيابي والحكومة، فماذا عنها؟ استلموا ‏على سبيل المثال ملف الكهرباء ووزارة الطاقة وما زلنا حتى اليوم نعاني من عدم معالجته، ‏فنصف الدين تقريباً من الكهرباء". وفي وقت تقول أوساط جنبلاط إنه على تفاهم مع زعيم تيار ‏‏"المستقبل" في الموقف من النهج المتبع، لدى رئيس "الاشتراكي" اقتناع بأننا "ذاهبون إلى نظام ‏شبه شمولي جراء إجراءات مثل تأميم المصارف عبر صيغة الاقتطاع من ودائع الناس. ‏ويذكرني ذلك بانقلاب البعث في الستينات حين جرى تأميم المصارف والشركات ورأينا إلى أين ‏وصلت سوريا بعدها. كما يذكرني ذلك بخطوات الرئيس جمال عبد الناصر في أواسط ‏الخمسينات حين قام بتأميم المصارف ومصادرة الملكيات الخاصة وشاهدنا ماذا حل بمصر ‏اقتصادياً". ويعتبر جنبلاط أن عدم طلب مساعدة صندوق النقد الدولي مؤشر إلى السياسة ‏الاقتصادية غير المقبولة، "ولا أرى اتجاهاً لديهم للتفاوض مع صندوق النقد، حتى في ما يتعلق ‏بالمساعدات المعنية بالوضع الاجتماعي المتردي. أما مساعدة الـ400 ألف ليرة لبنانية للفئات ‏المحتاجة، التي يتحدثون عنها، فهي ضحك على الناس".‏

وكان جنبلاط انتقد "حكومة اللون الواحد على مصادرة أموال الناس وتصنيفهم ومحاكمتهم وفق ‏معايير غير قانونية وغير دستورية... للإطاحة بالطائف والسيطرة المطلقة على مقدرات البلد ‏لضرب ما تبقى من سيادة أصلاً وهمية وشكلية".‏

وتقول مصادر قيادية في "الاشتراكي" لـ"نداء الوطن" إن "تحرك قيادته جاء بناء على قراءة ‏مستندة إلى معطيات بأن رجال العهد وبعض من يخضعون له في الحكومة يسعون إلى وضع اليد ‏على القطاع المصرفي والمصارف، وفق طموحاتهم المعروفة عن طريق مصادرة القرار في ‏هذا القطاع ثم إعادة تركيبه، بعد أن استطاعوا إحكام القبضة منذ 3 سنوات على التعيينات في ‏السلك الديبلوماسي والقضاء ومفاصل مهمة في الإدارة، وفي أجهزة أمنية وفي قطاع التعليم...". ‏أضافت المصادر: "يريدون التحكم بالقرار المصرفي وبالشركات، وفي الطريق يريدون من ‏وراء الاقتطاع من أموال المودعين في المصارف توجيه الأنظار ونقمة أصحاب حسابات ‏المدخرات على هذا الإجراء، ضد الجهات السياسية التي كانت في السلطة معهم والتي لم يتوقفوا ‏عن اتهامها بأنها وراء سياسات الثلاثين سنة الماضية الخاطئة التي أوصلت البلد إلى أزمته، من ‏أجل تطويع هذه الجهات، مبرئين أنفسهم من كل ما تسببوا به من تعطيل وهدر ساهما في إيصال ‏البلد إلى حالته الراهنة". وتشير هذه المصادر القيادية إلى أن في أروقة الدائرة الضيقة في القصر ‏الرئاسي هناك حديث عن "أننا سنضع رياض سلامة في السجن، وسنقتص من جنبلاط وما قام ‏به في قبرشمون، (حين منع أنصاره رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من زيارة قرى في ‏الجبل..) تحت عنوان استعادة الأموال المنهوبة".‏

ورداً على سؤال عن مصلحة العهد في اقتطاع أموال المودعين الذي يشمل كل الطوائف ‏والمسيحيون منهم، إذا كان الهدف سياسياً، وسط معلومات بأن الرئيس عون يرفض هذا ‏الاقتراح، قالت المصادر القيادية في "الاشتراكي" إن الفريق الذي يفكر بالطريقة الكيدية والعبثية ‏لم يأخذ في أي مرة مصالح المسيحيين في الاعتبار منذ العام تسعين إلى اليوم في خطواته كافة. ‏وإذا كان اقتراح الاقتطاع من الودائع طُرح من زاوية تقنية من قبل شركة "لازارد" فإن تحويله ‏لأغراض سياسية لتصفية الحسابات، أدى إلى ضجة ضده من رجال أعمال مسيحيين مقربين، ‏نبهوا من آثار هذا التدبير على الدور المسيحي التاريخي في القطاع المصرفي، فبدأ يتراجع عنها ‏منذ نهاية الأسبوع الماضي. وفي الاتصالات التي جرت للتنبيه من خطورته جرى التحذير أيضاً ‏من أثر ذلك على المودعين المغتربين في أفريقيا من الشيعة، ومبالغهم بعشرات المليارات في ‏المصارف اللبنانية، جنوها خلال عقود، الأمر الذي جعل رئيس البرلمان نبيه بري يرفضها ‏بالكامل، منذ مطلع الأسبوع الماضي، حيث أن وزير المال غازي وزني شدد على أنها لم تبحث ‏في مجلس الوزراء، وأنه ليس من اقترحها.‏

وأوضحت المصادر أن أحد الوزراء الذين يتولون التنسيق بين رجالات العهد ودياب كان أقنع ‏الأخير بالخطوة، لكن الرفض الواسع لها أدى إلى توالي عملية التنصل منها بحيث باتت فكرة ‏لقيطة. فضلاً عن أن الوزير وزني تغيب عن اجتماع مالي كان مقرراً في السراي الحكومي في ‏إشارة إلى رفض وزير المال تبني رئيس الحكومة لها.‏

‏"المستقبل": المشكلة سياسية

أما مصادر تيار "المستقبل" فلا تستبعد أن يكون موقف الحريري تمهيداً للانتقال إلى نهج ‏معارض تدريجاً فالخطاب الرئاسي وتصريحات دياب لا تنفك تتحدث عن إرث الثلاثين سنة ‏الماضية، في وقت جاء رفيق الحريري إلى السلطة العام 1992 وفي 5 سنوات أعاد إعمار ما ‏هدمته الحرب ثم ترك االعام 1998 وحين عاد لم يترك له مجال الإنجاز في عهد الرئيس إميل ‏لحود. وبعد اغتياله، يجب ان يتذكر الجميع انه منذ العام 2008 تولى الوزراء العونيون ملف ‏الكهرباء، ثلاثة منهم تولوا الاتصالات هم باسيل شربل نحاس ونقولا صحناوي. وتعتبر المصادر ‏أنه على رغم أن الرئيس عون يسرب بأنه لن يقبل بالخطة الاقتصادية بأي شكل، بعدما كان ‏الوزير باسيل وصف من رفضوها بـ"المزايدين"، فإن مقربين من الرئاسة وفريقاً استشارياً ‏لدياب هم من اقترحوها. وفي رأي هذه المصادر أنه يجب التنبه إلى أن الأزمة اقتصادية، ‏اجتماعية، مالية، مصرفية ونقدية، لكن أساسها سياسي نتيجة عزل لبنان عن المجتمع الدولي ‏وعن الدول العربية، في وقت الجميع يسلم بأن الحلول غير ممكنة بإمكانات البلد لوحده ويحتاج ‏للمساعدة الخارجية، التي لن تأتي إذا لم يتصالح لبنان مع الخارج بالتزام القرارات الدولية والنأي ‏بالنفس.‏

مصادر "القوات" و"الثلاثي المرح"‏

وتوضح مصادر قيادية في حزب "القوات" حديث جعجع المتواصل عن "الثلاثي المرح" بالقول ‏إن البلد ممسوك من فريق عون والثنائي الشيعي. وإذا كان "التيار الحر" تذرع بأن فريق "14 ‏آذار" حال دون إنجازات في الحكومات السابقة وعرقلها، فإن الثلاثية تتحكم بالأمور داخل ‏مجلس الوزراء في الحكومة والبرلمان وتتعثر. وما يجري من قرارات تتسبب بردود فعل سلبية، ‏وتتراجع الحكومة عنها نتيجة اعتمادها الزبائنية في إدارة الأمور، يدل إلى أن هذا الثلاثي لا ‏يتحمل مسؤولية إيصال البلد إلى ما هو عليه من الزاوية السيادية فقط بل أن غلبة الزبائنية ‏والمحاصصة والكيدية لديه تحول دون أي خطوات إصلاحية جدية أيضاً.‏

نداء الوطن ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

15 نيسان 2020 07:45