8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

إسرائيل وإيران.. وإضعاف الرئيس الأميركي

تبدو ادارة باراك اوباما مرتبكة على الرغم من مضي عشرة اشهر على دخول الرجل البيت الأبيض واحاطة نفسه بعدد كبير من الإختصاصيين في شؤون العالم؟ بين هؤلاء وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي امضت قبل تولي منصبها ثمانية اعوام في البيت الأبيض الى جانب زوجها الذي عرف باكرا مخاطر التورط في اي حروب خارجية.
كان ملفتا ان بيل كلينتون لم يزج الجيش الأميركي في اي معارك مباشرة. وكان اقصى ما ذهب اليه استخدام سلاح الجو لاسقاط حكم الرئيس الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش... وعندما تعرضت القاعدة لأهداف اميركية في كينيا او تنزانيا، على سبيل المثال، لجأ الى قصف اهداف في السودان او افغانستان بواسطة صواريخ توماهوك البعيدة المدى كي يقول انه لم يستسلم للإرهاب وان الولايات المتحدة تمتلك قوة رادعة!
ربما كان باراك اوباما يسير على خطى بيل كلينتون. تكفيه التركة الثقيلة لجورج بوش الابن وادارته في افغانستان والعراق التي جعلت من الصعب على الجيش الأميركي خوض حروب جديدة وربما حتى زيادة عديد قواته في افغانستان. كان ملفتا ان الرئيس الأميركي يخشى الآن اتخاذ قرار بزيادة عديد القوات في افغانستان، على الرغم من ان هذه الخطوة تبدو اكثر من ضرورية وان لا مجال لتفاديها في نهاية المطاف. ولكن يبقى السؤال هل يمكن ان تصل الزيادة الى اربعين الف عنصر؟ من اين سيأتي الجيش الأميركي بهؤلاء نظرا الى ان مثل هذه الزيادة لعدد الجنود في افغانستان تفرض ضغوطا كبيرة على القوات المسلحة على كل المستويات.
هل باراك اوباما ضعيف ام قوي؟ ليس في الإمكان الإجابة عن السؤال في الوقت الراهن نظرا الى ان عليه القتال على جبهات عدة. على الصعيد الداخلي، هناك الأزمة الإقتصادية التي لا تزال تعصف بالولايات المتحدة. وهناك معركة مشروع الضمان الصحي الذي يسعى الى تمريره في الكونغرس. وتبدو هذه المعركة قاسية. في حال مرر اوباما مشروع الضمان الصحي، سيكون لديه عندئذ هامش واسع من الحرية للتصرف على الصعيد الخارجي وفرض اجندته التي تستند الى ما يمكن وصفه بـالقوة الهادئة.
من هذا المنطلق، تبدو معركة الضمان الصحي في غاية الأهمية في وقت يسعى غير طرف الى تكبيل الإدارة الأميركية. على رأس الذين يسعون الى تكبيل ادارة اوباما وتطويقها من الداخل والخارج، تأتي إسرائيل. من الملفت، لمن يزور واشنطن هذه الأيام، ان معظم مؤيدي إسرائيل في الكونغرس وفي المعاهد والمؤسسات المختصة بالأبحاث التابعة بطريقة او بأخرى للوبي الإسرائيلي، متضايقون من اوباما. لا يخفي هؤلاء اعتراضهم على سياسات الرئيس الأميركي في مجالين محددين. المجال الأول طريقة تعاطيه مع إيران والآخر الكلام المستمر الذي يصدر عن هذا المسؤول الكبير او ذاك عن حل الدولتين استنادا الى خطوط العام 1967. من الواضح ان العلاقات الأميركية- الإسرائيلية ليست على ما يرام هذه الأيام. تعتبر حكومة بنيامين نتنياهو، بكل بساطة، ان الوقت يعمل لمصلحتها في فلسطين وان الدولة الفلسطينية يجب ان تكون تابعة لإسرائيل بل ملحقا بها وان حدودها، في حال كان لا بد من ان تكون لها حدود ما في يوم من الأيام، يجب ان تستند الى حدود المستوطنات الإسرائيلية. اكثر من ذلك، ترى إسرائيل ان الأولوية يجب ان تعطى لإيران وان على الولايات المتحدة ان تدعم السياسة الإسرائيلية تجاه إيران بغض النظر عن فحوى هذه السياسة. كل ما في الأمر ان المطلوب إسرائيليا ان تكون السياسة الأميركية في خدمة حكومة بنيامين نتنياهو التي تريد استغلال الملف النووي الإيراني لتكريس احتلالها لجزء من الضفة الغربية.
تلتقي إيران بدورها مع إسرائيل عندما يتعلق الأمر بإضعاف ادارة اوباما، خصوصا ان هدفها الأول التوسع في المنطقة وفرض هيمنتها عليها وحمل العالم على التعاطي معها بصفة كونها المرجع الأول والأخير في الشرق الأوسط وفي منطقة الخليج والعراق خصوصا. ولذلك، ليس هناك تضايق إيراني من اي كلام إسرائيلي عدائي عندما يتعلق الأمر بالبرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك الكلام عن ضرورة اللجوء الى ما يسمى خيار بيغن. يعني هذا الخيار ان على إسرائيل قصف المواقع التي لها علاقة من قريب او بعيد بالبرنامج النووي الإيراني، على غرار ما فعلته إسرائيل في عهد حكومة مناحيم بيغن في حزيران- يونيو من العام 1981 عندما قصفت المفاعل النووي العراقي اوزيراك قرب بغداد ودمرته بالكامل.
يناسب التصعيد الكلامي بين إيران وإسرائيل الجانبين. انه يخدم نتنياهو الذي لا يريد التركيز الاّ على الخطر الإيراني ويخدم إيران الساعية الى خطف القضية الفلسطينية من الفلسطينيين والعرب عموما والظهور في مظهر المدافع الأول عن حقوق الفلسطينيين، فيما العرب مقصّرون. هل ينجح الجانبان في ذلك؟ الكثير يعتمد على ما اذا كانت ادارة اوباما ستخرج قوية من معركة الضمان الصحي. ليس مطلوبا بالطبع التفاؤل كثيرا، او على الأصح المبالغة في التفاؤل. لكن ما لا بدّ من التوقف عنده ان الرئيس الأميركي الحالي يتعلم من أخطائه سريعا. والأهم من ذلك، انه ليس مدينا للوبي الإسرائيلي في واشنطن بشيء، وقد نجح حتى الآن في الحصول على تأييد اليهود الليبراليين الذين يعتقدون ان تسوية معقولة في الشرق الأوسط في مصلحة الولايات المتحدة في المدى الطويل وان مثل هذه التسوية القائمة على خيار الدولتين تقطع الطريق على التطرف والمتطرفين اكان ذلك في إيران أو إسرائيل...

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00