8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

ماذا يخفي اعتدال حماس من القاهرة؟

بدل كل هذا اللف والدوران والرهان على رفض اسرائيل لقيام دولة فلسطينية، التي ستعمل كل ما في استطاعتها من اجل الانتهاء من خيار الدولتين الذي تنادي به ادارة اوباما، يفترض في حماس التوقف عن التذاكي. التذاكي لا يقود سوى الى تكريس الاحتلال للارض الفلسطينية والى القضاء على اي امل، مهما كان ضعيفا، في اقامة الدولة المستقلة التي عاصمتها القدس الشرقية، اقله في المدى المنظور. هل خدم الوقت يوما الفلسطينيين؟ هل دخلوا يوما المفاوضات في وضع كانوا فيه افضل من الجولة السابقة؟ عليهم ان يطرحوا على انفسهم هذا النوع من الاسئلة في حال كانوا يسعون بالفعل الى اقامة كيان سياسي خاص بهم بدل التشدق بانتصارات وهمية مثل انتصار غزة الاخير...
الطريق الى الدولة، او الى احتمال التخلص من الاحتلال، في غاية الوضوح. البداية تكون بالتوقف عن اطلاق تصريحات من نوع تلك التي يطلقها من القاهرة السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لـحماس، وهي تصريحات لا تقدم ولا تؤخر على الرغم من تغليفها بعبارات من نوع ان حماس ستدعم مشروع الدولة الفلسطينية وانها لن تكون عقبة في طريق قيام الدولة.
من يريد دعم قيام الدولة الفلسطينية بالفعل لا يقيم امارة اسلامية على الطريقة الطالبانية في غزة. بدل الاصرار على التمسك بمثل هذه الامارة، التي لا تخدم سوى اسرائيل، والعمل في الوقت ذاته على نشر البؤس في القطاع بهدف تطويع المجتمع الفلسطيني وتغيير طبيعة المجتمع، يفترض بـحماس الاستفادة من تجارب الماضي القريب. ان الاستفادة من هذه التجارب تبدأ بالبحث جديا في ما الت اليه احوال القطاع في ضوء الحرب الاخيرة التي شنتها اسرائيل بعدما اعلن مشعل بنفسه انتهاء الهدنة او التهدئة. اين الصواريخ التي كانت حماس تطلقها والتي كانت تسمى مقاومة؟ كيف ساهمت هذه الصواريخ في تحرير فلسطين... ام ان الهدف الحقيقي من وراء حرب غزة كان احراج مصر لا اكثر ولا اقل، مصر نفسها التي يزورها رئيس المكتب السياسي لـحماس هذه المرة من اجل الحديث بشكل ايجابي عن مصالحة فلسطينية او عن تسهيل قيام الدولة الفلسطينية المستقلة.
مرة اخرى. لا مكان للتذاكي هذه الايام ولا مكان للاتكال على تطرف اسرائيل ومعارضة حكومة بنيامين نتنياهو خيار الدولتين وتمسكها بالمستعمرات المقامة في الضفة الغربية. هناك مشروع سياسي فلسطيني واحد وحيد قابل للحياة. هذا المشروع اسمه البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية. لا مرجعية اخرى للسلطة الوطنية الفلسطينية سوى منظمة التحرير الفلسطينية ولا برنامج سياسيا اخر يقبل به المجتمع الدولي سوى برنامج منظمة التحرير الفلسطينية. على الفلسطينيين ان يخوضوا معركة الدولة المستقلة يدا واحدة بعيدا عن الحسابات الخاصة بحركة مثل حماس يبدو واضحا انها تفضل حكم قطاع غزة على زوال الاحتلال عن الضفة الغربية. في النهاية، يتبين يوميا ان الضفة الغربية ليست غزة وان اهل الضفة يرفضون بشكل قاطع اي محاولة لنقل تجربة غزة الى مدنهم وقراهم. لذلك نراهم يتصدون بحزم وقوة لاي محاولات تقوم بها حماس لاثارة الفتنة كما حصل اخيرا في قلقيلية. هذا ليس وقت المزايدات بمقدار ما انه وقت العمل من اجل اثبات قدرة السلطة الوطنية الفلسطينية على المحافظة على الامن في المناطق التي تقع تحت سيطرتها. هذا الوقت هو وقت دعم السيد محمود عبّاس (ابو مازن) رئيس السلطة الوطنية في جهوده الهادفة الى تأكيد ان الفلسطينيين شركاء في عملية السلام وانه ليس صحيحا ما يدعيه نتنياهو وقبله ارييل شارون عن عدم وجود شريك يمكن التفاوض معه.
هل فشل حماس في جعل فوضى السلاح تعمّ الضفة الغربية وراء اللهجة المعتدلة، اقله ظاهرا، التي يتحدث بها السيد مشعل من القاهرة. ام ان الموضوع يتجاوز ذلك؟ بكلام اوضح هل تغيّر موقف حماس وبدأت تعي معنى استمرار الحصار لغزة واهلها والاسباب التي تدفع العالم الى التفرج على الحصار الذي يعاني منه المواطن المسكين المغلوب على امره؟ هل استوعبت حماس اخيرا ان كل ما قامت به في غزة وانطلاقا منها كان خدمة مجانية للاحتلال الاسرائيلي وان الشجاعة تقضي بتسمية الاشياء باسمائها. الهزيمة اسمها هزيمة. ما حل بغزة قبل ستة اشهر كان هزيمة ساحقة ماحقة. اسوأ ما في الامر ان العالم راح يتفرج على الة الحرب الاسرائيلية تمارس ارهاب الدولة بعدما وفّرت حماس لاسرائيل كل المبررات لشن عدوانها. اخطر ما في الامر ان الاسرائيليين استهدفوا البنية التحتية للقطاع وكان معظم الشهداء من المدنيين الابرياء وحتى من النساء والاطفال. لم تكن لدى اسرائيل اي نية للقضاء على قيادة حماس. بدا الامر وكان هذه القيادة حاجة لها...
من المهم في المرحلة المقبلة ان تقدم حماس ولو مرة على خطوة تصب في خدمة القضية الفلسطينية بدل وضع نفسها من حيث تدري او لا تدري في خدمة الاحتلال. كل ما عليها عمله هو الاخذ بالمثل القائل ان العودة عن الخطأ فضيلة. العودة عن الخطأ اليوم افضل من العودة عنه غدا. هل في استطاعة من يعترض على هذا الكلام الاجابة عن السؤال الاتي: لماذا كانت الصواريخ التي تطلق من غزة تسمى قبل ستة اشهر فعل مقاومة ولماذا صار اليوم من يطلق مثل هذه الصواريخ مجرد خائن. هل يغني الولاء الاعمى لـحماس وامارتها الطالبانية عن الولاء للقضية الفلسطينية وفلسطين؟

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00