8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الآراء الواردة في مقالات هذه الصفحة تعبّر عن وجهة نظر أصحابها فقط كما أن زاوية الترجمات عن الصحافة الاسرائيلية، مخصصة لمتابعة النقاش الذي يدور في اسرائيل ومعرفة ما تعكسه الصحافة هناك من مواقف ولا سيما في مرحلة الصراع التفاوضي العربي ـ الاسرائيلي

استهدف لقاء الرئيس باراك اوباما برئيس الدولة الاسرائيلي شمعون بيريس حديثا اقناعه بان الادارة الاميركية جادة في اطلاق المفاوضات على المسار الفلسطيني ـ الاسرائيلي بهدف التوصل الى تسوية تستند الى خيار الدولتين. كل ما يريد اوباما قوله هو ان الادارة ملتزمة هذا الخيار وانها ليست على استعداد للتخلي عنه نظرا الى ان لا بديل اخر منه باستثناء استمرار الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية مع ما يعنيه ذلك من انعكاسات سلبية على الاستقرار في الشرق الاوسط. هل الولايات مهتمة بالاستقرار في الشرق الاوسط وهل تعتبر التسوية بين الفلسطينيين والاسرائيليين مدخلا للاستقرار؟ الجواب عن السؤالين نعم كبيرة. ظهر ذلك على نحو جلي من خلال المحادثات التي اجراها الرئيس الاميركي مع الملك عبدالله الثاني اواخر الشهر الماضي. استطاع العاهل الاردني تحقيق تقدم على صعيد اقناع اوباما باهمية عامل الوقت وان التوصل الى تسوية امر ملح وحيوي لامن المنطقة واستقرارها.
ليس سرا ان الرئيس الاميركي استجاب للطرح الاردني وقد عبّر عن ذلك بشكل صريح في التصريحات التي ادلى بها في حضور عبدالله الثاني. شدد اوباما بدوره خلال اللقاء وبشكل علني على اهمية عنصر الوقت من جهة وعلى الحل القائم على خيار الدولتين وعلى السلام الشامل في المنطقة من جهة اخرى. ذلك هو الخيار الاميركي الذي يفترض بالعرب الاستفادة منه على الرغم من وجود حكومة اسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو ترفض كليا قيام دولة فلسطينية مستقلة... وتراهن على الوقت لفرض امر واقع جديد على الارض يتمثل في خلق كل ما من شأنه الحؤول دون قيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة في المستقبل المنظور وحتى في يوم من الايام...
لا شك ان زيارة بيريس للبيت الابيض تندرج في سياق التمهيد لمجيء نتنياهو الى واشنطن. المطلوب ان يفهم رئيس الوزراء الاسرائيلي ان هناك تصميما اميركيا على السير في اتجاه تطبيق خيار الدولتين. شدد الرئيس الاميركي امام رئيس الدولة الاسرائيلي، الذي لا يمكن وصف منصبه سوى بكلمة فخري لو لم يكن بيريس في هذا الموقع، على ان ليس امام رئيس الوزراء الاسرائيلي خيار اخر غير خيار الدولتين وان لا تراجع اميركيا عن هذا الموقف. الاكيد ان نتنياهو يهيئ نفسه من الان للقاء مع اوباما ومن الطبيعي ان يكون لديه جواب جاهز على الطرح الاميركي. يتلخص الجواب الاسرائيلي بان لا وجود لشريك فلسطيني يمكن التفاوض معه. ما يمكن توقعه من الان هو ان رئيس الوزراء الاسرائيلي سيقول لاوباما ان اسرائيل جربت المفاوضات مع الفلسطينيين ولم تتوصل الى نتيجة كما جربت تنفيذ انسحابات كما حصل في غزة صيف العام 2005، فكانت النتيجة الصواريخ التي تطلقها حماس من القطاع. اكثر من ذلك، سيعود رئيس الوزراء الاسرائيلي بالذاكرة الى العمليات الانتحارية التي كانت تستهدف مدنيين اسرائيليين وهي عمليات لجأت اليها حماس في كل مرة كانت المفاوضات الفلسطينية ـ الاسرائيلية تحقق تقدما ما! في النهاية سيعتمد نتنياهو على الحُجة التي استخدمها قبله ارييل شارون لتنفيذ انسحاب من جانب واحد من غزة في العام 2005 ومتابعة اقامة الجدار الامني الذي يكرس الاحتلال الاسرائيلي لجزء من الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية.
هذه هي المعطيات المتوافرة عن السيناريو الذي سيلجأ اليه رئيس الوزراء الاسرائيلي للتصدي للالتزام الاميركي بخيار الدولتين. ما الذي سيفعله الجانب الفلسطيني لتفويت الفرصة على نتنياهو ودعم الموقف الاميركي، بل الاستفادة منه؟
في استطاعة الجانب الفلسطيني الاقدام على خطوة مفيدة لحرمان نتنياهو من القدرة على القول ان لا وجود للشريك الفلسطيني الذي يمكن التفاوض معه. كل ما على رئيس السلطة الوطنية السيد محمود عباس (ابو مازن) عمله هو الاسراع في تشكيل حكومة فلسطينية جديدة خلفا للحكومة الحالية برئاسة الدكتور سلام فياض. حكومة تؤكد التزام البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية المقبول من المجتمع الدولي. حبذا لو تكون الحكومة برئاسة فياض نفسه الذي اثبت انه رجل دولة بالفعل وانه يعمل لمصلحة الشعب الفلسطيني. مثل هذه الحكومة ستؤكد ان الفلسطينيين يمتلكون القدرة على اتخاذ قرارات جريئة والذهاب الى النهاية في مفاوضات تستهدف التوصل الى قيام دولة فلسطينية مستقلة تعيش بسلام ووئام مع جيرانها ولا تشكل تهديدا لاحد. مطلوب بكل بساطة ان يتصرف الفلسطينيون من منطلق انهم الضحية وان اسرائيل هي الطرف المعتدي وانها هي التي تمارس ارهاب الدولة في حق شعب كل ما يسعى اليه هو ممارسة حقوقه الوطنية بكل حرية على ارضه التاريخية.
تبدو الحكومة الفلسطينية الجديدة ضرورة قصوى ومطلبا وطنيا في آن. فاذا كان ابو مازن ينوي انتظار ان تفضي المفاوضات الدائرة في القاهرة بين الفصائل الفلسطينية الى نتيجة، سيترتب عليه الانتظار طويلا، بل طويلا جدا. حماس لا تريد حكومة الا بموجب شروط معينة تزيد من عزلة الفلسطينيين كي يزداد بؤسهم ويسهل عليها تغيير طبيعة المجتمع بدل العمل على زوال الاحتلال. انها بكل بساطة تريد حكومة تصب في خدمة نتنياهو، حكومة تتمسك بشعارات بالية يرفعها رئيس الوزراء الاسرائيلي بدوره في البيت الابيض في وجه الرئيس الاميركي ليقول له ان لا وجود لشريك فلسطيني يمكن التفاوض معه. باختصار شديد، مطلوب حكومة فلسطينية جديدة قبل وصول نتنياهو الى واشنطن اواخر الشهر الجاري. كلما استعجل الفلسطينيون في ذلك، قدموا خدمة لقضيتهم!

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00