8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

لماذا الانتخابات النيابية مهمّة في لبنان؟

يتبين أكثر فأكثر مع مرور كل يوم ان الانتخابات النيابية المقبلة في لبنان ستشكل حدثا في غاية الاهمية على الصعيد الوطني، بما في ذلك تحديد ما اذا كان لبنان دولة حرة سيدة مستقلة ام انها مجرد تابع للمحور الايراني- السوري.
ما يفترض في اللبنانيين تذكره يومياً أن اسرائيل كانت دائما مهتمة ببقاء الجنوب ينزف ومعه لبنان. الدليل على ذلك اعتراضها منذ العام 1976 على انتشار قوات الردع العربية على طول خط الهدنة في جنوب لبنان الذي يعتبر الحدود الرسمية بين لبنان وفلسطين استنادا الى خرائط مرحلة الانتداب. جاء الاعتراض الاسرائيلي على الانتشار العسكري العربي، وهو سوري اساسا، بحجة ان هناك لدى الدولة العبرية حاجة الى مناوشات مع المسلحين الفلسطينيين بين الوقت والآخر. كان مطلوبا بقاء الجنوب فالتا تلبية للرغبة الاسرائيلية لا اكثر، فاستجاب الدكتور هنري كيسينجر وزير الخارجية الاميركي وقتذاك ومهندس عملية الدخول العسكري السوري الى الاراضي اللبنانية لما طلبه منه الاسرائيليون فوافق على الخطوط الحمر التي وضعوها. ما سبق ذكره من وقائع مثبتة وموثقة يفسر اعتراض الرئيس السابق اميل لحود باستمرار على نشر الجيش اللبناني في الجنوب، حتى بعد الانسحاب الاسرائيلي في العام 2000 تنفيذا للقرار 425 الصادر عن مجلس الامن التابع للامم المتحدة. لا يزال لبنان، حتى اللحظة ضحية التفاهم السوري- الاسرائيلي الذي حصل بواسطة كيسينجر. لا يزال ممنوعا عليه التفكير في كيفية حماية نفسه ومنع بقائه ساحة يتفاوض الاسرائيلي والسوري من خلالها على حساب اهله واستقرار بلدهم.
هل الانتخابات خطوة على طريق اخراج لبنان من وضع الساحة؟
الجواب نعم عالية. انها خطوة على طريق النضال الطويل من أجل مستقبل افضل للبنان واللبنانيين وسوريا والسوريين. لو لم يكن الامر كذلك، لما كانت تلك الاستماتة السورية، التي عبر عنها الرئيس بشار الاسد في حديثه الى الزميلة السفير قبل أيام، على قيام حكومة وحدة وطنية تشكل بعد الانتخابات. اراد القول بكل بساطة انه يجب ان تكون في لبنان حكومة تعطل العمل الحكومي، حكومة غير قادرة على اتخاذ اي قرار كي يبقى السوري هو الحكم بين اللبنانيين. انها نظرية طالما عمل النظام السوري على تطبيقها في لبنان. من يتذكّر كيف اصر على حكومة وحدة وطنية في عهد الرئيس امين الجميل بعدما عادت الميليشيات الحزبية والمذهبية الى احتلال جزء من بيروت نتيجة ما سمي وقتذاك الانتفاضة وذلك بهدف شلّ البلد نهائيا. من يتذكّر ذلك الاصرار السوري على تنفيذ اتفاق الطائف بطريقة خاصة ترتكز على ضرورة وجود خلافات دائمة بين كبار المسؤولين اللبنانيين وداخل الحكومة نفسها، كي يضطر كل مسؤول الى اللجوء الى دمشق بصفة كونها المرجعية الوحيدة للبنانيين من صغيرهم الى كبيرهم!
لم يتغيّر شيء في سلوك النظام السوري. المطلوب في كل لحظة ان لا يكون هناك قرار لبناني مستقل. لذلك يجهد حزب الله منذ الان كي لا يكون هناك اي تأثير للانتخابات على مستقبل سلاحه ومربعاته الامنية وذلك كي تبقى في لبنان دولة داخل الدولة وكي تبقى المؤسسات اللبنانية معطلة لمصلحة المحور الايراني- السوري.
باستثناء السلاح الموجه الى صدور اللبنانيين، والالتحاق علنا بالمحور الايراني- السوري، ليس لدى حزب الله وتوابعه ما يقدمونه للبنانيين. لذلك، تمارس حاليا عملية ترهيب لا سابق لها في حق الشرفاء في لبنان، خصوصا في المناطق المسيحية، علما بان الشرفاء لا يخافون احدا. ليس صدفة ان تكون هناك حملة مركزة على امين الجميّل. لا يمكن الاستخفاف بأي شكل بالقنبلة التي وجدت قرب منزله. هناك تصميم على منع الرئيس الجميّل من قلب المعادلة السورية في المتن عن طريق الحلف الجديد - القديم بينه وبين النائب ميشال المر. لا شيء يحصل صدفة في لبنان. هناك بكل بساطة خوف سوري من ان تكون الانتخابات خطوة اخرى على طريق تكريس الانتهاء من الوصاية. من الواضح ان النظام السوري ليس مستعدا بعد للقبول بانه خرج من لبنان الى غير عودة. من لا يصدق ذلك يستطيع العودة الى حديث الرئيس بشار الى السفير والذي يقول فيه عبارة خسرنا لبنان. كيف خسرت سوريا لبنان؟ هل لبنان ملك لسوريا كي تخسره؟ هل لبنان لواء الاسكندرون؟ هل لبنان هضبة الجولان المحتلة؟
نعم، الانتخابات المقبلة يوم السابع من حزيران مهمة بالنسبة الى لبنان. انها مهمة خصوصا بالنسبة الى الاستقلاليين الذين يسعون الى كسر الحلقة المغلقة ووقف عملية استخدام بلدهم في اللعبة التي تمارسها اسرائيل من جهة والمحور الايراني- السوري من جهة اخرى. الانتخابات مهمة نظرا الى ان لدى الرابع عشر من اذار برنامجا واضحا ومدروسا يقوم على حماية لبنان وشعبه ووقف عملية تهجير اللبنانيين من أرضهم التي تخصص بها النائب الجنرال ميشال عون عن طريق سلسلة الهزائم التي تسبب بها للوطن الصغير. في المقابل لا وجود لدى الجانب الاخر سوى لبنان الساحة، لبنان الذي يرمز اليه الاعتصام البائس في وسط بيروت لتعطيل الحياة العامة والاعتداء على املاك الغير. هل هناك ما هو اكثر وضوحا من هذا الفارق بين مشروعين، مشروع ثقافة الحياة ومشروع ثقافة الموت...

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00