8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

أهمية حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية!

تبدو حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية حاجة ملحة اكثر من اي وقت. استقالت حكومة سلام فيّاض كي لا يعود هناك مبرر لمنع تشكيل مثل هذه الحكومة. الأهم من ذلك، ان حكومة الوحدة الوطنية التي تشارك فيها شخصيات محترمة تمثل كل الاتجاهات الفلسطينية، او لنقل معظمها، تشكّل الوسيلة الوحيدة لتمكين المجتمع الدولي من إعادة اعمار غزة وصرف الأموال المخصصة لعملية اعادة الاعمار بطريقة يستفيد منها الفلسطينيون عموما وأهل غزة بشكل خاص.
ليس صحيحا ان هناك خلافات من اي نوع كان بين محمود عبّاس (أبو مازن) رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية من جهة فيّاض من جهة اخرى، كما يدّعي المسؤولون في حماس. على العكس من ذلك، هناك اتفاق بين الرجلين على انه في حال كانت حماس ترى في الحكومة الحالية وهي حكومة انتقالية، شكلت اصلا في انتظار الانتخابات التشريعية والرئاسية حجة لتفادي التوصل الى أي اتفاق، ليس ما يحول دون التخلص من هذه الحجة.
السؤال الآن ماذا تريد حماس؟ هل تعتقد ان في الامكان الاستفادة من المساعدات الدولية والعربية التي اقرت في مؤتمر شرم الشيخ، ام ترى ان صرف هذه المساعدات عن طريقها اولوية الاولويات وهي تفضل في واقع الحال عدم حصول غزة على اي مساعدات في حال كان مطلوبا تشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى عملية اعادة الاعمار. بكلام اوضح، هل تفضّل حماس بقاء غزة مدمرة على ان تكون عملية اعادة الاعمار عن طريق حكومة تضم شخصيات وطنية تمتلك حدّا ادنى من الشفافية ونظافة الكف والمؤهلات الحقيقية تعطي صورة حضارية عن الشعب الفلسطيني؟
تمثل حكومة الوحدة الوطنية ضرورة لإعادة اعمار غزة المنكوبة. المؤسف ان حماس وفرت للعدو الاسرائيلي كل المبررات ليمارس ارهاب الدولة فيما العالم يتفرّج. استطاعت حماس بما تمتلكه من مواهب، بما في ذلك الصواريخ المضحكة- المبكية التي تطلقها من بين البيوت، اظهار اسرائيل في مظهر الضحية في حين ان الضحية الحقيقية هي الشعب الفلسطيني الباحث عن حقوقه وعن زوال الاحتلال عن الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية... بعدما تحقق الانسحاب الكامل من غزة صيف العام 2005.
كل ما هو مطلوب حاليا، التوصل الى اتفاق على حكومة وحدة وطنية لا تكون مهمتها مقتصرة على صرف المساعدات التي اقرها مؤتمر شرم الشيخ فحسب، بل تعمل من اجل اقناع المجتمع الدولي ايضا بأن هناك عملية سياسية يمكن اطلاقها وأن حل الدولتين لا يزال حيا يرزق. في غياب حكومة الوحدة الوطنية، لن تقتنع الإدارة الاميركية الجديدة التي ارسلت مبعوثا خاصا الى الشرق الاوسط هو السيناتور السابق جورج ميتشيل بأن ثمة املا بإعادة الحياة الى العملية السلمية. وحدها حكومة الوحدة الوطنية يمكن ان تثبت للمجتمع الدولي ان الفلسطينيين قادرون على اعادة لمّ صفوفهم والانخراط في مشروع سياسي قابل للحياة هو مشروع الدولتين الذي لا يؤمن به بنيامين نتانياهو كما لا تؤمن به حماس والذين يحركونها من طهران ودمشق. هل صدفة ان جبهة الرفض، اي الجبهة الرافضة للسلام، تضم اليمين الاسرائيلي المتطرف والمحور الايراني- السوري وبعض الرؤوس الحامية من حماس؟
سيكون قيام حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية دليلا على ان الفلسطينيين قادرون على التصالح مع انفسهم ومع قضيتهم وعلى انهم تعلموا شيئا من تجارب الماضي القريب، بما في ذلك تجربة حرب غزة الاخيرة. ستكون حكومة الوحدة الوطنية دليلا على ان الفلسطينيين يفرقون بين الممكن والمستحيل وأنهم يرفضون ان يكونوا وقودا في صراعات لا علاقة لهم بها كما حصل ابان حرب غزة. اكثر من ذلك، ستثبت حكومة الوحدة الوطنية، في حال ضمت شخصيات محترمة فعلا قادرة على التعاطي مع المجتمع الدولي ومقبولة منه، ان الفلسطينيين يرفضون استمرار الكيانين المنفصل كل منهما عن الاخر ويرفضون الحكومتين ويرفضون قبل كل شيء الاحتلال ويعملون على التخلص منه.
في غياب حكومة الوحدة الوطنية، سيتبين ان حماس لا تزال اسيرة الجندي الاسرائيلي الذي تحتجزه منذ حزيران- يونيو 2006 وهي تراهن على انه سيكون في استطاعتها في المستقبل القريب الاستيلاء على الضفة الغربية تماما كما استولت على غزة منتصف العام 2007. ماذا سيعني ذلك؟ سيتأكد ان حماس لا تمتلك حرية قرارها وأن همها الاول تغيير طبيعة المجتمع الفلسطيني عن طريق اخضاعه... وأن اعادة اعمار غزة اخر هم من همومها. ستؤكد حماس ان رهانها هو على ضعف فتح. قد يكون الرهان على ترهّل الحركة الفلسطينية الام في محله، ولكن يبقى السؤال ماذا بعد؟ ماذا اذا سقطت فتح، وماذا اذا سيطرت حماس على الضفة والقطاع وماذا اذا استمر الحصار على غزة؟ الجواب بكل بساطة ان الوقت لا يخدم الفلسطينيين. كلما استعجلوا قيام حكومة الوحدة الوطنية، كلما كان ذلك في مصلحتهم. حبّذا لو يكون سلام فيّاض رئيسا لهذه الحكومة. الرجل اثبت ان لديه رصيدا كبيرا في اوروبا والولايات المتحدة ولدى القادرين على مساعدة القضية الفلسطينية... ولدى الفلسطينيين الذين يمتلكون حدا ادنى من المنطق والوطنية. ولكن من قال ان الفلسطينيين ليسوا اعداء نفسهم؟

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00