8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

بداية تحضير للمعركة الكبيرة..

عشية احياء اللبنانيين الشرفاء حقا، للمرة الرابعة، ذكرى الرابع عشر من شباط 2005، يظهر بوضوح لماذا أغتيل رفيق الحريري ولماذا استمرت كل المحاولات الهادفة إلى اخضاع لبنان وتحويله إلى رأس حربة للمحور الايراني- السوري. تتوضح الصورة أكثر كلما مر يوم على الجريمة وعلى الجرائم الاخرى التي تلتها. ولكن تظهر في الوقت ذاته تلك القدرة اللبنانية على المقاومة، مقاومة التخلف والتبعية بكل أشكالها.
ما يذهل في مناسبة احياء الذكرى الرابعة لغياب رفيق الحريري، الحاضر أبدا في قلوب اللبنانيين والعرب الشرفاء وعقولهم، قدرة اللبنانيين على مقاومة التخلف. تلك القدرة التي تبدو وكأن لا حدود لها. انها ثقافة الحياة التي لا يمكن الا أن تنتصر على ثقافة الموت بفضل اللبنانيين من كل الطوائف والمذاهب والمناطق. هؤلاء اللبنانيون الذين نزلوا إلى الشارع وأخرجوا القوات السورية من أرض بلدهم، لا يمكن الا ينتصروا على السلاح والمسلحين الذين يهددونهم يوميا في أعز ما لديهم محاولين الاعتداء على الكرامات وتزوير الحقائق بما في ذلك استخدام صغير من الصغار لحجب المعلومات عن لجنة التحقيق الدولية.
لا تزال المعركة طويلة. لكن الاستقلاليين والسياديين الذين رفضوا لعب دور الاداة لدى الادوات، لن يستسلموا. اللبنانيون سيكون نزولهم إلى الشارع مرة أخرى دليلا على رفضهم التبعية ورفضهم أن يكونوا جسرا لعودة نظام الوصاية كما شاء أولئك الذين نزلوا إلى الشارع في الثامن من آذار 2005 لشكر النظام السوري على التخلص من رفيق الحريري. الذين سينزلون هذه السنة إلى الشارع في الرابع عشر من شباط يدركون جيدا ماذا سيعني للبلد البقاء في بيوتهم وماذا عنت تظاهرة شكرا سوريا في حينه. ولعل أهم ما يدركونه أن المحاولة الانقلابية التي بدأت بجريمة التمديد للرئيس اميل لحود ومرّت باغتيال رفيق الحريري وباسل فليحان ورفاقهما مستمرة. استمرت مع اغتيال الحبيب والاخ سمير قصير والمناضل العربي جورج حاوي والزميل والاخ جبران تويني وكل من يرمز إلى المستقبل الافضل بدءا بشيخ شباب الشهداء بيار أمين الجميل وصولا إلى وليد عيدو، رمز شموخ بيروت العربية ومقاومتها، والنائب أنطوان غانم الذي آمن بالعيش المشترك.
استمرت المحاولة الانقلابية باغتيالات ومحاولات اغتيال وتفجيرات وافتعال حرب صيف العام 2006 ثم باستكمال العدوان الاسرائيلي عن طريق الاعتصام في وسط بيروت بما يمثله من اعتداء على الاملاك العامة والخاصة. ولما لم ينفع ذلك كله في اخضاع لبنان، جاءت أحداث مخيم نهر البارد التي استهدفت الجيش الوطني واغتيال اللواء فرنسوا الحاج والرائد وسام عيد واغلاق مجلس النواب... وغزوة بيروت والجبل. انه الانقلاب المستمر على كل ما له علاقة بلبنان الحر السيد المستقل الذي عرف كيف يسير على خطى رفيق الحريري وكيف يحمي المحكمة الدولية التي ستبصر النور في الاول من آذار المقبل غصبا عن الذين يعتقدون أن التحكم بوزارة الاتصالات سيوفر غطاء للارهاب والارهابيين!
صمد لبنان وصمد اللبنانيون. من كان يصدق أن القوات السورية ستخرج يوما من لبنان؟ من كان يصدق أن المحكمة الدولية ستبصر النور؟ من كان يصدّق أن القرار 1701 صار حقيقة وأن لبنان قادر على حماية نفسه بنفسه بواسطة حكومة المقاومة التي أوقفت العدوان الاسرائيلي في حينه. ما تحقق في أربع سنوات كان انجازا ضخما. انه الاستقلال الثاني الذي تحدث عنه سمير قصير ورواه بدمه مع غيره من الشهداء. مرة أخرى، لا تزال المعركة طويلة، خصوصا بعدما تبين أن على اللبنانيين أن يواجهوا بصدورهم العارية سلاح حزب الله الذي ارتد على الداخل والذي يستخدم في سياق المحاولات المستمرة لاسكاتهم وصرفهم عن المحكمة الدولية. ولذلك، أقل ما يمكن قوله ان المعركة المقبلة ستكون من أشرس المعارك. ما يبدر عن وزير الاتصالات ليس سوى مؤشر إلى أي مدى يمكن أن تذهب اليه الادوات السورية وأدوات الادوات في محاولة اعادة عقارب الساعة إلى خلف.
بعد أربع سنوات على اغتيال رفيق الحريري، تبدو الجريمة واضحة كما أن أبطالها معروفون. كل من شارك ويشارك في التغطية مشارك بطريقة أو بأخرى في الجريمة. ما نشهده اليوم بداية تحضير للمعركة الكبيرة، معركة الاختيار في الانتخابات المقبلة بين لبنان السيد الحر المستقل من جهة ولبنان التابع من جهة أخرى. لبنان التابع هو لبنان اتفاق القاهرة الذي فرض على الوطن الصغير فرضا في العام 1969 كي يبقى الجنوب الجبهة العربية الوحيدة المفتوحة مع اسرائيل... مطلوب من لبنان أن يكون غزة أخرى لا أكثر. هكذا بكل بساطة. اغتيل رفيق الحريري لأنه أعاد لبنان إلى خريطة المنطقة والعالم. سيتوجب على اللبنانيين في الانتخابات المقبلة في السابع من حزيران أن يقولوا ان بلدهم يستحق الحياة وأن ثقافة الحياة ستنتصر على ثقافة الموت. الخيار واضح وضوح الاسباب التي أدت الى التخلص من رفيق الحريري وسقوط كل هذا العدد من الشهداء... وصولا إلى اليوم الذي صارت فيه المحكمة الدولية حقيقة!

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00