ليس مهماً ان يزور النائب ميشال عون دمشق او ان لا يزورها. دمشق في قلب كل لبناني يعرف تماما معنى العروبة الصادقة وليس التطفل عليها. الاكيد انها ليست في قلب ميشال عون الذي كان الى امس القريب، اي عندما كان يخوض ما يسمى حرب التحرير، يريد تكسير الرؤوس في دمشق. انتهى به الامر وهو يكسّر لبنان ويهجر مئات الاف اللبنانيين، خصوصا المسيحيين، من بلدهم. ميشال عون لا يقدّم ولا يؤخّر باستثناء ان زيارته لدمشق، وهي ليست الاولى طبعا للعاصمة السورية، يمكن ان تساعده في فهم ما يدور في المنطقة وأستيعاب مدى جدّية الاخطار المحدقة بلبنان تحديدا.
ما يفترض ان يفهمه ميشال عون ومن على شاكلته من المتطفلين حديثا على العروبة وعلى الاوضاع والتطورات الاقليمية ان زيارة دمشق شيء والموقف من النظام السوري الرافض حتى لترسيم الحدود مع لبنان شيء اخر. الاكيد ان القائد السابق للجيش اللبناني لا يستطيع ان يسأل عن المفقودين اللبنانيين في سوريا ولا عن ضباط الجيش اللبناني وجنوده الذين سقطوا في المعارك التي خاضها تحت شعار الدفاع عن السيادة اللبنانية. ليس مسموحا له توجيه مثل هذا النوع من الاسئلة الا اذا كان ذلك يخدم الهدف من استضافته في دمشق. ليس مسموحا لميشال عون توجيه مثل هذه الاسئلة الا اذا طلب منه ذلك بلغة الامر ليس الا. ليس مسموحا له الاشارة الى المفقودين او اللبنانين الذين في السجون السورية حتى بعدما تبين للأسف الشديد ان المعارك التي خاضها الجنرال لم تخدم سوى النظام السوري ولم تؤد سوى الى سيطرته على لبنان، كل لبنان. بقي الامر كذلك، الى ان جاء ذلك اليوم الذي اضطر فيه النظام الى تنفيذ الانسحاب العسكري وليس الامني من الوطن الصغير.
ليس مهما ان يزور ميشال عون دمشق. كان دائما اداة لدى النظام السوري. لم يحسن يوما سوى اداء هذا الدور، بل ان مثل هذا الدور خلق له ولا يليق بأحد اخرغيره، هو الذي سبق له وقدم لبنان على صحن من فضة الى النظام السوري. حدث ذلك عندما رفض الانسحاب من قصر بعبدا وتسليمه الى الرئيس الشرعي الشهيد رينيه معوّض.
هل افضل من ميشال عون يؤدي المطلوب سوريا في تلك المرحلة عن طريق التمرد على الشرعية اللبنانية ثم خوض معركة القضاء على المسيحيين وتشتيتتهم عن طريق المحاولة الفاشلة للقضاء على القوات اللبنانية التي كانت وقتذاك مجرد ميليشيا بين الميليشيات اللبنانية الاخرى في منطقة يسيطر عليها ميشال عون بالقوة.
من يتمعن في تاريخ ميشال عون والمعارك التي خاضها والهزائم التي الحقها بلبنان واللبنانيين والمسيحيين منهم على وجه الخصوص، يجد ان زيارته لدمشق في هذه الايام بالذات ضرورة. المطلوب منه ان يؤكد ان اللبنانيين منقسمون على نفسهم وأنهم ليسوا ملتفين حول رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الذي يمثل الوفاق الوطني. المطلوب ان لا يتكلم لبنان بصوت واحد وأن يكون المسيحيون قبائل وعشائر لا تتفق على رأي. المطلوب بكل بساطة ان يكون رئيس الجمهورية ضعيفا وأن تكون الحكومة الواحدة، حكومة الوحدة الوطنية، حكومات عدة وأن يشعر رئيس مجلس النواب، اي رئيس لمجاس النواب، ان عليه ان يكون لاجئا سياسيا لدى حزب الله الذي ملأ، الى حدّ كبير، الفراغ العسكري والامني الذي خلفه الانسحاب العسكري السوري من لبنان.
ما يفعله ميشال عون اليوم هو استكمال لما فعله امس وقبل امس. انه يلعب الدور المطلوب ان يلعبه والمتمثل في تغطية الجرائم التي ارتكبت في لبنان بدءا باغتيال رينيه معوّض وأنتهاء بأغتيال الرائد وسام عيد مرورا بالطبع بجريمة التمديد للرئيس اميل لحود ثم اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه على رأسهم النائب باسل فليحان. يتبين اليوم ان ميشال عون الذي قبل الاستفادة سياسيا من اغتيال بيار امين الجميّل الوزير والنائب ورمز الشباب الواعد بمستقبل افضل للبنان، شريك في تغطية كل الجرائم المرتكبة على الارض اللبنانية منذ تشرين الاول ـ اكتوبر 2004 لدى تعرض مروان حماده لمحاولة اغتيال. لكل شيء ثمن. الثمن الاكبر الذي سيقبضه ميشال عون هو ذلك المرتبط بأظهار لبنان منقسما على نفسه اوّلا. الثمن الاهم هو ذلك المرتبط برفض ترسيم الحدود مع لبنان وصولا الى مزارع شبعا كي تكون هناك دائما حجة لاحتفاظ ميليشيا حزب الله بسلاحها. من قال ان لا فائدة لميشال عون ولا فائدة من ميشال عون. انه يؤدي الدور المرسوم له بدقة تامة... لا يحيد قيد انملة عن الخط. سيستمر في تأدية الدور حتى الرمق الاخير، من اجل ان لا يبقى مسيحي في لبنان! انه مستعد للذهاب الى النهاية في عملية تهجير اللبنانيين مسلمين ومسيحيين من ارضهم. لا يفعل ذلك هذه المرة عن طريق شن حرب التحرير ثم حرب الالغاء. انه ينفذ المطلوب منه عن طريق اضعاف الرئاسة، رئاسة الجمهورية وكل مؤسسة من مؤسسات الدولة اللبنانية التي يدعي انه يدين لها بالولاء. لا ولاء لميشال عون سوى لدور الاداة الذي يلعبه على خط دمشق ـ طهران...
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.