هناك تصرفات مريبة يشهدها لبنان هذه الايام. أفضل من يعكس هذه التصرفات كلام النائب ميشال عون وتصرفاته. باختصار، وضع النائب ميشال عون غير طبيعي. ثمة من سيسأل منذ متى كان الرجل طبيعياً؟ زادت لديه درجة التهور الى حد كبير وكأن المطلوب منه ملء الفراغ الناجم عن لجوء "حزب الله" الى نوع من التروي والابتعاد عن لغة الشتائم والتخوين في انتظار تطورات ما على الصعيد الاقليمي. ما هو الدور الذي يلعبه ميشال عون هذه الايام وهو دور مرسوم له بدقة؟، الجواب أن الرجل الذي لا يستطيع أن يكون شيئا آخر غير أداة تستخدم في الاساءة الى لبنان واللبنانيين وتهجير أكبر عدد منهم من لبنان، يتابع مهمته التي تستهدف القضاء على الوطن الصغير الذي يمرّ في مرحلة أقل ما يمكن أن توصف به أنها مصيرية. من يحتاج الى دليل على ذلك يستطيع العودة الى الماضي القريب لميشال عون وإلى تصرفاته في كل مرحلة مر بها منذ تعيينه قائدا للجيش في عهد الرئيس أمين الجميل وصولا الى عودته الى لبنان في السابع من أيار 2005 بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري ونزول اللبنانيين الى الشارع لإخراج القوات السورية من لبنان. من يتابع كل محطة من المحطات ويتوقف عندها، يكتشف أنه لم يكن هناك في أي يوم من الايام، هدف لميشال عون غير الانتقام من لبنان واللبنانيين لا أكثر لأسباب مرتبطة بعقده النفسية وعجزه عن التأقلم مع وضع طبيعي في لبنان بعيداً عن التوتر.
لا يستطيع ميشال عون الا العيش في أجواء متوترة لكون الاوضاع الطبيعية التي لا تعود فيها الغرائز مستنفرة ستعيده الى حجمه الطبيعي، أي الى حجم ضابط متقاعد حفل تاريخه بالهزائم، فيما تاريخه السياسي مرتبط الى اشعار آخر، بأنه لا يجيد لعب سوى دور الاداة التي تخدم كل من يريد اضعاف لبنان وإخضاعه. لو لم يكن الامر كذلك لاستوعب ميشال عون معنى استخدامه في عملية التخلص من الرئيس رينيه معوض بعد توقيع اتفاق الطائف وإصراره على منع الرئيس اللبناني المنتخب من الوصول الى قصر بعبدا عن طريق ألوية من الجيش اللبناني كانت في إمرته بصفة كونه رئيساً لحكومة موقتة وقائداً للجيش. ماذا كانت النتيجة؟، كانت النتيجة تمكين نظام الوصاية من التخلص من رينيه معوض وبدء تنفيذ اتفاق الطائف استناداً الى الفهم السوري له. إنه فهم يقوم على ضرورة وجود خلافات دائمة مستديمة بين الطوائف اللبنانية خصوصاً بين رئيس الجمهورية الماروني ورئيس مجلس النواب الشيعي ورئيس مجلس الوزراء السني..، على أن يترافق ذلك مع اضطرار الرؤساء اللبنانيين الى الذهاب الى دمشق أو عنجر من أجل حسم الخلافات في ما بينهم. بكلام أوضح، كان مطلوباً أن يكون لبنان بلداً ذا مرجعية خارجية في دمشق. استخدم ميشال عون باستمرار من أجل تحقيق هذا الغرض وهو لا يزال يستخدم الى الآن في ذلك. من يبحث عن دليل على أن ميشال عون لا يزال مجرد أداة سورية من حيث يدري أو لا يدري والارجح أنه يدري، سعيه اليومي الى استثارة الغرائز المسيحية بدل الانضمام الى الاستقلاليين اللبنانيين في تحذيرهم من خطر دولة "حزب الله" على الدولة اللبنانية ومؤسساتها. لا يرى ميشال عون المهجّر من حارة حريك التي صارت معقلاً من معاقل "حزب الله"، أن الحزب اختطف الطائفة الشيعية الكريمة بفضل الاموال الايرانية وأيديولوجية غريبة عن لبنان واللبنانيين وأن الحزب نفسه يساعد بدعم سوري وايراني التطرف السني لتبرير تمسكه بالسلاح من جهة وتوفير نافذة يعود النظام السوري من خلالها الى لبنان من جهة أخرى.
من لا يفهم هذه المعادلة البسيطة ومدى خطورتها، لا يستطيع استيعاب التطورات التي يشهدها لبنان حالياً وأبعادها. يحصل كل ذلك في وقت تستمر الهجرة، خصوصاً هجرة المسيحيين من الوطن الصغير بسبب وجود دولة أخرى على الارض اللبنانية. انها دولة "حزب الله" التي آخر همها لبنان والعيش المشترك بين اللبنانيين وازدهار لبنان واستفادته من الفورة النفطية التي تشهدها المنطقة. انها دولة مرتبطة بالقرار الايراني وبرنامجه النووي، وهي مرتبطة خصوصاً بمصالح هذا النظام المتخلف الساعي الى فرض هيمنته على الدول العربية القريبة منه باسم المذهبية وعن طريق المتاجرة بقضية فلسطين والفلسطينيين.
ميشال عون في حد ذاته ليس شيئاً. يصير شيئاً عندما يلعب دور الاداة. إنه بكلّ بساطة أداة في غاية الخطورة نظراً الى أنه من أشباه المتعلمين، عفواً الامّيين، وأشباه السياسيين وأشباه العسكريين. أشباه الاميين أشخاص خطرون. انهم يعتقدون انهم يفهمون في كل شيء وأنهم أذكى أنواع البشر. لو لم يكن ميشال عون من هذا النوع من البشر لكان اعترف بأن أول ما عليه عمله وضع اكليل من الزهر على قبر رينيه معوض، شهيد الطائف وشهيد العيش المشترك بين اللبنانيين.
وضحية شبه أمي أو شبه متعلم، لا فارق، لا يدري مدى خطورة المرحلة التي يمر فيها لبنان حالياً ومعنى تمكين "حزب الله" الايراني من وضع يده على الوطن الصغير!.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.