على بعد ايام من انتهاء العام 2007، يكون لبنان خاض في ذلك العام احدى اهم التجارب وأخطرها في تاريخه الحديث. لم يعد الموضوع المطروح مرتبطا بما اذا كان في استطاعة لبنان انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفا لذلك الرئيس، الذي يخجل اللبناني من مجرد ذكر اسمه، خصوصا انه شخص لا يستطيع ان يكون اكثر من موظف صغير لدى الرئيس السوري بشّار الاسد.
صار الموضوع مرتبطا بما اذا كان في الامكان ان يستعيد لبنان سيادته وحريته بصفة كونه بلدا من بلدان المنطقة يمتلك تجربة خاصة به مستندة الى ارث ديموقراطي كرسته تجارب مريرة بما في ذلك حرب داخلية كانت حربا بين اللبنانيين وحربا بين الاخرين على ارض لبنان في الوقت ذاته. اكثر من ذلك، صار مطروحا هل يستطيع لبنان ان يكون وطنا ودولة وليس مجرد "ساحة" يستخدمها المحور الايراني السوري لتصفية حساباته مع العرب او مع القوى الدولية والاقليمية بغية أبتزازها وعقد صفقات مع "الشيطان الاكبر الاميركي" و"الشيطان الاصغر" الاسرائيلي، الذي يدعي هذا الحلف مقارعته؟
كانت السنة 2007 مفصلية من الناحية اللبنانية. في هذه السنة كشف كل طرف من الاطراف المعنية بما يدور على ارض لبنان اوراقه. كشف النظام السوري اوراقه عندما اعلن بلسان نائب الرئيس السوري السيد فاروق الشرع انه يعتبر نفسه في وضع اقوى مما كان عليه عندما كانت القوات السورية في لبنان. ربما كان السيد الشرع يقصد ان في استطاعة النظام السوري ان يقتل ويفجر في لبنان من دون حسيب او رقيب ما دام ليس من يستطيع ان يقول له انه مسؤول عن الامن في الوطن الصغير. وما لم يقله الشرع، قاله السيد وليد المعلم وزير الخارجية السوري الذي حدد الشروط التي تسمح بانتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان. قال المعلم بكل صراحة ان لا وجود لشيء اسمه معارضة لبنانية، بل هناك وجود لمعارضة سورية ولأدوات لبنانية لهذه المعارضة على رأسها "حزب الله" فيما الجنرال ميشال عون اداة مستأجرة تعمل لدى الاداة السورية ـ الايرانية لا اكثر ولا اقل. وقد اثبت الجنرال، او على الاصح المهرج برتبة جنرال، انه لا يستطيع تأدية دور اخر غير لعب دور الاداة المستأجرة في مشروع لا علاقة له بلبنان واللبنانيين. يبدو ان للسيد عون دورا مرسوما يتناسب مع مؤهلاته العقلية المحدودة جدا، حتى لا نقول المعدومة. يتمثل هذا الدور في تهجير مزيد من اللبنانيين من لبنان، خصوصا المسيحيين الذين يعانون عقدا متنوعة جعلت قسما لا بأس به منهم يقف معه في معاركه الخاسرة سلفا والتي قادتهم من كارثة الى كارثة اخرى. كانت كل كارثة جاء بها ميشال عون على المسيحيين اكبر من سابقتها، هو الذي يتصرف كسياسي عندما يتطلب الامر ان يكون عسكريا، ويتصرف كقائد عسكري عندما يتطلب الامر ان يكون سياسيا.
في انتظار ان ينتهي ميشال عون من تأدية دوره الذي لا يمكن الا ان يعود بمزيد من الكوارث على لبنان واللبنانيين وعلى المسيحيين خصوصا، لا بد من الاشارة الى ان من اهم ما شهدته السنة 2007 لبنانيا هو ترشيح قوى الرابع عشر من اذار للعماد ميشال سليمان كي يكون الرئيس الجديد للجمهورية. اظهر ترشيح العماد سليمان للرئاسة ان المطلوب سوريا وإيرانيا ان يكون هناك فراغ رئاسي في لبنان لا اكثر ولا اقلّ. لماذا الرهان على الفراغ الرئاسي؟ الجواب ان المطلوب تغيير النظام في لبنان. المطلوب بكل بساطة الانتهاء من اتفاق الطائف. ميشال عون ليس سوى حصان طروادة في استراتيجية تصب في تعطيل النظام السياسي في لبنان وتحويل لبنان تابع للنظام السوري، وللنظام الايراني تاليا. ولهذا السبب وليس لغيره اوكلت الى جنرال الرابية مهمة الحوار مع الاكثرية النيابية. ولهذا السبب وليس لغيره ايضا ربط النظام السوري بين انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة فيها ما يسمى ثلث معطل، اي حكومة غير قادرة على اتخاذ اي قرار من اي نوع كان، خصوصا عندما يتعلق الامر بالدفاع عن مصالح لبنان وسيادته وليس عن مصالح المحور الايراني ـ السوري.
في السنة 2007، انكشفت الادوار. لم تعد هناك اسرار. صار السؤال هل يقف العالم الحر مع لبنان؟ هل يقف مع الديموقراطية والتعددية؟ هل يقف مع كل ما هو حضاري في المنطقة، ام يترك المحور الايراني ـ السوري يستولي على لبنان وينشر فيه التعصب والمذهبية والإرهاب على غرار ما فعله في العراق مستفيدا من الغباء الاميركي ومن ادارة في واشنطن تعتبر ان الاقوال يمكن ان تحل مكان الافعال؟
ما هو على المحك في لبنان يتجاوز مسألة انتخاب رئيس جديد للجمهورية. لو كان المطلوب انتخاب رئيس جديد لكانت المعارضة التي يقودها "حزب الله" الايراني فعلت ذلك. المطلوب الحاق لبنان بمحور اقليمي لا تذكر تصرفاته سوى بالنازية والستالينية. تذكر تصرفات المحور الايراني ـ السوري تجاه لبنان بهتلر في العام 1938 عندما خير اوروبا بين الحرب وبين وضع يده على تشيكوسلوفاكيا. وكان ان رضخت فرنسا وبريطانيا له. وقد دفع ذلك تشرشل، الذي كان لا يزال في المعارضة الى القول: "كان الخيار بين الذل والحرب. اختاروا الذل... ستأتيهم الحرب".
حسنا فعلت الاكثرية عندما رشحت العماد ميشال سليمان لتكشف النيات الحقيقية للمعارضة التي ليست سوى اداة للمحور الايراني ـ السوري ولأدوات الادوات من نوع تلك النكتة السمجة التي اسمها الجنرال. كان هذا الخيار اشارة الى اللبنانيين كي يتنبهوا على جوهر المعركة التي سيواجهونها في السنة 2008!
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.