8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

عن النظام السوري وتصرفاته التي تذكّر بصدّام!

تبدو لعبة النظام السوري واضحة كل الوضوح. لم تعد اللعبة تنطلي على أحد. كل الألاعيب التي يمارسها مكشوفة. إنها تنتمي الى مدرسة في السياسة لا تعرف لغة أخرى غير لغة الابتزاز ولا بضاعة قابلة للتصدير سوى الإرهاب. هل لدى النظام السوري بضاعة يصدرها غير الإرهاب؟ هل من بضاعة يصدرها الى لبنان غير من هم على شاكلة أحمد جبريل، حليف "حزب الله" الذي أبلى البلاء الحسن في تدمير فنادق بيروت في العامين 1975 و1976 خدمة للنظام السوري الذي يكره بيروت وكل ما له علاقة بالإعمار والبناء والحضارة والتطور والإزدهار؟
يفترض في من يريد فهم الأبعاد الحقيقية لكلام أحمد جبريل الذي أدلى به أخيراً الى "الجزيرة" عن إرسال مسلحين الى لبنان، التفكير ملياً في الاعتصام الذي يشهده وسط بيروت منذ أشهر عدة. بغض النظر عما إذا كان هذا الاعتصام ما زال مستمراً مع صدور هذا المقال أم لا، لا يمكن إلا المقارنة بين ما كان يرتكبه أحمد جبريل في السنوات الأولى من الحرب اللبنانية منتصف السبعينات وما يفعله حالياً المعتصمون وسط بيروت الذين لا هم لهم سوى الاعتداء على كل ما له علاقة بالحياة في لبنان وفي قلب بيروت تحديداً. المفارقة أن "حزب الله" حل مكان أحمد جبريل في الاعتداء على الأملاك الخاصة والعامة بغطاء من مرشح لرئاسة الجمهورية أسمه النائب ميشال عون كان يقول في الأمس القريب وأمام إحدى لجان الكونغرس في واشنطن بعدما أقسم اليمين: "لا يمكن الفصل بين النظام السوري والإرهاب. أن سوريا (كان عليه أن يقول النظام السوري) تؤمن الملاذ لعدد كبير من المنظمات الإرهابية وتدير عملياتها". ويضيف: "إن سوريا تضرم النيران لتعطي لنفسها الذرائع لإطفائها وبالتالي استمرار احتلالها للبنان. إن كل لبناني يجرؤ على مقاومة السيطرة السورية يتم اغتياله بكل بساطة".
لم يتغيّر شيء بين البارحة واليوم. كان ميشال عون على حق عندما قال أمام الكونغرس، في تاريخ لم يمرّ عليه الزمن، إنه " بعد الانسحاب السوري المتوقع، من المؤكد أن السوريين سيتركون وراءهم عدّة أدوات من الإرهاب والتدمير كما منظماتهم شبه العسكرية والمخابراتية". هل انخرط ميشال عون وتياره في هذه المنظمات، بل أصبح أداة من أدواتها؟ من كان لديه أدنى شك في ذلك، زال هذا الشك مع انضمام "الجنرال" الى مخيم البؤس والبؤساء والبائسين يستقي منهم مزيداً من الخبرة من أجل تهجير ما بقي من مسيحيي لبنان.
كل ما يحدث حالياً من تعطيل لانتخابات رئاسة الجمهورية عن طريق الشعوذة والتفسيرات المضحكة للدستور والتهديدات التي تصدر من هنا وهناك وهنالك، يدل على أن النظام السوري يريد إقناع نفسه بأنه قادر على العودة الى أراضي جاره عبر هذه الانتخابات من خلال ممارسة اللعبة نفسها وتصدير البضاعة ذاتها خصوصاً الى لبنان واللبنانيين. صارت لعبة النظام السوري مملّة لولا أنه يلجأ الى اغتيال أشرف اللبنانيين من الذين يرفضون الذلّ والمهانة، آخرهم النائب أنطوان غانم. إنها تتلخص بأن ليس لديه ورقة أهم من ورقة لبنان يريد استعادتها بأي ثمن كان. تكمن مشكلة هذا النظام بأنه لا يريد أن يتعلم لا من أخطائه ولا من أخطاء الآخرين على رأسها أخطاء صدّام حسين الذي انتهى بالطريقة التي أنتهى بها بعدما تسبب بكارثة للعراق والعراقيين.
في حلقات نشرها أخيراً الزميل علي بلوط عن تجربته مع النظام العراقي منذ تعرفه على صدّام حسين مطلع السبعينات، يتبيّن للقارئ أن الرئيس العراقي المخلوع لم يكتف بارتكاب جريمة احتلال الكويت وإنما رفض "المساومة" في شأن الإنسحاب منها أيضاً. كان يريد التفاوض مع الأميركيين من موقع كون الكويت "قطعة حلوى ابتلعناها وهضمناها". الى أن تبين أنه لم يبتلع شيئاً ولم يهضم شيئاً وأن دخول الكويت كان نهاية نظامه، نظراً الى أن لا أحد يريد التفاوض معه على الكويت، بل أن التفاوض يصير ممكناً بعد الخروج من الكويت وعودتها الى أهلها. يفترض في النظام السوري أن يفهم أن لا أحد، لا الأميركيين ولا الأوروبيين يريد التفاوض معه على مصير لبنان. عليه أن يترك لبنان للبنانيين وأن يتوقف عن التدخل في شؤونه وإرسال الأسلحة الى "حزب الله" أو غير "حزب الله" وترك اللبنانيين ينتخبون رئيسهم من دون ضغوط خارجية، هذا إذا كان لا يريد أن ينتهي كما انتهى نظام صدّام العائلي ـ البعثي وأن يحل بسوريا ما حل بالعراق. هناك أوجه شبه كثيرة بين تصرفات الرئيس بشّار الأسد وتصرفات صدّام بعد غزوه الكويت. هناك تراكم للقرارات الصادرة عن مجلس الأمن منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. هناك إصرار سوري على معالجة الخطأ بخطأ أكبر منه وعلى تغطية الجريمة بجريمة أخرى. هناك أكثر من سبب يدعو الى القلق ليس على لبنان فحسب بل على سوريا أيضاً، خصوصاً بعد تحول نظامها الى تابع لإيران... وبعد إفلاسه الى درجة تضطره الى الاستعانة بأحمد جبريل وأمثاله.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00