8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

أهمية أن يكون رئيس لبنان مستقلاً وسيادياً

لا وجود لأدنى شك في أن النظام السوري سيعطل انتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان عبر أدوات المحور الذي أقامه مع النظام الإيراني، أي "حزب الله" أو الأدوات المستأجرة في مستوى النائب ميشال عون. هذا الذي لا يجد عيبا في لعب الدور الذي يلعبه، ما دام خلق لمثل هذا الدور، دور الأداة المستأجرة الذي لايتقن غيره. لا يتقن سوى هذا الدور المستعد للذهاب فيه الى النهاية ولو على جثث ألاف المسيحيين... ولو أدى ذلك إلى هجرة عشرات آلاف اللبنانيين مجددا على غرار ما حصل في الأعوام 1988 و1989 و1990 عندما استولى الجنرال عون على قصر بعبدا وأدى إصراره على اغتصاب السلطة الى تأخير انتخابات رئاسة الجمهورية، ثم الى انقسام السلطة، وضياع سنتين من عمر لبنان واللبنانيين.
ميشال عون ليس سوى أداة صغيرة في لعبة كبيرة يمارسها النظام السوري بهدف اعادة وضع اليد على لبنان عبر الامساك بموقع رئاسة الجمهورية تماما كما فعل منذ العام 1989 عندما تخلص من رينيه معوّض لسبب في غاية البساطة هو انه لا يريد رئيسا حرا للبنان، بل كل ما يريده هو رئيس تابع للأجهزة السورية بطريقة مباشرة. وهذا ما يفسر ذلك الاصرار على تمديد ولاية أميل لحود رئيس عهد الشؤم والخنوع لكل مطالب المحور الايراني ـ السوري حتى ولو كان ذلك على حساب لبنان واللبنانيين وأرزاقهم ومستقبل أبنائهم. كان أميل لحود الحاقد على رفيق الحريري يتباهى بأن مشروع "سوليدير" لم ينجح كما كان مقدرا له أن ينجح وأن الدليل على ذلك أن الطبقات الأرضية وحدها مؤجرة في حين أن معظم الطبقات العليا كانت لا تزال تبحث عن مستأجرين. كان مهماً لإميل لحود أن يظهر كم هو قادر على التخريب والتعطيل كي يظل لبنان "ساحة" للمحور الايراني ـ السوري يبتز من خلالها العرب وغير العرب بهدف التوصل إلى صفقة مع "الشيطان الأكبر" الأميركي ومع "الشيطان الأصغر" الاسرائيلي على حساب لبنان واللبنانيين. أمس كان ارسال الجيش اللبناني إلى جنوب لبنان خيانة في نظر اميل لحود والذين ارتكبوه بدءا بالنظام السوري وانتهاء بـ"حزب الله". لماذا صار إرسال الجيش الى الجنوب منتهى الوطنية الآن؟ هل سبب ذلك الهزيمة المنكرة التي لحقت بلبنان بعد حرب الصيف الماضي، تلك الهزيمة الساحقة الماحقة التي تعرّض لها لبنان والتي يصر الأمين العام لـ"حزب الله" على وصفها بالنصر الالهي. إنه بالفعل انتصار كبير على لبنان شارك فيه "حزب الله" واسرائيل وعملا كل ما في استطاعتهما كي لا تقوم للبلد قيامة. وعندما اكتشف "حزب الله" وأدواته المستأجرة أن لبنان يمكن أن ينهض مجددا، سارع إلى استكمال الحرب الاسرائيلية عليه عن طريق احتلال جزء من الوسط التجاري، كي يؤكد اصراره على تعطيل الحياة في البلد وإعادته ثلاثين عاما إلى خلف. يفعل ذلك تماما كما فعل النظام السوري قبل ثلاثين عاما عندما أرسل ما يسمى ألوية جيش التحرير الفلسطيني التي كانت مرابطة في الأراضي السورية كي تتمركز على خطوط التماس وسط بيروت وتكريس الانقسام بين اللبنانيين من جهة وكي لا تقوم للبلد قيامة من جهة أخرى. وكأن تحرير فلسطين يمر بتحرير وسط بيروت. الآن يلعب "حزب الله" الدور ذاته الذي كان يلعبه جيش التحرير الفلسطيني. إنه دور تقسيم بيروت وتعطيل الحياة فيها لشدة ما هو حاقد على لبنان واللبنانيين وعلى كل ما هو حضاري في لبنان، تماما كما حال النظام السوري وأدوات الأدوات التي اسم احداها "الجنرال". يعتقد هذا النظام بكل أسف أن خير سوريا يأتي من خراب لبنان وأن ازدهار دمشق مصدره تعطيل الحياة في بيروت، غير مدرك أن ازدهار سوريا من ازدهار لبنان وأن الحياة في دمشق مرتبطة بالحياة في بيروت وأن العكس صحيح في الحالين.
كذلك، يعتقد النظام السوري أن أمساكه برئيس الجمهورية سيسمح له بالامساك بلبنان مجددا. لذلك سيعمل كل ما يستطيع من أجل منع انتخاب رئيس جديد ما دام ليس قادرا على التمديد مرة أخرى لأميل لحود أو الاتيان بشبيه له. من يريد دليلا على مدى تمسك النظام السوري بأن يكون رئيس الجمهورية في لبنان موظفا لديه، يستطيع العودة قليلا إلى خلف. يستطيع العودة إلى اللقاء الذي انعقد في دمشق بين الرئيس الشهيد رفيق الحريري والرئيس السوري بشار الأسد في كانون الأول ـ ديسمبر من العام 2003 في حضور الضباط السوريين الثلاثة غازي كنعان ورستم غزالة ومحمد خلوف. في ذلك اللقاء الذي وجّه فيه الأسد الابن كل أنواع الاتهامات إلى رفيق الحريري، بصفة كونه عربيا أصيلا يرفض المتاجرة بقضايا أمته، هدّد الرئيس السوري رئيس مجلس الوزراء اللبناني بأن عليه عدم اثارة موضوع التمديد من الآن فصاعدا. وقال للحريري بالحرف الواحد: "التمديد ورقة في يدي، من يعرقل التمديد يحرق أصابع يدي. هل تريد احراق أصابع يدي؟". بعد ذلك، لم يعد كلام عن التمديد ولا عن ملف "بنك المدينة"!.
من يدرس كل كلمة قالها الأسد الابن ويتمعن فيها، يدرك كم موضوع الرئاسة مهم بالنسبة إليه وكم يعتبره مهما لمستقبل نظامه وإلى أي حد يبدو مستعدا للذهاب في دمويته. انه يعتبر بكل بساطة رئيس لبنان موظفا من موظفيه. مفهوم أن ينذر "حزب الله" نفسه لتأدية ما هو مطلوب منه بصفة كونه مخلب المحور الايراني ـ السوري في لبنان. ولكن ما علاقة ميشال عون بالدور الذي يؤديه، دور اللبناني الذي يقبل تحقيق مكاسب سياسية بفضل جرائم ترتكب في حق أشرف اللبنانيين بدءا برفيق الحريري وباسل فليحان ورفاقهما وانتهاء بوليد عيدو مرورا بسمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني وبيار أمين الجميل؟. ربما لا جواب عن السؤال سوى ان الحقد أعمى، خصوصا لدى الفاشلين الذين لا يستطيعون سوى أن يكونوا أدوات في لعبة أكبر منهم بكثير، لعبة لا يمكن لعقولهم ذات الأمكانات المحدودة جدا فهم شيء منها!، ربما سيفهم ميشال عون يوما ما شيئا... ولكن بعد مساهمته في إلحاق أكبر مقدار من الأذى بلبنان واللبنانيين، خصوصا المسيحيين منهم!.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00