8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

توجه المسلمون الى بكركي.. فاذاً من يتجه بالمسيحيين الى طهران!

ستكون الأسابيع المقبلة الفاصلة عن أنتهاء ولاية الشؤم، ولاية الرئيس أميل لحود الممددة قسراً، مهمة بالنسبة الى مستقبل لبنان، خصوصاً في ظل المحاولة الجديدة التي يقودها "حزب الله" مع أدواته المستأجرة في مستوى النائب ميشال عون أو الوزيرالسابق وئاب وهّام من أجل إلغاء موقع رئاسة الجمهورية.
ألآن بدأت تتضح بعض الأسباب التي قادت الى إقامة مخيم البؤس والبؤساء والبائسين في وسط بيروت. لم تأت إقامة المخيم بناء على أوامر من النظام السوري الحاقد على رفيق الحريري وإشباعاً لرغبته في الأنتقام من كلّ ما هو ناجح في لبنان فقط. لم يكن المخيم من أجل تعطيل الحياة في بيروت فقط. لم يكن المخيم من أجل ضرب صيغة العيش المشترك بين اللبنانيين فقط. لم يكن المخيم من أجل اقفال مؤسسات لبنانية مزدهرة فقط وإجبار العاملين فيها من مسلمين ومسيحيين على الهجرة. كانت هذه بالطبع من أهداف المخيم الذي ادعى "حزب الله" وميشال عون في البداية أنه سيكون محطة على طريق أقتحام السراي الحكومي وإسقاط حكومة شرعية تحظى بثقة مجلس النواب هي حكومة فؤاد السنيورة. الهدف من المخيم في الوقت الحاضر منع انتخاب رئيس جديد للجمهورية بأكثرية أعضاء مجلس النواب كما الحال في أيّ نظام ديموقراطي. ولذلك، ليس صدفة أن يكون المخيم أقيم في مكان قريب من مجلس النواب وذلك كي يسهل تطويقه ومنع ممثلي الشعب من الوصول اليه بالقوّة متى دعت الحاجة الى ذلك.
مؤسف أن يكون "حزب الله" وجد غطاء مسيحياً للانقلاب الذي ينفذه على مراحل. وما هو مؤسف أكثر من ذلك أنه في الوقت الذي توجه المسلمون والدروز الى بكركي وأمكن التوصل الى مصالحة وطنية في العمق تعمّدت بدم رفيق الحريري الذي أخرج نظام الوصاية عسكرياً من لبنان، وجد بين المسيحيين من يسعى الى أخذ الطائفة الى طهران ودمشق.
متى أستعرضنا المراحل التي مرّ فيها لبنان منذ حرب الصيف الماضي، نجد أن كلّ الأحداث التي حصلت منذ ذلك التاريخ، تندرج في سياق واحد هو الانقلاب الكبير الذي عمل من أجله النظام السوري، بدعم إيراني، بهدف إبقاء سيطرته على لبنان وتكريسه "ساحة" يبتز من خلالها العرب وغير العرب. كان اغتيال رفيق الحريري حلقة أساسية في الأنقلاب. كان مطلوباً أن تكون الجريمة حدثاً عابراً على غرار الجرائم الأخرى التي أرتكبت في لبنان بدءاً باغتيال كمال جنبلاط في العام 1977 وانتهاء باغتيال الرئيس رينيه معوّض في العام 1989، مروراً في طبيعة الحال باغتيال العشرات من السياسيين اللبنانيين الذين يمكن أن نذكر منهم الرئيس بشير الجميّل والمفتي حسن خالد.
ما نعيشه حالياً هو من تداعيات الانقلاب الذي كان مفترضاً أن يصبح ناجزاً بمجرد اغتيال رفيق الحريري. الدليل الواضح على ذلك طريقة تصرف رئيس الجمهورية في الأيام التي تلت الجريمة وسعيه الى إعادة فتح الطريق أمام السان جورج في أسرع وقت ممكن بغية عودة الحياة الى طبيعتها في البلد وكأن شيئاً لم يكن... وكأنّ حكومة عمر كرامي التي شكلها نائب الرئيس السوري فاروق الشرع وضابط الأمن السوري في لبنان رستم غزالة باقية الى الأبد، وأن لا شيء تغيّر بعد أغتيال رفيق الحريري.
من تظاهرة الثامن من آذار التي كرر فيها السيّد حسن نصرالله اعلان ولائه للنظام السوري قاتل رفيق الحريري، الى سلسلة الأغتيالات والتفجيرات التي عصفت بلبنان، الى استحضار الأداة التي اسمها ميشال عون من فرنسا، الى حرب الصيف الماضي ثم استقالة الوزراء الشيعة، الى الأعتصام في وسط بيروت، الى افتعال حرب مخيّم نهر البارد بواسطة عصابة "فتح ـ الاسلام" السورية... الى الحرب الفاشلة على الشيخ أمين الجميل في المتن بواسطة أصوات الطاشناق والمجنسين وبقايا الأجهزة السورية، الى المطالبة بما يسمى حكومة وحدة وطنية، تستمر المحاولات الهادفة الى تفتيت لبنان.
عاجلاً أم آجلاً، سيتبين أن اللبنانيين قادرون على مفاجأة الراغبين في تفتيت الوطن الصغير. أولئك الذين يركزون حالياً على منع اانتخاب رئيس جديد للجمهورية. عاجلاً أم آجلاً سيتبين ان كل المحاولات التي يبذلها النظام السوري لأظهار أن لبنان ليس بلداً قابلاً للحياة ستفشل. ستنتهي ولاية الشؤم التي بطلها اميل لحّود وسيجد النظام السوري نفسه عارياً أمام الحقيقة. تتمثل الحقيقة في أن الخطأ لا يمكن اصلاحه بخطأ آخر. جريمة التمديد لأميل لحود لا يمكن تغطيتها بجريمة أغتيال رفيق الحريري. جريمة أغتيال رفيق الحريري لا يمكن تغطيتها بسلسلة من الجرائم الأخرى تمتد من أغتيال سمير قصير وتنتهي باغتيال النائب وليد عيدو مروراً باغتيال جورج حاوي وجبران تويني وبيار أمين الجميل... حتى لو جيء بأفضل من يغطي الجرائم من "حزب الله" الى ميشال عون الذي نزع عنه الموارنة أخيراً ورقة التوت. لبنان بلد يستأهل الحياة. المسلمون ذهبوا الى بكركي وتصالحوا مع كل ما تمثله البطريركية المارونية من ثوابت. المسيحيون أستدركوا الأمر وبدأوا يفهمون معنى التحول الذي طرأ لدى السنة والدروز والذي لا بد أن يتمدد في أتجاه الشيعة على الرغم من عملية الخطف المدروسة التي مارسها "حزب الله" في حق الطائفة الكريمة. لو لم يكن الأمر كذلك، لما كان ميشال عون تلقى تلك الصفعة المدوية من موارنة المتن. كانت تلك الصفعة كبيرة الى درجة جعلته يدخل حالاً من الهذيان ربما لن يخرج منها. الدليل على ذلك دعوته الرئيس أمين الجميّل الى أعتزال السياسة. هل من هذيان يفوق هذا النوع من الهذيان البرتقالي؟

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00