صار موضوع تشكيل حكومة جديدة أو توسيع الحكومة الحالية مطروحاً جدّياً في لبنان. لكن طرح موضوع الحكومة لا يلغي السؤال الأساسي الذي من دون الجواب عنه لا حكومة جديدة ولا توسيع للحكومة. هذا السؤال هو الآتي: حكومة من أجل ماذا؟ هل مطلوب تشكيل حكومة من أجل ألاّ تكون هناك انتخابات رئاسية كما يقول الرئيس أمين الجميّل، والد الشهيد بيار أمين الجميّل الذي يرمز الى كل ما يمتلكه الشاب اللبناني من طموحات. هل مطلوب حكومة جديدة لتعطيل اللعبة الديموقراطية في لبنان والحؤول دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية، كما يقول أيضاً الشيخ أمين، وحتى من أجل إلغاء موقع رئاسة الجمهورية؟ أم المطلوب أن تكون هناك حكومة للخروج من الوضع الراهن عبر انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يلعب بالفعل دور الحكم بين المؤسسات وبين اللبنانيين بدل أن يكون مجرّد أداة طيّعة وصغيرة للنظام السوري كما الحال عليه الآن؟
نعم هناك شروط لتوسيع الحكومة أو لتشكيل حكومة جديدة. ثمة حاجة الى "ضمانات" على حد تعبير رجل لا يحتاج الى شهادة لا في الوطنية ولا في النزاهة والأخلاق والعروبة الصادقة ولا في امتلاك الرؤيا السياسية، رجل أسمه نسيب لحود. إن لبنان في حاجة الى حكومة جديدة أو الى توسيع الحكومة الحالية من أجل الخروج من الوضع الراهن وليس من أجل تعطيل الحياة السياسية في البلد عن طريق خلق فراغ سياسي بمجرد الوصول الى نهاية عهد أميل لحّود المستعد لخرق كل مادة من مواد الدستور من أجل أن يحظى برضا أسياده في دمشق وتنفيذ سياسة تصب من حيث لا يدري في مصلحة إسرائيل.
يحتاج لبنان حالياً الى رجال في مستوى رئيس مجلس الوزراء الشرعي فؤاد السنيورة وليس في مستوى من يدافع عن عصابة سورية أسمها "فتح الإسلام" عبر اعتبار مخيّم نهر البارد "خطّاً أحمر" أمام الجيش اللبناني الباسل. أينك يا "أبو عمار" تقول لهم ما هي "فتح" وكم "فتح" بريئة مما يحصل في مخيّم نهر البارد حيث متاجرة مفضوحة يمارسها النظام السوري كعادته بفلسطين والفلسطينيين من أجل القول للعالم إنّه على استعداد لافتعال كلّ أنواع الحروب في لبنان ردّاً على المحكمة الدولية. تلك المحكمة التي ستنظر في الجرائم المرتكبة في لبنان بدءاً بمحاولة اغتيال الوزير مروان حماده وانتهاء باغتيال الشيخ بيار أمين الجميل مروراً بالطبع بجريمة العصر المتمثلة باغتيال رفيق الحريري ورفاقه على رأسهم النائب باسل فليحان ثم الزميل الحبيب سمير قصير والمناضل العربي جورج حاوي والزميل والأخ جبران تويني.
نعم لتوسيع الحكومة أو لحكومة جديدة في حال كانت هذه الحكومة ستتبع برنامجاً سياسياً لا لبس فيه يستند الى النقاط السبع التي أقرّت في مجلس الوزراء بالإجماع وكانت الأساس للقرار الرقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن، كما كانت البوابة لوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان وهي الحرب التي افتعلها "حزب الله" في الصيف الماضي بتوجيهات من أسياده في دمشق وطهران. نعم لحكومة تعمل من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية بدل تعطيل هذه العملية. ولا، بل ألف لا، لحكومة تضم ممثلين لـ"حزب الله" وميشال عون، التي لا هدف لها سوى خلق فراغ سياسي في لبنان عن طريق استخدام الثلث المعطل للقول أن لا مرجعية سياسية في البلد وأنّ لا مفرّ من العودة الى عهد الوصاية السوري.
الى الآن، لم يفعل ميشال عون سوى تغطية الجرائم التي ارتكبها النظام السوري في حق لبنان وفي حق أشرف اللبنانيين الذين دافعوا عنه في أحلك الظروف التي مرّ بها وعلى رأس هؤلاء جبران تويني. كانت لدى هؤلاء غشاوة على عيونهم. لم يدركوا منذ البدية أن "الجنرال" لا يستطيع أن يكون غير أداة. إذا لم يكن أداة، لا يعود في استطاعته أن يتعرّف على نفسه في المرآة. لو لم يكن هذا الكلام صحيحاً، كيف يمكن لـ"الجنرال" المشاركة في السطو على الأملاك الخاصة والعامة في وسط بيروت لمجرد أن التعليمات صدرت اليه بذلك من "حزب الله"؟.
مرة أخرى، يحتاج لبنان الى حكومة جديدة أو الى توسيع الحكومة الحالية، علماً بأنها حكومة شرعية استقال منها الوزراء الشيعة أرضاء لرغبات خارجية وحماية للنظام السوري من المحكمة. لا مفرّ من الاعتراف بأن هناك نقصاً في الحكومة الحالية، على الرغم من أن الحكومة الحالية تحمي الشيعة في لبنان من عملية الخطف التي يتعرّضون لها. لكن الحكومة القائمة، حكومة رجل الدولة فؤاد السنيورة، تظل أفضل بألف مرّة من حكومة تعطل كل القرارات الحرّة، حكومة جديدة أو موسّعة تعتبر أن التصدي لعصابة "فتح الإسلام" وجهة نظر وأن المهم حماية النظام السوري كي يتفاوض مع إسرائيل أو "الشيطان الأكبر" الأميركي وفي يده ورقة لبنان. عيب، بل ألف عيب على من يتبع هذا النهج الذي لا يخدم سوى إسرائيل. هل من خدمة تقدّم لإسرائيل أفضل من خدمة تغطية الهجوم الذي يشنه مرتزقة، ينتحلون تسمية "فتح"، على الجيش اللبناني في محيط مخيّم فلسطيني في شمال لبنان؟
ثمة حاجة الى حكومة جديدة في لبنان أو لتوسيع الحكومة الحالية. يبقى السؤال من أجل ماذا، وهل يخدم ذلك لبنان؟
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.