هل تستطيع القوى الفلسطينية التي تسيطر على المخيّمات تقديم بعض ما تستطيعه من اعتذار الى لبنان واللبنانيين، ام أنها ستستمر في الانتقام من لبنان في غياب القدرة على تحقيق أي انجاز من فلسطين؟.
من يتطلع عن كثب الى ما يجري في مخيم نهر البارد حيث تخوض عصابة "فتح الاسلام" التابعة مباشرة للأجهزة السورية حربها على الجيش اللبناني، جيش كلّ اللبنانيين ورمز العزة والسيادة والحرية والاستقلال، يجد أن تلك الحرب على لبنان وجيشه الوطني ليست سوى امتداد للحرب الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني. من يوظّف فلسطينيين أو عرباً في مثل هذه الحرب يتآمر على القضية الفلسطينية وعلى كلّ ما هو عربي في المنطقة. هل من جريمة أكبر من جريمة الاعتداء على جنود لبنانيين على الأرض اللبنانية، بل ذبحهم، من أجل أن يثبت النظام السوري قدرته على افتعال حرب أهلية في لبنان ردّاً على اقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المحكمة ذات الطابع الدولي التي ستنظر في سلسلة الجرائم التي تعرّض لها أشرف اللبنانيين والعرب على رأسهم رفيق الحريري وباسل فليحان ورفاقهما والحبيب سمير قصير والمناضل العربي جورج حاوي والزميل جبران تويني والوزير والنائب الشاب بيار أمين الجميّل والشهداء الأحياء مروان حماده والياس المرّ والزميلة ميّ شدياق؟.
ما يشهده لبنان حالياً ليس جريمة في حق الوطن الصغير وشعبه فحسب. انه أيضا جريمة أخرى في حق فلسطين والفلسطينيين يرتكبها أولئك الذين نذروا أنفسهم لجعل الشعب الفلسطيني وقوداً في معارك لا علاقة له بها. أولئك الذين لم يتورّعوا يوماً عن زج الشعب الفلسطيني في معارك وحروب لا تخدم سوى اسرائيل، أولئك الذين قتلوا من أبناء الشعب الفلسطيني ومن أبناء المخيّمات الفلسطينية في لبنان تحديداً أكثر بكثير مما قتلت اسرائيل.
هذا ليس وقت المواقف الرمادية من نوع تلك التي اتخذها الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله الذي ساوى بين الجيش اللبناني وعملاء النظام السوري المنتمين الى "فتح الأسلام". هؤلاء وضعوا نفسهم في خدمة اسرائيل بتسخيفهم القضية الفلسطينية وتحويلها الى قضية اقامة "امارة اسلامية" في شمال لبنان انطلاقاً من مخيّم فلسطيني... هذا وقت كلمة حق في حق لبنان واللبنانيين من نوع رفض أي وجود مسلّح فلسطيني في لبنان أكان ذلك داخل المخيمات أو خارجها. لقد تحوّلت المخيمات الفلسطينية الى أوكار للأرهاب أكان ذلك في نهر البارد أو عين الحلوة حيث عصابات تابعة لأجهزة أمنية همّها الأوّل الاساءة الى لبنان واللبنانيين وكلّ ما له علاقة من قريب أو بعيد بالقضية الفلسطينية.
لا شكّ أن الأمين العام لـ"حزب الله" في حربه على لبنان واللبنانيين وكلّ ما له علاقة بالحضارة والتقدم في لبنان، معذور. إن حرب مخيم نهر البارد على الجيش اللبناني وعلى اللبنانيين امتداد للاعتصام في وسط بيروت ولمخيمات البؤس التي أقامها الحزب مع أدواته مثل النائب المحترم ميشال عون من أجل تعطيل الحياة الاقتصادية في البلد خدمة للنظام السوري...
ربّما كان "حزب الله" معذوراً، نظراً الى أنّه لا يمتلك قراره الحر. قراره في دمشق وطهران وعليه التزام التعليمات التي تصدر عن مرجعيّته. ولكن ماذا عن أصحاب القضية الذين يقاومون الاحتلال الاسرائيلي على أرض فلسطين. هل في استطاعة هؤلاء أن يقولوا بالفم الملآن أن طريق القدس لا تمر بمخيّم نهر البارد؟.
امتلك رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية السيّد محمود عبّاس (أبو مازن) ما يكفي من الشجاعة لتأكيد أن ظاهرة "فتح الأسلام" تسيء الى كلّ ما هو فلسطيني. ولكن ماذا عن الحكومة الفلسطينية وماذا عن قادة "حماس" داخل فلسطين وخارجها؟ لماذا لا يتّخذ هؤلاء موقفاً من الظاهرة المرضية الجديدة التي اسمها "فتح الاسلام"، أم أن "حماس" تمثل الاحتياط الاستراتيجي للنظام السوري في لبنان وأنّها يمكن أن تحلّ محلّ "فتح الاسلام" في مخيمات لبنان متى تصدر اليها التعليمات بذلك... من دمشق وطهران؟ مطلوب كلمة حق فلسطينية في حق لبنان واللبنانيين اليوم قبل غد... قبل فوات الأوان للبنان وفلسطين!.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.