8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

ما الذي يجمع بين لحّود ونصرالله والعبسي؟

لم يتفوق إميل لحّود الرئيس الممدة ولايته قسراً في لبنان على رمز السخافة الذي اسمه ميشال عون. تفوّق على السخافة نفسها، بل تفوّق على نفسه. هل في استطاعة شخص، أن يكون أسخف من ميشال عون؟ هذا الشخص الذي يعتبر نفسه زعيما للبنانيين وصاحب أكبر شعبية لدى المسيحيين، فإذا به يوفّر غِطاء للذين استأجروه كما يوفّر غطاء للاعتداء على الاملاك العامة والخاصة في وسط بيروت. هذا انجاز في حدّ ذاته لكلّ من يعمل لتدمير لبنان ولتهجير أهله، في مقدّم هؤلاء مسيحيي لبنان. لكنّ إميل لحود استطاع الذَهاب الى أبعد بتسخيفه السخافة عندما راح يتطرق في الحديث الذي أجرته معه قناة "الجزيرة" السبت الماضي الى السياسة الدولية والى خطورة توطين الفلسطينيين في لبنان لإظهار نفسه في مظهر من يدافع عن لبنان واللبنانيين هو الذي ستلاحقه العدالة عاجلاً أم آجلاً... هو الذي كان أول ما فعله بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والنائب باسل فليحان ورفاقهما السعي الى العبث بمسرح الجريمة. وقد نجح في ذلك جزئياً بهدف إخفاء معالمها عندما نٌقلت سيارات الموكب المرافق لرفيق الحريري، لدى حصول الجريمة بما في ذلك السيّارة التي كان فيها، الى مكان آخر هو أحدى ثكن قوى الامن الداخلي.
قبل أن يتحدّث إميل لحّود عن احترامه للدستور، ليوافق على اجراء انتخابات نيابية فرعية في المتن الشمالي لشغل المقعد الذي شغر باغتيال النائب والوزير بيار أمين الجميّل رمز الشباب اللبناني المتمسّك بأرضه والرافض حقيقة للتوطين ولإفراغ لبنان من أحسن اللبنانيين، من اللبنانيين الذين يمتون بصلة الى الشرف والشرفاء وليس الى العمالة والعملاء...
لم يكن إميل لحّود سوى سخيف تفوق على السخافة، خصوصاً عندما تحدّث عن المقاومة ودوره في دعم المقاومة ومنعه الجيش اللبناني من الذَهاب الى جنوب لبنان عندما كان قائداً للجيش. ما لم يقله إميل لحّود لماذا صار عليه الان القبول بأن يكون الجيش اللبناني في جنوب لبنان، هل يعتبر "الانتصار" الذي حققه "حزب الله" على إسرائيل في حرب الصيف الماضي سبباً ليصبح إرسال الجيش الى الجنوب اللبناني عملاً وطنياً في حين، كان هذا العمل في مرحلة ما قبل حرب الصيف التي افتعلها "حزب الله" مجرد خيانة؟
مفيد الاستماع الى إميل لحّود، وذلك لاكتشاف كم أن الرجل متورط في جريمة العصر وكيف يحاول تغطية تورّطه بالقول إنّه ضد توطين الفلسطينيين في لبنان. هل يعرف إميل لحّود شيئاً عن التوطين وعن القضية الفلسطينية كي يتحدّث عن مثل هذه القضايا؟ هل يعرف شيئاً غير أن يكون منفّذاً للتعليمات التي تأتيه من بشّار الاسد والتي فرضت عليه القول أنّ لا علاقة للنظام السوري بتنظيم "فتح ـ الإسلام"، علماً أن هذا التنظيم لا يرتبط بسوى النظام السوري وهو أداة من أدواته مثلما أن "حزب الله" أداة للمحور الإيراني ـ السوري.
لم يكن كلام إميل لحّود سوى محاولة أخرى فاشلة لتغطية الجريمة وعرقلة قيام المحكمة ذات الطابع الدولي التي سيمثل أمامها، أقلّه للأدلاء بشهادته في شأن الاسباب التي دعته الى أن يأمر بتغيير معالم مسرح الجريمة. لم يستطع إميل لحّود الذهاب الى ما ذهب إليه السيّد حسن نصرالله الأمين العام لـ"حزب الله" الذي سعى الى التغطية على جرائم "فتح­ الاسلام" في حق الجيش اللبناني. من يكون حريصاً على الجيش اللبناني لا يساوي بين عصابة سورية والجيش الوطني. ثمة قاسم مشترك بين إميل لحّود وحسن نصرالله. يتمثّل القاسم المشترك بينهما بتبرئة النظام السوري من الجريمة التي أرتكبت في حق الجيش اللبناني في نهر البارد، علماً أن الطفل يعرف أن لا وجود لـ"فتح ـ الاسلام" لولا الاجهزة السورية التي أرسلت شاكر العبسي الى مخيم فلسطيني في شمال لبنان بهدف واضح كلّ الوضوح يتمثّل في خلق فتنة سنّية ـ سنية في لبنان عن طريق القول إن السنّة وراء حرب مخيّمات جديدة.
في النهاية، ماذا يجمع بين حسن نصرالله وإميل لحوّد وشاكر العبسي الذي ينتمي الى تنظيم "القاعدة" والمدان في الاردن في قضية اغتيال ديبلوماسي اميركي والذي يقود حالياً "فتح ـ الاسلام" من مخيّم نهر البارد؟ ما يجمع بين الثلاثة الرغبة في التخلّص من الحكومة اللبنانية تحت شعار تشكيل حكومة وحدة وطنية، أي حكومة فراغ سياسي في لبنان. المطلوب التخلص من الرمز الشرعي الوحيد في لبنان. مطلوب التخلّص من لبنان لا أكثر ولا أقل. ولذلك أطلق اميل لحّود تهديداته بأنه سيقدم على عمل ما بموجب الدُستور، علماً أن الدستور يفرض عليه الذَهاب الى بيته لدى انتهاء ولايته الممدة بفضل الإرهاب الذي مارسه النظام السوري. الذهاب الى البيت اليوم قبل غد هو الخدمة الوحيدة التي يستطيع إميل لحّود تقديمها للبنان واللبنانيين.
لا حدود للظلم الذي يتعرّض له لبنان. رئيس للجمهورية مفروض على الشعب اللبناني فرضاً عن طريق الإرهاب، رئيس يرفض المجتمع الدولي التعاطي معه، يلقي دروساً في الوطنية والعروبة. من حسن الحظ أن السخف لم يعد يقتل. ولكن ماذا عن تسخيف السخافة؟ ماذا عن تلك القدرة على التفوّق على ميشال عون؟

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00