8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

ماذا يعدّ حزب الله للبنان واللبنانيين هذا الصيف؟!

ثمة محاولة جديدة لضرب الموسم السياحي في لبنان لتعميم البؤس وتهجير مزيد من اللبنانيين من الوطن الصغير. في الصيف الماضي، تولّى "حزب الله" الذي خطف الطائفة الشيعية الكريمة وحوّلها رهينة تمهيداً لخطف لبنان كله وتحويله "دولة مواجهة"، ضرب الموسم السياحي وإبعاد الأخوة العرب عن لبنان، إضافة الى إيجاد أجواء تنفّر المستثمرين. الآن، بعد فشل "حزب الله" في إيجاد فراغ سياسي في لبنان نتيجة صمود الحكومة والمواطنين والتصدي للفتنة المذهبية، يبدو واضحاً أنه ينوي معاودة الكرّة. سيعاود الكرّة من أجل تنفير العرب وإبعاد السياح عن لبنان ومنع المستثمرين من الاقتراب من البلد وتهجير مزيد من الشبان الى الخارج. من أجل تحقيق هذا الهدف، يبدو كل شيء مشروعاً، من وجهة نظر الحزب، بما في ذلك استخدام كلّ الأدوات المستأجرة من إميل لحّود الى وئام وهَاب وبينهما ميشال عون بغية إطلاق التهديدات والتحذيرات التي لا هدف منها سوى إظهار الوضع اللبناني بأنه غير طبيعي وأن على أي عاقل أكان عربياً أو أجنبياً الابتعاد عن هذا البلد غير المستقر.
لعلّ أفضل دليل إلى أن الحملة على لبنان مستمرة، وأن على نحو جديد، الحديث الصريح للنائب ميشال عون عن نيته تعطيل انتخابات الرئاسة في حال عدم قبوله رئيساً. إنه تهديد صريح بالانقلاب على دُستور الطائف إذا أصرت الأكثرية النيابية على انتخاب رئيس جديد بغية البحث عن مخرج من الأزمة التي يعانيها البلد منذ التمديد القسري لإميل لحود في أيلول 2004.
في النهاية، لا يشكل ميشال عون كعادته سوى أداة في لعبة أكبر منه. إنه يستخدم مرة أخرى في عملية يقودها المحور الإيراني ـ السوري هدفها القضاء على لبنان. اللاعب الأساسي في هذا المجال هو "حزب الله" الذي تصرّف مجدداً بطريقة تؤكد أنه ينفذ الرغبات السورية التي تتلخص بأن الوطن الصغير إما يكون تحت وصاية النظام القائم في دمشق وإما يكون عرضة للقلاقل اليومية التي تراوح بين التفجيرات والاغتيالات.
لو لم يكن "حزب الله" راضياً بهذا الدور ومكرّساً نفسه له لما كان باشر محاولاته الهادفة الى تغطية جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري والجرائم الأخرى التي تلتها منذ الثامن من آذار 2005، أي بعد ثلاثة أسابيع من التفجير الذي استهدف باني لبنان الحديث ورمز نهضته من جهة ومهندس إعادته الى خريطة الشرق الأوسط والعالم من جهة أخرى.
متى نظرنا الى كلّ تصرفات "حزب الله" منذ يوم الرابع عشر من شباط 2005، لوجدنا أن هناك خيطاً سميكاً يربط بينها هو تنفيذ رغبات النظام السوري بتدمير البلد على رؤوس أبنائه وذلك ليس من أجل منع قيام المحكمة ذات الطابع الدولي فحسب، بل لإظهار أن لبنان ليس قابلاً للحياة من دون نظام الوصاية أيضاً.
كلما زادت مقاومة اللبنانيين لمشروع "حزب الله" الإيراني ـ السوري، تصاعدت الهجمة على المواطنين والبلد في آن. ولهذا السبب المرتبط بالمقاومة اللبنانية وليس بغيره، استمرت عمليات الاغتيال والتفجير في لبنان. ولهذا السبب وليس لغيره انسحب وزراء "حزب الله" وحركة "أمل" من الحكومة. ولهذا السبب وليس لغيره، جاء افتعال حرب الصيف الماضي، بما سمح للعدو الإسرائيلي بممارسة كلّ همجيته في مختلف الأراضي اللبنانية. وقد استكملت الحرب الإسرائيلية باحتلال قسم من الوسط التجاري في بيروت وكأن الطريق الى القدس تمر بمنطقة "سوليدير" وبإسقاط حكومة فؤاد السنيورة. ولهذا السبب وليس لغيره أيضاً، يرفض "حزب الله" هذه الأيام النقاط السبع التي وافقت عليها الحكومة اللبنانية بما ساهم في وقف العدوان الإسرائيلي على البلد ويدفع في الوقت نفسه ميشال عون الى التهديد بتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية.
قاوم لبنان مشروع "حزب الله" وسيستمر في مقاومته على الرغم من كل الوسائل المستخدمة لحماية هذا المشروع المستورد، بما في ذلك الاعتراض الذي يبديه المسؤولون السوريون على احتمال وضع مزارع شبعا في عهدة الأمم المتحدة. وكان أفضل تعبير عن الاعتراض السوري الهلع الذي ظهر على إميل لحود وهو يتحدث عن إمكان استرداد المزارع واكتشافه فجأة أن أرضها تختزن كميات كبيرة من المياه!
لبنان يقاوم. حكومته صامدة. المحكمة ذات الطابع الدولي ستشكل عاجلاً أم آجلاً، والمرجح أنها ستكون جاهزة قريباً. هذا لا يمنع التساؤل ماذا يعدّ "حزب الله" للبنان واللبنانيين كي يضرب موسم الصيف ويلغيه وكي تتكرر تجربة الصيف الماضي. كان لبنان يستعد وقتذاك لاستقبال مليون سائح وأكثر فإذا به يتحول الى بلد المليون نازح. هذه المرة على "حزب الله" التركيز على الداخل نظراً الى أن جبهة الجنوب مغلقة بفضل القرار الرقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. هل يكفيه الداخل أم أن هجمته على النقاط السبع التي تتمسك بها الحكومة اللبنانية تعتبر بمثابة تمهيد لبدء حملة على القرار 1701 الذي تحول ضمانة للبنان ولأهله في الجنوب خصوصاً؟

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00