8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الدور الذي لا يتقن ميشال عون غيره...

من أطرف ما صدر عن النائب ميشال عون في خطابه يوم عيد العمال رفضه قبول أن يكون اسم الرئيس اللبناني المقبل موحى به من سفارة أجنبية قائلاً: "لن نقبل بأن تأتي كلمة السرّ من سفارة". لا يمكن فهم مثل هذا الكلام إلاّ من منطلق أن ميشال عون يعتقد أن جميع الطامحين الى الرئاسة على شاكلته، أي من طينة أولئك الذين يلجأون إلى السفارات الأجنبية أو منازل السفراء الأجانب. للتذكير فقط. فرّ "الجنرال"، عفواً المهرّج برتبة جنرال، إلى منزل السفير الفرنسي في بعبدا عندما هاجمت القوات السورية القصر الجمهوري في الثالث عشر من تشرين الأول ـ اكتوبر 1990 تمهيداً لوضع اليد على لبنان فعلاً. فرّ "الجنرال" الذي كان تعهّد في خطاب علني بأنه "آخر من يغادر السفينة" إلى منزل السفير الفرنسي رينيه آلا تاركاً زوجته وبناته في عهدة الضابط السوري الذي دخل القصر ومعه الوزير الراحل إيلي حبيقة العميل الإسرائيلي في السبعينات والعميل السوري في الثمانينات والتسعينات...
صار ميشال عون يحاضر الآن في العفاف. منذ متى يحق لأمثال "الجنرال" إعطاء دروس في العفة والعفاف، فيما يعتدي أنصاره على الممتلكات الخاصة والعامة في وسط بيروت؟ لا بدّ من تكرار المثل الفرنسي القائل أن من حسن الحظ أن السخف لم يعد يقتل... ولكن ما العمل مع أشخاص نذروا نفسهم للعب دور الأداة والتعويض عن هزائمهم بالصياح والكلام الذي لا معنى له مثل الدعوة إلى إجراء انتخابات لرئاسة الجمهورية عن طريق التصويت الشعبي المباشر ولمرّة واحدة فقط!
لا يصلح الصياح والكلام الفارغ لتغطية الهزيمة الجديدة التي مني بها "الجنرال"، الذي حاول أن يكون من كبار قطاع الطرق، في الثالث والعشرين من كانون الثاني الماضي عندما دعا إلى اضراب عام وإلى شل الحياة في المناطق المسيحية. وكانت النتيجة أن المواطنين تصدوا له وأعادوا فتح الطرق والمرافق العامة في أسرع مما كان يتصور. وكانت النتيجة أن لجأ "الجنرال" هذه المرة إلى حيث "حزب الله" الذي يستخدم سلاحه غير الشرعي الموجه الى صدور اللبنانيين وأرزاقهم لتنفيذ عملية تعطيل الحياة الاقتصادية في البلد خدمة للنظام السوري. هذا النظام الذي يعتقد أن تهديد الاستقرار في لبنان سيمكنه من منع قيام المحكمة ذات الطابع الدولي التي ستنظر في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري والجرائم الأخرى التي بدأت بمحاولة اغتيال الوزير مروان حماده انتهاء باغتيال النائب والوزير بيار أمين الجميل الذي كان يمثل الشباب اللبناني المتشبث بأرضه الرافض للهجرة التي يدفعه اليها "الجنرال" بممارساته الحمقاء. يمارس ميشال عون هواية تهجير اللبنانيين منذ تمرّد على الشرعية في العام 1989 وأصرّ على احتلال قصر بعبدا متسبباً بطريقة غير مباشرة باغتيال الرئيس المنتخب الشهيد رينيه معوّض في الثاني والعشرين من تشرين الثاني ـ نوفمبر من العام ذاته.
لا حاجة إلى عرض تاريخ "الجنرال" ومسيرته التي لم تتسبب للبنانيين سوى بالخراب. يكفي أن هذا الشخص لا يستطيع إلاّ أن يكون أداة في خدمة كلّ من يسعى إلى تدمير لبنان واستخدامه "ساحة" للنزاعات الأقليمية. استخدمه النظام السوري للانقلاب على الطائف ودخول قصر بعبدا ووزارة الدفاع في العام 1990. ويستخدمه "حزب الله" منذ أشهر عدة في عملية مبرمجة ذات طابع تخريبي لا هدف لها سوى خلق فراغ سياسي في البلد عن طريق التخلّص من الحكومة الشرعية وذلك خدمة للنظام السوري. لو لم يكن الأمر كذلك لانتفض ميشال عون في وجه الظلم الذي يتعرّض له لبنان واللبنانيون وفي وجه رئيس للجمهورية بنى كلّ رصيده لدى النظام السوري على رفضه ارسال الجيش الوطني لحماية الجنوب وذلك حتى عندما كان قائداً للجيش. هل يوجد في العالم قائد للجيش أو رئيس للجمهورية يرضى بأن يكون جزء من أرض بلده "ساحة" يلعب فيها آخرون خدمة لمصالح لا علاقة لها بأهل البلد لا من قريب أو بعيد؟
لو لم يكن ميشال عون أداة مستأجرة، لكان تساءل كيف يمكن أن يسمح لنفسه بالسكوت عن سلاح "حزب الله" وممارساته وأن يصب كلّ شتائمه وغضبه على حكومة شرعية حمت لبنان ابان العدوان الإسرائيلي وسعت إلى تعويض الخسائر التي لحقت بالبلد؟ ولكان تساءل أيضاً كيف يمكن أن يسمح لنفسه بالسكوت عن فضيحة اسمها انتصار "حزب الله" بعدما تبيّن أن هذا الانتصار أعاد البلد، بلغة الأرقام، ثلاثة عقود إلى خلف؟ وكيف يمكن أن يسكت عن حزب مسلّح في لبنان يفرح بالديموقراطية الإسرائيلية ويعتبر أن تحقيق "لجنة فينوغراد" التي دانت تصرفات ايهود أولمرت ووزير الدفاع عمير بيريتس ورئيس الأركان الجنرال دان حالوتس بسبب تصرفاتهم في أثناء حرب الصيف الماضي على لبنان انتصاراً له؟ كيف يمكن إلاّ يرى ما حلّ بلبنان واللبنانيين رافضاً أخذ العلم بعدد الشبان الذين هاجروا بسبب الحرب التي تسبب بها "حزب الله" عندما أقدم على مغامرة خطف جنديين أسرائيليين؟ فعل ذلك في وقت كان واضحاً أن الرد الأسرائيلي سيكون من النوع الهمجي في ضوء ما حصل في غزة، قبل ذلك بأسبوع فقط، نتيجة خطف جندي أسرائيلي واحد. وأخيراً كيف يمكن لشخص يعتبر نفسه على علاقة بالسياسة أن يساهم في استكمال العدوان الأسرائيلي على لبنان عن طريق تغطية الجريمة التي يرتكبها "حزب الله" في حق بيروت وأهلها وكلّ ما هو حضاري فيها؟
الجواب الوحيد عن كل هذه التساؤلات أن ميشال عون لا يستطيع إلا أن يكون أداة. يعتبر هذا الدور علّة وجوده لا أكثر ولا أقلّ. إنه بكل بساطة لا يتقن غيره حتى لو كان ذلك على حساب لبنان واللبنانيين الشرفاء وتغطية كل أنواع الجرائم التي ترتكب على أرض لبنان.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00