8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

زيارة بلير دليل وجود فرصة للبنان واللبنانيين!

لم يأت رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الى الشرق الأوسط هذه المرّة إلاّ بصفة كونه مبعوثاً للمجتمع الدولي والأسرة الدولية. هذا المجتمع الذي يدرك جيّداً أن الوضع في لبنان لا يمكن أن يعود الى ما كان عليه قبل الثاني عشر من تموز الماضي تاريخ خطف "حزب الله" الجنديين الإسرائيليين من داخل الأراضي الإسرائيلية، أي من خلف "الخط الأزرق". في النهاية أن القرار الرقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في الرابع عشر من الشهر الماضي أي بعد ما يزيد على شهر من الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان هو قرار مطلوب تنفيذه. ولم يكن بلير سوى رسول جاء الى البلد بأسم الأسرة الدولية التي باتت تعتقد أنّه آن الأوان لإغلاق تلك الجبهة المصطنعة التي أسمها جبهة جنوب لبنان. إنّها جبهة لا علاقة لها بلبنان واللبنانيين بمقدار ما أنها جبهة أصر النظام الأمني السوري ـ اللبناني، الذي كان منذ البداية أمتداداً للمحور الإيراني ـ السوري، على ابقائها مفتوحة بهدف تكريس لبنان ساحة للتجاذبات الأقليمية. "ساحة" يستطيع النظام السوري من خلالها تحسين شروط التفاوض مع الادارة الأميركية، من دون أن يفهم أن ليس في الادارة، أقلّه الى أشعار آخر، من يريد التفاوض معه على حساب لبنان، و"ساحة" يسعى النظام الإيراني الى التأكيد عبرها أنّه على تماس مع إسرائيل وأنّه تحوّل نقطة الثقل في الصراع العربي ـ الإسرائيلي. ما يريد النظم الإيراني الذي أستثمر الكثير في "حزب الله" قوله أن هناك توازنات جديدة في المنطقة لا علاقة لها بالماضي. هناك توازنات ما قبل الأحتلال الأميركي للعراق وتوازنات ما بعد الأحتلال الذي كانت إيران المنتصر الأوّل بعده.
جاء بلير الذي لم يعد له أي مستقبل سياسي في بلده، وهو أوّل من يعرف ذلك، ليقول إنّه قادر على لعب أدوار لا يستطيع غيره لعبها على الصعيد الأقليمي، أكان ذلك في فلسطين أو لبنان. على الصعيد الفلسطيني، حصل رئيس الوزراء البريطاني على تعهد من رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت بالنسبة الى عقد لقاء مع السيّد محمود عبّاس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية. كلّ ما حاول بلير عمله هو ابلاغ الإسرائيليين أن الوقت حان للتسوية وأن لا مفر من قيام دولة فلسطينية. والسؤال هل يلتقط الفلسطينيون الفرصة؟ الواقع أن لديهم فرصة، نظراً الى أن السياسة التي اتبعها أيهود أولمرت حتى الآن لم تؤد الى نتائج بل وصلت الى طريق مسدود. أن رئيس الوزراء الإسرائيلي مفلس سياسياً، بمقدار ما أنّ رئيس الوزراء البريطاني مفلس داخل بلده وعلى أولمرت تالياً قبول ما يطلبه منه االمجتمع الدولي ممثلاً بتوني بلير. هل يستفيد الجانب الفلسطيني من هذه الفرصة فيشكّل حكومة وحدة وطنية قادرة على التعاطي مع العالم، أم يبقى أسير حكومة "حماس" المرفوضة من العالم؟
لم يأت بلير الى لبنان ليتفرّج على البلد أو من أجل السياحة. قد يأتي سائحاً السنة المقبلة، أي بعد تنفيذ وعده بالتخلي عن رئاسة الحكومة تحت ضغط نوّاب ووزراء من حزبه. جاء رئيس الوزراء البريطاني ليقول أن هناك فرصة أمام لبنان وأن على اللبنانيين التقاطها. نعم هناك فرصة أمام لبنان في حال أمكن تنفيذ القرار 1701. صارت الكرة في ملعب اللبنانيين، خصوصاً بعدما أكّد المجتمع الدولي مدى جدّيته في تنفيذ القرار 1701 وفي اغلاق "ساحة" لبنان أمام المحور الإيراني ـ السوري الطامح الى افشال كلّ خطوة تستهدف خروج البلد الصغير من حال استمرت طويلاً. ومن هذا المنطلق، لا مفر من أن يحسم اللبنانيون أمرهم وأن يقرروا أخيراً هل يستحقون دولة أم لا؟
الأكيد أن توني بلير ليس قدّيساً، لكن الأكيد أيضاً أن على اللبنانيين أن يفهموا أن اغلاق بلدهم في وجه شخصيّات في هذا المستوى يعتبر خدمة لإسرائيل أوّلاً وأخيراً. هل يجوز أن يأتي بلير الى إسرائيل والأراضي الفلسطينية وأن يستقبل بما يستحقه من تكريم يليق برئيس الوزراء في دولة تتمتع بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن وأن يكون في لبنان من يدعو الى رفض أستقباله؟ ماذا لو قرر بلير الذهاب الى دمشق ألم يكن النظام السوري على استعداد لفرش كل أنواع الورود على الطرق الى قصر الرئاسة؟
آن أوان أن يعي اللبنانيون مصلحة بلدهم أوّلاً وأن يتوقفوا عن رؤية هذه المصلحة من خلال المحور الإيراني ـ السوري. أن لبنان يستحق الحياة أوّلاً. لو لم يكن الأمر كذلك، لما زاره رئيس الوزراء البريطاني ولا غيره من كبار المسؤولين والوزراء. هناك بكلّ بساطة مصلحة للمجتمع الدولي في ألاّ يعود لبنان "ساحة". لماذا لا ينتهز اللبنانيون هذه الفرصة؟ أم كتب عليهم منذ توقيع اتفاق القاهرة في العام 1969 من القرن الماضي أن يكون بلدهم مجرّد ممسحة للآخرين ومكاناً لتصفية الحسابات في ما بينهم على حسابه؟

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00