8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

المطلوب من "حماس" ومن العرب

بغض النظر عن الاتفاق الذي توصلت اليه الفصائل الفلسطينية وفي طليعتها "فتح" و"حماس" في شأن التهدئة مع إسرائيل من جهة وترك السيد محمود عباس (أبو مازن) رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية يتفاوض مع إسرائيل بصفة كونه رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية من جهة اخرى، لا يمكن تجاهل أن من الأفضل تفادي أنصاف الحلول أو الحلول الموقتة بين الرئاسة والحكومة الفلسطينيتين. مثل هذه الحلول ليست سوى مسكنات لا تأتي بأي نوع من الأسس التي تساهم في إخراج الوضع الفلسطيني من الأزمة العميقة التي غرق فيها.
يحتاج الوضع الفلسطيني في المرحلة الراهنة إلى أكثر من مسكنات لا تقدم ولا تؤخر باستثناء انها تؤجل المواجهة بين الرئاسة والحكومة، أي بين "فتح" و"حماس". أن المطروح بكل بساطة وضع أسس لاستراتيجية بعيدة المدى تقوم على الثوابت الفلسطينية، أي على القرار الفلسطيني المستقل بدل أن ترهن "حماس" القرار الفلسطيني مرة اخرى لأطراف إقليمية تود تحويل الشعب الفلسطيني وقوداً في معارك لا علاقة له بها ولا مصلحة له بها لا من قريب أو بعيد. والمعني بالأطراف الإقليمية المحور الإيراني ـ السوري الذي يسعى إلى أخذ رهينتين هما لبنان وفلسطين من أجل الدخول في مساومات مع الأميركيين على حساب اللبنانيين والفلسطينيين.
لا بد من العودة إلى الوضع الفلسطيني وما يعانيه الفلسطينيون ليس من جراء الاحتلال الإسرائيلي البغيض فحسب، بل بسبب الأوهام التي حملت "حماس" إلى السلطة والتي حمّلت الفلسطينيين كشعب كمية من الأوهام ليس في مقدورهم حملها أيضاً. أن المفتاح لفهم ما يجري على الصعيد الإقليمي يكمن في القدرة على استيعاب التوازنات الإقليمية والدولية. من دون فهم لهذه التوازنات، يبدو الطريق إلى الكارثة أقصر بكثير مما يعتقد. في النهاية، إن كثيراً من مصائب العرب تعود إلى عدم القدرة على فهم التوازنات الإقليمية والدولية في أي مرحلة من المراحل التي مرّت بها المنطقة.
هل "حماس" على استعداد للاستفادة من تجارب الماضي والتخلي عن الأوهام أم انها تصرّ على خوض معركة سياسية لن تؤدي في النهاية سوى إلى حرب أهلية فلسطينية؟
لا مصلحة فلسطينية في التعلق بالغوامض أي بالبرنامج السياسي الغامض الذي تطرحه "حماس". انه برنامج يمكن أن يعزّز فكرة أن لا وجود لشريك فلسطيني يمكن التفاوض معه. هل في استطاعة قيادة "حماس" العودة عن الخطأ والشجاعة للاقدام على مثل هذه الخطوة؟. والواضح، أقله حتى الآن، أن "حماس" ليست قادرة على ذلك. لو كانت قادرة، لكانت خاضت تجربة الاستفتاء على وثيقة الاسرى الفلسطينيين. لماذا لم تجرؤ "حماس" على خوض تجربة الاستفتاء؟ هل بسبب إدراكها أن المعركة خاسرة سلفاً وأن الشعب الفلسطيني لم يصوّت في الانتخابات التشريعية لمصلحة مرشحيها بمقدار ما انه كان يعترض على الممارسات والفساد الذي تميّزت به ممارسات مسؤولي السلطة الوطنية. خصوصاً أولئك الذين كانوا ينتمون إلى "فتح"، في السنوات العشر الأخيرة؟
لا مكان لأنصاف الحلول في هذه المرحلة في حال لا يتضمن الاتفاق بين الفصائل الفلسطينية بنوداً محددة تتعلق بوضع برنامج سياسي واضح واستراتيجية فلسطينية بعيدة المدى لا علاقة لها بالأوهام والأمراض المزمنة التي تصوّر أن تحرير فلسطين، كل فلسطين مسألة وقت ليس إلا، من الأفضل عدم التوصل إلى اتفاق والتمسك بالاستفتاء، خصوصاً أن ليس من يستطيع المزايدة على الأسرى في مقدمهم مروان البرغوثي.
ليس مطلوباً تأجيل المواجهة مع "حماس" بمقدار ما أن المطلوب إفهام الحركة أن لا مفرّ من الوضوح وأن ياسر عرفات، رحمه الله، كان قمة الوطنية وذروتها عندما نادى بالقرار الفلسطيني المستقل وعندما قدّم كل التنازلات المطلوبة من أجل التوصل إلى تسوية معقولة ومقبولة، في ظل التوازنات الإقليمية والدولية الراهنة. لا يمكن تجاوز السقف الذي قبل به ياسر عرفات. هذا ما يجب أن تفهمه "حماس". وكل الباقي خدمات مجانية لإسرائيل!

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00