8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الفضيحة العربية المستمرة!

ما كشفته السنوات الثلاث الأخيرة فضيحة عربية من العيار الثقيل، فضيحة مستمرة تلخص حال العجز التي لا مفر من الاعتراف بها، إذ ان نجاح قمة الخرطوم. والاعتراف بالعجز أي بالواقع الأليم الذي تمر به الأمة خطوة أولى على طريق طرح السؤال الأساسي وهو يتلخص بالآتي: ما الذي يمكن عمله وما الذي لا يمكن عمله؟ وفي النهاية هل هناك ما يمكن عمله عربياً على أي صعيد من الصعد، أكان ذلك في العراق أو في فلسطين أو في لبنان؟
في مثل هذه الأيام من العام 2003 كانت القوات الأميركية في طريقها إلى بغداد في ظل صمت عربي مطبق. كان جميع العرب على علم بأن الأميركيين سيشنون حرباً تستهدف اسقاط النظام العراقي. للأسف الشديد انعقدت قمة في شرم الشيخ للبحث في كيفية تفادي حرب يستحيل تفاديها، حضرها ممثلون لنظام صدام حسين دخلوا في مواجهات مع العرب الآخرين.
بدل البحث في المستقبل وفي ما يجب عمله في مرحلة ما بعد سقوط النظام العائلي ـ البعثي الذي قضى على النسيج الاجتماعي للمجتمع العراقي تمهيداً لانفلات الغرائز الذي نشهده اليوم، تُرك رئيس الوفد العراقي وقتذاك عزت الدوري يزايد على الآخرين. بما في ذلك على رجل حكيم هو رئيس الوفد الكويتي الشيخ صباح الأحمد الذي صارأميراً للدولة. ما الذي جناه العرب من المزايدات؟ لا شيء على الاطلاق. كل ما فعلوه انهم فوتوا على أنفسهم فرصة الجلوس حول طاولة بمعزل عن ممثل لصدام حسين والتداول في الوضع العراقي وبالمصائب التي يبدو البلد مقبلاً عليها، وهي مصائب من النوع الذي لا يمكن الا أن تكون له انعكاسات على المنطقة كلها. يكفي أن ما حصل في العراق كان بداية التنفيذ للقرار الأميركي القاضي باعادة رسم خريطة الشرق الأوسط. حصل ذلك بالفعل فيما العرب يتفرجون. استطاعت ايران ملء الفراغ الذي صنعه الأميركيون في العراق وما زال العرب في موقف من يتفرج، غير مصدقين أن الحرب الأهلية ذات الطابع المذهبي قطعت شوطاً كبيراً في اتجاه واضح هو تقسيم العراق بعد تفتيته وتفكيكه.
هل من يريد أخذ العلم بما يحصل في العراق؟ الجواب إلى الآن هو أن ليس هناك من يريد ذلك. والحقيقة أن لا وجود لمن يريد الاعتراف بأن على القمة العربية البحث في ما اذا كان في الامكان عمل شيء لوقف الحرب الأهلية في العراق، بدل الحديث عن احتمالات تفاديها. أكثر من ذلك، هل لا يزال في الامكان البحث في موقف عربي مشترك من العراق، أم أن أوان اتخاذ مثل هذا الموقف فات خصوصاً ان العشرات يُذبحون يومياً في مناطق عراقية مختلفة ولا ذنب لأي من هؤلاء سوى الانتماء إلى هذاالمذهب أو ذاك.
الآن صار مستقبل العراق يناقش بين الولايات المتحدة وايران التي تُعتبرالرابح الأول من الحرب الأميركية على العراق. هل تمتلك القمة العربية ما يكفي من الجرأة للتطرق الى هذه المسألة؟ هناك مستقبل دولة عربية، يُبحث بين أميركا ودولة غير عربية. أوليس ذلك ذروة العجز العربي أم أن المطلوب تغطيته بشعارات فضفاضة تفادياً للاعتراف بأن المهم في هذه المرحلة السعي الى مواجهة الواقع كما هو في حال كان هناك من يريد تفادي تكرار تجربة العراق في أماكن أخرى. والمعني بهذه الأماكن لبنان وفلسطين.
هل يجوز للقمة العربية الا تتخذ موقفاً واضحاً حيال الظلم الذي تعرض وما زال يتعرض له لبنان؟ هل يجوز أن تساوي بين القاتل والضحية؟ انه سؤال يفترض بالقمة الاجابة عنه في حال كان هناك من يريد الاستفادة من درس العراق. كذلك هناك سؤال آخر لا بد من مواجهته هو البرنامج السياسي للحكومة الفلسطينية الجديدة التي شكلتها "حماس". انه برنامج يتعارض مع مبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت للعام 2002. هل تستطيع القمة العربية التحذير من المخاطر التي تتعرض لها القضية الفلسطينية في هذه المرحلة بالذات حيث صار هناك تعارض واضح بين البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي يتفق مع ما أقرته قمة بيروت من جهة والبرنامج الذي اعتمدته حكومة "حماس" من جهة أخرى. لا بد من موقف عربي واضح في هذا المجال. من دون هذا الموقف تبدو اسرائيل قادرة على تحقيق مزيد من المكاسب على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة... من دون هذا الموقف لن يكون بعيداً اليوم الذي سيصبح ممنوعاً على العرب التعاطي في الشأن الفلسطيني من قريب أو بعيد تماماً مثلما صاروا أبعد الناس عن الموضوع العراقي، علماً بأنه يطرق أبوابهم يومياً!

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00