8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

انتصار جبران تويني

إذا كان الذين اغتالوا جبران تويني يعتقدون أن "النهار" ستتوقف عن الصدور، فإن صياح الديك في اليوم الذي تلا الجريمة كان دليلاً ساطعاً على انتصار الدم على السيف وانتصار الحرية على الأنظمة الديكتاتورية وعلى رأسها النظام الأمني السوري ـ اللبناني الذي شاء مرة أخرى تغطية جرائمه بجريمة جديدة لا يدري هذا النظام أن الخطأ لا يعالج بخطأ آخر وأن الجريمة لا يمكن أن تغطي جرائم.
لم يكن جبران تويني مجرد شاب طموح يقاتل من أجل استقلال لبنان ومن أجل الحرية والعدالة والتقدم في العالم العربي. كان أكثر من ذلك بكثير. كان يدير أهم مؤسسة إعلامية عند العرب، مؤسسة وضعت نصب عينيها نقلهم الى القرن الواحد والعشرين في حين أن نسبة لا بأس بها منهم متشبثة بالجهل والجهالة والجاهلية.
من هذا المنطلق، إن مسؤولية دعم جبران تويني مسؤولية عربية على الأنظمة العربية كلها من دون استثناء الخروج عن صمتها وقول ما يجب قوله عن المجرم الذي يقف وراء الفاجعة التي حلّت بلبنان. إما يقول العرب رأيهم وإما يختارون تغطية المجرم كما فعلوا في العقود الأخيرة إذ رفضوا الاعتراف بأن التغطية على جرائم الاغتيال التي يرتكبها هذا النظام إنما هي مشاركة في هذه الجرائم.
واجه جبران تويني النظام الأمني السوري ـ اللبناني الذي اختار حكم لبنان على طريقة المافيات منذ البداية. اعتمد خِيار المواجهة إذ كان غيره لا يزال يفضّل المهادنة. وفي أحيان كثيرة، بدا جبران تويني متهوراً الى أن تبيّن أنه كان على حق، وخصوصاً لما استشهد رفيق الحريري العربي الأصيل الذي سعى الى خدمة لبنان وسوريا وحمايتهما من المؤامرات، الى أن تبيّن أن المؤامرة عليهما أكبر من تلك التي كان يتصوّرها العقل السليم.
سينتصر جبران تويني على القتلة، وستبقى روحه المقاومة في جسد كل منا ما دامت "النهار" مستمرة في الصدور. إنها الصحيفة التي تستحق الحياة لأن من دونها لا لبنان حضارياً ولا عروبة حقيقية ولا عروبة على علاقة بالمستقبل.
من دون "النهار"، هناك فقط أشباه رجال من الجبناء الذين لا يحسنون شيئاً في الحياة سوى القتل وخدمة أعداء العرب والعروبة من حيث يدرون أو لا يدرون. والأرجح أنهم يدرون.
القاتل هو الجبان. أما الشجاع فهو جبران تويني الذي أصرّ على قول كلمة حق في وجه الظالم الذي لا يتجرأ سوى على لبنان واللبنانيين معتقداً أن الانتصار على لبنان واللبنانيين بديل من الانتصار على إسرائيل... أما الواقع، فهو يتمثل في أن الانتصار على لبنان واللبنانيين ليس سوى خدمة لإسرائيل التي لا تتمنى أن يكون وجه العرب سوى وجه ذلك النظام الذي قتل جبران تويني وقبله رفيق الحريري وباسل فليحان و"أبو طارق" ورفاقهم ثم سمير قصير وجورج حاوي وحاول اغتيال مروان حماده وإلياس المر ومي شدياق.
مرة أخرى الخطأ لا يعالج بالخطأ، بل بالتراجع عن الخطأ. والجريمة لا تغطيها جريمة أخرى. عاجلاً أم آجلاً سيدفع القاتل الثمن. سيدفع ثمن هروبه الى الأمام. مشكلة القاتل ليست مع لبنان واللبنانيين. مشكلته مع المجتمع الدولي الذي بات يدرك أن عليه وقف تلك الجرائم التي لا تستهدف سوى أفضل اللبنانيين والعرب من أجل استمرار نظام لا مستقبل له.
هنيئاً لجبران تويني بشهادته. لقد انتصر على القاتل. إنه ينتصر عليه كل يوم يصيح فيه الديك... ديك "النهار"، ديك لبنان، ديك العرب الأوفياء لعروبتهم الرافضين العمالة لإسرائيل.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00