8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

السلاح الفلسطيني في لبنان يخدم مَنْ؟

لماذا يطرح موضوع السلاح الفلسطيني في لبنان نفسه بهذه القوة والحدة في هذه الأيام؟ الجواب بكل بساطة هو أن هناك من يحاول إقحام السلاح الفلسطيني في عملية واضحة كل الوضوح الهدف منها المساهمة في تغطية جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. والأكيد أنه كلما اقترب اليوم الذي ستظهر فيه الحقيقة كاملة، ستطفو على سطح الأراضي اللبنانية مخلفات النظام الأمني السوري ـ اللبناني الذي لم يعد لديه سلاح سوى تلك الألغام التي زرعها طوال سنوات تحسباً لليوم الذي سيتوجب فيه على القوات السورية الخروج من لبنان.
من الواضح أن النظام الأمني المشترك؛ الذي يعتبر المسؤول المباشر عن اغتيال رفيق الحريري سيستخدم كل ما لديه من ألغام وأسلحة لاثبات أن لبنان بلد غير قابل للحياة بعد خروج القوات السورية منه وأنه إما يكون "ساحة" سورية وإما لا يكون. وفي هذا السياق كان الرئيس بشار الأسد واضحاً كل الوضوح مع ممثلي المنظمات الفلسطينية المعارضة للسلطة الوطنية الذين التقاهم الشهر الماضي. في ذلك اللقاء الذي شدد فيه الرئيس السوري على أهمية التصعيد العسكري في الأراضي الفلسطينية، حرص في الوقت ذاته على تأكيد ضرورة احتفاظ الفلسطينيين في لبنان بسلاحهم الى حين يأتي فيه اليوم الذي يتأمن لهم حق العودة بموجب القرار 194 وذلك بغض النظر عما إذا كان في استطاعة لبنان تحمّل السلاح الفلسطيني خارج المخيمات أو داخلها.
هل من المنطقي بقاء لبنان أسير حق العودة للشعب الفلسطيني، علماً بأن واجب لبنان حكومة وشعباً توفير ظروف معيشية وانسانية لائقة لأي لاجئ على أرضه؟ هل من المنطقي أن يدفع لبنان وحده ثمن الظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني وأن يكون هذا الثمن مضاعفاً مرتين مرة أولى عندما تتحوّل المخيمات مجرّد جزر أمنية لا سلطة للدولة عليها ومصدر قلق للبنان واللبنانيين وتهديداً للاستقرار في البلد. ومرة ثانية عندما تصير منظمات فلسطينية تابعة مباشرة للنظام السوري أدوات في لعبة لا فائدة منها سوى القول للعالم ان لبنان ليس قادراً على حماية نفسه بنفسه وأن الخيار بين الفوضى المتمثلة بالفراغ الأمني من جهة وبين عودة القوات السورية من جهة أخرى كي تمسك دمشق مجدداً بخيوط اللعبة وكي تحول دون تفجير مزيد من الألغام التي زرعت في السنوات الأخيرة عن سابق تصوّر وتصميم؟
كان تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي الألماني ديتليف ميليس نقطة تحوّل على الصعيد الاقليمي وذلك بوضعه النقاط على الحروف وتأكيده أن أصابع الاتهام في اغتيال رفيق الحريري موجهة الى النظام الأمني السوري ـ اللبناني. وهذا يعني بطبيعة الحال أن على النظام السوري مواجهة الحقيقة، أو أقله المباشرة في ذلك على غرار ما حصل في لبنان حيث صار قسم من ركائز النظام الأمني في السجن في انتظار المحاكمة.
من الثابت حتى هذه اللحظة أن النظام السوري ليس قادراً على ممارسة هذه النقلة النوعية. على العكس من ذلك أنه يراهن على استخدام ألغامه اللبنانية بدءاً بالسلاح الفلسطيني. وكان ممثل الأمين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن واضحاً في تقريره الأخير عن المراحل التي قطعها تنفيذ القرار الرقم 1559 الصادر عن مجلس الأمن في أيلول (سبتمبر) الماضي. لاحظ رود لارسن في تقريره الذي سيزيد من دون شك العزلة الدولية للنظام السوري "زيادة في تدفق الأسلحة والأفراد من سوريا الى جماعات فلسطينية في لبنان".
يبدو منطقياً بالنسبة الى النظام السوري أن يرفض التعاطي مع الواقع المتمثل في تقرير ميليس خصوصاً أن أي صفقة يعقدها، هذا إذا وجد من يعقد معه صفقة، ستشمل أشخاصاً في أعلى الهرم السياسي والأمني. ولكن ما يبدو غير منطقي وجود انسان فلسطيني، مهما بلغت درجة العمالة لديه للنظام السوري أو لغيره من الأنظمة في المنطقة، على استعداد لالحاق الأذى بلبنان واللبنانيين... اللهم إلا إذا كان هذا الفلسطيني الذي يصر على التجوّل بسلاحه خارج المخيمات يريد أن يضع نفسه في خدمة اسرائيل التي هي في نهاية المطاف المستفيد الأول من أي أذى يلحق بلبنان. وقد كانت اسرائيل المستفيد الأول من عملية اغتيال رفيق الحريري التي لا يوجد أدنى شك في أن النظام الأمني السوري ـ اللبناني يقف خلفها. هل من تفسير آخر للسلاح الفلسطيني في لبنان غير الرغبة في خدمة اسرائيل أو الذين يعملون من أجل حماية مصالحها من حيث يدرون أو لا يدرون؟ أوليس الذين يخدمون اسرائيل هذه الأيام هم أولئك الذين يطلقون أكثر الشعارات تطرّفاً من أجل تغطية جرائمهم في حق لبنان واللبنانيين؟

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00