8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

السلاح الفلسطيني واستمرار المقاومة..

لا بد من العودة مرة أخرى الى مشكلة السلاح الفلسطيني الذي يستخدم بشكل عشوائي. الموضوع ليس موضوع سلاح المخيمات في لبنان. إنه موضوع السلاح عموماً الذي أساء الى كل ما حققه الشعب الفلسطيني في النضال الذي خاضه من أجل إثبات أنه موجود على الخريطة السياسية للمنطقة.
ولا يعني طرح موضوع السلاح أن المقاومة غير ضرورية. هناك ضرورة للمقاومة ما دام هناك احتلال. لكن الأمر الذي لا بد من أخذه في الاعتبار هو أن الانتفاضة الثانية التي بدأت في العام 2000 فشلت بسبب ما سمي "العسكرة". وتبين مع مرور الوقت أن ما هز العالم بعد اندلاع الانتفاضة الأولى في العام 1987 كان "أطفال الحجارة" وليس السلاح. وما أوصل الى الاعتراف المتبادل بين الحكومة الاسرائيلية ومنظمة التحرير الفلسطينية كان الطفل الذي يواجه الدبابة وليس العمليات الانتحارية وما شابهها التي جعلت الضحية الحقيقية في مظهر المجرم بينما المجرم الحقيقي الذي اسمه الارهاب الاسرائيلي هو الضحية. هذا على الأقل في نظر العالم.
ما لا بد من أخذه في الاعتبار والتعاطي معه بواقعية أن هناك في الوقت الراهن قيادة فلسطينية قادرة على استيعاب معطيات الوضع القائم. وعلى رأس هذه القيادة محمود عباس (أبو مازن) الذي انتخب رئيساً للسلطة الوطنية بأكثرية الثلثين بعدما أعلن برنامجاً واضحاً لا لبس فيه يقوم على فكرة رفض عسكرة الانتفاضة. وقد اقتنعت أكثرية الفلسطينيين بأن هذه العسكرة لم تجر سوى الكوارث والمآسي على الشعب الفلسطيني وأهدرت ما حققته "ثورة الحجارة" التي أوصلت الى شفا قيام دولة فلسطينية.
ما حصل بكل بساطة وصراحة أن العمليات الانتحارية والسلاح الفلسطيني المشرّع الذي لا سلطة للسلطة الوطنية عليه، أوصل القضية الفلسطينية الى مأزق حقيقي. ولا بد اليوم قبل غد الاعتراف بذلك، والاعتراف خصوصاً بأن القضية تقف عند مفترق طرق. إما قرار واضح بالاستفادة من الفرص المتاحة والسعي الى تحرير الأرض بالطرق الديبلوماسية. وإما الدخول في دوامة الكوارث والمآسي بما في ذلك الصراعات الفلسطينية ـ الفلسطينية التي كانت أحداث غزة الأخيرة أفضل تعبير عنها.
نجح الملك عبد الله الثاني عاهل الأردن بعد اتصالات أجراها الأربعاء الماضي بتكليف أميركي في إقناع شارون و"أبو مازن" بعقد اجتماع يوم 11 تشرين الأول الجاري، بعدما كان مقرراً أن يلتقيا في الثاني من الشهر الجاري.
لا يشك عاقل في نيات شارون الساعي الى تكريس الاحتلال على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، لكنه لا يمكن بعد الآن تقديم خدمات مجانية لرئيس الوزراء الاسرائيلي عن طريق توجيه رسالة الى العالم فحواها أن السلطة الوطنية الفلسطينية ليست قادرة على ضبط الأوضاع في الضفة وغزة وأن مشكلتها بالتالي، ليست مع اسرائيل بمقدار ما أنها مع القوى الفلسطينية الساعية الى الاستيلاء على السلطة عبر استخدام السلاح.
إذا كانت هذه القوى، على رأسها "حماس" تريد بالفعل السلطة، فلتقل على الأقل إنها ستفعل ذلك عبر الانتخابات. نعم من حق "حماس" وغير "حماس" خوض الانتخابات. ولكن ليس من حق أي تنظيم فلسطيني التمسك بالسلاح وخوض الانتخابات في آن. إما السلاح وإما الانتخابات. وكل ما عدا ذلك منطق اللامنطق الذي يعني أن المطلوب الدوران في حلقة مغلقة تنفيذاً لرغبات اقليمية تصب في مصلحة استمرار حالة اللاحرب واللاسلم في المنطقة حتى ولو كان ذلك يحصل على حساب الشعب الفلسطيني المظلوم الذي لم يبخل حتى الآن بالتضحيات. لقد ضحى هذا الشعب الذي يستأهل الحياة من أجل الحصول على حقوقه المشروعة بدل أن يكون وقوداً لهذا النظام العربي أو غير العربي أو ذلك كما يحصل حالياً في لبنان. نعم في لبنان حيث تدور معركة واضحة المعالم ذات طابع اقليمي، إنها معركة تابعة بطريقة أو بأخرى لما يحصل في الضفة الغربية وغزة. والأمل كبير في أن يخرج بعض الفلسطينيين الذين سقطوا في فخ التجاذبات الاقليمية من الفخ الذي سقطوا فيه قبل فوات الأوان.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00