8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

العرب في بريطانيا والحرب على الإرهاب

ليس كافياً ان يحصل تنديد عربي بالعمليات الارهابية التي تعرضت لها لندن والتي يمكن ان تتعرض لمثلها مستقبلاً. هناك حاجة الى دخول عربي على خط الحرب على الإرهاب التي باشرتها بريطانيا. انها حرب بدأت بقول رئيس الوزراء توني بلير "إن قواعد اللعبة تبدّلت" وعلى الجميع أخذ العلم بذلك.
لعل اخطر ما يحصل في بريطانيا بعد تفجيرات السابع من تموز الماضي التي استهدفت مدنيين كانوا في وسائل نقل عامة ذنبهم الوحيد انهم كانوا في معظمهم متوجهين الى اعمالهم، ان الانتحاريين تربوا في بريطانيا ونشأوا فيها. كيف يمكن لمجتمع متسامح مثل المجتمع البريطاني، حيث استطاع هؤلاء الحصول على الجنسية وعلى مساعدات كثيرة ومتنوعة، ان ينتج مثل هؤلاء المجرمين؟.
الجواب هو ان هؤلاء، وهم من باكستان، تلقوا ثقافتهم الدينية في جوامع، معظم الذين يخطبون فيها من العرب اللاجئين الى بريطانيا. كان خطباء الجوامع في الاحياء التي تعج بالشبان الباكستانيين وغير الباكستانيين الذين لا يتقنون العربية يحرضون على الارهاب وعلى المجتمع البريطاني وقيمه وعلى رفض الآخر. كانوا يتذرعون بتعاليم الدين الاسلامي السمح لزرع قناعات لدى هؤلاء الشبان الذين لا يستطيعون قراءة القرآن الكريم وفهمه على حقيقته من اجل التحريض على الارهاب الذي له اسم واحد هو الارهاب.
لا شك في ان بريطانيا ارتكبت اخطاء كثيرة في التعاطي مع الارهاب والارهابيين الى حد يمكن القول إن السحر انقلب على الساحر. ولذلك هناك الآن وبعد حصول التغير النوعي في موقفها من الارهاب حاجة الى مساعدتها في كل ما تقوم به. والمساعدة لا بد ان تأتي من العرب الذين لديهم مصلحة في ابلاغ العالم ان الاسلام بريء من الجرائم التي ارتكبت باسمه خصوصاً منذ 11 ايلول 2001.
ما يفترض حصوله ان تكون هناك خطة عربية هدفها الاول والاخير نشر الاسلام الحقيقي في بريطانيا وبين ابناء الجاليات العربية وغير العربية بعيداً عن اي نوع من انواع التعصب والتزمت. وصار ذلك ممكناً بعدما اقتنعت الحكومة البريطانية بأن استقبال متطرفين من هذه الدولة العربية او تلك ارتد عليها لا اكثر ولا اقل. كان الهدف واضحاً من استقبال مطلوبين في مصر والجزائر وليبيا وتونس واليمن والاردن وغيرها من الدول العربية. كانت السلطات البريطانية تظن ان في استطاعتها استخدام هؤلاء المتطرفين اوراق ضغط على هذه الدولة العربية او تلك، الى ان تبين ان هؤلاء المتطرفين من الذين قاتلوا في افغانستان الى جانب اسامة بن لادن ومن الذين حرضوا على عمليات خطف او قتل في الدول العربية، سيسعون الى قطع اليد البريطانية التي امتدت لمساعدتهم وحمايتهم.
تعلمت بريطانيا من درس ايواء متطرفين بحجة ان هؤلاء "مضطهدون" في بلدانهم، ولذلك لا بد من ان يكون هناك تجاوب عربي مع الاجراءات البريطانية بهدف اخراج التعليم الديني الاسلامي من يد المتطرفين الذين يسهل عليهم اقناع الباكستانيين او الأريتريين او الاثيوبيين او الصوماليين من الذين لا يتقنون العربية بتنفيذ عمليات انتحارية باسم الدين الحنيف الذي هو ابعد ما يكون عن كل ما له علاقة بالإرهاب.
يقتضي الواجب العربي في هذه المرحلة عرض خطة واضحة على السلطات البريطانية بهدف سيطرة الاعتدال والوسطية على مناهج التعليم الديني وعلى الخطب والدروس التي تلقى في الجوامع. ففي ذلك افضل حماية للعرب والمسلمين المقيمين في بريطانيا. والاكيد ان اول ما يمكن عمله في هذا المجال تفهّم الاجراءات البريطانية من منطلق انّ عمليات لندن في 7 تموز وما تلاها من عمليات فاشلة في الواحد والعشرين منه لم تترك اي خيارات اخرى امام حكومة بلير سوى الاعلان عن انها لن تقبل بعد الآن على الاراضي البريطانية اي محرض على العنف.
اخطأت بريطانيا في الماضي بإيواء ارهابيين، ويمكن ان تكون هناك اعتراضات كثيرة على سياستها الخارجية اكان ذلك في العراق او فلسطين، ولكن ما ذنب الابرياء في لندن؟ الم يحن الوقت لتحرّك في اتجاه تأكيد ان العرب كل العرب يد واحدة في الحرب على الإرهاب وانهم شركاء جديّون في هذه الحرب التي يتأكد يومياً انهم ابرز ضحاياها؟.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00