12 آذار 2020 | 07:48

صحافة بيروت

‏"كورونا" تُخفّض التقنين الكهربائي!‏

‏

‏ هل يشكّل تراجع أسعار النفط عالمياً صفارة انطلاق لبدء إصلاح قطاع الكهرباء، خصوصا ‏وأنّه لطالما كان رفع تعرفة الكهرباء العثرة الاساسية امام الشروع في أي حلّ لهذه الأزمة. فهل ‏اختلطت الاوراق اليوم وباتت عملية الإصلاح اسهل؟

سجّلت اسعار النفط العالمية اعتباراً من يوم الاحد الماضي تراجعات دراماتيكية وصل خلالها ‏سعر البرميل الى 31 دولاراً، قبل ان يعاود الارتفاع الى قرابة 36 دولاراً بعدما كان 64 دولاراً ‏في الاشهر الماضية. ولهذه التراجعات تأثير ايجابي مباشر على لبنان، من ناحية تراجع فاتورة ‏استيراد النفط، خصوصاً وانّها باتت تُشترى بدعم من المركزي، كما على اسعار المشتقات ‏النفطية وحاجة مؤسسة كهرباء لبنان للفيول. وفيما يُتوقع استمرار التراجع الشهر المقبل، مع ‏عزم السعودية رفع القدرة الإنتاجية بمليون برميل يومياً، يُطرح السؤال عن كيفية تأثر الفاتورة ‏النفطية على اللبنانيين؟ وماذا لو اقترب سعر النفط من سعر التعرفة الموضوعة على اساس سعر ‏البرميل 20 دولاراً؟ هل تزيد ساعات الكهرباء؟ وبالتالي هل يمكن ان يبدأ الإصلاح في الكهرباء ‏من هذه الزاوية؟

أكّدت مصادر في «كهرباء لبنان»، انّ تراجع اسعار النفط عالميا يريح المؤسسة لناحية رفع ‏ساعات التغذية الى حد ما، كما انّ السلفة المقدّمة لها من موازنة 2020 باتت تكفيها أكثر، لكن ‏لا يمكن البناء على الاسعار المتراجعة حالياً لرسم مسار العمل السنوي، إذ انّ هذه الاسعار قد ‏ترتفع مجدداً، لذا لا يمكن اعتباره انجازاً‎.‎

تابعت المصادر: انّ المؤسسة ستراقب أسعار النفط أقلّه لمدة اسبوع لتبني على الشيء مقتضاه ‏من ناحية إعادة جدولة شراء الفيول، لافتاً الى انّه منذ مطلع شهر آذار بدأت المؤسسة باستعمال ‏السلفة المخصصة لها من العام 2020 وهي كانت لا تزال تعمل في الاموال المرصودة لها من ‏العام 2019، وذلك كله نتيجة التدابير الإحترازية التي تتخذها لاستخدام السلفات لأطول فترة ‏ممكنة‎.‎

وأوضحت مصادر أخرى في «الكهرباء»، انّ الميزانية الموضوعة لمؤسسة كهرباء لبنان لهذا ‏العام اتت على اساس سعر برميل النفط 65 دولاراً، ومع السلفة المرصودة في الموازنة للمؤسسة ‏وهي 1500 مليار ليرة كان من المتوقع ان تتراوح التغذية على مدار السنة ما بين 8 الى 9 ‏ساعات في المناطق. أما اليوم ومع تراجع سعر برميل النفط عالمياً الى حوالى 35 دولاراً، تتغيّر ‏الجدولة لترتفع ساعات التغذية الى حوالى 14 ساعة في المناطق. وساعات التغذية هذه مرشحة ‏الى الارتفاع في ظل إقفال عدد كبير من المؤسسات والشركات الفنادق والمطاعم والملاهي نتيجة ‏أزمة كورونا، الى حوالى 15 ساعة‎.‎

وما إذا كان الوقت مناسباً لرفع تعرفة الكهرباء، قالت: انّ فاتورة المواطن في الوقت الراهن ‏ستبقى على ما هي عليه ولن تتأثر بتراجع سعر برميل النفط. لكن المؤسسة لطالما نادت برفع ‏التعرفة على الشطور العليا وليس الشطور الدنيا، ويبدو انّه بند من بنود الإصلاحات المطروحة ‏في الخطة التي تعدّها الحكومة. وأكّدت المصادر، انّه في حال ارادت الحكومة اليوم رفع التعرفة ‏على الشطور الدنيا، في ظل سعر برميل النفط الحالي، فإنّ الفاتورة سترتفع بنسبة بسيطة جداً‎.‎

مارديني

من جهته، لفت الخبير الاقتصادي باتريك مارديني، الى انّ الحكومة رصدت في موازنة العام ‏‏2020 نحو 1500 مليار ليرة لشراء محروقات لمؤسسة كهرباء لبنان، اي اقل من حاجتها ‏سنوياً، بما يعني انّ المؤسسة ستتجّه نحو رفع ساعات التقنين. اما اليوم ومع تراجع سعر برميل ‏النفط عالمياً، من المتوقع ان يتيح المبلغ المرصود ساعات تغذية اكبر‎.‎

إزاء ذلك، اعتبر مارديني انّه الوقت المناسب لتغيير تعرفة الكهرباء، والتي كانت موضوعة على ‏اساس سعر برميل النفط 20 دولاراً، بعدما تقلّص الفارق بينها وبين سعر برميل النفط الحقيقي‎.‎

اضاف: «عندما كان سعر برميل النفط 100 دولار كان الفارق كبيراً والعجز اكبر، اما اليوم مع ‏تراجع سعر النفط بات الوقت مناسباً للانتقال من تسعيرة ثابتة الى تسعيرة متحركة‎ (indice ‎variable) ‎تزيد مع ارتفاع سعر البرميل وتنخفض مع تراجعه، بهذه الطريقة نبدأ بتغطية ‏خسائر الكهرباء، خصوصاً اننا في وسط هذه الأزمة الاقتصادية لم يعد ممكناً تغطية خسائر ‏المؤسسة‎».‎

البراكس

بدوره، اشار الخبير النفطي جورج البراكس، انّ اسعار النفط تتجّه الى مزيد من التراجع، ناهيك ‏عن تراجع الطلب عالمياً نتيجة الجمود الاقتصادي الذي سببه فيروس كورونا. وقال: «كان يمكن ‏ان يكون لهذا التراجع تأثير ايجابي أكثر على لبنان لولا اننا نعاني من ازمة انخفاض الليرة، ‏وغياب اي سقف لارتفاع الدولار». لكنه دعا الحكومة الى استغلال هذا التراجع من اجل إيجاد ‏حلول لأزمة اصحاب محطات المحروقات. لكن على العكس فقد عاد اصحاب المحطات للمعاناة ‏نفسها، بحيث وصلت الخسائر بكل سعر صفيحة بنزين الى حدود 2400 ليرة، مع لجوء شركات ‏مستوردي المحروقات الى تحويل جدول الاسعار على 1507.5 ليرات مقابل الدولار، وبيعها ‏لمحطات المحروقات وفق سعر الدولار في السوق السوداء والذي وصل الى 2700 ليرة‎.‎

وعن إمكانية رفع نسبة توفير الدولار التي طلبها مصرف لبنان عند فتح اعتماده لشراء ‏المحروقات الى أكثر من 15%، قال البراكس:»انّ هذه الخطوة متوقعة خصوصاً وانّ احتياطات ‏مصرف لبنان آخذة بالتراجع. وكلما طالت الأزمة كلما قلّت تغطيته للاعتمادات‎».‎


‏(الجمهورية - ايفا ابي حيدر) ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

12 آذار 2020 07:48